في الوقت الذي كانت فيه وسائل الإعلام الدولية تتناقل تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، التي وجّه فيها انتقادات شديدة اللهجة لحكومة بنيامين نتنياهو، وأكد فيها رفض استقباله في البيت الأبيض؛ كانت عشرات الطائرات من جيشي البلدين تشارك معاً في تدريبات عسكرية كبيرة لعمليات هجومية مشتركة، وكان فريق مشترك من الجيشين يتدرب على هجمات «السيبر».
وتدخل هذه التدريبات، في إطار سلسلة «جونيبر أوك» للمناورات المشتركة التي تنظمها القوات الجوية الأميركية والإسرائيلية. وشملت سيناريوهات متعددة، منها تنفيذ هجمات استراتيجية وخروقات المجال الجوي والدفاع السيبراني ضد مجموعة متنوعة من التهديدات، وفقاً لبيان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي.
إيران المخفية
ومع أن البيان لم يذكر إيران بالاسم، فإن مصادر عسكرية أكدت أن سهام هذه التدريبات موجهة بشكل واضح إلى طهران، وأن السيناريوهات تناولت عمليات تدريب جديدة ذات طابع هجومي لأهداف بعيدة المدى، تشمل حرب طائرات في الجو وتزويداً بالوقود في الجو بواسطة طائرة أميركية ناقلة من طراز «KC46». وقالت هذه المصادر إن هذه التدريبات بينت ارتقاء التنسيق المشترك درجة أخرى إلى أعلى، في اتجاه عمليات هجومية مشتركة.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر أمنية في تل أبيب، قولها إنه على الرغم من الأزمة الشديدة في العلاقات السياسية بين حكومة نتنياهو وبين الإدارة الأميركية، والخلافات بينهما حول الموضوع الإيراني؛ فإن واشنطن معنية بتوجيه رسالة واضحة، مفادها أن إسرائيل ما زالت حليفاً استراتيجياً والولايات المتحدة لا تفرط بها، وتحرص على إبقائها جزءاً من القيادة المركزية للجيش الأميركي.
وكان من اللافت أن الجيش الإسرائيلي، أعلن عن بدء تدريب عسكري (الاثنين)، في المناطق الشمالية من هضبة الجولان السورية وشمال الجليل، سيستمر حتى يوم الخميس المقبل.
وجاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، أنه في إطار هذا التدريب، سيتم إغلاق شارع رقم «918» في الجليل في مقاطعه المختلفة، بين الساعة العاشرة مساء وحتى الساعة الثامنة والنصف من صباح الأربعاء. وستشهد هذه المنطقة حركة نشطة لمركبات عسكرية وستُسمع أصوات انفجارات وإطلاق نار.
ومع أن الجيش الإسرائيلي، أكد أن التخطيط لهذا التدريب، تم مسبقاً «كجزء من خطة التدريبات لعام 2023»، فإن وقوعه في وقت يتصاعد فيه التوتر على الحدود الشمالية، جعله رسالة موجهة أيضاً لـ«حزب الله» اللبناني
وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي يأخذ بجدية المناوشات بين مواطنين وناشطين لبنانيين أرسلهم (حزب الله)، وبين قوات الجيش الإسرائيلي عند الحدود، وتحديداً عند مزارع شبعا، على أثر تنفيذ الجيش الإسرائيلي «أعمالاً هندسية» ومدّ شريط شائك، واتهامات لبنانية بأن القوات توغلت في الأراضي اللبنانية، وهي كلها أسباب تدفع نحو إجراءات لردع «حزب الله» وكل الأذرع الإيرانية في المنطقة
تصريحات بايدن
يُذكر أن أوساط المعارضة الإسرائيلية عبرت عن قلقها البالغ من تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، الحادة (الأحد)، التي قال فيها إن «حكومة نتنياهو تضم أعضاء في المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت)، هم الأكثر تطرفاً الذين رأيتهم في حياتي، وأعود بالزمن إلى غولدا مائير». وعدتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، «أقسى هجوم أميركي على إسرائيل في العقود الأخيرة، ولا يمكن إلا أن تنعكس بشكل سلبي جداً على العلاقات بين البلدين وعلى مكانة إسرائيل في العالم وفي المنطقة».
وعلقت الصحيفة على رد بايدن على سؤال عما إذا كان سيدعو نتنياهو إلى البيت الأبيض، بالقول إن الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، قادم قريباً إلى البيت الأبيض في زيارة، بأنه بمثابة إغلاق لباب البيت الأبيض أمام نتنياهو طيلة هذه السنة. وهو أمر لم يسبق أن حصل في العلاقات بين البلدين.
وعدت الصحيفة الأمر «تعبيراً عن أزمة شديدة وخطيرة تحتاج إلى علاج إسرائيلي من نوع جديد. فالولايات المتحدة تعد نتنياهو (شخصية غير مرغوب فيها)»، وتريد لحكومته بتركيبتها الحالية أن تذهب في أسرع وقت؛ «لأنها حكومة إشكالية تتسبب في أزمات في المنطقة وتكسر العلاقات المبنية على القيم المشتركة».