هل تدفع سياسة نتنياهو إلى وقف المعونة الأميركية لإسرائيل؟

محلل استخباراتي يقر بتزايد صعوبة الدفاع عن سياسات تل أبيب في واشنطن

رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو مع نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن يتحدثان في دافوس في سويسرا في 21 يناير 2016 (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو مع نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن يتحدثان في دافوس في سويسرا في 21 يناير 2016 (أرشيفية - أ.ب)
TT

هل تدفع سياسة نتنياهو إلى وقف المعونة الأميركية لإسرائيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو مع نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن يتحدثان في دافوس في سويسرا في 21 يناير 2016 (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو مع نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن يتحدثان في دافوس في سويسرا في 21 يناير 2016 (أرشيفية - أ.ب)

تسللت في الآونة الأخيرة أفكار جديدة بشأن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وهي أفكار كان نادراً ما يتم التعبير عنها صراحة قبل سنوات قليلة. هذا التطور يرتبط بالسياسات الأميركية أكثر مما يرتبط بالقضايا المسيطرة على وسائل الإعلام في إسرائيل حالياً.

وهناك فكرة معينة واحدة بدأت تسيطر على الخطاب العام وهي أنه يجب وقف المعونة الأميركية غير المشروطة التي تحصل عليها إسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار سنوياً. وطرح الكاتب الأميركي نيكولاس كريستوف هذا الموضوع مؤخراً في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز»، مستشهداً بمواقف مفكرين محترمين لهم سجل قوي في صداقة إسرائيل، وبينهم السفيران الأميركيان السابقان لدى إسرائيل دانيال كيرتز ومارتن إنديك. وهناك آخرون لهم نفس الموقف والخلفية، مثل ماكس بوت الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست» يتحدثون عن الفكرة نفسها.

لكن لماذا حدث هذا التغيير في المناقشات العامة بواشنطن الآن؟ يقول المحلل الاستخباراتي الأميركي السابق بول بيلار في تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية إن الحجة وراء المطالبة بوقف المعونة الأميركية لإسرائيل ليست قوية فقط، وإنما قائمة منذ وقت طويل. فإسرائيل دولة غنية وهذه الحقيقة ليست جديدة، ويمكن أن تكون من بين أغنى 5 أو 10 دول في العالم وفقاً للمقياس المستخدم لحساب نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.

الاحتجاجات في تل أبيب على مشروع قانون التعديلات القضائية (أ.ف.ب)

وبغض النظر عن مدى تأييد المرء لاستمرار امتلاك إسرائيل لأكبر قدرات عسكرية في الشرق الأوسط، فإنها تستطيع أن تتحمل تكلفة امتلاك هذه القدرات بنفسها. فمليارات الدولارات التي تقدمها الولايات المتحدة معونة لإسرائيل تمثل دعماً يقدمه دافعو الضرائب الأميركيون لدافعي الضرائب الإسرائيليين. هذا الدعم لم يعد مبرراً، خاصة في ظل استياء الزعماء السياسيين الأميركيين من تزايد عجز الميزانية الأميركية واقتراحهم تخفيضات كبيرة في مخصصات البرامج الحكومية التي تدعم خدمات الصحة والرفاه الاجتماعي والازدهار للأميركيين أنفسهم لكبح عجز الميزانية.

ويضيف بيلار، الذي أمضى أكثر من 28 عاماً في أجهزة الاستخبارات الأميركية حتى أصبح مسؤول ملف الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي، إن خبرة السنين أظهرت أن المساعدات الأميركية غير المشروطة لإسرائيل، التي وصلت قيمتها التراكمية حتى الآن إلى 158 مليار دولار، قضت على أي نفوذ أميركي على السياسات الإسرائيلية، باستثناء بعض التصويتات الرمزية في الجمعية العامة للأمم المتحدة على موضوعات يكاد يعارضها الجميع أيضاً في الولايات المتحدة.

وتعد الفوضى السياسية التي فجرتها محاولة حكومة إسرائيل الحالية تغيير النظام القضائي، أحد الأحداث التي عجلت بتغيير مجرى الحديث عن إسرائيل في واشنطن. لكن موضوع تعديل النظام القضائي يعدُّ قضية داخلية إسرائيلية، ويمكن أن تكون له تداعيات دولية غير مباشرة. الحقيقة أن المحكمة العليا الإسرائيلية التي تستهدف التعديلات إدخال تغييرات كبيرة على صلاحياتها وتشكيلها، كانت عائقاً أمام بعض محاولات الحكومة الإسرائيلية لإخضاع الفلسطينيين والضم الفعلي للضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل. لكن قضية صلاحيات وتشكيل المحكمة العليا، تعدُّ بشكل أساسي شأناً داخلياً، وليست موضوعاً مناسباً للتدخل الخارجي، حسبما أوردت «وكالة الأنباء الألمانية».

واستغل المدافعون التقليديون عن إسرائيل في الولايات المتحدة هذه النقطة. وانتقد روبرت ساتلوف المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتراجع عن خطة تعديل النظام القضائي، وقال إن الرئيس حوَّل أزمة داخلية إسرائيلية إلى قضية سياسية بين الدولتين. كما وجه السيناتور الجمهوري جيمس ريش انتقاداً مماثلاً للرئيس بايدن بسبب تدخله في قضية داخلية إسرائيلية، وقال: «لا أعتقد أنه موقف مقبول، تماماً كما لا نقبل أن يقول لنا الآخرون كيف نتعامل مع المحكمة العليا هنا».

لكن بيلار الذي عمل أيضاً في عدة مناصب تحليلية وإدارية في مجتمع الاستخبارات الأمريكية بما في ذلك رئيس وحدات التحليل المسؤولة عن منطقة الشرق الأدنى والخليج العربي وجنوب آسيا في الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» يرى أن السياق العام للسياسة الأميركية يجعل مثل هذه الانتقادات مضحكة لآن إسرائيل تتدخل بشكل مكثف وفاضح في السياسات الداخلية الأميركية، وهو تدخل تتم التغطية عليه جزئياً بعدم التطبيق الكامل لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة، الذي ينظم عمل «جماعات الضغط السياسي» التي تعمل لصالح أي دول أجنبية في الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتصافحان في مايو 2019 (أ.ب)

وأحد العناصر المسيطرة على العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب، هو التحالف السياسي، الذي أصبح بارزاً بين الحزب الجمهوري واليمين الإسرائيلي أثناء حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وتملي إسرائيل على الأميركيين كيفية التصويت على الكثير من الأشياء بما ذلك انتخابهم لممثليهم في الكونغرس، حتى عندما يؤدي ذلك إلى تفويض الديمقراطية التي يفترض أنها قيمة مشتركة للدولتين.

ويقول بيلار إن الإجابة عن سؤال «لماذا الآن؟» تغير الحديث عن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، لا توجد بشكل أساسي في جوهر مشكلة تعديل النظام القضائي الإسرائيلي، وإنما توجد في الأنماط السياسية الأوسع نطاقاً، التي أصبحت محل تركيز في إسرائيل خلال العام الحالي. أحد هذه الأنماط هو الانقسام السياسي الحاد وبخاصة بين اليهود الإسرائيليين، الذي تجسد في الاحتجاجات غير المسبوقة المناوئة للحكومة. ومع وجود كل هؤلاء اليهود الإسرائيليين الذين يعارضون الحكومة وما تقوم به، أصبح في مقدور السياسيين والمعلقين الأميركيين انتقاد هذه الحكومة دون الخوف من الإضرار بصورتهم كمؤيدين لإسرائيل.

ويتمثل العامل الآخر في حقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأشد تطرفاً في تاريخ الدولة. ومحاولات رئيس الوزراء نتنياهو المحافظة على الحكومة الائتلافية حتى لا يفقد السلطة ويواجه السجن بتهم الفساد أتاح للمتطرفين سيطرة غير مسبوقة على الحكومة. لذلك فالكثيرون من المفكرين الأميركيين المنتقدين لتوجه الحكومة الإسرائيلية لديهم قلق حقيقي من المستقبل المدمر الذي تقود الحكومة الإسرائيلية الدولة إليه، وهو ما يتوافق تماماً مع تأييد هؤلاء المفكرين لإسرائيل.

ورغم ذلك ينهي بيلار تحليله بالقول إن تغير الخطاب السياسي في واشنطن بشأن إسرائيل لا يعني تقليص الدعم الأميركي لإسرائيل في وقت قريب، مشيراً إلى تصريحات زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب هاكيم جيفريز، الذي قاد وفداً من الكونغرس لزيارة إسرائيل، وقال فيها إن الجدل بشأن تعديل النظام القضائي لن يؤثر على المساعدات الأميركية. وأضاف أنه حتى إذا تم تقليص المساعدات الاقتصادية لإسرائيل، فإن أشكال الدعم الأميركي الأخرى لها ستستمر بما في ذلك استخدام حق النقض (الفيتو) لصالحها في مجلس الأمن الدولي وغيره من أشكال الدعم الدبلوماسي المطلق لها.


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا شعار تطبيق «واتساب» المملوك لشركة «ميتا بلاتفورمز»  (د.ب.أ)

محكمة أميركية تدين شركة برمجيات إسرائيلية بقضية اختراق «واتساب»

أصدرت قاضية أميركية حكماً لصالح شركة «واتساب» المملوكة لشركة «ميتا بلاتفورمز» في دعوى قضائية تتهم مجموعة «إن إس أو» الإسرائيلية باستغلال ثغرة بالتطبيق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ أظهرت بيانات حديثة ارتفاع التأثير المالي لاختراقات البيانات في عام 2024 بشكل كبير (شاترستوك)

أميركا توجه اتهامات لروسي إسرائيلي لارتباطه ببرمجيات الفدية «لوكبت»

قالت وزارة العدل الأميركية إن الولايات المتحدة وجّهت اتهامات إلى رجل يحمل الجنسيتين الروسية والإسرائيلية، مضيفة أنه مطور برمجيات طلب الفدية «لوكبت».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)
فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)
TT

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)
فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخّرت إعلان الاتفاق، رغم تواصل إشارة التسريبات الإسرائيلية بشكل لافت إلى وجود «تقدم وتفاؤل» بشأن إبرام الصفقة.

هذا التقدم لم تحسمه حركات «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية»، في بيان السبت، غير أنها قالت إنه مرهون بـ«توقف إسرائيل عن وضع شروط جديدة»، ولذلك يرجح خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تزداد مساعي الوسطاء لإيجاد «حل وسط» للخلافات لتسريع إبرام الاتفاق المتوقع أن يكون قريباً.

وبتقديرات الخبراء فإن إسرائيل تحاول أن تمارس ضغوطاً على «حماس» والوسطاء بالترويج عبر وسائل إعلامها عن وجود تقدم كي تحسن موقفها التفاوضي لا أكثر، وتعزز مكاسبها في ظل يقينها أنها ذاهبة لهذا الاتفاق لا محالة قبل مهلة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تنتهي قبل موعد تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وحسب مصادر فلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، السبت، فإن «الأمور لم تصل بعد لمرحلة سد الفجوات، والوسطاء يحاولون الوصول لحل وسط لتفادي شروط تفرضها إسرائيل مجدداً كلما يتم التوصل لتوافق وإبرام صفقة قبل انتهاء مهلة ترمب».

وأشارت المصادر إلى أن أحد أبرز تلك الشروط هي «طلب إسرائيل الحصول على كشف بقائمة الرهائن الأحياء المتبقين حال إبرام المرحلة الأولى من الاتفاق، وهذا شيء يستبعده الطرف الفلسطيني أن يكون مطروحاً، إلا في المرحلة الثانية حتى تكون هناك مفاوضات جدية».

بينما قالت صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، إن المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» ما زالت «تواجه صعوبات رغم التنازلات التي قدمتها إسرائيل»، ونقلت عن مصادر أميركية وجود «فجوات كبيرة في قضايا رئيسية تعرقل التوصل إلى اتفاق».

وكشفت الصحيفة الأميركية أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، غادر قطر، الخميس، مشيرة إلى أن مغادرته دون التوصل لاتفاق «تعكس تعقيد وصعوبة المفاوضات الجارية، في ظل استمرار الضغط من الوسطاء الدوليين لإيجاد حل».

فلسطينيون أثناء عودتهم إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

ونقلت «القناة 13» الإسرائيلية، الخميس، عن مسؤولين أمنيين قولهم إن التفاؤل «لا يزال كبيراً» بقرب التوصل إلى صفقة مع «حماس»، لافتين إلى أن مسؤولين أمنيين كباراً راجعوا المفاوضات، وحدّدوا «نقطتين رئيسيتين للخلاف» مع حركة «حماس»، الأولى تتمثل في عدم وصول قائمة الرهائن الأحياء إلى إسرائيل، وعدم نية إسرائيل الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن الظروف الموضوعية ترجح حدوث الاتفاق إلا أن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك صعوبة وخلافات في هذه المفاوضات، خصوصاً فيما يتعلق بأسماء الأسرى الفلسطينيين وأماكن إطلاق سراحهم داخل أو خارج فلسطين وأسماء الرهائن الإسرائيليين الذين على قيد الحياة.

ويرى أن بنيامين نتنياهو يعتبر نفسه أنه «منتصر ويملك سيطرة على الأرض، وبالتالي يستمر في محاولة فرض كامل شروطه حتى آخر لحظة لتحسين موقفه التفاوضي ومكاسبه».

وحسب مطاوع، فإن إغراق الإعلام الإسرائيلي والأميركي بالحديث عن وجود تقدم في المفاوضات، يتم بشكل متعمد لتحميل «حماس» مسؤولية تأخير الاتفاق والضغط على الحركة للموافقة على كامل شروط إسرائيل، مستدركاً: «لكن الواضح أننا بصدد جولات أخرى ومقترحات وسط لتقريب وجهات النظر وبحث ترتيبات الاتفاق القريب».

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

ويحمل المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إدارة جو بايدن مسؤولية تأخير الاتفاق لعدم ممارسة بيرنز أي ضغوط حقيقية لإتمام الاتفاق، وزياراته السابقة إلى المنطقة انتهت دون جدوى، مؤكداً أن الأمر أيضاً يبدو بالنسبة لفريق ترمب الذي يترك مساحات لإسرائيل لمحاولة نيل مكاسب، وبالتالي الأقرب أن يطرح حلاً وسطاً على طاولة المفاوضات لتقريب وجهات النظر.

وفي متغير جديد، كشفت «حماس» في بيان، السبت، أن «قادة الحركة التقت مع نظراء في حركة (الجهاد الإسلامي)، و(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، الجمعة، بالقاهرة، وجرى بحث معمق لمجريات الحرب الدائرة على غزة وتطورات المفاوضات غير المباشرة مع الإخوة الوسطاء لوقف إطلاق النار وصفقة التبادل ومجمل المتغيرات على مستوى المنطقة.

وبحثت الفصائل الثلاثة «المستجدات المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى»، معتبرين أن «إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أي وقت مضى إذا توقف العدو عن وضع اشتراطات جديدة، وتم الاتفاق على الاستمرار في التواصل للتشاور والتنسيق بشأن المفاوضات».

في سياق ذلك، أكدت المصادر الفلسطينية نفسها أن اجتماع القاهرة كان بين الفصائل الثلاثة التي بحوزتها رهائن وكان لبحث وضع تصورات حال دخلت المفاوضات مرحلة نهائية جدية بشأن التنفيذ، لافتة إلى أن هناك مرونة خلال المفاوضات قدمتها الفصائل الفلسطينية ولم تشترط انسحاباً كاملاً من غزة ولا من محوري نتساريم (وسط غزة) أو فيلادلفيا على الحدود مع مصر، لكن إسرائيل تزيد الضغوط مع كل مرونة تتم وهذا سيؤخر الوصول لاتفاق.

وبرأي الرقب فإن الفصائل بعد كل ما قدمته من مرونة لن تقدم مجاناً تنازلات خاصة في قوائم الرهائن الأحياء المتبقين للاحتلال، وبالتالي الأفضل أن يتوقف عن وضع شروط جديدة وعدم ممارسة أي ضغوط والذهاب لاتفاق، خاصة أن هناك فرصة لإتمام ذلك قبل وصول ترمب للسلطة.

ويعول الرقب على تحول دراماتيكي في مشهد المفاوضات الأيام المقبلة لحسم مسار الاتفاق وعدم مخالفة موعد ترمب الذي حذّر من مشكلات كبيرة للشرق الأوسط في حال عدم التوصل لاتفاق بشأن الرهائن قبل تنصيبه.

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وبخلاف بحث مفاوضات وقف إطلاق النار، ذهب اجتماع القاهرة إلى «بحث الفصائل آخر التطورات في مشروع لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة». وأعرب الجميع عن تقديرهم للجهد المصري في إنجاز هذا المشروع و«أهمية البدء في خطوات عملية لتشكيل اللجنة والإعلان عنها في أقرب فرصة ممكنة»، وفق بيان «حماس».

واتفقت الفصائل الثلاثة على اللقاء مرة أخرى في أقرب فرصة لاستكمال المطلوب من أجل وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة بعد الحرب.

وأوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اتفقت «حماس» و«فتح» على تشكيل تلك اللجنة التي تُعد مقترحاً مصرياً، وذلك بعد اجتماعات استضافتها مصر، وينتظر أن يُصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً بتعيين هذه اللجنة المعنية بإدارة شؤون قطاع غزة، وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية وتكون مسؤولة عن كل المجالات، الصحية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والخدمية، وأعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار وإدارة معبر رفح.

وحسب الرقب، فإن اجتماع القاهرة يشي بأن ثمة استعجالاً يتم لإنهاء جميع الملفات، لا سيما المرتبطة باليوم التالي الحرب، لتكون جاهزة على طاولة المفاوضات وبما ينهي أي ذرائع إسرائيلية مستقبلية للبقاء في غزة، معتقداً أن المشهد التفاوضي قريب من أي وقت مضى مع إنهاء تلك الملفات ومن ثم إمكانية إبرام اتفاق تهدئة.