حياة ألماني محتجز في إيران «معرضة لخطر كبير»

صورة نشرها القضاء الإيراني لشارمهد بينما ينظر إلى شاشة أثناء عرض صورة من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة على جواز سفره الألماني في محكمة بطهران يوم 21 يونيو 2022 (ميزان)
صورة نشرها القضاء الإيراني لشارمهد بينما ينظر إلى شاشة أثناء عرض صورة من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة على جواز سفره الألماني في محكمة بطهران يوم 21 يونيو 2022 (ميزان)
TT

حياة ألماني محتجز في إيران «معرضة لخطر كبير»

صورة نشرها القضاء الإيراني لشارمهد بينما ينظر إلى شاشة أثناء عرض صورة من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة على جواز سفره الألماني في محكمة بطهران يوم 21 يونيو 2022 (ميزان)
صورة نشرها القضاء الإيراني لشارمهد بينما ينظر إلى شاشة أثناء عرض صورة من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة على جواز سفره الألماني في محكمة بطهران يوم 21 يونيو 2022 (ميزان)

أصبح الألماني جمشيد شارمهد المحتجَز في إيران منذ ثلاثة أعوام شبه عاجز عن المشي والكلام، بسبب تدهور حالته الصحية وعدم توفير سلطات السجن العلاج اللازم له، حسبما قالت ابنته، غزالة شارمهد.

ويعاني جمشيد شارمهد (68 عاماً)، الذي كان يقيم في الولايات المتحدة، من مرض باركنسون، وقد يموت بسبب تدهور وضعه الصحي، حسبما قالت ابنته غزالة شارمهد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بعدما أجرى والدها الأسبوع الماضي اتصالاً هاتفياً نادراً بعائلته من السجن.

ويقول الفريق التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي إن شارمهد خُطف ِفي دول مجاورة لإيران ونُقل قسراً إلى إيران في صيف عام 2020، بينما قالت إيران إنه اعتقل في إطار «عملية معقدة».

وحُكم على شارمهد بالإعدام بتهمة «الإفساد في الأرض»، ونفت أسرته الادعاءات التي قدمت في إيران ضده بشأن انفجار وقع عام 2008 في مدينة شيراز الجنوبية.

ويُتهم شارمهد، وهو مطور لأنظمة معلوماتية هاجر إلى ألمانيا في الثمانينات قبل الانتقال للإقامة في الولايات المتحدة، بأنه ساهم في إنشاء موقع على شبكة الإنترنت لمجموعة معارضة إيرانية في المنفى.

وقالت «منظمة العفو الدولية» إن شارمهد تعرض لـ«إخفاء قسري» تلته «محاكمة غير عادلة» وتعذيب.

وقالت غزالة شارمهد: «بلغ أبي مرحلة متقدمة من مرض باركنسون، وتأخير تناوله الدواء يجعل من المستحيل عليه أن يتكلم ويمشي ويتحرك أو حتى أن يتنفس».

وأضافت، بعدما اتصل والدها بشكل مفاجئ بوالدتها الأسبوع الماضي، «كُسرت أسنانه بسبب التعذيب أو سوء التغذية، ولا يستطيع نطق الكلمات أو المضغ أو الأكل بطريقة جيدة».

متظاهر يحمل صورة جمشيد شارمهد خلال مظاهرة لإطلاق سراحه أمام وزارة الخارجية الألمانية في برلين يوليو الماضي (أ.ف.ب)

وتابعت: «أمضى في الحبس الانفرادي أكثر من 1185 يوماً، وهذا وحده يمكنه أن يدفع المرء إلى الجنون وأن يستنزف آخر طاقة في جسمه».

وأشارت إلى أنه «يعاني آلاماً شديدة في الصدر عندما يحاول المشي في غرفة التعذيب الصغيرة»، مضيفة: «قال إن قدميه تتورمان باستمرار».

وتجهل عائلته مكان احتجازه في إيران.

«قد يُشنَق في أي لحظة»

وحذَّرت غزالة شارمهد، وهي ممرضة متخصصة في العناية المركّزة للقلب، من خطر تعرض والدها لنوبة قلبية.

وقالت إن «حياته معرضة لخطر كبير في ظل الظروف اللاإنسانية (لسجنه)، وعلاوة على كل ذلك، لا يزال محكوماً عليه بالإعدام بعد محاكمات صورية غير قانونية ويمكن إخراجه من زنزانته في أي لحظة ليُشنق».

وسبق لأسرة شارمهد أن أعربت عن خيبة أملها لعدم إدراج جمشيد شارمهد، كونه مقيماً في الولايات المتحدة، ضمن الصفقة التي تضمنت إطلاق سراح 5 مواطنين أميركيين من السجن في إيران، في سبتمبر (أيلول).

ويعاني شهاب دليلي الذي كان أيضاً مقيماً في الولايات المتحدة واعتقل في عام 2016 في إيران، وضعاً مماثلاً، ولا يزال وراء القضبان.

ولا يحمل شارمهد المولود في طهران جواز سفر إيرانياً، بل هو مواطن ألماني كان يقيم في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وفق عائلته.

وتقول عائلتا شارمهد ودليلي إن المقيمين في الولايات المتحدة والمحتجزين في الخارج يجب اعتبارهم مواطنين أميركيين بموجب قانون روبرت ليفنسون الذي صادق عليه الكونغرس في عام 2020.

ويحمل هذا القانون اسم «روبرت ليفنسون»، وهو عنصر سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي فقد أثره في إيران عام 2007 وتعتقد واشنطن أنه توفي.

ويقول ناشطون إنه حتى بعد اتفاق الإفراج عن الأسرى الذي أُبرم في سبتمبر (أيلول)، لا يزال نحو 12 مواطناً أجنبياً محتجزين في إيران، ويتهمون الجمهورية الإسلامية باتباع استراتيجية متعمدة تتمثل في احتجاز الرهائن لانتزاع تنازلات من الغرب.

ومن بين المعتقلين المواطن السويدي أحمد رضا جلالي، الذي اعتقل في عام 2016 وحكم عليه بالإعدام بتهم التجسس التي ترفضها عائلته بشدة.


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

في حين كانت إيران تُصعد ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ألمحت إلى إمكانية التفاوض بشروط مختلفة مع الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترمب.

وتبنّت الوكالة الدولية، الخميس الماضي، قراراً ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وقال علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي: «إن إيران وأميركا دخلتا في وضع جديد فيما يتعلق بالملف النووي»، وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «إن الإدارة الأميركية الجديدة إذا أرادت ألا تمتلك طهران سلاحاً نووياً فعليها قبول شروطنا، مثل تعويض الخسائر، ومنح امتيازات أخرى للوصول إلى اتفاق جديد».

وأوضح لاريجاني، أن «أميركا ألغت الاتفاق السابق وخرجت منه، وبهذا تسببت في خسائر لإيران». وأضاف أن «إيران بدأت تخصيب اليورانيوم، ورفعت درجة نقاوته إلى أكثر من 60 في المائة».

علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي (وسائل إعلام مقربة من «حزب الله»)

وتنص «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهو الاسم الرسمي للاتفاق النووي، على تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على طهران مقابل ضمانات بعدم سعيها لتطوير أسلحة نووية، لكن الاتفاق تراجع تدريجياً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه أحادياً عام 2018، في ظل رئاسة دونالد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات شديدة على طهران.

وردّاً على ذلك، زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب بشكل كبير، ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المائة، لتقترب بذلك من نسبة الـ90 في المائة اللازمة لصنع قنبلة نووية. وقد حدّدت «خطة العمل الشاملة المشتركة» التي فشلت مفاوضات في إحيائها عام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند 3.67 في المائة.

ومنذ عام 2021، قيَّدت إيران تعاونها مع الوكالة بشكل كبير، فقامت بفصل كاميرات مراقبة، وسحبت اعتماد مفتشين ذوي خبرة.

في الوقت نفسه، يواصل برنامجها النووي اكتساب الزخم، الأمر الذي يُثير قلق المجتمع الدولي، رغم إنكار طهران رغبتها في تطوير قنبلة نووية.

وأخيراً، صعَّدت إيران مواجهتَها ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أعلنت أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك ردّاً على قرار الوكالة الدولية.

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز، من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية «يو-235» لاستخدامات عدة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

أقوال غروسي... وأفعاله

وما إن صدر القرار، ظهرت تلميحات في طهران بشأن «دور مزدوج» لمدير الوكالة الدولية رافاييل غروسي، إذ قال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي: «إن ما قاله في طهران لا يتطابق مع أفعاله في فيينا».

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية عن عزيزي: «على غروسي أن يضع جانباً التناقض في خطابه في طهران وفيينا، وأن تكون تصريحاته في طهران متسقة مع تصريحاته في فيينا، وهذه المعاملة المزدوجة غير مناسبة».

وأشار عزيزي إلى أن «الوكالة الدولية طلبت في قرارها الأخير الامتناع عن إنتاج الأسلحة النووية. ورداً على ذلك، ينبغي القول إن إيران أعلنت منذ سنوات أنها ليس لديها أي خطط لإنتاج أسلحة نووية».

وأضاف عزيزي: «رغم أننا نتحرك دائماً على أساس مصالح الأمن القومي، فإن الأمر الواضح هو أن إيران لم تسعَ مطلقاً إلى امتلاك الأسلحة النووية خلال هذه السنوات، وهو ما يُظهر في حد ذاته عبثية هذا القرار».

وجاء قرار الوكالة الأخير في سياق خاص، مع وجود فجوة بين الموقف الغربي وموقف رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي.

وخلال زيارته إلى إيران، حصل غروسي من طهران على موافقة لبدء الاستعدادات لوقف توسيع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها رافاييل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

اليورانيوم عالي التخصيب

وخلافاً لما يقوله عزيزي، الذي نفى خطط إنتاج السلاح النووي، فإن طهران لم تكن ترغب أساساً في تجميد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.

وتُقدِّر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إنتاج سلاح نووي واحد يتطلب نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المُخصّب بنسبة نقاء 60 في المائة، إذا جرى تخصيبه لاحقاً إلى درجة نقاء 90 في المائة.

وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمال وندي: «إنه كان من المقرر أن يأتي المفتشون فور انتهاء اجتماع مجلس المحافظين لتقييم قدراتنا، مع بقاء تلك القدرات لمدة شهر دون أي توقف في التخصيب بنسبة نقاء 60 في المائة».

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن كمال وندي أن «الضغوط الناجمة عن قرار الوكالة الدولية تأتي بنتائج عكسية، أي أنها تزيد من قدرتنا على التخصيب».

وأضاف كمال وندي: «حالياً، ليس فقط أننا لم نوقف التخصيب، بل لدينا أوامر بزيادة السرعة، والعمل جارٍ على ذلك تدريجياً».