تركيا تصعّد في شمال سوريا وحديث عن عملية برية واسعة 

قبل الجولة 21 لـ«مسار أستانا»  

من العمليات العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية في المناطق الحدودية مع سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
من العمليات العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية في المناطق الحدودية مع سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

تركيا تصعّد في شمال سوريا وحديث عن عملية برية واسعة 

من العمليات العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية في المناطق الحدودية مع سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
من العمليات العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية في المناطق الحدودية مع سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

من المقرر أن تُعقد الجولة 21 من مفاوضات «مسار أستانا» حول سوريا، الأربعاء والخميس المقبلين، في العاصمة الكازاخية، أستانا، بمشاركة وفدي الحكومة والمعارضة السورية إلى جانب ممثلي الدول الضامنة الثلاث (روسيا وتركيا وإيران).

ويأتي انعقاد الجولة الجديدة لـ«مسار أستانا» وسط تصعيد تركي شديد ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا بعد مقتل 21 جندياً تركياً على يد مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق في أقل من شهر، وتصاعد الحديث عن احتمالات تنفيذ عملية عسكرية برية جديدة واسعة في شمال سوريا.

وكانت الجولة الـ20 لـ«مسار أستانا» التي عُقدت في 21 يونيو (حزيران) الماضي، ركزت على ملفات «إعادة بناء الثقة»، التي تشمل مواضيع: السجناء وتحسين ظروف العودة الطوعية للاجئين والوضع في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية وفتح الطرق الدولية، مثل حلب - اللاذقية (إم 4) وحلب – دمشق (إم 5) وفقاً لاتفاقات سابقة بين تركيا وروسيا.

واستحوذ مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، الذي ترعاه روسيا وتشارك فيه إيران، على جانب مهم من أعمال الجولة السابقة، وبُحثت خريطة طريق للتطبيع وضعتها موسكو، لكن لم يُحْرَز أي تقدم بسبب تمسُّك الجانب السوري بالانسحاب العسكري التركي من شمال سوريا أساساً لأي مفاوضات.

جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)

الموقف التركي

وتؤكد تركيا تمسُّكها بـ«مسار أستانا» بوصفه المسار الحي الوحيد حالياً للحل السياسي في سوريا. وجدد وزير خارجيتها، هاكان فيدان، خلال جلسة للبرلمان عُقدت، الثلاثاء الماضي، لمناقشة مكافحة الإرهاب والتطورات في شمال سوريا والعراق على خلفية مقتل الجنود الأتراك، دعم بلاده الحل السياسي الشامل الذي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري في إطار قرارات الأمم المتحدة، ووحدة سوريا وسلامة أراضيها».

وجدد التأكيد على الموقف التركي الرامي إلى إحداث توافق بين الحكومة والمعارضة في سوريا سبيلاً لإنجاح مسار الحل السياسي.

مركبة عسكرية تركية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)

ولفت إلى أن الأطراف المتنافسة على الساحة السورية، تؤيد استمرار وجود «حزب العمال الكردستاني» والوحدات الكردية بما يتوافق مع مصالحها الخاصة، متهماً الولايات المتحدة بتقديم الدعم التكنولوجي والمعدات العسكرية للوحدات الكردية بحجة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.

كما اتهم بعض الدول الأوروبية (لم يحددها) بدعم الأنشطة التي تقوم بها الولايات المتحدة، واتهم روسيا بأنها تغض الطرف عن وجود «العمال الكردستاني» وأذرعه في غرب الفرات، خصوصاً في تل رفعت ومنبج.

وفي السياق نفسه، عبّر وزير الدفاع التركي يشار غولار، الشهر الماضي، عن رغبة بلاده في استئناف محادثات التطبيع مع سوريا، لكنه وضع شرطين لسحب القوات التركية، وهما وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة نزيهة.

عملية عسكرية محتملة

وبينما لم تصدر عن أنقرة تصريحات بشأن «مسار أستانا» أو استئناف محادثات التطبيع مع دمشق، تصاعد الحديث عن احتمالات القيام بعملية برية واسعة جديدة، على غرار عمليات «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام» في سوريا.

وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان، عقب اجتماع لحكومته، الثلاثاء، أن تركيا لن تقف صامتة تجاه ما حدث في شمال العراق، وستواصل حماية أمنها عبر إجراءات عمليات عسكرية جديدة.

وقال إردوغان: «بينما قضت تركيا على زعماء العصابات الإرهابية في الأماكن التي يشعرون فيها بالأمان، تكثفت المحاولات الرامية إلى عرقلة بلدنا. وقد اكتسبت محاولات دعم تنظيم (العمال الكردستاني) الإرهابي من خلال تزويده بالأسلحة والذخيرة والتدريب والحماية زخماً، ونحن نعرف ذلك جيداً، وأن هذه المحاولات التي باءت بالفشل نتيجة العمليات التركية عبر الحدود في سوريا والعراق، لا تزال مستمرة».

رتل عسكري تركي متجه إلى النقاط العسكرية في إدلب (أرشيفية)

وأيد البرلمان، في ختام جلسته لمناقسة التطورات، استمرار العمليات التركية خارج الحدود للقضاء على الإرهاب في مصادره، ومنع قيام ممر إرهابي على الحدود الجنوبية.

ورأى الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة، عبد القادر سيلفي، أن إردوغان، كان يوجه تحذيراً إلى الولايات المتحدة وإسرائيل الداعمتين الأساسيتين، لـ«العمال الكردستاني» لإحياء «الممر الإرهابي» من العراق إلى البحر المتوسط.

ورأى أن عمليتي «العمال الكردستاني» ضد الجنود الأتراك في شمال العراق في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث قُتل 12 جندياً، و12 يناير (كانون الثاني) الحالي، حيث قُتل 9 جنود، كانتا رسالة إلى تركيا.

ورأى المحلل العسكري الأكاديمي، نعيم بربر أوغلو، أن على تركيا أن تنفذ عملية عسكرية واسعة تشمل شمال سوريا والعراق، تقوم على 4 ركائز، أولاها تجفيف الإرهاب من مصدره، كما تفعل في العراق، وكما تفعل في سوريا جزئياً بسبب عرقلة الولايات المتحدة عملياتها هناك.

أما الركيزة الثانية، فهي القضاء على فريق القيادة في «العمال الكردستاني» والوحدات الكردية على غرار ما تفعل المخابرات التركية حالياً.

الركيزة الثالثة: تقليص الانضمام لـ«العمال الكردستاني» إلى الحد الأدنى، وقد نجحت تركيا في ذلك في الداخل، لكن هناك انضماماً من سوريا والعراق، والمبادرة هناك ليست بيد تركيا.

وحدد بربر أوغلو الركيزة الرابعة، بقطع الدعم اللوجيستي بالمال والسلاح والذخيرة والمعدات، والذي يأتي بشكل أساسي من أميركا؛ لأن استمرار هذا الدعم يجعل تركيا غير قادرة على وقف التهديد، في ظل عدم قبول واشنطن تبني سياسة مشتركة معها في هذا الصدد.


مقالات ذات صلة

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دورية تركية روسية في عين العرب «كوباني» (أرشيفية)

مصادر في أنقرة تتوقع اجتماعاً قريباً مع دمشق على مستوى المخابرات

كشفت مصادر تركية عن احتمال عقد محادثات جديدة على مستوى أجهزة المخابرات قريباً في إطار مباحثات إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مجموعة من الميليشيات التابعة لإيران خلال اشتباك مع قوات «قسد» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تجدد التصعيد شرقاً وغرباً في سوريا بعد فترة هدوء نسبي

عاد التوتر للتصاعد في سوريا خلال الساعات القليلة الماضية، وتجددت الاشتباكات شرقاً بين ضفتي الفرات بعد فترة هدوء نسبي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية القوات التركية والروسية استأنفت دورياتها المشتركة في شمال شرقي يوريا بعد توقف حوالي عام (إكس)

استمرار الاحتجاج على فتح معبر أبو الزندين وتركيا تتدخل عسكرياً

دفع الجيش التركي بتعزيزات من قواته إلى معبر أبو الزندين بريف الباب شرق حلب مع استمرار الاعتصام الشعبي رفضاً لفتح المعبر بتنسيق تركي - روسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المفاوضات مستمرة من أجل عقد لقاء بين إردوغان والأسد (أرشيفية)

مصادر تركية: دبلوماسية «الباب الخلفي» تجهز للقاء إردوغان والأسد

كشفت مصادر تركية عن اتباع دبلوماسية «الباب الخلفي» لعقد اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

TT

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، بجعل حماس «تدفع الثمن» بعد انتشال الجيش جثث ستة رهائن من نفق في غزة.

وقال نتنياهو في بيان «من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقا» حول هدنة في قطاع غزة. وأضاف موجها حديثه لقادة «حماس»: «سنطاردكم وسنقبض عليكم وسنصفّي الحساب» معكم.

كما أكد نتنياهو في بيان، أن إسرائيل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، وضمان أمن إسرائيل.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي- الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً»

بنيامين نتنياهو

اقرأ أيضاً

وأكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات، وإيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين، وألكسندر لوبانوف، وألموج ساروسي، وأوري دانينو.

وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.