قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو (الأحد) إلغاء إجازته في مستوطنة «راموت»، واستدعى رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، للتداول معه في الأوضاع داخل الجيش، وإن كان هناك خطر حقيقي على جهوزيته للقتال، كما يحذر غالبية الجنرالات.
يأتي ذلك في أعقاب مظاهرات السبت الناجحة، للأسبوع الثاني والثلاثين على التوالي، احتجاجاً على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم، وتوجيه المتظاهرين الاتهام للحكومة ورئيسها بعدم الاكتراث للتفكك داخل الجيش بسبب هذه الخطة، واعتراض المستوطنين في هضبة الجولان على أن يستجم في فنادقهم ومرافقهم السياحية.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن نتنياهو اهتز من قراءته وسائل الإعلام العبرية صباح الأحد، التي نقلت تحذيرات من عدد كبير من قادة الجيش وأجهزة الأمن الأخرى السابقين، بأن «في رئاسة الحكومة الإسرائيلية يوجد رجل منسلخ عن الواقع، ولا يكترث لحال الجيش، ولا تهمه التحذيرات التي يسمعها هؤلاء الجنرالات عن الزلزال الذي يشهده الجيش، بسبب اتساع ظاهرة رفض التطوع للخدمة في جيش الاحتياط».
وأضافت أن نتنياهو تلقى عشرات الرسائل من سكان مستوطنة «راموت» القائمة في هضبة الجولان السورية، الذين أبدوا معارضتهم لإمضائه إجازته المقررة في مستوطنتهم، وتوجهوا كذلك إلى جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة، طالبين التدخل لإلغاء زيارته. وأشاروا في الرسالة بوضوح إلى أن موقفهم ضد زيارة نتنياهو نابع من المظاهرات الاحتجاجية ضد خطة إضعاف جهاز القضاء، التي جرت في مستوطنة «نافيه أتيف» في الجولان، الأسبوع الماضي.
وحذر الموقعون على الرسالة: «مع كل الاحترام لإجازة رئيس الحكومة، فإننا لن نوافق ولن نقبل بإلحاق ضرر خفيف أو شديد بالأداء الاعتيادي لمجمل المصالح التجارية في المستوطنة، وخصوصاً بأعمال السياحة والزراعة. وسنعمل ضد ضرر كهذا بكافة الطرق القانونية الممكنة».
مخاوف من الجيش
وأشارت تلك المصادر إلى أسباب أخرى جعلت نتنياهو يلغي إجازته، تتعلق بتسريب معلومات إلى الإعلام تفيد بأن قادة الجيش الإسرائيلي يلمحون مؤخراً إلى أنهم غاضبون على الحكومة بشدة، بسبب عدم اكتراثها للتحذيرات حول الوضع داخل الجيش، والقائلة بأنه «بات يشكل خطراً على كفاءاته القتالية»، وأنهم يفكرون في تجاوز القيادة السياسية لدى الحديث عن الأضرار التي ستلحق بالجيش الإسرائيلي، والتوجه مباشرة إلى الجمهور، وإطلاعه بصراحة على الوضع الداخلي.
وعلى الرغم من نفي الجيش، أصرت «القناة 12» للتلفزيون، الأحد، في تقرير لها، على أن رئيس أركان الجيش، ورئيسي «الموساد» و«الشاباك»، يدرسون التحدث إلى الجمهور مباشرة، وأن يستعرضوا بأنفسهم صورة الوضع أمامه. وأشارت القناة إلى أنه يتوقع أن يحدث هذا الأمر خلال الشهر الحالي، ما سيؤدي إلى أزمة كبيرة للغاية؛ خصوصاً لأن رئيس الحكومة، نتنياهو، لا يوافق على خطة كهذه، ويرى فيها «تأليباً عسكرياً للجمهور ضد الحكومة».
وقالت القناة إن الاعتبار المركزي لدى قادة الأجهزة الأمنية الثلاثة للتوجه إلى الجمهور بأنفسهم، هو رفض نتنياهو السماح لهم بتقديم معطيات حول كفاءات الجيش في اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت). وبرر نتنياهو رفضه بأن وزراء سيسربون المعطيات مباشرة بعد اجتماع كهذا.
في الوقت ذاته، انزعج نتنياهو من قرار رئيس لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست»، يولي أدلشتاين (الذي يعارض بنوداً كثيرة في خطة الحكومة الانقلابية)، استباق الحكومة، ودعوة اللجنة إلى اجتماع يوم الأربعاء المقبل، يخصصه للتداول في موضوع «كفاءات وجهوزية الجيش الإسرائيلي في الفترات الاعتيادية والطوارئ».
وقال مصدر مقرب من أدلشتاين، إن الاجتماع جاء على أثر مطالب المعارضة، وسيتمحور حول كفاءات الجيش الإسرائيلي؛ خصوصاً سلاح الجو، على خلفية توقف مئات من عناصر الاحتياط عن الامتثال للخدمة العسكرية. وأكد أن أعضاء اللجنة قلقون من تحذيرات قائد سلاح الجو، تومِر بار، حول «وجود ضرر آخذ بالتعمق في كفاءات سلاح الجو». وأضاف: «نحن نجري تحليلاً لصورة الوضع بكافة جوانبها يومياً، واستناداً إلى المعلومات المتوفرة بحوزتنا، ويتم إطلاع المستويات العليا عليها، ونرى أن عدم الامتثال في الخدمة الاحتياطية يلحق ضرراً بالجيش. فسلاح الجو عندنا يوفر مظلة جوية لسكان دولة إسرائيل 7 أيام في الأسبوع، طيلة 24 ساعة في اليوم».
من جانبها، توجهت حركة الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة الأمن «قادة من أجل أمن إسرائيل»، الأحد، إلى نتنياهو، تستحثه على أن «يعقد دون تأخير مداولات طارئة» بمشاركة وزير الأمن ووزراء «الكابينيت» ذوي العلاقة، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست»، ورئيس أركان الجيش، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ورئيس مجلس الأمن القومي، ومراقب الدولة، والمستشارة القضائية للحكومة «بهدف تحليل صورة الوضع بشأن الضرر الشديد بالأمن القومي».
يذكر أن مظاهرات السبت الماضي شهدت انخفاضاً ملحوظاً في عدد المشاركين؛ لكن قادة الاحتجاج عَدُّوه «انخفاضاً مفهوماً في ضوء السفر إلى الخارج». وحسب تقديراتهم بلغ عدد المشاركين هذا السبت 270 ألفاً في 150 موقعاً مختلفاً.