وجه موظف كبير من أصول إثيوبية تهمة التمييز العنصري إلى حكومة بنيامين نتنياهو، وقال إنه أقيل من منصبه في رئاسة اللجنة الحكومية لمكافحة العنصرية؛ «لأن الحكومة معنية بتقليص هذا الكفاح، والإبقاء على الممارسات العنصرية ضد شرائح مستضعفة في المجتمع».
وقال المحامي أفوكا زانا، إن العنصرية متجذرة بشكل خطير في المجتمع الإسرائيلي وليس مجرد مخالفة عابرة. ولذلك تحتاج إلى عمل دؤوب وسياسة مثابرة للتخلص من مباذلها. وخلال السنوات الست الماضية أُنْجِز الكثير في مكافحتها، لكنها ما زالت قوية ومسيطرة على مرافق أساسية كثيرة، وتترك آثاراً سلبية شديدة. ولذلك، فقد استغرب من قرار إقالته.
وزانا هو من مواليد إثيوبيا، حضر إلى إسرائيل في إحدى حملات الهجرة عبر السودان أوائل التسعينات من القرن الماضي. وخدم في الجيش الإسرائيلي وبلغ رتبة رائد، ودرس خلال الخدمة العسكرية المحاماة، وحصل على اللقبين الجامعيين الأول والثاني، وعُين في النيابة العسكرية.
وعندما سُرح من الجيش، انتقل إلى النيابة المدنية. وفي أعقاب انتفاضة اليهود الإثيوبيين قبل ست سنوات، عينته وزيرة القضاء أيليت شاكيد، رئيساً للجنة الداخلية لمعالجة معاناة الإثيوبيين، فتوصل إلى استنتاج بضرورة تشكيل دائرة حكومية لمكافحة العنصرية. وكان أول عمل له فحص أحوال العنصرية وضحاياها من خلال الشكاوى التي تصل إلى الوزارة، فاكتشف أن أكثر شريحتين تعانيان العنصرية في إسرائيل، هما اليهود من أصل إثيوبي، ويشكلون نسبة 37% من الشكاوى، والمواطنون العرب (فلسطينيو 48) الذين يشكلون نسبة 27% من الشكاوى، ثم يأتي بعدهم اليهود المتدينون (الحريديم) 5%، واليهود الروس 5%، واليهود الشرقيون 3%، والمثليون 3%.
وقرر زانا، كما يقول، معالجة الظاهرة من جذورها، خصوصاً ضد الشريحتين الأساسيتين، الإثيوبيين والعرب. وهو يتباهى بأنه وضع عدة خطط لمكافحة الجريمة ولتحقيق شيء من التمييز الإيجابي لصالح أبناء وبنات هاتين الشريحتين، في نيل وظائف رفيعة في الدوائر الحكومية ومكافحة العنصرية في أماكن العمل والرواتب والتعليم الجامعي... وغيرها.
وقبل أسبوعين، سافر زانا إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر العام لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ممثلاً لإسرائيل. ومما قاله إن إسرائيل لا تقبل العنصرية بل تكافحها عبر عدة وسائل. ولكنه عاد إلى البلاد ليفاجئه الوزير دافيد عمسالم بقرار إقالته.
وروى ما جرى قائلاً: عندما أبلغوني قبل فترة بأن عمسالم عين وزيراً ثانياً في وزارة القضاء استبشرت خيراً؛ فهو من اليهود الشرقيين الذين تعرضوا للتمييز العنصري، ويتحدث كثيراً عن هذا التمييز، ويعلن أنه يحاربه. وكان آخر شيء يمكن أن أتوقعه هو أن يقيل واحداً مثلي، إذ إنني بين 3 موظفين كبار في الدولة من أبناء الطائفة الإثيوبية، لكنه خيب أملي. ويبدو أن مكافحة العنصرية عنده مجرد كلام. وأن الحكومة التي ينتمي إليها قررت ألا تتيح فرصة لتقليص العنصرية، خصوصاً ضد العرب. وأنا أؤمن بأنه تجب مكافحة العنصرية بشكل جارف بما يشمل مكافحتها ضد العرب، ويبدو أن هذا لا يروقهم».
واتضح (الأحد)، أن زانا هو واحد من ألوف الموظفين المسؤولين الذين وضعوا على لائحة سوداء أعدت في حكومة نتنياهو للتخلص منهم بسبب مواقفهم أو انتماءاتهم السياسية والفكرية. وقد توجه إلى محكمة العدل العليا ضد قرار فصله. وقررت المحكمة عدم قبول الدعوى وأحالته إلى محكمة العمل، على أساس أن قضيته ليست سياسية بل نقابية، حيث من حق الحكومة إقالته بعد أن أتم 6 سنوات في منصبه. وقد اعترض على هذا القرار قائلاً، إن الحكومة السابقة مددت له الوظيفة لسنتين إضافيتين.