أول جندي يهودي رافض للخدمة في حرب غزة: المجزرة لن تحقق شيئاً

قبيل دخوله السجن 100 يوم قال إنه لا حل عسكرياً لمشكلة سياسية

طال ميتنيك في مظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب (تنشر بالإذن من موقع «سيحا مكوميت للتحقيقات السياسية»)
طال ميتنيك في مظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب (تنشر بالإذن من موقع «سيحا مكوميت للتحقيقات السياسية»)
TT

أول جندي يهودي رافض للخدمة في حرب غزة: المجزرة لن تحقق شيئاً

طال ميتنيك في مظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب (تنشر بالإذن من موقع «سيحا مكوميت للتحقيقات السياسية»)
طال ميتنيك في مظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب (تنشر بالإذن من موقع «سيحا مكوميت للتحقيقات السياسية»)

في أعقاب الحكم عليه بالسجن 100 يوم في سجن عسكري، أعلن الشاب اليهودي طال ميتنيك (18 عاماً)، من تل أبيب، أن رفضه الخدمة العسكرية هدفه «محاولة التأثير على المجتمع الإسرائيلي، وتجنُّب المشاركة في الاحتلال، وفي المجزرة التي تحدث في غزة».

وقال، في رسالة موجهة إلى قيادة الجيش وإلى الرأي العام: «أحاول أن أقول إن ما ينفذه الجيش في غزة لا يلائمني، ولا أقبل بأن يتم باسمي أو باسم أمني. المجزرة لن تحقق أي شيء. لا، بل إنني أعرب عن تضامني مع الأبرياء في غزة. أعلم أنهم يريدون أن يعيشوا، ولا يستحقون أن يكونوا لاجئين للمرة الثانية في حياتهم».

وأضاف: «لا يوجد حل عسكري لمشكلة سياسية. أرفض الانضمام إلى جيش يعتقد أنه يمكن تجاهل المشكلة الحقيقية، في ظل حكومة تواصل فقط سياسة الثكل والألم. التغيير لن يأتي من السياسيين الفاسدين هنا أو من قادة (حماس) الذين هم أيضاً فاسدون. سيأتي منا، أبناء وبنات كلا الشعبين، ممن يؤكدون أن العنف الذي يمارسه الجيش على مر السنين لا يحمينا».

وعدّ ميتنيك أن دائرة سفك الدماء، في الواقع، هي دائرة عنف الجيش. ومثل أي جيش، تؤدي إلى المزيد من الدماء، وأن هذا الجيش «ليس أكثر من مقاول لصيانة الاحتلال والمشروع الاستيطاني، وأنه، في لحظة الحقيقة، تخلى عن سكان الجنوب والدولة بأكملها».

وكتب ميتنيك في رسالته: «في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عانى المجتمع الإسرائيلي من صدمة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وفي غزو مروِّع، قتلت حركة (حماس) مئات المدنيين الأبرياء، واختطفت مئات آخرين، وقتلت عائلات في بيوتها، وذبحت الشباب خلال حفلة، واختطفت 240 شخصاً إلى قطاع غزة». ورأى أنه بعد الهجوم الإرهابي، «بدأت حملة انتقامية ليس فقط ضد (حماس)، إنما أيضاً ضد الشعب الفلسطيني بأسره: قصف عشوائي للأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين في غزة، دعم عسكري وسياسي كامل لعنف المستوطنين في الضفة الغربية، وقمع سياسي واسع النطاق داخل إسرائيل».

ورأى الشاب المتمرِّد على الخدمة العسكرية في إسرائيل أن دوامة العنف «هي الحل الوحيد الذي لا مفر منه بالنسبة لـ(حماس)، وكذلك الجيش والمستوى السياسي، دون التفكير في حل حقيقي يمنح الأمن والحرية لنا جميعاً»، مشدداً على أنه يرفض أن يصدق أن «المزيد من العنف سيجلب الأمن؛ لذا أرفض المشاركة في حرب الانتقام».

وكان الجيش قد دعا الشاب ميتنيك إلى «لجنة الضمير» في الجيش الإسرائيلي، التي تضم 4 ضباط ومدنياً واحداً، لفحص موقفه، وإن كان يرفض الخدمة بدوافع ضميرية فعلاً، أم بدوافع سياسية لتحريض الجنود الآخرين. وتوصلوا إلى أنه ليس رافضاً الحرب لأسباب ضميرية، وحُكِم عليه بالسجن العسكري 100 يوم، ليكون أول رافض يُحاكم في هذه الحرب.

مظاهرة ضد خطة الإصلاح القضائي في تل أبيب 30 سبتمبر 2023 (رويترز)

وميتنيك هو شاب ناشط سياسياً، وقد شارك في مظاهرات الاحتجاج على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم والجهاز القضائي، طيلة 10 شهور قبل الحرب. ومثل العديد من الشباب، انضم إلى «الكتلة المناهضة للاحتلال»، وكان عضواً في مبادرة «شباب ضد الديكتاتورية».

وقال، في مقابلة نُشِرت على موقع «سيحا مكوميت» العبري، قبل دخوله السجن، إنه قرر رفض التجنيد «لأنني لستُ مستعداً لخدمة هذا النظام الذي يعزِّز الفصل العنصري في المناطق المحتلة، ويساهم فقط في دائرة إراقة الدماء. لقد فهمتُ، من المكان المتميِّز جداً الذي أنا فيه (لدي عائلة وبيئة داعمة)، أنَّ لدي التزاماً باستخدام هذا للوصول إلى المزيد من الشباب، وإظهار أن هناك طريقةً أخرى. الذين تحدثت معهم عن سبب عدم ذهابي إلى الجيش يفهمون أن هذا من منظور إنساني لمراعاة الآخرين. لا أحد يعتقد أنني أؤيد (حماس). يعتقد البعض أن النشاطات العسكرية ستجلب الأمن، وأنا أعتقد أن رفضي العلني هو ما سيؤثر ويجلب أكبر قدر من الأمن».

وانتقد سياسة الحكومة، برئاسة بنيامين نتنياهو، قائلاً: «نتنياهو ليس (سيد الأمن)، وسياسته لم تجلب لنا الأمن. الحفاظ على الصراع وأسلوب إدارة الصراع سياسة لم تنجح، وانهارت في النهاية. لا يمكن الاستمرار في الوضع الحالي، وهناك طرفان الآن: اليمين يقترح الترحيل والإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة. أعتقد أنه حتى ناخبو (الليكود) أو (شاس)، لن يدعموا الإبادة الجماعية ومحو جميع الفلسطينيين في غزة. الطرف الآخر يقول إنه يوجد فلسطينيون هنا، ولهم حقوق. حتى الأشخاص الذين صوتوا لـ(بيبي)، وحتى أولئك الذين دعموا الإصلاح القانوني، يمكنهم أن ينسجموا مع حقيقة أن الجميع يستحقون العيش بعدل».


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، وإقالته.

ودلت سلسلة إجراءات تمهيدية، على نيات نتنياهو، وبلغت أوجها بالبيان الذي بثه بالصوت والصورة، مساء السبت، وتحدث فيه إلى الإسرائيليين بشأن قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتبه، مؤكداً أنه يتعرض لحملة «ملاحقة وتشويه» تستهدف معسكره السياسي.

وزعم نتنياهو أن أجهزة الأمن الإسرائيلية امتنعت في أكثر من مناسبة عن تزويده بوثائق مهمة، ومنعته من الاطلاع على معلومات سرية حساسة أيضاً بدعوى (دوافع سياسية)، بعدما اتهم رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية بالانتقاء في التحقيق في كثير من التسريبات الخطيرة، دافع نتنياهو عن الناطق باسمه، إليعزر فيلدشتاين، المتورط في إحدى قضايا التسريب، لارتباطه بوثيقة السنوار المزيفة (التي ادعت أن قائد حماس خطط للهرب من البلاد مع مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، وتبين أنها مزيفة) والمتهم بـ«تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة».

إيلي فيلدشتاين الناطق باسم نتنياهو والمتهم الرئيسي بقضية تسريب وثائق من مكتب رئيس الوزراء (القناة 12 الإسرائيلية)

ورأى نتنياهو لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين، إلى جانب التحقيقات الأخرى المرتبطة بمكتبه، «حملة صيد» موجهة ضده وضد معسكره وأنصاره.

وقال مخاطباً الإسرائيليين إن «هذه الحملة ليست موجهة ضده شخصياً فقط، بل ضدكم الجمهور الكبير الذي انتخبني وضد طريقتي في مواجهة أعدائنا».

ماكينة اليمين

كانت ماكينة الدعاية لليمين الإسرائيلي، قد بدأت حملة تحريض واسعة ضد الأجهزة الأمنية منذ 14 عاماً، لكنها في السنة الأخيرة زادت الهجوم وبشكل خاص ضد رئيس أركان الجيش هاليفي، على خلفية الموقف الذي يتبناه مع رئاسة الأركان، ويقضي بضرورة وقف الحرب والتوجه إلى صفقة مع «حماس»، وعدوه موقفاً تخريبياً ضد إسرائيل.

وقد خرج موقع «ميدا» اليميني بتقرير تحت عنوان «التخريب السياسي الذي يقوم به هرتسي هاليفي»، وفيه يشير إلى تاريخ مما يصفه بـ«التمرد على القيادة السياسية».

ويقول التقرير: «لم يبدأ سلوك هاليفي التخريبي مع بداية الحرب، بل كان قائماً منذ البداية، لقد وقع الانفجار الأول بينه وبين نتنياهو، بالفعل، في الأسابيع الأولى من الحرب... في حينه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه (مستعد لهجوم بري)، لكن نتنياهو هو الذي يؤخر الموافقة».

خلفية هذا التوتر هي عدم الرضا في مكتب نتنياهو عن الخطط التي طرحها المستوى العسكري، ويشير الموقع اليميني أنه «حينها خطط الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لمناورة محدودة بمشاركة عدد قليل من القوات بهدف تنفيذ سلسلة من الغارات محدودة النطاق وليس احتلالاً كاملاً وواسعاً للقطاع، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يعد خططاً جديدة، وهذا جزء من سبب تأخير المناورة البرية».

مؤيدون لليمين الإسرائيلي خلال مظاهرة لدعم نتنياهو في القدس سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ثم يعدد الموقع حالات كثيرة أخرى ادعى فيها أن نتنياهو «كان القائد القوي الذي يطلب ضربات قوية وعمليات عسكرية عميقة، لكن الجيش كان يسعى للتخاذل، ويمتنع عن الإقدام والالتحام».

قضية المحتجزين

يذهب التقرير إلى أن قضية «تحرير المحتجزين» هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إن تيار اليمين الإسرائيلي يعد موقف الجيش تمرداً على القيادة السياسية.

وبينما دعا هاليفي، في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) 2024 بمناسبة مرور 6 أشهر على اندلاع الحرب، إلى «تنفيذ صفقة الرهائن فعلياً»، عبر نتنياهو عن مواقف متشددة، ورفض التنازل عما وصفه بـ«الخطوط الحمراء».

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تم نشر إحاطة صحفية أخرى، اتهم هرتسي هاليفي خلالها، نتنياهو بالمسؤولية عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مُطالب بالعمل مرة أخرى في جباليا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويختتم الموقع اليميني مستنكراً إحاطة هاليفي: «من الصعب تصديق أن هذه الكلمات تقال، لكنه في الواقع (رئيس الأركان) يلوم الحكومة على مقتل الجنود».

غريب في الحكومة

المعروف أن رئيس الأركان هاليفي كان قد عُين في منصبه في سبتمبر (أيلول) 2022، في زمن حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد السابقة، وذلك في خضم الحملة الانتخابية، وخلال فترة وجودها كحكومة انتقالية.

ويقدر أنصار نتنياهو أن هاليفي شعر منذ اللحظة الأولى، وكأنه «زرع غريب في الحكومة الجديدة التي أقامها نتنياهو بعد الانتخابات».

وكال موقع «ميدا» اليميني الاتهامات لهاليفي وبعدما وصفه بأنه «رئيس أركان متمرد لا يفهم مكانته في الهرم الإداري وتبعيته للرتبة المنتخبة»، اتهمه بأنه «واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا أنهم يتنازلون فعلياً عن النصر في الحرب، وأنه (لا يوجد خيار) سوى قبول شروط (حماس) للصفقة».

ويصل التقرير إلى مبتغاه بالقول: «لقد كان ينبغي طرد هاليفي فور تشكيل الحكومة (حكومة نتنياهو)، وهذا هو فشل نتنياهو، لكن لم يفت الأوان لإصلاحه. لا يمكن كسب الحروب مع رؤساء الأركان المتمردين».