نتنياهو يؤكد لبلينكن رفضه لأي تسوية بشأن النووي الإيراني

وزير الخارجية الأميركي حض إسرائيل على تفادي تقويض فرص حل الدولتين

صورة نشرتها الخارجية الأميركية من مغادرة بلينكن للسعودية أمس
صورة نشرتها الخارجية الأميركية من مغادرة بلينكن للسعودية أمس
TT

نتنياهو يؤكد لبلينكن رفضه لأي تسوية بشأن النووي الإيراني

صورة نشرتها الخارجية الأميركية من مغادرة بلينكن للسعودية أمس
صورة نشرتها الخارجية الأميركية من مغادرة بلينكن للسعودية أمس

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب وواشنطن (الجمعة) أن المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، شهدت خلافات في موضوعين أساسيين. فقد وبخ بلينكن نتنياهو على خرق الالتزامات في الموضوع الفلسطيني، ورد الأخير بانتقاد «الركض الأميركي» وراء التوصل لاتفاق نووي مع إيران، مؤكداً أن إسرائيل تعتبر نفسها حرة من أي التزام إزاء هذه التسوية.

ومع أن الطرفين اعتبرا المحادثة، في البيانات الرسمية، «ودية وجرت في أجواء إيجابية وتطرقا فيها إلى عدة مواضيع، من بينها التعاون العسكري والاستخباراتي بين البلدين، الذي وصل إلى أعلى مستوياته، واتفقا على تطوير التعاون بين البلدين بشأن الذكاء الاصطناعي»، إلا أن مصادر مطلعة أشارت بوضح إلى الخلافات.

وقال مكتب نتنياهو، في بيان، إنه وبلينكن ناقشا التحديات والفرص في المنطقة. وإن رئيس الوزراء أعرب عن تقديره للمحادثات الصريحة التي جرت مؤخراً في واشنطن بين طواقم البلدين وللتنسيق الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة. ولكنه في الوقت نفسه، قال نتنياهو إن أي اتفاق نووي «لا يوقف البرنامج النووي الإيراني تماماً، لن يلزم إسرائيل بعدم العمل ضد إيران».

بلينكن يلتقي نتنياهو خلال زيارة إلى إسرائيل في يناير الماضي (الخارجية الأميركية)

وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو أن الأخير أعرب «عن تقديره للتعاون العسكري والاستخباراتي بين إسرائيل والولايات المتحدة، والذي بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق»، وكذلك «تقديره للمحادثات الصريحة التي أُجريت مؤخراً في واشنطن بين طواقم البلدين وللتنسيق الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة».

وفي واشنطن، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن «بلينكن ونتنياهو ناقشا تعزيز عملية دمج إسرائيل في الشرق الأوسط والتوسع فيها»، من خلال تطبيع العلاقات مع دول المنطقة. وقال المتحدث باسم الوزارة، ماثيو ميلر، إن بلينكن «ناقش أيضاً التحديات الإقليمية الأوسع نطاقاً، مثل التهديد الذي تشكله إيران. وأكد التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل وشراكتنا القائمة منذ 75 عاماً»، كما بحث بلينكن ونتنياهو «الحاجة لتفادي الإجراءات التي تقوض فرص حل الدولتين».

لكن المصادر السياسية في تل أبيب أكدت أن المكالمة التي أجريت مع نتنياهو عندما كان بلينكن في طائرته عائداً من السعودية، بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام، شهدت خلافات شديدة في الموضوعين المذكورين. وأن بلينكن وبخ نتنياهو وأبلغه بأن البيت الأبيض يشعر بخيبة أمل من ممارسات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً إعادة تشغيل مستعمرة حومش شمالي الضفة الغربية. واعتبرها خرقاً لالتزامات حكومة نتنياهو في لقاءات العقبة وشرم الشيخ.

​وفي تل أبيب، خرج عدد من الخبراء المعروفين بعلاقاتهم مع المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، بتحليلات تشير إلى عمق الخلافات التي تتجلى في كل اللقاءات والمحادثات الإسرائيلية الأميركية، ومن ضمنها مكالمة نتنياهو مع بلينكن. وأوضحوا أن هذه الخلافات تؤثر بشكل حاد على سياسة إسرائيل تجاه إيران وتعرقل إمكانية قيامها بتوجيه ضربات كبيرة لها.

وقال المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن «إحدى نتائج اتفاق أميركي - إيراني جديد، ستكون طيّ صفحة هجوم جوي إسرائيلي محتمل ضد المنشآت النووية». وأضاف في تقرير له (الجمعة)، إنه «قبل ذلك، لم تكن الشرعية الدولية موجودة، لكن بعد الاتفاق ستتراجع الشرعية إلى صفر دائري، وستستقر إيران كدولة عتبة نووية شرعية. وسيكون هذا بمثابة انهيار مطلق لاستراتيجية نتنياهو في وقف البرنامج النووي الإيراني، استمراراً لخروج ترمب المتسرع والخاطئ من الاتفاق بتأثير من نتنياهو، قبل 5 سنوات. ولا يمكن طمس الصورة الظاهرة هنا: هذا فشل ذريع».

وكتب المحلل العسكري في موقع «واينت» الإلكتروني، رون بن يشاي، أن إسرائيل عبرت عن موقفها المعارض لاتفاق نووي مع إيران، ليس فقط خلال الحوارات مع واشنطن، بل أيضاً خلال تدريباتها العسكرية الأخيرة.

وقال بن يشاي: «إن غاية مناورة الجيش الإسرائيلي هي التذكير للأميركيين وإظهار لهم الحقيقة بأنه حتى إذا وقعوا على اتفاق مرحلي مع إيران، رغم استياء إسرائيل، فإن إسرائيل لن تكون مقيدة به، وستعمل ضد إيران من دون الأميركيين أيضاً، ووفقاً لمصالحها». وأضاف أن «نتنياهو يستغل المناورة كي يقول للأميركيين إن الأجدر بكم أن تنسقوا معنا وألا تسارعوا إلى التوقيع مع الإيرانيين، وإننا لن نرى أنفسنا مقيدين بموجب هذا الاتفاق، وسنستخدم الجيش الإسرائيلي وفقاً لمصالح إسرائيل الأمنية، حتى لو تناقض ذلك مع الاستراتيجية العالمية الأميركية».

وأشار الكاتب إلى أن «نتنياهو يلمح إلى ذلك، وليس بأسلوب لطيف، إلا أن الأجدى لبايدن أن يدعوه إلى واشنطن للقاء تنسيق توقعات ومواقف، إذا أراد أن تندمج إسرائيل في المصالح الغربية».

وأما المراسل العسكري لصحيفة «معريب»، طال ليف رام، فقال إن هناك قلقاً شديداً في تل أبيب من دأب واشنطن على إجراء محادثات مع إيران من دون تنسيق مع القيادة السياسية الإسرائيلية. ونقل على لسان مسؤول أمني قوله إن «الاتفاق الجديد مع طهران يقضي بتحرير 20 مليار دولار من الأموال المجمدة ضمن العقوبات». لكن ليف رام يشير إلى أن «هناك قوى في الاستخبارات الإسرائيلية تعتبر الاتفاق مع إيران هو أفضل الشرور. ولا تؤيد لهجة التشاؤم التي يبثها المسؤولون الإسرائيليون».  


مقالات ذات صلة

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

تحليل إخباري جثمان المصور الصحفي السوري أنس الخربوطلي خلال جنازته في إدلب بعد مقتله بغارة جوية على مدينة مورك بريف حماة (إ.ب.أ)

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

رغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كيلومتراً جنوب طهران (أ.ب)

إيران تلوّح بالانسحاب من «حظر الانتشار النووي»

قالت إيران إنها قد تلجأ إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا فعّل الغرب «آلية الزناد»، في إشارة إلى إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي عليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

إيران تطلق سراح نرجس محمدي الحائزة «نوبل للسلام» من السجن لأسباب طبية

أطلقت السلطات الإيرانية سراح نرجس محمدي، الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، المسجونة منذ نوفمبر 2021؛ لنضالها ضد إلزامية الحجاب وضد عقوبة الإعدام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس أركان الجيش محمد باقري (رويترز)

رئيس الأركان الإيراني: يجب على دول الجوار السوري منع حصول المسلحين على دعم

ذكر تلفزيون «العالم» الإيراني اليوم أن رئيس أركان الجيش محمد باقري أكد على ضرورة تحرك الدول المجاورة لسوريا لمنع حصول الجماعات المسلحة هناك على الدعم.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

الرئيس الإيراني: سنفعل كل ما نستطيع لمواجهة المسلحين في سوريا

نقلت قناة «العالم» الإيرانية عن الرئيس مسعود بزشكيان قوله، الاثنين، إن بلاده ستفعل كل ما بوسعها لمواجهة المسلحين في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).