مقتل مخرج إيراني طعناً والشرطة تتحدث عن أدلة في «مسرح الجريمة»

مهرجويي (وسط) يقرأ سيناريو على هامش جلسة تصوير لفيلمه الأخير «لامينور» (إيسنا)
مهرجويي (وسط) يقرأ سيناريو على هامش جلسة تصوير لفيلمه الأخير «لامينور» (إيسنا)
TT

مقتل مخرج إيراني طعناً والشرطة تتحدث عن أدلة في «مسرح الجريمة»

مهرجويي (وسط) يقرأ سيناريو على هامش جلسة تصوير لفيلمه الأخير «لامينور» (إيسنا)
مهرجويي (وسط) يقرأ سيناريو على هامش جلسة تصوير لفيلمه الأخير «لامينور» (إيسنا)

في خبر صادم هز الشارع الإيراني، أكدت السلطات مقتل المخرج البارز داريوش مهرجويي وزوجته مساء السبت طعناً بسكين في منزلهما قرب طهران، بعد مسيرة طويلة ساهم خلالها في شهرة السينما الإيرانية حول العالم. ويُعدُّ داريوش مهرجويي، البالغ 83 عاماً، من أبرز السينمائيين الإيرانيين، إذ لمع اسمه مخرجاً ومنتجاً وكاتب سيناريو خلال ستة عقود واجه فيها الرقابة، خصوصاً في فترة ما بعد ثورة 1979. في عام 1969، أخرج فيلم «البقرة»، أحد الأفلام الأولى للموجة السينمائية الجديدة في بلاده وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي عام 1971. وكانت زوجته وحيدة محمدي فر، البالغة 54 عاماً، تعمل أيضاً في مجال كتابة السيناريو والسينوغرافيا.

ولا تزال ملابسات جريمة القتل المزدوجة غامضة حتى اليوم (الأحد)، إذ لم تعلن السلطات الإيرانية عن أي اعتقالات. وقال المتحدث باسم الشرطة، سعيد منتظر المهدي إن «الشرطة ستقوم قريباً بإلقاء القبض على مرتكبي هذا العمل الهجمي وتقديمه للعدالة».

صورة نشرتها وكالة «إيسنا» الحكومية من منزل المخرج مهرجويي

وبدوره، قال قائد الشرطة في محافظة البرز، محمد قنبري: «عثرنا على آثار لقاتل أسرة مهرجويي» حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية. وأضاف: «لا توجد آثار لدخول القسري إلى مسرح الجريمة». وقال رئيس القضاء في محافظة البرز القريبة من طهران حسين فاضلي هريكندي «خلال التحقيق الأولي، وجدنا أن داريوش مهرجويي وزوجته» قُتلا «بعدة طعنات في الرقبة»، وفق تصريحات أوردتها وكالة «ميزان» القضائية. وأوضح أن المخرج أرسل رسالة إلى ابنته منى قرابة الساعة التاسعة مساء لدعوتها لتناول العشاء في منزلهما في كرج، وهي مدينة كبيرة تبعد نحو 40 كيلومتراً عن العاصمة. وعندما وصلت بعد ساعة ونصف ساعة، وجدت جثتي والديها مصابتين بجروح قاتلة في الرقبة.

ونفت السلطات في الساعات الأولى العثور على المخرج، مقطوع الرأس. وقال وزير الثقافة محمد مهدي إسماعيلي في بيان إنه طلب «توضيحاً حول ملابسات هذا الحادث الحزين والمؤلم». ووصف مهرجويي بأنه «أحد رواد السينما الإيرانية» و«صاحب أعمال خالدة». ونشرت صحيفة «اعتماد» الأحد مقابلة مع زوجة المخرج أعلنت فيها أنها تعرضت أخيراً للتهديد من قبل أحد الأشخاص وأن منزلها تعرض للسرقة، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف فاضلي هريكندي: «لم يتم تقديم أي شكوى بشأن الدخول غير القانوني إلى فيلا عائلة مهرجويي وسرقة ممتلكاتهم».

ودعا عضو البرلمان الإيراني، جواد نيكبين، إلى الحكم على قاتلي مهرجويي وزوجته بأشد العقوبات.

أفلام اجتماعية

وُلد داريوش مهرجويي في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1939 في طهران، ودرس الفلسفة في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى إيران حيث أطلق مجلة أدبية وأنجز فيلمه الأول عام 1966، «دايموند 33»، وهو محاكاة ساخرة لأفلام جيمس بوند. أخرج داريوش مهرجويي بعدها أفلاماً ذات بعد اجتماعي، خصوصاً فيلم «البقرة» (1969)، و«دايرة مينا» (The Cycle) سنة 1974، و«إجارة نشيناها (المستأجرين)» سنة 1987، و«هامون» عام 1990، بعد الثورة 1979 غادر مهرجويي إيران، بين عامي 1980 و1985، حيث أقام في فرنسا وأخرج فيلم «رحلة في بلاد ريمبو». بالإضافة إلى السينما، ترجم مهرجويي أعمال الكاتب الفرنسي أوجين يونسكو والفيلسوف الماركسي الألماني هربرت ماركوز إلى الفارسية. وبعد عودته إلى إيران، حقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر مع فيلم «المستأجرين». وفي عام 1990، أخرج «هامون»، وهو فيلم من نوع الكوميديا السوداء يروي قصة 24 ساعة في حياة مثقف يعاني من طلاقه وهمومه الفكرية، في إيران التي غزتها شركتا التكنولوجيا «سوني» و«توشيبا». في العقد التالي، قدّم داريوش مهرجويي في أفلامه قصص نساء، بينهنّ «سارا» و«بري» و«ليلا»، وهي ميلودراما تدور حول امرأة عاقر تشجع زوجها على الزواج من امرأة ثانية. وفي 2007، قدم مهرجويي فيلم «علي سنتوري» بمشاركة نجمة السينما الإيرانية غلشيفته فراهاني قبل عامين من مغادرتها إيران. وأوضح مهرجويي في مقابلة مع وسائل إعلام إيرانية: «تأثرتُ كثيراً بإنغمار بيرغمان ومايكل أنجلو أنطونيوني»، وأضاف: «لا أصنع أفلاماً سياسية مباشرة للترويج لآيديولوجية أو وجهة نظر معينة. لكن كل شيء سياسي (...) السينما مثل الشعر، لا يمكنها أن تنحاز إلى أحد. الفن يجب ألا يصبح أداة دعاية». وحصل المخرج الإيراني خلال مسيرته على جوائز كثيرة عن أفلامه المختلفة، وقد عُرضت معظم هذه الأعمال عام 2014 في منتدى الصور في باريس، خلال حفل تكريم أقيم بحضوره، لكنه في السنوات الأخيرة قاطع مهرجان «فجر» السينمائي بسبب انتقاداته للأوضاع الداخلية، خصوصاً قتل المتظاهرين في إيران.

مهرجويي يتحدث غاضباً خلال مراسم تأبين المخرج عباس كيارستمي في 2016 (فارس)

وأثارت انتقادات وردت على لسانه، في عام 2016 خلال مراسم تأبين المخرج عباس كيارستمي جدلاً واسعاً في الأوساط الإيرانية. وكان ينتقد الإهمال الطبي الذي أودى بحياة المخرج.

في العام الأخير، رفض مهرجويي الاحتفال بعيد ميلاده الثمانین قبل ثلاث سنوات، بعد الاحتجاجات الشعبية التي هزت البلاد في عام 2019. وقال حينها: «الناس يعانون من وضع معيشي واقتصادي سيء، في مثل هذا الوضع لا معنى للاحتفال بعيد ميلادي، الناس في حداد، بدلاً من الضحكات المصطنعة، والتفاخر والكذب، أفضل البقاء إلى جانب الناس».

غضب من الرقابة

خلال الساعات الأولى من مقتل مهرجويي تداول الإيرانيون مقطع فيديو من مهرجويي يوجه انتقادات حادة للسلطات بسبب الرقابة، ومنع فيلمه الأخير «لامينور» من العرض في دور السينما في مارس (آذار) العام الماضي.

ويظهر مهرجويي في الفيديو للإفصاح عن غضبه ويهدد بالوقوف احتجاجاً أمام مقر وزارة الثقافة في حال لم تسمح السلطات بعرض فيلمه «لامينور».

ويقول مهرجويي فيه: «أنا محتج، هذه رخصة عرض فيلم لامينور، فيلمي الأخير، هذا ليس حليباً أو لحماً لكي تقولون إن تاريخه انقضى، لقد منحتموني رخصة، لماذا تتخلون عن وعودكم، لستم رجالاً، تصرفوا كالرجال، أوقفتم جميع أفلامي، لقد فقدتم أثر أحد أفلامي «السياحة في إيران»، رميتموه في سطل النفايات، لقد منعتم فيلم سنتوري، بلا سبب».

مهرجويي يعزف على آلة السنتور على هامش فيلمه الأخير «لامينور» (إيسنا)

ويخاطب مهرجويي، نائب وزير الثقافة في شؤون السينما، قائلاً: «كان يجب عليك أن تقرأ سيناريو الفيلم كي لا تضيع جهودنا، عامين وثلاثة نعمل على فيلم، وأنتم تتصدون له، من أنتم، أنا حاصل على شهادة الفلسفة من أكبر الجامعات في الولايات المتحدة، من أنتم أي شهادة تحملون، ماذا فعلتم في حياتكم، من أنتم؟ تصدرون الأحكام من خلف الستار مثل الأشباح».

ويوجه مهرجويي تحذيراً إلى وزير الثقافة، قائلاً إنه يريد الاعتصام مع فريق عمله في مقر وزارة الثقافة، ويقول: «لا يمكنني أن أتحمل أكثر من هذا، سأقاتل، تعالوا اقتلوني، هذا صدري، أطلقوا الرصاص علي، اقتلوني، اقضوا علي لكنني أريد حقي، سآخذ حقي منكم».


مقالات ذات صلة

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو على هامش مؤتمر صحافي مشترك في منتجع مار-إيه-لاغو بولاية فلوريدا (أ.ف.ب)

الرئيس الإيراني يرد على ترمب: رد قاسٍ ورادع على أي هجوم

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الثلاثاء، إن رد بلاده على أي هجوم سيكون «قاسياً ورادعاً»، فيما بدا أنه رد مباشر على تحذير أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

مستشار خامنئي: أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري

قال علي شمخاني المستشار السياسي للمرشد الإيراني إن القدرة الصاروخية والدفاعية لإيران لا يمكن احتواؤها، ولا تحتاج إلى إذن من أحد لتطويرها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)

الرئيس الإيراني: سنتخذ إجراءات لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الاثنين إن الحكومة وضعت على جدول أعمالها إجراءات أساسية لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي في البلاد.

«الشرق الأوسط» (طهران)

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
TT

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى، في وقت تزامن فيه الحراك مع إجراءات أمنية وتحذيرات رسمية، وخطوات حكومية اقتصادية طارئة وإعلانات عن تعطيل مؤسسات عامة.

وبينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الإنصات للمحتجين عبر الحوار، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات استغلال التطورات، وسط تفاعلات داخلية وخارجية رافقت أحدث موجة من الاحتجاجات، عكست حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد.

وفي تطور لافت، برز انضمام طلاب الجامعات إلى الحراك الاحتجاجي. وأفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن مظاهرات طلابية نُظّمت في عدد من الجامعات بطهران، إضافة إلى مدينة أصفهان وسط البلاد. وحسب الوكالة، شملت التحركات جامعات «بهشتي، وخواجة نصير، وشريف، وأمير كبير، وجامعة العلوم والثقافة، وجامعة العلوم والتكنولوجيا» في طهران، إلى جانب جامعة التكنولوجيا في أصفهان.

كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات ومسيرات طلابية تضامناً مع الاحتجاجات على الغلاء والأزمة الاقتصادية، فيما رددت شعارات احتجاجية مناهضة لنظام الحكم، في بعض الجامعات، وفق ما نقلته قنوات طلابية على تطبيق «تلغرام». وفي مقطع فيديو نُشر من تجمع احتجاجي في شارع ملاصدرا بطهران، يظهر محتجون يرددون شعار: «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران».

طهران تستعد للذكرى السادسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية يناير 2020 في بغداد (إ.ب.أ)

وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران بأن معظم المتاجر والمقاهي في العاصمة كانت مفتوحة كالمعتاد، صباح الثلاثاء، على امتداد جادة ولي عصر، التي تمتد لمسافة 18 كيلومتراً من شمال العاصمة إلى جنوبها، رغم استمرار الاحتجاجات في مناطق أخرى. وأضافت الوكالة أن شرطة مكافحة الشغب كانت تراقب الساحات الرئيسية في وسط المدينة، من دون الإشارة إلى مواجهات واسعة النطاق خلال ساعات النهار.

في المقابل، أظهرت صور ومقاطع فيديو من مناطق أخرى، من بينها ميدان شوش، استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين، إضافة إلى دخول قوات أمنية إلى بعض الأسواق وتهديد التجار بإعادة فتح محالهم.

إلى جانب طهران وأصفهان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع تجمعات احتجاجية في مدن أخرى، من بينها كرمانشاه، وشيراز، ويزد، وهمدان وأراك، فضلاً عن كرج وملارد وقشم خلال اليومين السابقين. وفي سياق امتداد التحركات إلى مدن أخرى، أظهرت الصور وجوداً كثيفاً لقوات الأمن ومكافحة الشغب في مشهد، ثاني كبريات المدن في البلاد، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وشبكات اجتماعية.

بالتزامن مع الاحتجاجات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن مدارس ومصارف ومؤسسات عامة ستغلق في طهران و19 محافظة أخرى، الأربعاء، بسبب موجة البرد ولتوفير الطاقة. وأوضحت السلطات أن هذا القرار لا يرتبط بالاحتجاجات، مشيرة إلى أن المراكز الطبية والإغاثية، والوحدات الأمنية، وفروع البنوك المناوبة، مستثناة من التعطيل.

حسب مصادر محلية، جاءت الاحتجاجات رداً على الغلاء المتزايد، والتضخم المرتفع، وتراجع القدرة المعيشية. وسجل الريال الإيراني، وفق سعر السوق السوداء غير الرسمي، مستوى قياسياً جديداً مقابل الدولار، الأحد، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1.4 مليون ريال، مقارنة بنحو 820 ألف ريال قبل عام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

إيرانية تمر من دار صرافة بينما تظهر أسعار العملة الثلاثاء (رويترز)

ورغم تسجيل تحسُّن طفيف في قيمة العملة، الاثنين، فإن تقلبات سعر الصرف المستمرة أدت إلى تضخم مرتفع وتقلبات حادة في الأسعار، حيث ترتفع بعض أسعار السلع من يوم لآخر.

انطلقت التحركات، الأحد الماضي، من أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، حيث أغلق تجار محالهم بشكل عفوي احتجاجاً على الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوسعت الاحتجاجات لتشمل مناطق أوسع من وسط العاصمة، حيث واصل التجار إغلاق محالهم ونظموا تجمعات محدودة، تعبيراً عن استيائهم من الانخفاض السريع لقيمة الريال تحت وطأة العقوبات الغربية.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن عدداً من التجار فضلوا تعليق أنشطتهم «لتجنب خسائر محتملة»، في وقت ترددت فيه شعارات احتجاجية داخل بعض الأسواق.

وفق مركز الإحصاء الإيراني الرسمي، بلغ معدل التضخم في ديسمبر (كانون الأول) نحو 52 في المائة على أساس سنوي. غير أن وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة «اعتماد»، أشارت إلى أن هذه النسبة لا تعكس بالكامل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «لم يدعمنا أي مسؤول أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا»، مضيفاً: «كان يجب أن نظهر استياءنا».

الحكومة وخيار الحوار

في وقت متأخر الاثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين. وقال بزشكيان، في منشور على منصة «إكس» نقلته وكالة «إرنا»: «طلبت من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها».

كما أشار إلى أن «معيشة الناس» تشكل هاجسه اليومي، مؤكداً أن الحكومة تضع «إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القوة الشرائية» على جدول أعمالها.

وقالت المتحدثة باسم ‌الحكومة، ⁠فاطمة ​مهاجراني، إنه ‌سيتم إطلاق آلية حوار تشمل إجراء محادثات مع قادة الاحتجاجات.

وحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، التقى بزشكيان، الثلاثاء، مسؤولين نقابيين، واقترح عدداً من الإجراءات الضريبية المؤقتة التي يفترض أن تساعد الشركات لمدة عام، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.

ولم تورد الوكالة تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه الإجراءات أو آلية تنفيذها.

وقالت مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن الحكومة «ستستمع بصبر حتى لو واجهت أصواتاً حادة». ونقلت «رويترز» قولها في هذا الصدد: «نتفهم الاحتجاجات... نسمع أصواتهم وندرك أن هذا نابع من الضغط الطبيعي الناجم عن الضغوط المعيشية على الناس». وأضافت أن الحكومة «تعترف بالاحتجاجات»، وتؤكد «حق التجمعات السلمية المعترف به في دستور الجمهورية الإسلامية».

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» من ثاني أيام احتجاجات البازار (أ.ب)

وكانت إيران قد شهدت خلال الأعوام الماضية احتجاجات واسعة لأسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها موجة 2022 التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني، وتعاملت معها السلطات بإجراءات أمنية مشددة.

وأشارت مهاجراني إلى أن الحكومة تعمل على «إعداد برنامج للظروف الطارئة»، موضحة أن اجتماعاً للفريق الاقتصادي عُقد لوضع برنامج لإدارة الوضع الاقتصادي على المدى القصير، ضمن إطار زمني يقارب 15 شهراً، بهدف تحقيق الاستقرار.

وكانت الحكومة قد أعلنت، الاثنين، استبدال حاكم البنك المركزي. وقال مهدي طباطبائي، مسؤول الإعلام في الرئاسة الإيرانية، في منشور على منصة «إكس»: «بقرار من الرئيس، سيتم تعيين عبد الناصر همتي حاكماً للبنك المركزي».

ويعود همتي إلى هذا المنصب بعد أن كان البرلمان قد عزله في مارس (آذار) الماضي من منصبه كوزير للاقتصاد، بسبب فشله في معالجة المشاكل الاقتصادية في ظل الانخفاض الحاد لقيمة الريال، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات متراكمة جراء عقود من العقوبات الغربية، التي ازدادت وطأتها بعد إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب انهيار الترتيبات المرتبطة بالاتفاق النووي. وحسب تقارير اقتصادية، ساهمت هذه العقوبات في تقييد التجارة الخارجية، والضغط على العملة الوطنية، ورفع معدلات التضخم.

تحذيرات البرلمان

في المقابل، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من مخاطر «استغلال التظاهرات لبث الفوضى والاضطرابات».

وأعلن قاليباف أن النواب عقدوا اجتماعاً مغلقاً لبحث التطورات الأخيرة، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مخرجات الجلسة.

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

وقال قاليباف، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن «الأعداء» يسعون إلى جر مطالب الناس إلى الفوضى، مضيفاً أن الشعب «سيمنع انحراف الاحتجاجات».

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا» إن تقلبات سوق العملة والذهب ترتبط أساساً بالأجواء السياسية وتصريحات قادة دوليين ومحليين، لا بتطورات اقتصادية فعلية، مؤكدة أن تصاعد الحديث عن الحرب أو صدور خبر واحد كفيل بدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وأضافت مقصودي: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعال نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة. إذا تحدث نتنياهو بكلمة واحدة، فترتفع الأسعار».

في الداخل، أفاد عدد من مستخدمي الهواتف المحمولة بتلقي رسائل نصية تحذيرية من جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني، تحذرهم من المشاركة في تجمعات وصفت بأنها «غير قانونية»، حسبما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.

ردود داخلية وخارجية

على الصعيد السياسي، أصدر حزب «نهضت آزادى (حركة الحرية)» رسالة مفتوحة انتقد فيها أداء الحكومة، معتبرة أن «تجاوز التحديات من دون إصلاح بنيوي لن يكون سوى وهم». وقالت الحركة إن سجل الحكومة خلال العام ونصف العام الماضيين «غير قابل للدفاع عنه إلى حد كبير، ولا ينسجم مع مطالب الشعب».

كما وصف مصطفى تاج زاده، السجين السياسي ونائب وزير الداخلية السابق، الاحتجاجات بأنها «حق» للمواطنين، معتبراً أن جذور الأزمة تعود إلى «البنية السياسية الحاكمة»، حسبما نقلت منصات إعلامية معارضة.

في الخارج، عبّر رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، عن دعمه العلني للاحتجاجات، معتبراً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيستمر «ما دام هذا النظام في السلطة». وفي رسالة نشرها على منصة «إكس»، دعا بهلوي مختلف فئات المجتمع إلى الانضمام للاحتجاجات، كما وجه نداءً إلى القوات الأمنية والعسكرية بعدم الوقوف في وجه المحتجين، لصالح «نظام في طور الانهيار».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابها الناطق بالفارسية على منصة «إكس»، دعمها لما وصفته بـ«صوت الشعب الإيراني»، معتبرة أن الاحتجاجات تعكس حالة السخط الواسع من «السياسات الفاشلة وسوء الإدارة الاقتصادية».

ودعت الوزارة السلطات الإيرانية إلى احترام الحقوق الأساسية للمواطنين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب. وفي منشورات لاحقة، نشرت الخارجية الأميركية مقاطع مصورة من مدن إيرانية عدة، مشددة على أن موقف واشنطن ينسجم مع دعمها المعلن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال مايك والتز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الشعب الإيراني يريد الحرية وقد عانى سنوات من حكم رجال الدين.

في إسرائيل، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على الاحتجاجات الجارية في إيران عبر رسالة مصوّرة نشرها على منصة «إكس»، قال فيها إن المتظاهرين الإيرانيين يستحقون «مستقبلاً أفضل» و«شرق أوسط أكثر استقراراً». واعتبر بينيت أن ما يجري يعكس، على حد تعبيره، فشل السياسات الاقتصادية والسياسية في طهران، موجهاً حديثه مباشرة إلى المحتجين.


إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
TT

إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

كشف ​الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الثلاثاء، أن قرار إسرائيل الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض ‌الصومال المعلَنة ‌من ‌جانب ⁠واحد ​خطوة ‌غير مشروعة وغير مقبولة، مضيفاً أنها تسعى إلى جرّ منطقة القرن الأفريقي إلى ⁠حالة من عدم ‌الاستقرار.

وفي مؤتمر صحافي ‍مع ‍نظيره الصومالي ‍حسن شيخ محمود في إسطنبول، قال إردوغان أيضاً إن ​تركيا تخطط لبدء عمليات تنقيب عن ⁠مصادر الطاقة في البحر قبالة سواحل الصومال عام 2026، بموجب اتفاقية ثنائية، مضيفاً أنها تعتزم إضافة سفينتيْ حفر جديدتين ‌إلى أسطولها.


صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
TT

صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)

نقلت صحيفة «هآرتس» عن الحكومة الإسرائيلية قولها، الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد» و«أوكسفام» بدعوى «صلتها بالإرهاب».

وقالت وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية في بيان نشرته الصحيفة إن الحكومة ستسحب تراخيص هذه المنظمات الإنسانية بسبب ما وصفتها بأنها «انتهاكات لمعايير الأمن والشفافية». وأضاف البيان: «التحريات الأمنية كشفت عن تورط موظفين ببعض المنظمات في أنشطة إرهابية... لا سيما منظمة (أطباء بلا حدود)».