كما في كل موسم للأعياد اليهودية، وفي ظل توسيع دعوات المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى، وأداء الصلوات اليهودية داخله، باشرت المخابرات الإسرائيلية والشرطة موجةً جديدةً من إصدار أوامر الإبعاد عنه للفلسطينيين الذين تعدهم «خطراً على الأمن».
ورصد «مركز معلومات وادي حلوة - القدس»، إصدار 900 أمر إبعاد عن المسجد الأقصى منذ بداية العام الجاري حتى نهاية أغسطس (آب) الماضي، قسم كبير منهم من سكان القدس في الأحياء الواقعة خارج الأسوار الذين مُنعوا حتى من دخول الأسوار.
وحسب تقرير المركز، فإن هذه الأوامر صدرت لفترات تتفاوت بين 3 أيام حتى 6 أشهر، وشملت فتية وشبانا وصبايا ونساء. وأكد المركز أن قرارات الإبعاد تزداد خلال فترات الأعياد اليهودية، لافتاً إلى أن شهر أبريل (نيسان) الماضي، سجل أعلى نسبة من «قرارات الإبعاد»، حين اقتحمت القوات الإسرائيلية «الأقصى» في إحدى ليالي شهر رمضان واعتقلت من في داخله كافة، معتكفين ومرابطين.
وأوضح المركز أن هذا الأسبوع شهد إصدار أوامر إبعاد بحق 18 فلسطينياً، بينهم عايدة الصيداوي (62 عاماً)، التي تقطن في بيت ملاصق لبوابات «الأقصى»، وأربعة فتية هم من تلاميذ مدرسة تابعة للمسجد.
واعتادت المخابرات الإسرائيلية استدعاء كل من تزعم أن «ارتباطه بالأقصى يشكّل خطراً على الأمن»، وتقوم بالتحقيق معه، والذي لا يخلو من استفزازات وإهانات وحتى اعتداءات. ثم تسلمه قرار الإبعاد... على سبيل المثال، قام المحقق الإسرائيلي بالصراخ على عايدة الصيداوي واتهمها بالعنصرية لأنها تعارض أن يصلي اليهودي في الأقصى. فأجابته: «نحن نرحب بكل من يزور الأقصى كسائح أو زائر من أي ديانة كانت. لكن أن تأتوا وتصلوا صلوات لديانة أخرى، وتزعموا أن الأقصى بُني على أنقاض هيكلكم، وتريدوا هدمه وبناء الهيكل مكانه، فهذا لا يُسمَح به، وسنتمسك بحقنا في الأقصى، كمسجد إسلامي، وندافع عنه بأي ثمن، حتى آخر قطرة دم».
من جهته، حذَّر وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية فادي الهدمي، من مغبّة سياسة الإبعاد «التي تمس الحق السامي للعبادة»، ورأى ازدياد هذه الأوامر «جزءاً من سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه مدينة القدس الشرقية المحتلة، التي تشهد تصعيداً استيطانياً إسرائيلياً وتهويدياً كبيراً، عشية انتخابات بلدية الاحتلال، التي ستجري في نهاية الشهر القادم».
وأضاف الهدمي، خلال لقائه مع ممثل أستراليا لدى فلسطين السفير إدوارد راسل، (مقره الرسمي في حي الرام)، الثلاثاء، إن «المرشحين لانتخابات بلدية الاحتلال يستخدمون الاستيطان وقوداً لدعاياتهم الانتخابية». وأشار إلى أن «بلدية الاحتلال أقرت إقامة 3500 وحدة استيطانية في إطار مستوطنة جديدة تشمل أيضاً 1300 غرفة فندقية جنوب القدس، وقررت إقامة مستوطنة جديدة تضم 384 وحدة استيطانية على أراضي أبو ديس والشياح ورأس العمود، وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الأخرى في الكثير من المستوطنات داخل مدينة القدس». ودعا الهدمي إلى «سرعة التحرك الدولي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تدمِّر فرص حل الدولتين فقط، وإنما هي أيضاً انتهاك للقانون الدولي الإنساني».
وتعد فترة الأعياد اليهودية موسماً لتصعيد الاستفزازات الاستيطانية بشكل عام، علماً بأنها هذه السنة ستكون طويلة جداً، وتبدأ برأس السنة العبرية منتصف الشهر الجاري، ثم عيد «الغفران»، يليه عيد «العرش»، وينتهي الموسم في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) القادم.
وبدأت منظمات ومؤسسات اليمين الدينية والسياسية المتطرفة بتوزيع الدعوات لتنفيذ اقتحامات للأقصى خلال فترة الأعياد القادمة، والعمل على نفخ البوق في الأقصى في «رأس السنة العبرية»، ومحاولة تقديم محاكاة طقوس «قربان الغفران» وتقديم القرابين النباتية في المسجد.
وخلال ليل الاثنين - الثلاثاء، نظم المستوطنون، مسيرةً على أبواب «المسجد الأقصى» من الجهة الخارجية. وأغلقت الشرطة بعض الطرقات في القدس، ووضعت السواتر الحديدية في محيط مسار المسيرة لمنع الفلسطينيين من الوصول إليها، كما عرقلت الحركة خلال مسيرة، فيما تعالت أصوات التكبير من المصلين فور خروجهم من «الأقصى»، ومشاهدتهم إغلاق الطرقات.
وفي صبيحة الثلاثاء، استولى مستوطنون، على منزل يعود لعائلة إدريس الفلسطينية في حي القرمي بالبلدة القديمة من القدس، تحت حماية قوات الشرطة. وفوجئ السكان القاطنون في الحي بأصوات المستوطنين وهم يقتحمون ويقومون بتغيير الأبواب ووضع حمايات حديدية على النوافذ وسطح المنزل.
وأبلغ السكان عائلة إدريس باقتحام المستوطنين منزلهم، فحضروا إلى المكان وجرت بينهم وبين المستوطنين وقوات الشرطة مشادات كلامية. وأكد محمد صالح محمد إدريس، أن المنزل يعود للعائلة منذ عام 1979، ولديه الأوراق الثبوتية بملكية المنزل الذي تعيش فيه حالياً والدته وشقيقته. وأوضح أن المستوطنين استغلوا رقود والدته في المستشفى للعلاج منذ نحو 10 أيام، فاقتحم العشرات منهم المنزل، مشيراً إلى الشرطة الإسرائيلية طلبت منه تقديم شكوى لإثبات ملكية المنزل، وقامت حالياً بإخراج المستوطنين من المنزل.