قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال لقائه مع قادة سياسيين من فلسطينيي 48، أنه سيستجيب لطلبهم وسيترأس بنفسه اللجنة الوزارية التي قرر تشكيلها «لمكافحة آفة الجريمة والعنف»، وسيعمل على تجنيد جميع الدوائر الحكومية المختصة لهذا الغرض.
وقال مصدر مقرب من نتنياهو (الثلاثاء)، إنه يعتبر العنف المستشري في المجتمع العربي ضربة لأمن إسرائيل كلها. وأكد أنه لا يوافق على تصريحات (أدلى بها رئيس الدولة يتسحاق هيرتسوغ)، بأن «منظمات الإجرام هي منظمات إرهابية»؛ لكنه يرى أنها ترهب فعلاً أهالي المدن والقرى العربية، وهو مصمم على تصفيتها.
في هذه الأثناء، نشرت مصادر في الشرطة الإسرائيلية تقريراً كشفت فيه أن هناك 11 منظمة إجرامية تعمل في المجتمع العربي، وتقود «جيشاً» من نحو ألف شخص، هي التي تقض مضاجع المواطنين العرب، وبدأت شرورها تمتد إلى المجتمع اليهودي. وأنها تعمل بالأساس في المتاجرة بالأسلحة والمخدرات، وجباية الإتاوات، و«الخاوة»، وابتزاز المشروعات العمرانية من البلديات بالقوة، وصرف الشيكات، وإدارة سوق سوداء، وتستخدم القتل في تصفية الحسابات والتنافس فيما بينها.
وإذا أضيفت لها الثأر وقتل النساء والمستضعفين، فإن حصيلة هذه الجرائم بلغت خلال 5 شهور فقط، مقتل 91 شخصاً، وإصابة نحو 900 شخص بالرصاص، معظمهم أبرياء.
وتنطوي هذه الأرقام على ارتفاع مخيف في عدد الضحايا، يضاهي ضعفي وأكثر عدد القتلى في السنة الماضية بطولها. وقد أثارت هذه الحالة موجة غضب في المجتمع العربي الذي اتهم الحكومة وأجهزتها الأمنية المختلفة، بالإهمال المقصود لأمن المواطنين العرب، على اعتبار أن الجريمة هي التي تشغلهم عن النضال الوطني. وما داموا عرباً يقتلون عرباً، فهي ترفع شعار «فخار يكسر بعضه بعضاً».
وفي أعقاب جلسة للكنيست فرضتها المعارضة للتداول في هذا العنف، دعا نتنياهو النواب العرب إلى الاجتماع به، وعقد اجتماعاً مطولاً، مساء الاثنين، حضره 5 منهم، هم نواب من الكتلة البرلمانية للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير: أيمن عودة، وأحمد الطيبي، وعايدة توما سليمان، وعوفر كسيف، ويوسف العطاونة، ومع رئيس اللجنة القطرية لرؤساء البلديات العربية مضر يونس.
وأبلغ نتنياهو أنه قرر تشكيل لجنة وزارية بمشاركة نواب وخبراء عرب لمكافحة العنف والجريمة، وأنه سيترأس بنفسه هذه اللجنة، ويقدم لها كل ما تحتاجه من دعم وموارد. وخاطبهم بالقول: «أنا رئيس حكومة لكل مواطني إسرائيل، وسأبذل كل الجهود من أجل دحر الجريمة بالمجتمع العربي». وأبدى تعاطفه مع عائلات القتلى ومع ما يحدث في المجتمع العربي، وأن الأمر بالنسبة له «موجع».
الجبهة العربية للتغيير، أصدرت بعد الاجتماع بياناً جاء فيه أن الامتحان سيكون بالتطبيق والنتائج وليس بالكلام، وأضافت أنها تنتظر إقامة هذه اللجنة والعمل ضمنها، كما أنها تنتظر تجاوب رئيس الوزراء مع بقية مطالبها، مؤكدة أنها لن تتوانَ ولو قيد أنملة، في البحث عن أي سبيل لوقف نزيف المجتمع العربي.
وكشف النائب أحمد الطيبي أنه تساءل أمام نتنياهو عن السبب الذي يجعل شرطة إسرائيل عاجزة عن مكافحة هذه الآفة؟ وذكر أن مجموعة من المشبوهين العرب من مواطني إسرائيل، قاموا بقتل خصم لهم التقوا به صدفة في دبي. وخلال أقل من 24 ساعة، كانت الشرطة هناك قد ألقت القبض عليهم جميعاً. «فلماذا لا تتعلمون من شرطة دبي؟ وماذا لدى شرطة دبي وليس لدينا هنا؟». وقد أجابه مدير مكتب نتنياهو: «هناك توجد شبكة كاميرات تغطي كل الشوارع والأحياء». ورد الطيبي عليه: «في القدس أيضاً توجد شبكة كاميرات، ومع هذا فإن طبيباً عربياً قُتل بأيدي شرطي إسرائيلي ولم يحاسب على ذلك، بدعوى أن الكاميرات لا تعمل».
يذكر أنه في اليوم الذي اجتمع فيه نتنياهو مع القيادة السياسية للعرب، قُتل 3 أشخاص. وقد اشترط النواب العرب للاجتماع مع نتنياهو ألا يحضره وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بسبب مواقفه العدائية للعرب، وكونه وزيراً فاشلاً سُجل في عهده أكبر ارتفاع في عدد ضحايا الإجرام.
من جهة ثانية، قاطعت هذه الجلسة القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية. وأصدرت بياناً قالت فيه، إن نتنياهو غير صادق، وكل ما يريده هو التقاط صورة. وأوضح النائب منصور عباس أن حركته لا تقاطع نتنياهو؛ بل أرسلت له رسالة تتضمن عدة طلبات، من بينها إقالة بن غفير، ولو تلقت ردوداً مقنعة لكانت شاركت في الجلسة.