التباين التركي - الأميركي يدفع بقضية «إف - 16» إلى الواجهة

السجن المؤبد لكافالا يشعل التراشق بين الحكومة والمعارضة

مقاتلة «إف - 16» (أ.ف.ب)
مقاتلة «إف - 16» (أ.ف.ب)
TT

التباين التركي - الأميركي يدفع بقضية «إف - 16» إلى الواجهة

مقاتلة «إف - 16» (أ.ف.ب)
مقاتلة «إف - 16» (أ.ف.ب)

قفز ملف بيع الولايات المتحدة مقاتلات «إف - 16» لتركيا إلى الواجهة من جديد، بعد تأكيد الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بن كاردين، أن بيع الطائرات لتركيا سيكون مرتبطاً بعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعوامل أخرى.

وتحدث السيناتور كاردين عن بيع مقاتلات «إف - 16» لتركيا، قائلاً: «إنه إلى جانب قبول تركيا عضوية السويد في الناتو، هناك عوامل أخرى ستكون فعالة أيضاً». وأشار كاردين، في تصريحات، الخميس، بعد يوم واحد من توليه رئاسة اللجنة، إلى مناقشة هذه القضية مع تركيا في اجتماع سفراء «الناتو» الأربعاء الماضي، متحدثاً عن أن تركيا قالت إن هذه القضية سيتم حلها في النصف الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأضاف: «إذا كان هذا صحيحاً، فعلى الأقل تم حل مشكلة الناتو، ولكن هناك قضايا أخرى بالإضافة إلى مجرد الانضمام إلى الناتو، التي يجب أن تكون جزءاً من مناقشاتنا ونحن نمضي قدماً».

الرئيس رجب طيب إردوغان في أنقرة الجمعة (أ.ف.ب)

وكانت تركيا طلبت في أكتوبر 2021، 20 طائرة و80 من معدات التطوير لمقاتلاتها القديمة من الطراز ذاته. وتعرقلت الصفقة لكثير من الأسباب، بينها سجل الحكومة التركية في مجال حقوق الإنسان وعمليات تحليق الطيران الحربي التركي فوق المجال الجوي لليونان.

بدوره، أكد السيناتور الجمهوري جيم ريش، أنه «إذا تصرفت تركيا كحليف مسؤول في الناتو، أتوقع أن تكون طريق طائرات (إف - 16) مفتوحة». ورفضت تركيا، لأشهر، التصديق على طلب السويد الانضمام إلى «الناتو» بذريعة عدم اتخاذها إجراءات ضد أشخاص تعدّهم إرهابيين، معظمهم من أعضاء حزب «العمال الكردستاني».

وأعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الضوء الأخضر للمصادقة على طلب السويد خلال القمة الأخيرة لـ«الناتو» في يوليو (تموز) الماضي، لكنه رهنها بمناقشة البرلمان للطلب عند العودة من عطلته الصيفية في أكتوبر المقبل. ورد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الجمعة، على الكلام الأميركي قائلاً: «يقولون إن الأمر يتعلق بقولك نعم للسويد، لذلك نقول إنهما أمران لا علاقة لهما ببعضهما، وليس من الصواب الربط بين هذه القضية وعضوية السويد في الناتو، تواصلنا وتنسيقنا مستمران، وآمل في أن تكون هناك تطورات إيجابية وملموسة في الفترة المقبلة».

رجل الأعمال عثمان كافالا (أ.ف.ب)

وأكد إردوغان مراراً أن مصادقة برلمان بلاده على عضوية السويد في «الناتو» متعلق بالتزامها والغرب بوعودهما لأنقرة.

وبحث وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع الأمين العام لـ«الناتو»، ينس ستولتنبرغ، في اتصال هاتفي الجمعة، مسألة توسيع الحلف، وذلك بعدما بحث مسألة انضمام السويد مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي.

وأكدت تركيا، مراراً أنها لا تعارض توسيع الحلف، لكنها تطالب بضمانات من الدول الراغبة في الانضمام إليه بشأن وقف نشاط التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً على أمنها.

قضية كافالا

من ناحية أخرى، أثار تأييد محكمة الاستئناف العليا التركية حكماً بالسجن مدى الحياة صدر في أبريل (نيسان) الماضي بحق الناشط المدني رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، لإدانته بـ«محاولة الإطاحة بالحكومة» عبر احتجاجات متنزه «جيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، تجاذباً شديداً بين الحكومة والمعارضة.

وعاقب القضاء التركي كافالا، المولود في باريس والبالغ من العمر 65 عاماً، في أبريل العام الماضي، بالسجن المؤبد المشدد مع عدم إمكان استفادته من أي عفو، بعد إدانته بالسعي لإسقاط الحكومة أو تعطيل عملها عبر تمويل الاحتجاجات الشعبية في جيزي 2013، والتي بدأت اعتراضاً على اقتطاع مساحة من حديقة أتاتورك التاريخية في ميدان تقسيم في إسطنبول لصالح خطة لتطويره، سرعان ما توسعت إلى مناطق أخرى في أنحاء البلاد بسبب قمعها من جانب الحكومة، وعدّها إردوغان، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، محاولة للانقلاب على حكمه.

وزير العدل التركي يلماز تونتش (منصة «إكس»)

وأيدت محكمة الاستئناف العليا الحكم ضد كافالا، إلى جانب الحكم بالسجن 18 عاماً في حق 4 آخرين، بينهم جان أطالاي، الذي تم انتخابه نائباً بالبرلمان عن حزب العمال في مايو (أيار) الماضي، على خلفية تقديم المساعدة لمحاولة الإطاحة بالحكومة. وأسقطت المحكمة تهماً عن 3 متهمين آخرين، بينهم اثنان يقبعان بالفعل داخل السجن، ومن المتوقع إطلاق سراحهما.

وأثارت قضية كافالا خلافات شديدة بين تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ ينظر الغرب إليها على أنها «مسيسة». وعلق رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، واصفاً الحكم بـ«العار الكبير»، منتقداً القضاء الذي شارك في إظهار «نضال جيزي» من أجل الديمقراطية على أنه «جريمة» من خلال الأحكام التي أصدرها بموجب التعليمات الصادرة إليه.

ورداً على كليتشدار أوغلو، قال وزير العدل يلماز تونتش: «ما معنى أنه لا يمكن محاكمة جيزي؟ تشعلون النار في الشوارع، وتتسببون في مقتل العشرات، ثم تقولون إن من كانوا في جيزي أبرياء... لقد رأت هذه الأمة ما كانت عليه جيزي».



تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
TT

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وصدامات بين الشرطة ومحتجين، على خلفية عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيَّيْن بدلاً منهما.

وقالت وزارة الداخلية التركية إنه تم وقف رئيسَيْ بلدية تونجلي، جودت كوناك، المنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، وبلدية أوفاجيك، التابعة لها، مصطفى صاريغول، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بعدما حُكم عليهما بالحبس بسبب عضويتهما في منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

وأصدر والي تونجلي قراراً بحظر التجمعات في المناطق المفتوحة والمسيرات وإلقاء البيانات الصحافية في المدينة لمدة 10 أيام اعتباراً من الجمعة، وصدر قرار مماثل من والي إلازيع المجاورة بالحظر لمدة 7 أيام اعتباراً من السبت.

إدانة بالإرهاب وعزل

وحكم على رئيسي البلديتين، الخميس، بالحبس لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما بتهمة الإرهاب والانتماء إلى حزب العمال الكردستاني. وتم فرض حظر السفر الدولي عليهما؛ حيث طلب اعتقالهما في القضية المنظورة بالمحكمة الجنائية في تونجلي منذ عام 2022.

رئيس بلدية تونجلي المعزول جودت كوناك (إكس)

وأفادت وزارة الداخلية التركية، في بيان، ليل الجمعة - السبت، بأنه تم تعيين والي تونجلي، بولنت تكبيك أوغلو، ليحل محل كوناك، وحاكم منطقة أوفاجيك، حسين شامل سوزين، ليحل محل صاريغول، الذي انتُخِب لرئاسة البلدية للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

رئيس بلدية أوفاجيك التابعة لتونجلي المعزول مصطفى صاريغول (إكس)

وكانت ممارسة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم تقتصر، في العقد الماضي، على الأحزاب المؤيدة للأكراد، التي تتهمها السلطات بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1948.

والجديد أن ممارسة العزل وتعيين الأوصياء امتدت إلى رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعب الجمهوري، بعد اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان للحزب بـ«السير مع الإرهابيين».

ومع عزل كوناك وصاريغول، يرتفع عدد البلديات التي تم تعيين أوصياء عليها، منذ الانتخابات المحلية في مارس، إلى 7 بلديات. وكان أول من تم عزلهم رئيس بلدية هكاري محمد صديق كوشو، من الحزب الكردي، في 3 يونيو (حزيران)، قبل أن يتم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، وإقالة رؤساء بلديات ماردين، أحمد تورك، وبطمان، غولستان شونوك، وهالفيتي، محمد كارايلان.

ممارسة متكررة

وتسبب اعتقال وعزل رؤساء 4 بلديات، خلال الشهرين الحالي والماضي، في احتجاجات واسعة بتركيا وإدانات من مجلس أوروبا ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

احتجاجات على عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم (موقع حزب الشعب الجمهوري المعارض)

وعقب إعلان عزل كوناك وصاريغول، تجمع المواطنون حول مقر بلدية تونجلي احتجاجاً على تعيين وصيّ عليها، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت طوقاً حولها لمنعهم من اقتحامها، ووقعت صدامات بين الجانبين، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضرم محتجون غاضبون النار في الشوارع، وتحولت المنطقة المحيطة بالبلدية إلى ما يشبه ساحة معركة.

المعارضة تتحدى الحظر

وقررت أحزاب المعارضة تحدي قرار الحظر، وتوافد رؤساء حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وفروعه، ونوابه في البرلمان، على تونجلي، لتنظيم مسيرة إلى البلدية، وشكل حزب الشعب الجمهوري وفداً من نوابه للبرلمان للمشاركة في المسيرة.

ووصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، عبر حسابه في «إكس»، قرار عزل رئيسَي البلديتين بأنه «سرقة للإرادة الوطنية بشكل فاضح»، لافتاً إلى أن جنازة حضرها رئيس بلدية أوفاجيك، مصطفى صاريغول، عام 2012، أصبحت موضوعاً لدعوى قضائية في عام 2022، واعتُبِرت جريمة في عام 2024.

وأعلن أوزال في تغريدة لاحقة أنه ستتم دعوة 414 رئيس بلدية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري الرئيسي بأنقرة، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لإعلان مواجهة الوصاية وهجمات الحكومة على بلديات المعارضة الواحدة تلو الأخرى.

متظاهرون يحاولون اقتحام حاجز للشرطة حول بلدية تونجلي (إكس)

وقال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، في بيان، إن «الحكومة تقضي على إرادة الشعب خطوة بخطوة، وإن الانقلاب الذي تنفذه، عبر سياسة الوصي، لن يخيف حزبنا أو يثني الناس عن خياراتهم السياسية».

شجار مع وزير الداخلية

كان وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، كشف، خلال مناقشة موازنة وزارته في البرلمان الخميس، أنه تم منح 176 إذناً بالتحقيق، من أصل 1701 شكوى مقدمة بشأن البلديات، منها 59 من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، و58 من حزب الشعب الجمهوري، و21 من حزب الحركة القومية، و7 من حزب الجيد، و10 من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب. وأكد أنه «لن يتم السماح بأن تتحول البلديات إلى خدمة الإرهاب بدلاً من خدمة الشعب».

نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء منعه من دخول قاعة اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (إعلام تركي)

واندلع شجار بين نواب حزب الشعب الجمهوري، الذين أرادوا الاحتجاج على تعيين أوصياء على 4 بلديات، خصوصاً بلدية إسنيورت، ونواب حزب العدالة والتنمية، أثناء دخول الوزير يرلي كايا إلى غرفة اجتماع اللجنة.

وقال نواب حزب الشعب الجمهوري إنهم لم يكونوا بصدد منعه نهائياً من دخول قاعة الاجتماع، وإنما أرادوا أن يجرِّب الوزير شعور عدم القدرة على دخول مؤسسة عامة، ولو لفترة قصيرة، في إشارة إلى منع الوصي على بلدية إسنيورت نواب الحزب وأعضاء مجلسها من دخول مبناها.