طهران تكثف تحركها لإعادة أصولها المجمدة

مباحثات مصرفية إيرانية-قطرية... وواشنطن تؤكد منح العراق إعفاءً جديداً

نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر يرد على الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة (إرنا)
نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر يرد على الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة (إرنا)
TT

طهران تكثف تحركها لإعادة أصولها المجمدة

نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر يرد على الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة (إرنا)
نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر يرد على الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة (إرنا)

قال محمد مخبر، النائب الأول للرئيس الإيراني، إن أصول بلاده المجمدة «أُفرج عنها في بعض الدول»، متحدثاً عن «تمهيدات» لإطلاق مبالغ أخرى، وذلك في وقت يزور فيه محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، الدوحة لإجراء محادثات بشأن التبادل المالي مع قطر.

وأبلغ مخبر الصحافيين، على هامش ترؤسه اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن «الأصول المجمدة تم إطلاقها في بعض الدول، والتمهيدات جارية للتوصل إلى نتائج في باقي القضايا» دون أن يقدم تفاصيل.

وأصر مخبر على الدفاع عن أرقام قدمتها الحكومة الإيرانية بشأن التضخم في ظل تشكيك المراقبين في الملايين. وألقى مخبر باللوم على مشكلات منها الحرب الأوكرانية وحذف التسعيرة الحكومية للدولار، والاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سبتمبر (أيلول)، بعد وفاة شابة كردية احتجزتها شرطة الأخلاق بدعوى «سوء الحجاب».

وقال: «رغم هذه المشكلات تمكنا من إنهاء التضخم السنوي بحيث لم نشهد زيادة عن العام الذي سبقه»، مشيراً إلى أن التضخم السنوي في العام الإيراني الماضي الذي انتهى في 20 مارس (آذار) بلغ نحو 46 في المائة. ولفت مخبر إلى أن حكومة رئيسي عندما بدأت مهامها في أغسطس (آب) 2021، كان التضخم الشهري عند 59.6 في المائة، في حين تشير أرقام حكومة حسن روحاني حينذاك إلى أن التضخم كان يتراوح بين 39 و41 في المائة.

نفي أميركي للاتفاق المؤقت

جاءت مزاعم مخبر، بعدما نفت واشنطن وطهران، تقارير صحافية عن توصلهما لاتفاق مؤقت، يشمل إطلاق أصول إيران المجمدة، مقابل تنازلات نووية إيرانية على رأسها التوقف عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وإطلاق سراح محتجزين أميركيين من أصل إيراني في طهران.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن التقارير عن اتفاق مؤقت مع إيران، «كانت خاطئة أو مضللة تماماً». ورداً على أسئلة حول ما يتردد عن مفاوضات مع الجانب الإيراني، وصف ميلر الأمر بـ«قدرة» الإدارة الأميركية على إيصال الرسائل إلى إيران. وكرر التزام الولايات المتحدة بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، وأعاد التذكير باعتقاد الإدارة الحالية بأن «الدبلوماسية أفضل حل لمنع إيران من الحصول على سلاح».

وأكد ميلر إطلاق العراق أصولاً إيرانية مجمدة، مشدداً على أنها مخصصة للمعاملات الإنسانية التي لا تخضع للعقوبات. وقال إن «الولايات المتحدة وافقت على معاملات مماثلة بشكل مستمر منذ سنوات، بما يتماشى مع القانون الأميركي وبالتنسيق مع الحكومة العراقية».

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، خلال مؤتمر صحافي، الاثنين، إن بلاده قد تجري اتفاقاً وشيكاً لتبادل السجناء، نافياً صحة ما وصفها بـ«تكهنات إعلامية» عن اتفاق مؤقت بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقالت التقارير إنه من المتوقع إطلاق الأصول المجمدة الإيرانية في كوريا الجنوبية والعراق وصندوق النقد الدولي.

وحصل العراق، الأسبوع الماضي، على إعفاء أميركي من العقوبات لدفع 2.7 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة. وتقول الحكومة العراقية إنها أطلقت 1.5 مليار دولار منذ تولي حكومة محمد شياع السوداني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، الجمعة، إن الوزير فؤاد حسين أجرى حواراً مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر في الرياض، أفضى إلى «ترتيبات جوهرية» بشأن المستحقات المالية بين العراق وإيران. كما أشار إلى حوارات عراقية - عمانية للغرض نفسه.

مباحثات مصرفية في قطر

في الأثناء، ذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين التقى نظيره القطري في الدوحة.

وكتب السفير الإيراني لدى قطر حميد دهقاني، على «تويتر»، أن «سياسة تعزيز العلاقات مع دول الجوار تستدعي تطوير التعاون النقدي والمصرفي مع هذه الدول».

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية في قطر أن فرزين أجرى مباحثات مع بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، اليوم، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال المالي والمصرفي.

من جانبه، أفاد البنك المركزي الإيراني، في بيان، بأن زيارة فرزين إلى الدوحة تأتي في إطار الدبلوماسية الإقليمية للحكومة، بهدف تعزيز التعاون النقدي والمصرفي والاقتصادي، وأنه سيجري محادثات مع مسؤولي الشؤون المصرفية في قطر حول تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف.

وقبل أسبوعين، أجرى فرزين محادثات مع مسؤولي صندوق النقد الدولي في واشنطن. وأعلن فرزين موافقة الصندوق على منع إيران من إمكانية الوصول السريع إلى 6.7 مليار دولار. وقال حينها لوكالة «إرنا» الرسمية إنه «على الرغم من أن هذا المبلغ ليس كبيراً مقارنة بأصولنا في الخارج، فإن أصل القضية ثمين للغاية، ويدعو للتفاؤل».

وفي وقت لاحق، غرد فرزين بأن محادثاته في الدوحة بـ"الناجحة"، مضيفاً أن "التعاون النقدي والمصرفي بين إيران وقطر "آخذ في النمو"، مشدداً على أن تعزيز العلاقات المصرفية "امر مهم في ظل الظروف الاقتصادية للبلدين".

وبالإضافة إلى العقوبات الأميركية، ومنع طهران من التعامل بالدولار وقطع ارتباط بنوكها بشبكة «سويفت»، تواجه البنوك الإيرانية قيوداً دولية بسبب إدراج إيران على اللائحة السوداء لمجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف) المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال. وترفض طهران حتى الآن الامتثال لمعايير المنظمة الدولية.


مقالات ذات صلة

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

قاليباف: إيران بدأت في إطلاق أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد، إن طهران بدأت في إطلاق أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
TT

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل، وذلك بعدما تراجعت التهديدات الإيرانية لإسرائيل في أعقاب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكانت طهران قد توعدت بالرد على 3 هجمات جوية شنّتها إسرائيل على أهداف عسكرية إيرانية في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، جاءت بعد أسابيع قليلة من إطلاق إيران نحو 200 صاروخ باليستي صوب إسرائيل.

وقال لاريجاني، في مقابلة مفصلة مع وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن المسؤولين العسكريين يخططون لخيارات مختلفة للرد على إسرائيل.

وأوضح لاريجاني أنه «حمل رسالة مهمة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، تناولت قضايا تتعلق بالأوضاع الحالية في البلدين».

ولفت لاريجاني، وهو عضو في مجلس «تشخيص مصلحة النظام»، إلى أن الرسالة «تضمنت أفكاراً وحلولاً لمواجهة التحديات الحالية»، مشيراً إلى ضرورة التمسك بالعوامل التي أدت إلى «النجاحات السابقة». لكن لاريجاني رفض الكشف عن التفاصيل، وأوضح أن طبيعة الرسالة «تتطلب احترام السرية، وأن الكشف عن تفاصيلها يعود للأطراف المعنية». لكنه أشار إلى أن الرسالة «لاقت استجابة إيجابية»، معرباً عن أمله في أن «تسهم في تعزيز الحلول المطروحة واستمرار الطريق بثبات».

وأكد لاريجاني أن الرسالة الخطية التي نقلها إلى بشار الأسد ونبيه بري «عكست دعم إيران المستمر لمحور المقاومة»، لافتاً إلى أنها «حظيت بترحيب كبير من الجانبين السوري واللبناني».

وفيما يخص القصف الإسرائيلي على حي المزة بدمشق أثناء زيارته، وصفه لاريجاني بمحاولة لـ«إظهار القوة»، مشيراً إلى أن مثل هذه التحركات «لن تعيق خطط إيران وحلفائها».

كما حذّر لاريجاني مما وصفه بـ«احتمالات سعي إسرائيل لإعادة تنشيط الجماعات الإرهابية جنوب سوريا لإشغال محور المقاومة»، لكنه قال إن «هذه المحاولات لن تحقق أهدافها»، متحدثاً عن «وعي القيادة السورية بالمخططات الإسرائيلية».

وتساءل لاريجاني عما إذا حقق نتنياهو «نجاحاً أم فشلاً» في تحقيق مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، وقال إن «الواقع الميداني سيجيب على ذلك».

وأوضح لاريجاني أن مباحثاته مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، «ركزت على أهمية تحقيق مصالح لبنان وشعبه بعيداً عن أي انحياز مذهبي»، موضحاً أن «دعم إيران لـ(حزب الله) يأتي لدوره كدرع في مواجهة إسرائيل»، مشدداً على «احترام إيران الأطياف اللبنانية كافة»، مضيفاً أن «الطرفين ناقشا آليات إيصال المساعدات الإيرانية للشعب اللبناني بفاعلية».

وقال لاريجاني إن محاولة إسرائيل والغرب «إضعاف (حزب الله) سياسياً وعسكرياً كانت جزءاً من خطة قديمة باءت بالفشل». وأوضح أن «(حزب الله) استعاد قوته بعد خسائره السابقة، وأظهر قدرة عالية على المواجهة، ما أحرج إسرائيل التي تعاني من ارتباك سياسي وأمني». وبيّن أن «الواقع الميداني تغير لصالح المقاومة، وأن (حزب الله) أصبح ركيزة أساسية لأمن لبنان والمنطقة، رغم محاولات إعلامية غربية وإسرائيلية لتشويه الحقائق وفرض تصورات خاطئة على الأطراف الدولية».

وأضاف لاريجاني: «(حزب الله) اليوم يمثل دعامة قوية للدفاع عن أمن لبنان، بل المنطقة بأسرها، والمسؤولون اللبنانيون يدركون هذا الواقع أثناء متابعتهم لمواضيع وقف إطلاق النار».

وأجاب لاريجاني، بشأن محاولات في لبنان، لعزل «حزب الله» سياسياً، قائلاً: «لا، لم أسمع بمثل هذه الأحاديث؛ فالمقاومة هي واقع مهم في لبنان. اللبنانيون هم من يجب أن يقرروا، ونحن لا نتدخل في شؤونهم».

وبشأن خطة وقف إطلاق النار التي طرحها المبعوث الأميركي في لبنان، آموس هوكستين، قال لاريجاني إنها تتضمن «جوانب منطقية، هي أن هؤلاء قبلوا بأنهم يجب أن يتوجهوا نحو وقف إطلاق النار، وهذا أمر جيد رغم أن السبب يعود إلى الفشل الميداني»، أما «النقطة الإيجابية الأخرى فهي أنهم عادوا إلى القرار 1701 كمرجعية وهو أمر مهم».

وزعم لاريجاني أن هناك «دلائل قوية على أن الأميركيين يديرون الحرب من وراء الكواليس». وأضاف أن الولايات المتحدة قدّمت دعماً عسكرياً واستخبارياً كبيراً لإسرائيل، وقال: «الأميركيون هم من يديرون الوضع، ويسعون للحفاظ على (الحرب في الظل)، حيث لا يظهرون بأنفسهم بل يرمون المصائب على الآخرين».

وعاد لاريجاني إلى واجهة المشهد السياسي الإيراني في الأيام الأخيرة، بعدما حمل رسالة من المرشد علي خامنئي إلى سوريا ولبنان، وذلك بعد أشهر من رفض طلبه الترشح للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس المدعوم من الإصلاحيين، مسعود بزشكيان.

ورفض لاريجاني تأكيد أو نفي الأنباء عن عودته لمنصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، وقال إن «الحديث عن تعييني أميناً عاماً للمجلس الأعلى ظهر في وسائل الإعلام فقط»، ولم يقدم أي عرض.