كاتب إسرائيلي غاضب من أداء الحكومة: نحن شعب يحب أن يخدع

أصوات كثيرة تعبر عن إحباط وتتساءل عن هدف الحرب واليوم التالي

مظاهرة سابقة أمام مكتب الصليب الأحمر في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
مظاهرة سابقة أمام مكتب الصليب الأحمر في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
TT

كاتب إسرائيلي غاضب من أداء الحكومة: نحن شعب يحب أن يخدع

مظاهرة سابقة أمام مكتب الصليب الأحمر في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)
مظاهرة سابقة أمام مكتب الصليب الأحمر في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)

«قسم كبير من الإسرائيليين يحبون أن يخدعوا». بهذه الكلمات خرج كبير الكتاب الصحافيين في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم بارنياع، في مقال تصدر الصفحة الأولى، الاثنين، تحت عنوان «اختبار المخطوفين».

جاء هذا المقال لانتقاد أداء المجلس الثلاثي الذي يقود الحرب والذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الدولة بيني غانتس، الذي جاء من المعارضة وانضم إلى الائتلاف الحكومي لأداء مهمة واحدة؛ هي: إحداث التوازن الضروري والمساهمة في قيادة الحرب.

فالحكومة اليمينية المتطرفة قوبلت بشكوك كبيرة في إسرائيل، وأيضاً في الولايات المتحدة الأميركية. هي فشلت في حكمها طيلة 10 شهور قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتصقت بها تهمة «أكبر إخفاق في تاريخ الحروب الإسرائيلية». وبدا من اللحظة الأولى أنها تدير الحرب وفق حسابات ذاتية لخدمة نتنياهو ومعسكره الفاشل. وكان يفترض بغانتس أن يؤثر على أدائها، بوصفه من «العقلاء المعتدلين»، مع أن كثيرين انتقدوه على ذلك وبينهم بارنياع، الذي توقع

أن غانتس لن يؤثر بشيء.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي مع بنيامين نتنياهو في 28 أكتوبر الماضي (رويترز)

وفي هذه الأيام، مع مضي شهر ونصف الشهر على الحرب، والشعور بأن الأمور تسير بوتيرة «مكانك سر»، من ناحية الإنجازات العسكرية وكذلك في موضوع الأسرى الإسرائيليين والأجانب لدى «حماس»، ترتفع أصوات كثيرة سياسية وإعلامية وحتى عسكرية، تتساءل عن سلم الأولويات وعن هدف الحرب واليوم التالي، وتعبر عن إحباط شديد.

ومن أشد القضايا التي تؤرق الإسرائيليين، تلكؤ الحكومة في التوصل إلى صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى، الذين يشار إليهم بوضوح أنهم ليسوا جنوداً حاربوا وأخفقوا فوقعوا في الأسر، بل بغالبيتهم مدنيون، نساء وأطفال ومسنون ومرضى، كانوا واثقين من أن الدولة العبرية «التي تضع حياة أبنائها في رأس سلم الاهتمام»، خانتهم وأهملتهم ولم تنجح في حمايتهم من القتل أو الأسر، وأن قادتها ما زالوا يتصرفون بغطرسة وتبجح. فيصرون على «تحرير الأسرى بالقوة»، عن طريق العمليات العسكرية التي تتم في الغالب على غير هدى.

ممرضة تحضر مجموعة من الأطفال حديثي الولادة لنقلهم من مستشفى الشفاء في مدينة غزة إلى مصر (أ.ب)

فتتخيل، أو تتلقى «معلومات استخبارية» حمقاء عن مكان وجودهم، في الأنفاق تحت مستشفى الشفاء وتحت مستشفى الرنتيسي وتحت المستشفى الإندونيسي، فتقوم بعمليات قصف جنونية وتقتحم الأروقة والأقسام وتشرد الأطفال الخدج ومرضى السرطان والمصابين من ويلات الحرب والمرضى المربوطين بأجهزة التنفس في غرف الإنعاش، وتمنع الدواء والغذاء والماء عن مليوني إنسان وتقتل الألوف، معظمهم من الأطفال والنساء، وكل ذلك من دون نتيجة.

بيني غانتس خلال لقاء مع وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك في تل أبيب يوم 11 نوفمبر (د.ب.أ)

في كل يوم أو اثنين، يخرج الثلاثي نتنياهو - غالانت - غانتس، إلى الجمهور في مؤتمر صحافي، ليطلعوا الشعب على الأوضاع ويبثوا الرسائل إلى الأصدقاء والحلفاء والأعداء، لكنهم لا يقدمون جواباً واحداً حول القضايا المحرقة. فيثيرون السخرية، لأن من ضمن أهداف المؤتمر الصحافي إظهار وحدة قيادية مع أن الخلافات بينهم واضحة وفاضحة.

الكاتب الصحافي ناحوم بارنياع وفي الخلفية غلاف صحيفته (مواقع تواصل اجتماعي)

لذلك يكتب بارنياع: «أحد الفوارق الأليمة بين حرب يوم الغفران (1973) والحرب الحالية، أنه في حينه كانت هنا حكومة، مجموعة من الوزراء كانوا يكنون احتراماً أدنى، الواحد للآخر، التقت كل يوم بقيادة الجيش واتخذت القرارات. عيون الوزراء كانت مرفوعة لرئيسة الوزراء (غولدا مائير) التي لم تكن صلاحياتها ومناعتها النفسية موضع خلاف. وعندما استصعب وزير الدفاع موشيه ديان وقائد المنطقة الجنوبية غوروديش، الصمود أمام الضغط، أزيحا جانباً بصمت».

رغم الغضب، رغم الهلع، كان بوسع المقاتلين وعائلاتهم أن يؤمنوا أنه توجد خلفهم زعامة تؤدي مهامها. وليس هذا هو الوضع اليوم. «مرة كل بضعة أيام يقف نتنياهو، غالانت وغانتس أمام الكاميرات ويلعبون أدواراً في مسرحية. رئيس الوزراء يبدأ بخطاب عن جنودنا الأبطال ومختطفينا الأحبة، خطاب يوجد فيه كل شيء باستثناء الصدق والمعلومات. غانتس وغالانت يلحقان به. اللباس موحد، 3 أطياف من الأسود، لكن لغة الجسد تدل على الفرقة: غالانت وغانتس أخوان؛ نتنياهو ليس أخاً. لعل هذه أيضاً مسرحية».

بنيامين نتنياهو خلال زيارته قاعدة زيكيم 10 نوفمبر (د.ب.أ)

يضيف بارنياع: «الخطاب قتالي، وبشكل خاص من جانب نتنياهو وغالانت. هو قتالي أيضاً تجاه الإدارة الأميركية. القاعدة السياسية، بقدر ما تبقى من قاعدة، تحب لزعيمها أن يلعب دور رامبو. أما الأفعال فهي شيء آخر. لمدة أسبوع، دارت في الكابينت رحى الحرب وجدال على صفقة المخطوفين: غالانت، رئيس الأركان ورئيس الشباك من جهة، غانتس وآيزنكوت ودرعي من جهة أخرى. الجدال مشروع. غالانت آمن بأن بعد بضعة أيام أخرى من الهجوم البري ستقترب (حماس) من الانهيار. غانتس وآيزنكوت أعربا عن الشك. وقد وضعا على رأس الأولويات (تحرير المخطوفين)؛ أما غالانت والجيش فوضعا (ضرب حماس). بيد أن هذا ليس هو الذي يروى للإسرائيليين في المؤتمر الصحافي. يروون لهم قصصاً عن هذا وذاك معاً، تصفية (حماس) وصفقة معها في الوقت نفسه؛ يروون عن كابينت كله بالإجماع وأعضائه غارقون في الحرب فقط، وليس في الشؤون السياسية الحزبية، وكان الأمر ممكناً. لا أحد يصدق، لكنّ قسماً كبيراً من الإسرائيليين يحبون أن يضحك عليهم. هذا مريح أكثر».

ويختتم الكاتب بالقول: «صفقة المخطوفين تضع أمام الكابينت اختباراً عسيراً، حياة 50 إسرائيلياً، إذا كانت صفقات أخرى ربما أكثر موضوعة على الكفة. محظور للحسم أن يرتبط بمصلحة شخصية أو سياسية. فالحديث يدور عن مصائر أرواح».

ويتابع: «لعلني مخطئ بمشاعر مبالغ فيها، لكن التفكير بـ40 طفلاً محتجزين لـ45 يوماً في أيدي إرهابيين لا يتركني. مطر شديد يهطل، فهل هم محميون من المطر؟ من السيول، من المجاري التي فاضت، ومن النار؟ هل يأكلون حتى الشبع؟ وهل النساء محميات؟ المرضى والمسنون؟ هل حكومتي التي تركتهم لمصيرهم في بيوتهم لا تتركهم لمصيرهم مرة أخرى، للمرض وللمعاناة، للموت؟ لا أدري ما الذي يثقل على ضمير نتنياهو، لكنه ملزم بأن يفهم أن للمنصب الذي يصر على أن يتبوأه يوجد ثمن. منذ 7 أكتوبر لا توجد وجبات مجانية».


مقالات ذات صلة

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية بغداد إلى حماية حقوق المواطنين التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن أنقرة تتابع من كثب أنباء عن عمليات نقل جماعي للكرد من إقليم كردستان شمال العراق إلى كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وتحذر من العبث بالتركيبة الديموغرافية في المحافظة.

وتابع كيتشالي أنه «رغم البيانات المتعلقة بالانتماء العرقي لم يتم جمعها في التعداد السكاني، فإن التنقل السكاني المكثف قد تسبب بحق في إثارة قلق التركمان والعرب».

وعد ما جرى يمثل «مخالفة ستؤدي إلى فرض أمر واقع يتمثل في ضم جماعات ليست من كركوك إلى سكان المحافظة، وسيؤثر ذلك على الانتخابات المزمع إجراؤها في المستقبل».

المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي (الخارجية التركية)

وشهد العراق تعداداً سكانياً، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، لأول مرة منذ 37 عاماً، وشمل جميع محافظات البلاد، بطريقة إلكترونية، وبمشاركة 120 ألف موظف، وسط فرض حظر للتجوال ودون تضمين أسئلة تتعلق بالانتماء العرقي والطائفي، لتجنب حدوث أي انقسام داخل المجتمع المكوّن من مكونات مختلفة، وفقاً للحكومة العراقية.

وشدد كيتشالي على أن تركيا بجميع مؤسساتها تقف إلى جانب التركمان العراقيين، وتحمي حقوقهم ومصالحهم، مضيفاً أنه «في هذا السياق، فإن سلام وأمن مواطني التركمان، الذين يشكلون جسر الصداقة بين العراق وتركيا ولديهم كثافة سكانية كبيرة في العراق، يشكلان أولوية بالنسبة لتركيا، كما أن كركوك تعد من بين الأولويات الرئيسية في العلاقات مع هذا البلد».

وقال: «نتوقع من السلطات العراقية ألا تسمح للمواطنين التركمان، الذين تعرضوا لمذابح واضطهاد لا حصر لها في القرن الماضي، بأن يقعوا ضحايا مرة أخرى بسبب هذه التطورات الأخيرة في نطاق التعداد السكاني».

وأضاف: «حساسيتنا الأساسية هي أنه لا يجوز العبث بالتركيبة الديموغرافية التي تشكلت في كركوك عبر التاريخ، وأن يستمر الشعب في العيش كما اتفقت عليه مكونات المحافظة».

السلطات العراقية قالت إن التعداد السكاني يهدف إلى أغراض اقتصادية (إ.ب.أ)

كان رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، قد صرح الأربعاء الماضي، بأن 260 ألف شخص وفدوا من خارج كركوك وتم إدراجهم في سجلات المحافظة، بهدف تغيير التركيبة السكانية قبيل إجراء التعداد السكاني العام.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن توران أنهم رصدوا استقدام أعداد كبيرة من العائلات الكردية من محافظتي أربيل والسليمانية إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وطالب بتأجيل إعلان نتائج تعداد كركوك لحين فحص سجلات تعداد 1957 الخاص بمدينة كركوك.

بدوره، أكد محافظ كركوك، ريبوار طه، أن «مخاوف أشخاص وجهات (لم يسمها) حول التعداد لا مبرر لها»، وقال في مؤتمر صحافي، إن التعداد يهدف «لأغراض اقتصادية وسيحدد السكان الحقيقيين، مما يساهم في تحسين الموازنة»، على حد قوله.