وزير إسرائيلي كبير يتهم نتنياهو بالرضوخ لإرادة واشنطن

تحذيرات معلقين من «وحل غزة» وحرب لا نهاية لها

فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

وزير إسرائيلي كبير يتهم نتنياهو بالرضوخ لإرادة واشنطن

فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون مبنى مدمراً تابعاً لعائلة أبو العوف بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

على أثر الاعتراف الإسرائيلي بمقتل 14 ضابطاً وجندياً خلال نهاية الأسبوع، في الحرب على قطاع غزة، ازدادت الأصوات التي تشكك بروايات الجيش والحكومة إزاء طبيعة المعارك، وتساءلوا في وسائل الإعلام عن «التصريحات الكثيرة حول انكسار (حماس)» و«تطهير شمال قطاع غزة والتفرغ للجنوب»، و«قرب انتهاء المعارك في خانيونس والاستعداد للانقضاض على رفح» وغيرها.

وقال وزير الاقتصاد في حكومة بنيامين نتنياهو، نير بركات، إن الحرب تُدار بطريقة صبيانية فاشلة. وباعتباره «منافساً قوياً على خلافة نتنياهو في رئاسة حزب الليكود»، سُئل ماذا كان سيفعل لو أنه رئيس حكومة؟ فأجاب أنه ما كان ليرضخ للضغوط الخارجية حتى لو جاءت من أقرب الأصدقاء (يقصد الإدارة الأمريكية).

وأضاف: «الضغوط علينا تهدف لجعلنا رحيمين وناعمين»، وفي هذا «نقلل من قوة ضرباتنا ونبث ضعفاً لأعدائنا فيتعنتون أكثر». ودعا نتنياهو إلى التمرد على الضغوط وإفساح المجال للجيش لأن يبطش بقوة وينهي الحرب بالانتصار.

المعلق السياسي في «القناة 11» للتلفزيون الرسمي، شاي نفيه، قال إن إدارة الحرب باتت تبدو صبيانية. فالحكومة لا تضع للجيش هدفاً واضحاً وراسخاً، وتتحدث عن شعار عمومي فضفاض، غير قابل للتطبيق، وأن الوزراء ورئيسهم يتبجحون بغطرسة «لا تترك مجالاً للجيش لأن يناور في عملياته»، وبالتالي تشكل ضغطاً عليه. وهو بدوره يبدو كمن فوجئ بقدرات «حماس»، فتحدث عن انتصار تلو الانتصار، وإذا بعملياته تتأخر وتتعثر والثمن يصبح أغلى وأغلى. «وعائلات المخطوفين تصرخ ألماً وقلقاً، ولا ترى أفقاً»، قال نفيه في تعليقه.

أهداف بعيدة

وكتب المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل: «بعد مرور شهرين ونصف الشهر، فإن مصداقية الحرب بقيت على حالها. ولكن مع مرور الوقت فإن الجمهور سيجد صعوبة في تجاهل الثمن الباهظ، أيضاً التشكك في أن أهداف الحرب التي تم تحديدها بضجة كبيرة ما زالت بعيدة عن التحقق، و(حماس) لا تظهر أي علامات على الاستسلام على المدى القريب. وأن السؤال الذي يطرح بصورة ملحة: ألم يحن الوقت للانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية، التي أساسها إعادة الانتشار قرب الحدود وتقليص للقوات والتركيز على الاقتحامات اللوائية في القطاع؟»، لافتاً إلى أنه في قيادة المنطقة الجنوبية ما زالوا يعتقدون أن لديهم عدة مهمات ملحة لتنفيذها في الوقت القريب القادم، قبل إجراء تغيير في طبيعة العملية. «ومع ذلك، بدأ يتضح أن هذا التغيير أصبح أمراً مطلوباً».

جنود إسرائيليون داخل أحد الأنفاق في قطاع غزة 17 ديسمبر (أ.ف.ب)

يضيف هرئيل: «في الجيش الإسرائيلي يركزون الآن الجهد على تدمير شبكة الأنفاق المتفرعة التي بُنيت في غزة، ولكن مسؤولين كباراً يعترفون بأن هذا هو تحد معقد أكثر بكثير مما قدر في البداية. فثمة أنفاق أكثر مما كان معروفاً، وهي متفرعة، عميقة ومرتبطة كي تسمح لرجال (حماس) بأن يتحركوا من جبهة إلى جبهة. في بعض المناطق دمرت معظم المسارات التي انكشفت وفي مناطق أخرى ستستغرق العملية زمناً طويلاً».

تابع أن التقدير السائد هو أن الجيش سيحتاج إلى بضعة أيام أخرى كي ينهي أساس الأعمال في شمال القطاع. وحتى بعد ذلك ستبقى في هذه الجبهة قوات كي تعمق التدمير للبنى التي انكشفت (الأنفاق أساساً)، وكذلك لمنع عودة المدنيين الذين هاجروا إلى جنوب القطاع. لكن العمل سيتركز أساساً في منطقة خانيونس في محاولة هزيمة كتائب (حماس)، وتدمير البنى التحتية في المدينة. ومن المتوقع لهذه الأعمال أن تستمر لبضعة أسابيع أخرى. في أثناء هذا الهجوم سيتخذ القرار فيما إذا كان سيتم العمل الآن ضد مخيمات اللاجئين الأربعة في وسط القطاع أيضاً؛ دير البلح، البريج، النصيرات والمغازي، التي كلها تعدُّ معاقل لـ(حماس)».

مدفع «هاوتزر» تابع للجيش الإسرائيلي يطلق قذائف من موقع بالقرب من الحدود مع غزة الأحد (أ.ف.ب)

فاتورة إعمار غزة

في الصحيفة نفسها، يكتب تور برسيكو، أنه «إذا لم تظهر إسرائيل أي استعداد للتقدم نحو تسوية مع الفلسطينيين، فستبقى وحيدة مع فاتورة إعادة إعمار قطاع غزة وتحمل المسؤولية عن حياة السكان فيه».

ويقول إن «(اتفاق أوسلو) عاد إلى حياتنا. بنيامين نتنياهو يطرحه في كل ظهور له مع الوجه المتكدر، ويكرر (لن أسمح)، ونفس الغمز للقاعدة. الساحر يقوم بإلقاء حيلته الأخيرة. فهو يريد إعادتنا جميعاً إلى 6 أكتوبر. فكما هو معروف للجميع نتنياهو هو (فنان الوضع الراهن)، وقد عمل خلال سنوات حكمه على إبقاء الوضع على حاله: التعويق والتمديد والتأجيل وحرف الأنظار والانشغال بالأمور التافهة وطرح نفسه حاميَ إسرائيل».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

يضيف برسيكو: «المذبحة في 7 أكتوبر شطبت ليس فقط صورته (السيد رجل الأمن)، بل أيضاً جهوده لسنوات من أجل إدارة النزاع إدارة أبدية بدون أي مقابل أو هدف، عدا عن استمرار نمو المستوطنات. والآن بدلاً من أن ينهض من هذا الصدع وأن يرسم مساراً مختلفاً لدولة إسرائيل، فإنه يريد إعادتنا جميعاً بالضبط إلى المكان نفسه».

ويحذر برسيكو مما سيعقب الحرب، فيقول: «شمال قطاع غزة تم تدميره، والجنوب أيضاً يتكبد الآن الخسائر في المباني والبنى التحتية. في نهاية المطاف الحرب ستنتهي. وإسرائيل سترغب في السيطرة أمنياً على القطاع وعلى حدودها. ولكن من الذي سيدير الحياة المدنية فيه، من الذي سيعيد بناء البنى التحتية؟ شبكة الكهرباء والمياه والغاز والمدارس والمستشفيات؟ من سيقوم بإدارة الموظفين والجهاز البيروقراطي والشرطة والمحاكم، من سيقوم بجباية الضرائب؟».

ينتظرون عند نقطة الطعام المجاني في مخيم للاجئين رفح بغزة السبت (أ.ف.ب)

وشدد على أن إسرائيل لن تستطيع القول للعالم بأنها «تسيطر أمنياً على منطقة يموت فيها الناس بسبب الجوع أو الأوبئة». يجب على أحد ما استثمار الأموال الضخمة من أجل إعادة إعمار قطاع غزة. إذا لم تظهر إسرائيل على الأقل أي استعداد للتقدم نحو اتفاق مع الفلسطينيين، فستبقى وحدها مع فاتورة في يدها. هل بعد الأضرار الاقتصادية الضخمة التي تسببت بها الحرب سنواصل ونستثمر في تمويل حياة مليوني فلسطيني».

ويحذر كتاب آخرون من الوقوع الإسرائيلي في وحل غزة، وليس فقط نتيجة لأمطار الشتاء، بل «نتيجة التورط في حرب بلا نهاية، تفقد إسرائيل فيها أي نصير في العالم».


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

وزير المالية الإسرائيلي يدعو لخفض عدد سكان غزة للنصف

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم الاثنين، إلى خفض عدد سكان قطاع غزة إلى النصف من خلال تشجيع الهجرة الطوعية لتسهيل السيطرة على القطاع.

«الشرق الأوسط» (القدس)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

في المقام الأول، تخشى طهران تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي لإعادة العقوبات الأممية.

كما أن احتمالات تنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية - أميركية لمنشآتها النووية باتت مصدر قلق كبير. وفي الوقت نفسه، تحاول طهران دق إسفين بين أوروبا وواشنطن عبر الانفتاح على التفاوض مع «الترويكا»، بهدف منع توافقهما ضدها.

إقليمياً، تراجع نفوذ «حماس» و«حزب الله» جعل طهران أكثر عرضة للضغوط، في وقت تخشى فيه العزلة الدولية إذا ما تصاعدت المواجهة مع المجتمع الدولي. كما أن ضيق هامش المناورة أمام إيران، نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية يجعل الحوار خياراً أقل تكلفة مقارنة بالتصعيد.

كما تعاني إيران أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات؛ مما يدفعها لخفض التوتر.