للمرة الأولى في تاريخها، تقدم المحامي العربي أمير بدران، بالترشح لمنصب رئيس بلدية تل أبيب-يافا، وذلك على رأس قائمة مرشحين تضم يهوداً وعرباً.
وقال بدران، إنه فخور بهذه الخطوة، وإنه على الرغم من معرفته بأن انتخابه شبه مستحيل «لأن العنصرية ما زالت مهيمنة»، إلا أنه أقدم عليها ليفرض على المعركة الانتخابية نقاشاً في القضايا الحقيقية العميقة.
أضاف: «حان الوقت لمرشح عربي بأن يتولى رئاسة البلدية، ليشكل بديلاً حقيقياً عن المرشحين الآخرين. أنا سأحارب عدم المساواة والتمييز والإضرار بالقطاعات الأضعف في المدينة. وأواصل النضال من أجل يافا وجنوب المدينة، في إطار إحنا البلد يافا-تل أبيب».
وبدران في الأربعين من العمر. انتخب عضواً في البلدية قبل 15 سنة، في إطار قائمة لـ«الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة». وانضمت كتلته إلى الائتلاف البلدي برئاسة رون خلدائي، بعد أن عرض عليها تعاوناً مشتركاً لتحسين أوضاع المواطنين العرب الذين يسكنون بغالبيتهم في يافا. ولكنه انسحب من الائتلاف في سنة 2020، احتجاجاً على مواقف رئيس البلدية الأخيرة، التي وصلت ذروتها عند نبش وتجريف مقبرة الإسعاف الإسلامية، والتي يعود تاريخها للعهد العثماني.
وقال بدران: «إن تصميم خلدائي على نبش وتجريف المقبرة هو بمثابة جريمة بحق الإنسانية عامة، والمسلمين خاصة، وبالتحديد يافا وأبنائها. وهو جزء من سياسة محو معالم يافا العربية. وأنا أفضل أن أناضل من أجل قضايا مجتمعنا من خلال وجودنا بالمعارضة طالما أن سياسة بلدية تل أبيب يافا تعمل ضد مصالح وطموحات شعبي وأبناء بلدي».
وأوضح بدران أنه يقيم هذا التحالف مع القوى اليهودية والعربية التي تؤمن بالعيش المشترك على أساس الندية وعدم المساس بعروبة يافا، المدينة الفلسطينية العريقة. وتضم القائمة كلاً من «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» وحركتي «المدينة الخضراء» و«المدينة المميزة» وعضو البلدية الحالية شولا كيشيت.
المعروف أن يافا بلدة عريقة أقيمت قبل أكثر من 3 آلاف سنة. في سنة 1948، شهدت معارك عنيفة مع تل أبيب، البلدة اليهودية التي أقيمت إلى جانبها منذ مطلع القرن. وقد وقعت في أيدي المنظمات الصهيونية المسلحة خلال فترة قصيرة نسبياً، إذ كانت محاطة بتجمعات يهودية كبيرة. وفي 13 مايو (أيار) 1948؛ يوم واحد قبل مغادرة البريطانيين البلاد والإعلان عن دولة إسرائيل في تل أبيب وقع زعماء يافا على اتفاقية استسلام مع منظمة «الهاجاناه» التي احتلت المدينة. وهجر معظم السكان العرب الفلسطينيين المدينة عن طريق البحر خارجين من ميناء يافا، ومن 70 ألف فلسطيني لم يبق سوى 4400 نسمة.
وفرضت السلطات الإسرائيلية الجديدة الحكم العسكري على يافا، وحظرت الدخول إليها أو الخروج منها إلا بتصريح خاص من الحاكم العسكري. ولكن في بداية 1949 انتهى الحكم العسكري، وبدأ إسكان مهاجرين يهود في المدينة. وفي 1950 تم إلحاقها بمدينة تل أبيب، لتدير شؤون المدينة بلدية مشتركة للمدينتين. إلا أن هذه الشراكة بدت صورية، وبقيت مدينة يافا مهملة وتعاني الفقر والضائقة.
ومنذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو في عام 2009، يتعرض العرب في يافا إلى خطر الطرد من المدينة، وبدأت تظهر مشروعات هدم للبيوت القديمة وبناء فيلات للأغنياء والفنانين. ووصلت للسكن فيها مجموعة من المتطرفين اليهود. ويعيش في المدينة اليوم حوالي 450 ألف نسمة، منهم 50 ألف عربي.
بالمقابل، تجند المواطنون العرب من فلسطينيي 48 لمعركة طويلة للبقاء أولاً، ثم الحفاظ على الطابع العربي للمدينة، التي كانت يوماً واحدة من أهم مدن البحر المتوسط ولها ميناء من أكبر الموانئ عليه، وتعد مدينة صناعية وعاصمة للثقافة العربية.