الشرطة الإسرائيلية لمكافحة تهريب الأسلحة من العراق وسوريا وإيران

الأجهزة الأمنية تتحدث عن وصولها من الدول العربية المنكوبة بالتفكك

مجموعة من الأسلحة التي صودرت من المهربين (الشرطة الإسرائيلية)
مجموعة من الأسلحة التي صودرت من المهربين (الشرطة الإسرائيلية)
TT

الشرطة الإسرائيلية لمكافحة تهريب الأسلحة من العراق وسوريا وإيران

مجموعة من الأسلحة التي صودرت من المهربين (الشرطة الإسرائيلية)
مجموعة من الأسلحة التي صودرت من المهربين (الشرطة الإسرائيلية)

أعلن وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، إيتمار بن غفير، عن تشكيل وحدة جديدة في الشرطة، لمكافحة تهريب الأسلحة الذي يتم عبر الحدود ويصل إلى الضفة الغربية، وكذلك إلى عصابات الجريمة الإسرائيلية. وستباشر عملها في مطلع السنة القريبة.

وأوضح بن غفير أن هذا القرار جاء ضمن المداولات التي تمَّت في وزارته وفي قيادة الشرطة بمشاركة خبراء عديدين، وستعمل الوحدة في إطار لواء الشرطة الإسرائيلية بالضفة الغربية، مستخدمةً وسائل تكنولوجية حديثة متقدمة لمراقبة الحدود عموماً، ومع الأردن بشكل خاص. وستركز الجهود التي تبذلها قوات الجيش وحرس الحدود والمخابرات العامة، لمكافحة عمليات التهريب المتفاقمة وفرض السيادة الإسرائيلية على حدودها.

جنود اسرائيليون يراقبون الحدود مع الأردن (الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي)

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد أعلن عن اعتزام إسرائيل إقامة جدار فاصل على الحدود مع الأردن (483 كيلومتراً)، شبيه بالجدار القائم على الحدود مع مصر (245 كيلومتراً)، والجدار الذي يجري بناؤه على الحدود مع لبنان (81 كيلومتراً). والغرض الأساسي منه منع تهريب الأسلحة والعتاد والذخيرة.

طفرة في نوعية الأسلحة

واتهم غالانت، إيران، بالوقوف وراء تهريب الأسلحة، بهدف وصولها إلى تنظيمات مسلحة في الضفة الغربية، وذلك لفتح جبهة أخرى لإسرائيل داخل حدودها. وأضاف، خلال لقائه لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست (البرلمان)»، قبل أسبوعين، أن «هناك طفرة في نوعية الأسلحة المهربة وفي مستوى فتكها. وقد باتت تشكل خطورة كبيرة على أمن الدولة».

المعروف أن تهريب الأسلحة من الدول المجاورة عموماً ومن الأردن بشكل خاص، يشكل تحدياً مستمراً لإسرائيل؛ فمن جهة، تصل هذه الأسلحة إلى الضفة الغربية وتُستخدم لتنفيذ عمليات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، كما تصل إلى منظمات الجريمة التي تعمل ضد المواطنين العرب في إسرائيل، وبدأت تتسرب إلى المجتمع اليهودي أيضاً.

وقد كثف الجيش والشرطة الإسرائيلية والمخابرات الجهود لوقف محاولات التهريب، وتم الإعلان عن مئات العمليات التي جرى فيها إحباط عمليات الحدود مع الأردن، التي تُعدّ حدوداً مفتوحة إلى حد كبير، مع ثغرات في السياج، وحراسة محدودة، ما يجعلها قناة سهلة للتهريب على نطاق واسع.

مفرق الحدود الوسطى بين إسرائيل والأردن (أ.ف.ب)

وفي أبريل (نيسان)، اعتقلت السلطات الإسرائيلية عضو البرلمان الأردني، عماد العدوان، عند «معبر جسر اللنبي»، أثناء محاولته إدخال أكثر من 200 قطعة سلاح ناري إلى الضفة الغربية باستخدام جواز سفره الدبلوماسي. وأُعيد إلى وطنه بعد عدة أسابيع، حيث تجري محاكمته.

وفي شهر يوليو (تموز) الماضي، كشف الجيش الإسرائيلي أن قواته أحبطت محاولة استثنائية لتهريب أسلحة إلى إسرائيل من الأردن. ولم يسمح بنشر تفاصيل الحادث، بدعوى أنه «حدث استثنائي ولا يشبه محاولات التهريب السابقة والمتكررة على الحدود الأردنية».

سلاح كثير ومرتفع السعر

وبحسب مصادر في الشرطة، شهدت فترة السنتين الماضيتين (2021 - 2022)، ارتفاعاً كبيراً في تهريب الأسلحة من الأردن إلى إسرائيل والضفة الغربية، ما ساهم في تأجيج عدم الاستقرار وازدياد العمليات المسلحة. وقد أحبطت الشرطة الإسرائيلية ما لا يقل عن 35 محاولة تهريب من الأردن خلال هذه الفترة، وصادرت أكثر من 800 قطعة سلاح.

وفي عام 2022 وحده، ارتفع عدد الأسلحة المصادرة إلى نحو 570 قطعة. ولا تشمل هذه الأرقام 20 عملية تهريب أحبطتها السلطات الأردنية. وتضيف المصادر أن قسماً كبيراً من هذه الأسلحة يذهب إلى تجار متخصصين يحققون أرباحاً خيالية؛ فإذا كان ثمن المسدس يبلغ نحو 2000 دولار في سوق الأسلحة المتخمة في الأردن، فإنه يباع بـ5000 دولار في الضفة الغربية. وفي أوقات القحط يرتفع إلى 10 و12 ألف دولار. وبندقية «إم 16» التي تُباع بمبلغ 10 آلاف دولار في الأردن تُباع في الضفة الغربية بـ20 ألف دولار، وفي إسرائيل بـ30 ألف دولار.

صورة متداولة في مواقع التواصل لتحقيق الشرطة الإسرائيلية باغتيالات في عالم الجريمة 2023

يُذكر أن عصابات الجريمة وتجار الأسلحة في إسرائيل لا يعتمدون فقط على تهريب الأسلحة من الخارج، بل إن مصدر الغالبية الساحقة من الأسلحة المنتشرة فيها هو معسكرات ومخازن الأسلحة التابعة للجيش الإسرائيلي.

لكن أجهزة الأمن الإسرائيلية تُبرِز موضوع تهريب الأسلحة من الخارج، وتشير إلى أن هذه الأسلحة تصل من الدول العربية المنكوبة بالتفكك، مثل العراق وسوريا وليبيا ولبنان، وتستخدم لذلك الحدود مع الأردن بوصفها الأسهل.


مقالات ذات صلة

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات عملاقة تقترب من دخول المرفأ في شينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ب)

فائض تجاري صيني قياسي يلامس 100 مليار دولار

بلغ الفائض التجاري للصين 99.05 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، وهو أعلى مستوى في السجلات التي تعود إلى عام 1981.

«الشرق الأوسط» (بكين)

تقرير: فشل مخطط الجيش الإسرائيلي في إغراق أنفاق «حماس»

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: فشل مخطط الجيش الإسرائيلي في إغراق أنفاق «حماس»

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)
مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)

تبنت إسرائيل خطة قديمة وغير ملائمة، وتجاهلت النصائح المهنية والخطر المحتمل على المختطفين، وانتهت بهدوء بعد بضعة أشهر دون تحقيق أي نتائج ملموسة.

سلطت صحيفة «هآرتس» الضوء على مشروع «أتلانتس» والفشل العسكري المتوقع الذي لم يتم إيقافه حتى فوات الأوان. كان من المفترض أن تكون الخطة مبتكرة، حلاً جديداً وسريعاً نسبياً وقاتلاً لإحدى أكثر الجبهات تعقيداً في قطاع غزة.

أو كما وصفها الجيش الإسرائيلي: «اختراق هندسي وتكنولوجي كبير للتعامل مع التحدي تحت الأرض»، خلف كل هذه الأوصاف كان مشروع «أتلانتس»، نظاماً كان من المفترض أن يدمر أنفاق «حماس»، ويقتل كبار المسؤولين في الحركة عن طريق ضخ مياه البحر بكثافة عالية.

مقاتل من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» في نفق بغزة (أ.ف.ب)

بدء التنفيذ دون تحضير كافٍ

ولكن بعد نحو نصف عام من الكشف عن هذا النظام للشعب، تبين أن مشروع «أتلانتس» فشل؛ لم يعد قيد الاستخدام، ولا يستطيع أحد في الجيش أن يقول ما إذا كان هناك أي فائدة من هذا المشروع المكلف.

يكشف تحقيق «هآرتس»، استناداً إلى محادثات مع سلسلة من المصادر المختلفة التي شاركت بشكل وثيق في تطوير وتشغيل النظام، بالإضافة إلى وثائق ومحاضر مناقشات مغلقة شارك فيها ضباط كبار ومحترفون، عدداً كبيراً من الأخطاء في كيفية التعامل معه من قبل الجيش، ويقدم لمحة عن فشل متوقع.

تجاهل النصائح المهنية والمخاطر

تبين أن النظام بدأ يعمل حتى قبل الحصول على الآراء اللازمة التي طلبها الجيش، وأنه وراء النشاط المتسارع كان هناك قدر كبير من الضغط المفروض من الأعلى، من قائد القيادة الجنوبية، اللواء يارون فينكلمان؛ وأنه تم تشغيله مع احتمال تعريض حياة الإسرائيليين الذين كانوا أحياءً عند اختطافهم إلى القطاع.

قال مصدر دفاعي شارك بعمق في مشروع «أتلانتس»: «تم تشغيل النظام في نفق مركزي واحد على الأقل لـ(حماس)، كان يُستخدم بوضوح من قبل التنظيم خلال مراحل مختلفة من الحرب».

وأضاف: «ومن المحتمل جداً أن هناك رهائن كانوا هناك بوصفهم دروعاً بشرية».

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي لأحد أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ضغوط وقرارات متسرعة

السؤال عن كيف تحول مشروع وصفته قوات الدفاع الإسرائيلية بأنه كسر التعادل إلى فشل متزايد لديه إجابة معقدة.

وفق التقرير، أحد الأسباب الرئيسية هو الخلفية. خلال الأيام الأولى من الحرب، قال مصدر دفاعي: «الإنجازات على الأرض ضد مسؤولي (حماس) كانت غير ذات أهمية، معظم قوات (حماس)، خصوصاً الجناح العسكري، دخلت الأنفاق وهذا خلق ضغطاً على القيادة العليا للجيش الإسرائيلي».

لهذا السبب، قال مصدر آخر تحدث إلى الصحيفة: «طلب فينكلمان حلولاً؛ طرق لضرب نشطاء (حماس) في الأنفاق... وكان هناك إحباط لأن القوات لم تكن تعتقد حقاً أننا سنبدأ في دخول كل الأنفاق... بدأوا أيضاً في إدراك أبعاد الأنفاق التي لم يكن المخابرات العسكرية تعلم عنها».

انطلاق المشروع دون تجهيزات كافية

في ذلك الوقت، كان الجيش الإسرائيلي لا يزال يتعلم عن الأنفاق التي واجهها في القطاع ونطاقها - مئات الكيلومترات، ووجد الجيش نفسه على الأرض يدرك أن «حماس» كانت تحت الأرض، ولم يكن لديه حل لإخراجهم من هناك.

وكانت الفكرة في الواقع إحياء خطة طوارئ كانت قد اقترحتها القوات البرية قبل سنوات من تولي فينكلمان منصبه، في ذلك الوقت كان الغرض منها التعامل مع نوع مختلف من الأنفاق، كانت فرص نجاحها في التعامل مع الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي في القطاع بدءاً من 7 أكتوبر (تشرين الأول) منخفضة. ولكن وفقاً لمصادر دفاعية تحدثت إلى «هآرتس»، أعطى فينكلمان الضوء الأخضر لأخذ الخطة القديمة وتكييفها مع الوضع الجديد.

عمليات إغراق الأنفاق دون تقييم

حصلت الخطة على التصاريح اللازمة (تتطلب عملية من هذا النوع موافقة رئيس الأركان والمستشار القانوني العسكري، من بين آخرين)، توجه الجيش الإسرائيلي إلى سلطة المياه الإسرائيلية طلباً للمساعدة، وسارعت السلطة إلى التعبئة للمهمة، وشكلت مجموعتين من الخبراء المدنيين في مجالات عدة، وُضعت مجموعة واحدة مسؤولة عن ضخ المياه في الأنفاق، وطُلب من المجموعة الثانية دراسة موضوع فقدان المياه عبر جدران النفق، بدأت كلتا المجموعتين العمل.

ولكن الجيش الإسرائيلي لم ينتظر النتائج، وفي هذه المرحلة بدأ بالفعل في المرحلة التالية، جرى اختيار فرقة 162 من القيادة الجنوبية كمقاول العملية، وجرى تكليف مقاتلي الكوماندوز البحريين من وحدة شايطيت 13 بأعمال البنية التحتية، والتي تحولت لبضعة أسابيع إلى وحدة أنابيب.

قال أحد القادة الذين شاركوا في المشروع: «خصصوا جنود القتال لأعمال السباكة وحراسة الأنابيب في جميع أنحاء القطاع، دون أن يكون لديهم أية فكرة عما إذا كان المشروع له أي جدوى عملياتية».

وأضاف: «لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان النظام يعمل، ماذا حدث في الأنفاق، ما هو وضع الإرهابيين في الداخل وما إذا كان هناك رهائن قد تضرروا نتيجة المياه. حتى هذه اللحظة لا يزال غير واضح ما هو الضرر الذي تسببت به الأنفاق، إن وجد. ببساطة لا يعرفون أي شيء».

ووفقاً لوثيقة أصدرتها الخبراء حول الموضوع، بعد نحو 3 أسابيع من بدء تشغيل «أتلانتس»: «لم يتم تفعيل العملية وفقاً لتوصيات المهنيين، ولم يتم الضخ وفقاً لنظرية القتال التي جرى تطويرها، لم يجرِ جمع النتائج ولم يجرِ أخذ القياسات الموصوفة... غضب الخبراء لأن خلال الفترة كلها كان هناك انفصال بين المصادر في الميدان والوحدة المرافقة من جهة والخبراء الذين خططوا طريقة العملية من جهة أخرى».

جنود إسرائيليون داخل أحد الأنفاق في قطاع غزة (أ.ف.ب)

يقول المهنيون: «في الواقع، كان الجيش الإسرائيلي يفتقر إلى المعلومات والبيانات المطلوبة عن الأنفاق، ولا كيفية إغراقها بطريقة تلحق الأذى بالداخل أو تجعلهم يهربون إلى السطح».

وخلال المشروع، أتيحت للمحققين من سلطة المياه فرصة الاطلاع على دراسة أعدها ناشط في «حماس»، خدم في نظام الأنفاق خلال العشر سنوات الماضية، وصف كيف تم بناؤها والمنطق وراءها، إلى جانب تصريحه بأن الأنفاق أصبحت النظام الرئيسي الذي أعدته المنظمة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل (كنا نعلم أن الجيش الإسرائيلي سيدخل القطاع).

تحليل «هآرتس» لمشروع «أتلانتس»، كشف عن إخفاقات عديدة في التخطيط والتنفيذ، حيث لم يتم أخذ النصائح المهنية بعين الاعتبار، وتم تجاهل المخاطر المحتملة على المختطفين.