سارة نتنياهو... امرأة تحكم إسرائيل في الظل

خيانة جعلت أكثر امرأة مكروهة في إسرائيل الآمرة الناهية

التقى نتنياهو وسارة في عام 1988 خلال وجوده في مطار شيفول بأمستردام (رويترز)
التقى نتنياهو وسارة في عام 1988 خلال وجوده في مطار شيفول بأمستردام (رويترز)
TT

سارة نتنياهو... امرأة تحكم إسرائيل في الظل

التقى نتنياهو وسارة في عام 1988 خلال وجوده في مطار شيفول بأمستردام (رويترز)
التقى نتنياهو وسارة في عام 1988 خلال وجوده في مطار شيفول بأمستردام (رويترز)

تتربع سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على عرش دوائر صناعة القرار داخل إسرائيل، ولو في الظل، خصوصاً مع الأزمة الحالية التي يعيشها زوجها بعد الضربة الموجعة التي وجّهتها له حركة «حماس» بتنفيذها عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وعاد اسم سارة نتنياهو مؤخرا إلى تصدر المشهد السياسي في البلاد، بعد تقارير لوسائل إعلام إسرائيلية أشارت فيها إلى مساعيها لإقالة المتحدث باسم الحكومة إيلون ليفي، وتصريحات أخرى انتقدت فيها أهالي الرهائن المحتجزين في غزة، وإتهامها لهم بمساعدة حركة «حماس».

وفي حين يرتبط اسم سارة نتنياهو بعدد من القضايا المتعلقة باستغلال المال العام، وتلقي الهدايا وانتهاك حقوق العمال وهي قضايا مثلت للتحقيق في عديد منها، فإنها تتحكم بقرارات زوجها السياسية، إذ تعمل بوصفها أقرب مستشارة له. وتتعرض لانتقادات؛ بسبب انشغالها بأمور سياسية منذ اندلاع حرب غزة.

ووفقاً لاستطلاع للرأي أجراه «معهد الحرية والمسؤولية»، التابع لجامعة رايخمان بعد 10 أيام من هجوم 7 أكتوبر، فإن 76 في المائة من الجمهور الإسرائيلي غير راضين عن أداء الحكومة في أعقاب الهجوم. وقد انخفض الدعم لنتنياهو نفسه، والذي كان يتراجع بالفعل، إلى درجة إجمالية قدرها 3.9 من أصل 10.

سارة نتنياهو تقف خلف زوجها بنيامين (أ.ف.ب)

من هي سارة نتنياهو؟

سارة هي ابنة شموئيل أرتزي (في وقت لاحق حملت نسب نتنياهو)، وُلدت في شمال إسرائيل، وتحديداً في بلدة كريات طبعون بالقرب من حيفا. تعلّمت سارة في المدرسة الثانوية غرينبرغ في كريات طبعون، ثم عملت في وقت لاحق مراسلةً لصحفية «معاريف»، وهي أسبوعية إسرائيلية لها انتشار واسع بين الشباب.

عملت سارة في الجيش الإسرائيلي معدةً نفسيةً، ثم عملت في قسم العلوم السلوكية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان). حصلت على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة تل أبيب عام 1984، ثم درجة الماجستير من الجامعة العبرية في القدس عام 1996.

كما عملت مقيمةً ومُعدةً نفسيةً، حيث اهتمت بالأطفال الموهوبين في معهد تشجيع الشباب على الإبداع والتميز برئاسة الدكتور إريكا لانداو، الذي كان يعمل في مركز لإعادة التأهيل تابع لوزارة العمل. عملت في وقت لاحق من مسيرتها المهنية مضيفة طيران.

سارة نتنياهو تتمتع بمكانة فريدة في السياسة الإسرائيلية (رويترز)

كيف تعرّفت سارة نتنياهو على زوجها؟

ووفق صحيفة «نيويورك تايمز»، التقى نتنياهو وسارة في عام 1988 خلال وجود في مطار شيفول بأمستردام. كانت تبلغ من العمر 30 عاماً وتعمل مضيفة طيران، بينما كان عمره 39 عاماً، وكان يشغل منصب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي.

تواعدا عدة مرات، ولكن وفقاً لبن كاسبيت في كتابه «سنوات نتنياهو»، لم يكن هناك توافق بينهما. وبعد فترة وجيزة أخبر نتنياهو أصدقاءه عن انفصالهما.

لكنهما التقيا مجدداً في عام 1991. وتزوجا في شهر مارس (آذار) من ذلك العام في منزل والديه في القدس، وباتت سارة التي بدت حاملاً بشكل واضح في ذلك الوقت الزوجة الثالثة لنتنياهو.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يجلس مع زوجته سارة وابنه في المقر الرسمي لرئيس الوزراء (أرشيفية/رويترز)

خيانة جعلت سارة نتنياهو الآمرة الناهية

وبعد الزواج بعامين، صدم نتنياهو العالم عندما ظهر على الهواء واعترف بخيانة زوجته سارة. وبحسب «نيويورك تايمز» ظهرت تقارير في الصحافة الإسرائيلية عقب اعترافه، حول شائعات مفادها بأن سارة وافقت على البقاء معه فقط بعد أن جعلته يوقّع على نوع من الاتفاق السري الذي ينص على أنه لا يستطيع الاتصال بنساء أخريات من دون علمها، ولا يمكنه الذهاب إلى أي مكان من دونها. كما أنها تدخلت في عمله.

وكتب بن كاسبيت في كتابه: «قال لي المساعد الكبير السابق لنتنياهو: كان هدفنا كله هو بناء حائط دفاع حول بيبي (نتنياهو) لحمايته من جنون سارة والسماح له بالقيام بعمله».

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته سارة يركبان الجمال في صحراء النقب أثناء إجازتهما بجنوب إسرائيل (أرشيفية/رويترز)

وأضاف بن كاسبيت: «الصورة التي تظهر من مثل هذه القصص هي لامرأة محتقرة وغاضبة. وعلى مر السنين وبسبب عديد من الدعاوى القضائية يبدو أن هذه الصورة تثبت صحتها».

ووفق «نيويورك تايمز»، في عام 2021، انتشر مقطع فيديو غير عادي في إسرائيل لرجل يدعى ديفيد أرتزي، النائب السابق لرئيس «شركة صناعات الطيران الإسرائيلية». التقى أرتزي مع ديفيد شيمرون، ابن عم نتنياهو الذي كان آنذاك محاميه الخاص في عام 1999، والذي أطلعه على عمله مع نتنياهو.

ووفق الصحيفة «فتح شيمرون حقيبته وأخرج العقد الذي كان قد أبرمه بين سارة ونتنياهو، كان طول التقرير 15 صفحة»، ووفقاً لأرتزي، فقد «تضمن بنداً بأنه لن تكون لدى نتنياهو بطاقات ائتمان، وسارة فقط مَن ستملكها، وأنه إذا احتاج إلى المال فستعطيه إياه نقداً».

وقال أرتزي إن العقد حدد أيضاً حق النقض الذي تتمتع به سارة على التعيينات، بمَن في ذلك رؤساء أركان الجيش والشاباك والموساد.

في حين نفى شيمرون رواية أرتزي، ورفع دعوى قضائية ضده منذ ذلك الحين بتهمة التشهير. وفي شهادتها في وقت سابق من هذا العام، قالت سارة نتنياهو إن «هذا الاتفاق غير موجود». ووصف نتنياهو رواية أرتزي بأنها «كذبة فادحة».

سارة نتنياهو جعلت زوجها يوقّع على عقد سري لتبقى معه (أ.ف.ب)

مكانة سارة غير مسبوقة في السياسة الإسرائيلية

لكن مسؤول الدفاع الكبير السابق قال إنه «مقتنع بقوة سارة»، وبحسب «نيويورك تايمز»، تحدّث إلى شخص كان موجوداً عندما كان نتنياهو يستجوب مرشحاً لدور حساس يتعلق بـ«الولاء» الشخصي.

وقال المتحدث السابق باسم نتنياهو لبرنامج «همكور» الاستقصائي: «هناك اتفاق على أن التعيينات الأعمق في المكتب لا تمر دون ضوء أخضر من سارة نتنياهو».

وقال مصدر أمني إسرائيلي مقرب لـ«التليغراف»، من الواضح أن «سارة نتنياهو تتمتع بمكانة فريدة في السياسة الإسرائيلية، حيث تعمل بوصفها أقرب مستشارة لرئيس الوزراء، مما يضعها في خط النار المباشر لسلسلة من التحركات السياسية المثيرة للجدل التي شهدت هذا العام تظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين ضد رئيس الوزراء وائتلافه اليميني».

سارة نتنياهو تعمل بوصفها أقرب مستشارة لزوجها وتتعرض لانتقادات بسبب انشغالها بأمور سياسية منذ اندلاع حرب غزة (رويترز)

وأوضح المصدر الأمني، الذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن «تأثيرها في القرارات السياسية يفوق تأثير أي زوجة رئيس وزراء سابق في تاريخ إسرائيل وحتى على نطاق عالمي».

كما تقول وسائل إعلامية عدة إن سارة نتنياهو تتدخل في أمور التعيينات في الوزارات السيادية في إسرائيل، فضلاً عن تدخلها في تعيين رئيس جهاز الموساد، وذلك على مدار مدة حكم نتنياهو لـ10 سنوات متواصلة.

كما منعت سارة تعيين مسؤولين حكوميين كبار بوزارة الخارجية، ومنعت مناقشة هذه التعيينات بإحدى جلسات الحكومة.

مساعيها لإقالة المتحدث الرسمي

وبحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، سعت سارة نتنياهو في 22 يناير (كانون الثاني) لإقالة المتحدث الحكومي إيلون ليفي؛ بسبب انتقاداته السابقة لبنيامين نتنياهو، وكذلك لمشاركته في الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي في إسرائيل خلال العام الماضي.

وذكر تقرير سابق لـ«القناة 12»، أن المسؤولين قرروا التقليل من ظهور ليفي على الفور، وكان من المتوقع إقالته بالكامل من منصبه في غضون أسابيع قليلة، قبل أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن الإقالة؛ بسبب الاحتجاجات التي خلفها الخبر.

ومع ذلك، أبرزت «القناة 12» أن ظهور ليفي في وسائل الإعلام تم تقليصه، مشيرة إلى أن هذا القرار سيظل ساري المفعول خلال الفترة المقبلة.

سارة أكثر امرأة مكروهة في إسرائيل

ومهما كانت بداية علاقتهما هشّة، فليس هناك شك الآن في أن نتنياهو ملتزم بشدة تجاه زوجته. وقال كاتب سيرة نتنياهو وفق «نيويورك تايمز»: «سارة هي أكثر امرأة مكروهة في إسرائيل. ولو طلقها لكان على الأرجح أكثر شعبية. هو يحبها. إنها مشكلة من نواحٍ عديدة، لكنه يعتمد عليها أيضاً. إنه يعمل بلا كلل لتبرئة اسمها والحصول على الاستحسان الذي يشعر بأنها تستحقه. وقد أدت جهوده إلى توريطه في إحدى قضايا الفساد التي يواجه اتهامات بها».

وتُعرف هذه القضية في إسرائيل باسم «القضية 4000»، وهي تتضمن تفاصيل مزاعم مفادها بأنه مقابل منح مالك موقع «واللا» الإخباري مزايا تنظيمية، سعى نتنياهو للحصول على تغطية تفضيلية لنفسه ولعائلته، وعديد من المطالب، بحسب لائحة الاتهام، كانت لها علاقة بسارة.

أزمة الرهائن... ويحيى السنوار

وانتقدت سارة أقارب وذوي الرهائن المحتجزين في غزة، متهمة إياهم بمساعدة حركة «حماس»، مطلع الشهر الحالي.

جاء ذلك في أثناء وجودها مع زوجها ومسؤول كبير خلال لقاء مع عائلات الرهائن، حسبما ذكرت «القناة 12» العبرية.

ووفقاً لتقرير القناة، قالت سارة للعائلات إن تصريحاتهم في وسائل الإعلام كانت تدعم زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار، مما أثار ردود فعل غاضبة، بما في ذلك من بعض الذين صرخوا ضد زوجة نتنياهو.

وأضاف التقرير أن بعض عائلات المحتجزين ردوا بأن الرهائن المفرج عنهم تحدثوا عن سماعهم لأقاربهم عبر وسائل الإعلام؛ مما ساعد على تقويتهم خلال الأوقات الصعبة.

وبحسب القناة، فإن رئيس الوزراء حاول الوساطة لصالح زوجته، مؤكداً قلقها على محنة الرهائن.

قصر فخم

ووفقاً لصحيفة «التليغراف» البريطانية، انتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته سارة إلى قصر فاخر يملكه صديقه الملياردير الأميركي المُعفى من الرسوم الجمركية سيمون فاليك، وسط موجة متزايدة من الغضب الشعبي، ويقال إن القصر مجهز بمخبأ نووي عميق.

وأثارت هذه الخطوة غضباً في إسرائيل، وفق الصحيفة، ويأتي ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية نتنياهو بشكل كبير منذ حرب غزة.

سارة نتنياهو تبتسم في مطبخ المقر الرسمي لرئيس الوزراء الذي تم تجديده في القدس (أرشيفية/رويترز)

وقال بن كاسبيت: «يُلقى اللوم إلى حد كبير على سارة نتنياهو في التأخير لمدة 5 أيام في تشكيل حكومة حرب طارئة، كما أنها لا توافق على انضمام وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، إلى الائتلاف، عادّةً إياه ضعيفاً».

وأضاف: «من المؤكد أن سارة غير مرحب بها في أي من الجنازات. ولقد أدى الخوف من المتظاهرين المحتملين إلى تقليل ظهورها في الأماكن العامة، حتى خلال زياراتها القواعد العسكرية، حيث يتم نزع سلاح جنود قبل وصولها».


مقالات ذات صلة

المحكمة ترد طلب نتنياهو تأجيل محاكمته... وعليه المثول أمامها بداية الشهر المقبل

شؤون إقليمية نتنياهو يزعم أن التهم ضده ملفقة في حملة تقودها الشرطة والنيابة العامة (أ.ف.ب)

المحكمة ترد طلب نتنياهو تأجيل محاكمته... وعليه المثول أمامها بداية الشهر المقبل

بدأت محاكمة بنيامين نتنياهو منذ أكثر من 4 سنوات، في ملفات عدة، وهو متهم بالاحتيال وخيانة الأمانة في قضيتين والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في قضية ثالثة.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في 8 يونيو 2024 (د.ب.أ)

محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته في محاكمته المرتبطة بقضايا فساد

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم (الأربعاء)، أن محكمة في القدس رفضت طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته في محاكمته بقضايا فساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

إسرائيل تدفع بـ«خطة الضم»... وتنديد واسع

دفعت إسرائيل قدماً بخططها لضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية إلى سيادتها، مراهنة على وجود إدارة جديدة مساندة لها في البيت الأبيض بداية العام المقبل.

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كرياه العسكرية في تل أبيب بإسرائيل في 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، في رسالة مباشرة للإيرانيين، إن نظام المرشد الإيراني علي خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

ترمب يراهن على اتخاذ نتنياهو « قرارات جريئة» تنهي الحرب

تؤكد أوساط سياسية في تل أبيب أن الرسالة الأساسية التي ستسمعها إسرائيل من إدارة ترمب المقبلة تحمل مطلباً جازماً بإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)

موسكو تُحمّل أنقرة مسؤولية تعثر التطبيع مع دمشق: تتصرف كدولة محتلة

وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)
TT

موسكو تُحمّل أنقرة مسؤولية تعثر التطبيع مع دمشق: تتصرف كدولة محتلة

وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)

في حين ترى أنقرة أنه لا تزال هناك إمكانية لعقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والسوري بشار الأسد، فإن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، بحثا عدداً من القضايا الثنائية والإقليمية في مقدمتها الأزمة السورية والجهود التي تقودها روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وقالت مصادر بالخارجية التركية، إن فيدان ولافروف، تناولا في اتصال هاتفي، ليل الأربعاء - الخميس، العلاقات بين تركيا وروسيا وقضايا إقليمية، أهمها التطورات في سوريا وجهود تطبيع العلاقات التركية الروسية، وما أسفرت عنه الجولة 22 لـ«مسار آستانة»، التي عقدت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في العاصمة الكازاخية، إلى جانب التطورات في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية.

وتضطلع روسيا بدور وساطة بين أنقرة ودمشق لتطبيع العلاقات بعد 13 عاماً من القطيعة، لكنها تتحدث في الفترة الأخيرة عن صعوبات تنطلق من رفض تركيا سحب قواتها من شمال سوريا.

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

وعدَّ المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «تاس» الروسية، الخميس، أنه من السابق لأوانه «توقع التواصل على مستوى أعلى، كما كان الحال قبل 18 شهراً تقريباً، عندما جرى تنظيم اجتماعات بين وزراء الدفاع والخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات في الدول الأربع».

وأوضح: «الأمر يتعلق بدعم تركيا للمعارضة السورية، وأن القضية الرئيسية هي انسحاب القوات التركية من سوريا»، مضيفاً: «دعونا نسمي الأشياء بمسمياتها، الأتراك يتصرفون كدولة محتلة، ومن الصعب على دمشق للغاية الدخول في حوار دون ضمانات معينة من تركيا بشأن انسحاب قواتها».

موسكو ترى أن وجود القوات التركية في شمال سوريا هو العائق أمام تطبيع علاقات أنقرة ودمشق (وزارة الدفاع التركية)

والأربعاء، قال لافرنتييف إن روسيا وإيران وتركيا لم تناقش إمكانية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى قمة «صيغة آستانة» في روسيا عام 2025.

وجاءت تصريحات لافرنتييف غداة إعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، أنه لا يزال يأمل في إمكانية اللقاء مع الأسد، والمضي في تطبيع العلاقات التركية السورية، ووضعها على المسار الصحيح، نافياً أن يكون غادر القاعة خلال إلقاء الأسد كلمته في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في الرياض، الاثنين الماضي، موضحاً أن الفرصة لم تتح له للاستماع إلى خطاب الأسد؛ لأنه ذهب للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأكدت تركيا وروسيا وإيران، الدول الثلاث الضامنة لـ«مسار آستانة» للحل السياسي للأزمة السورية، في ختام جولته الـ22، الثلاثاء، استمرار الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

جانب من اجتماعات الجولة 22 لمسار آستانة (إعلام تركي)

وقال كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، لوكالة «سبوتنيك» الروسية، الخميس، إن إيران «تتوقع أن تستأنف أنقرة ودمشق المفاوضات بشأن تطبيع العلاقات بمساعدة موسكو وطهران».

وأضاف: «الطريقة الوحيدة للقضاء على مشكلات تركيا ومخاوفها بشأن القضايا الأمنية، وكذلك مخاوف سوريا، هي من خلال الحوار السياسي، وكذلك تشكيل لجان الخبراء وتنفيذ التعاون اللازم لذلك، وينبغي عقد الاجتماعات الرباعية في أقرب وقت ممكن».

وانضمت إيران إلى مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق في مطلع العام الماضي، برغبة من تركيا وترحيب من روسيا، لتجري مفاوضات التطبيع ضمن صيغة آستانة.

وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران خلال اجتماعهم في نيويورك سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

وعقد وزراء خارجية روسيا، سيرغي لافروف، والتركي، هاكان فيدان، والإيراني، عباس عراقجي، اجتماعاً حول مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على هامش اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

عملية عسكرية تركية

في السياق ذاته، قال مصدر مسؤول بوزارة الدفاع التركية، تعليقاً على انعقاد الجولة 22 لـ«مسار آستانة»، إنه «يجب مكافحة جميع أشكال ومظاهر الإرهاب في سوريا بما يضمن وحدتها وسيادتها وأمنها، وسنواصل العمل معاً على مكافحة الأجندات الانفصالية التي تقوض السلامة الإقليمية وتهدد الأمن القومي للدول المجاورة، بما في ذلك الهجمات والتسلل عبر الحدود».

وأكد المصدر، الخميس، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع التركية، أن الجهود ستستمر لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا «على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية وعلاقات حسن الجوار، من أجل تهيئة الظروف المناسبة لعودة السوريين الآمنة والطوعية والكريمة، وتنشيط العملية السياسية وضمان نقل المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السوريين».

لقاء سابق بين الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011 (أرشيفية)

وعما إذا كان سيتم تنفيذ عملية برية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شمال وشرق سوريا بعد تصريح الرئيس إردوغان عن «إكمال الحلقات الناقصة في الحزام الأمني» على حدود تركيا الجنوبية، قال المصدر إن «من حق تركيا الطبيعي أن تنفذ عمليات وفقاً للقانون الدولي، ومبدأ الدفاع عن النفس من أجل حماية أمنها وحدودها».

وأضاف: «لقد قمنا بكل ما هو ضروري في هذا الصدد حتى الآن، وسنفعل ذلك من الآن فصاعداً. أينما كان مصدر الإرهاب الذي يهدد بلادنا وأمتنا، وعندما يحين الوقت سيتم القيام بما هو ضروري، ونحن عازمون على ذلك».