تقرير: تكلفة حفل منح ترمب «أرفع جائزة» تقدّمها إسرائيل ستبلغ 560 ألف دولار

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع «مار-أ-لاغو» بفلوريدا (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع «مار-أ-لاغو» بفلوريدا (رويترز)
TT

تقرير: تكلفة حفل منح ترمب «أرفع جائزة» تقدّمها إسرائيل ستبلغ 560 ألف دولار

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع «مار-أ-لاغو» بفلوريدا (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع «مار-أ-لاغو» بفلوريدا (رويترز)

قالت صحيفة «إسرائيل هيوم» إن وزير التعليم، يواف كيش، أعلن هذا الأسبوع أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيحصل على «أرفع جائزة تمنحها دولة إسرائيل»، في حفل يُقام برعاية الدولة تقديراً لـ«إساهماته الفريدة في خدمة الشعب اليهودي».

وأضافت أن جميع الفائزين سيحصلون على جائزة نقدية متطابقة قدرها 75 ألف شيقل (21 ألف دولار)، وسيحصل ترمب، أحد أثرى أثرياء العالم، على هذه الجائزة أيضاً ما لم يتنازل عنها.

وذكرت أن الحفل يُقام سنوياً في «يوم الاستقلال»، ويحضره الفائزون وأفراد عائلاتهم وشخصيات بارزة أخرى، بمشاركة رئيس الوزراء والرئيس ووزير التعليم. ومع ذلك، يبقى من المشكوك فيه أن يشارك ترمب.

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع «مار-أ-لاغو» بفلوريدا (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أنه في السنوات الأخيرة، ارتبطت العديد من الفضائح بهذا الحفل، وهناك محاولة لجعله مبهراً قدر الإمكان، لا سيما من خلال مقدمي الحفل والفنانين المشاركين فيه، لكن هذا يأتي بتكاليف باهظة، إذ قد تصل تكلفة الحفل إلى مليوني شيقل (560 ألف دولار أميركي).

دونالد ترمب خلال الاجتماعات مع بنيامين نتنياهو لمناقشة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط والشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا 29 ديسمبر 2025(أ.ف.ب)

وتابعت أنه في السنوات الأخيرة ارتفع إجمالي قيمة الجوائز إلى 900 ألف شيقل (252 ألف دولار)، بما يتناسب مع عدد الفائزين سنوياً، في حين تتكبد وزارة التربية والتعليم أجور الفنانين التي تتراوح بين 150 ألفاً و170 ألف شيقل (42 ألفاً إلى 47600 دولار) سنوياً، أما تكلفة تصوير وإنتاج الحفل فتبلغ 170 ألف شيقل (47600 دولار) وتتحملها الوزارة.

وتتألف كل لجنة جائزة من 3 أعضاء، أما لجنة جائزة الرئيس الأميركي فجميع أعضائها من المقربين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.


مقالات ذات صلة

ترمب يستخدم حق النقض ضد مشروعَي قانون للمرة الأولى خلال ولايته الثانية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يستخدم حق النقض ضد مشروعَي قانون للمرة الأولى خلال ولايته الثانية

استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب حق النقض ضد مشروعَي قانون للمرة الأولى خلال ولايته الثانية رافضاً إنشاء خط أنابيب لمياه الشرب وتوسيع محمية للسكان الأصليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

سوق السندات الأميركية تدخل 2026 وسط ترقب وحذر بعد عام قياسي

بعد عامٍ استثنائي لسوق السندات الأميركية، هو الأفضل منذ عام 2020، يقف المستثمرون اليوم على أعتاب عام 2026 وسط حالة من الترقب والحذر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في هاتفه (أ.ب)

تأجيل إطلاق «هاتف ترمب الذهبي»

قالت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية إن شركة «ترمب موبايل»؛ الشركة التابعة لمجموعة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أجّلت خططها لإطلاق هاتفها الذكي الذهبي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أميركا اللاتينية الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ف.ب)

الرئيس الكولومبي يؤكد قصف واشنطن لـ«مصنع كوكايين» في فنزويلا

أكّد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، أن الولايات المتحدة قصفت مصنعاً للكوكايين في ميناء ماراكايبو، في غرب فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

تركيا تشن أوسع حملة على «داعش» عقب «اشتباك يالوفا» الدامي

انتشار مدرعات وعناصر من القوات الخاصة التركية في شوارع يالوفا خلال اشتباك مع أعضاء من «داعش» يوم 29 ديسمبر (رويترز)
انتشار مدرعات وعناصر من القوات الخاصة التركية في شوارع يالوفا خلال اشتباك مع أعضاء من «داعش» يوم 29 ديسمبر (رويترز)
TT

تركيا تشن أوسع حملة على «داعش» عقب «اشتباك يالوفا» الدامي

انتشار مدرعات وعناصر من القوات الخاصة التركية في شوارع يالوفا خلال اشتباك مع أعضاء من «داعش» يوم 29 ديسمبر (رويترز)
انتشار مدرعات وعناصر من القوات الخاصة التركية في شوارع يالوفا خلال اشتباك مع أعضاء من «داعش» يوم 29 ديسمبر (رويترز)

ألقت قوات الأمن التركية القبض على 125 شخصاً يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، في إطار حملة أمنية مُوسّعة انطلقت عقب مقتل 3 رجال شرطة في عملية ضد إحدى خلايا التنظيم في مدينة يالوفا، شمال غربي البلاد، الاثنين الماضي.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عبر حسابه في «إكس»، إن قوات الأمن التركية واصلت عملياتها ضد عناصر التنظيم الإرهابي وتمكنت، صباح الأربعاء، من القبض على 125 منهم في عمليات متزامنة تمّت في 125 ولاية عبر البلاد.

وأضاف يرلي كايا أن «أولئك الذين يتآمرون ضد أخوتنا ووحدتنا وتضامننا، وأولئك الذين يحاولون إساءة استغلال ديننا، وأولئك الذين يهاجمون قيمنا؛ لن يواجهوا إلا قوة دولتنا ووحدة أمتنا».

عمليات أمنية مستمرة

في الوقت ذاته، أعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول القبض على 29 شخصاً في عملية استهدفت مشتبهين بالانتماء إلى تنظيم «داعش»، وتبين أن أحدهم عضو في التنظيم.

وقال مكتب المدعي العام، في بيان الأربعاء، إنه تم القبض على هؤلاء في عملية واسعة النطاق نُفذت بتوجيه من فرع مكافحة الإرهاب التابع لمديرية أمن إسطنبول، في إطار تحقيق يجريه مكتب التحقيقات في جرائم الإرهاب في أنشطة تنظيم «داعش»، بسبب نشرهم دعاية للتنظيم الإرهابي على منصات التواصل الاجتماعي عقب الهجوم الذي وقع في يالوفا.

وأضاف أنه تم ضبط 3 مسدسات وذخيرة ومواد رقمية عديدة ووثائق تنظيمية عائدة إلى «داعش»، خلال المداهمات التي نفذت في 29 موقعاً في إسطنبول. وكان قد قُتل 3 من رجال الشرطة التركية وأصيب 8 آخرون وأحد حراس الأمن، خلال اشتباكات وقعت مع إحدى خلايا «داعش» أثناء عملية مداهمة لأحد المنازل في يالوفا، الاثنين، تم خلالها أيضا القضاء على 6 من عناصر «داعش» كان يقيمون بالمنزل المستهدف.

وأطلقت وزارة الداخلية التركية، منذ ليل الاثنين، حملة أمنية موسعة شملت 21 ولاية من ولايات البلاد الـ81، تستهدف عناصر «داعش» الإرهابي في أعقاب الاشتباك الدامي في يالوفا، الذي استمر نحو 8 ساعات.

وأعلن يرلي كايا، الثلاثاء، أن قوات الدرك ومكافحة الإرهاب والشرطة ألقت القبض على 357 مشتبهاً في عملية نفذت في 21 ولاية.

تدابير أمنية مشددة

وكشف يرلي كايا عن تدابير أمنية مشددة بمشاركة مئات الآلاف من قوات الشرطة والدرك والأجهزة القضائية والوحدات الجوية والبحرية وإدارة الهجرة، بدأ تطبيقها اعتباراً من الثلاثاء، وحتى 2 يناير (كانون الثاني) المقبل لتأمين الاحتفالات بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة.

انتشار أمني كثيف ضمن تدابير أمنية مكثّفة تستمر 4 أيام في تركيا (إعلام تركي)

وأعلنت ولاية إسطنبول، بدورها، خطة أمنية وخدمية متكاملة تزامناً مع احتفالات رأس السنة الميلادية، مؤكدة «رفع درجة الاستعداد في جميع أجهزتها لضمان استقبال المدينة الأكبر في تركيا عام 2026 في أجواء من الطمأنينة والأمان».

وقالت الولاية، في بيان، إنه تم نشر تعزيزات ضخمة تشمل 50 ألفاً و427 من قوات الشرطة والدرك وخفر السواحل، في 1661 نقطة حيوية، مدعومة بـ7225 مركبة برية، و37 وحدة بحرية، و4 مروحيات لتأمين المراكز التجارية، والمطارات ومحطات حافلات النقل العام والساحات والمناطق الترفيهية التي ستشهد احتفالات في رأس السنة.

وتشهد تركيا، التي أدرجت «داعش» على لائحتها للمنظمات الإرهابية عام 2013، تشديداً للإجراءات الأمنية، لا سيما مع اقتراب رأس السنة الجديدة كل عام، وذلك منذ الهجوم الذي نفذه «الداعشي» الأوزبكي عبد القادر مشاريبوف، المكنى أبو محمد الخراساني، على نادي «رينا» الليلي بإسطنبول في رأس السنة عام 2017.

ازدحام كثيف في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة الجديدة (رويترز)

ومنذ ذلك الحين، أطلقت أجهزة الأمن التركية عمليات لم تتوقف، حتى الآن، ألقت خلالها القبض على الآلاف، كما رحلت مئات من المقاتلين الأجانب، ومنعت دخول آلاف من المشتبه بهم إلى البلاد، ما أدى إلى تراجع هجمات «داعش» بشكل ملحوظ.

تحذير من «الخلايا النائمة»

وأعلن «داعش»، أو نُسب إليه، سلسلة من الهجمات على أهداف مدنية في تركيا، خلال الفترة بين عامي 2015 و2017، تسببت في مقتل نحو 300 شخص وإصابة العشرات، حيث استخدم مقاتلو التنظيم الأجانب تركيا نقطة عبور رئيسية من وإلى سوريا خلال سنوات الحرب التي شهدتها الأخيرة.

أوزيل حذر من الخلايا النائمة لـ«داعش» (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وحذّر زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، من خطر عودة «داعش» للظهور بقوة بعد بوادر عن نشاطه في الفترة الأخيرة، عبر تنشيط خلاياه النائمة. وأشار أوزيل، في مقابلة صحافية الأربعاء، إلى أن إطلاق سراح بعض الإرهابيين المتورطين في الهجوم المزدوج الذي نفذه «داعش» على مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، يوم 28 يونيو (حزيران) عام 2016، وأدى إلى مقتل 45 شخصاً، أثار قلقاً عاماً.


«منبوذ حيّاً وميتاً»... لغز المتعاونين الفلسطينيين في الظلّ الإسرائيلي

جنود بعثة «يونيسفا» ينقلون جثمان أحد الجنود القتلى (فيسبوك)
جنود بعثة «يونيسفا» ينقلون جثمان أحد الجنود القتلى (فيسبوك)
TT

«منبوذ حيّاً وميتاً»... لغز المتعاونين الفلسطينيين في الظلّ الإسرائيلي

جنود بعثة «يونيسفا» ينقلون جثمان أحد الجنود القتلى (فيسبوك)
جنود بعثة «يونيسفا» ينقلون جثمان أحد الجنود القتلى (فيسبوك)

في واحدة من أكثر قصص الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي التباساً، تكشف حكاية خليل دواس عن المصير المعقّد والغامض للفلسطينيين المشتبه بتعاونهم مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث تختلط الخيانة بالضغط، والسرية بالعنف، وتنتهي القصة غالباً خارج أي سردية واضحة.

ففي 14 أكتوبر (تشرين الأول)، سلّمت حركة «حماس» أربع جثث إلى إسرائيل ضمن عملية تبادل للجثامين جرت في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بوساطة أميركية.

وأكدت الفحوصات الإسرائيلية سريعاً هوية ثلاث جثث تعود لجنود قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر 2023، فيما أعلنت أن الجثمان الرابع لا يعود لأي جندي إسرائيلي، غير أن «حماس» أصرّت على روايتها، قائلة: «إنه واحد منكم»، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

وبين الروايتين، برز اسم خليل دواس، الفلسطيني الذي تحوّل، وفق مصادر محلية، إلى رمز لـ«المنطقة الرمادية» في هذا الصراع، حيث لا يُقبل صاحبه في مجتمعه، ولا لدى الجهة التي يُشتبه بتعاونه معها.

وُلد دواس في جباليا شمال قطاع غزة، وانتقلت عائلته لاحقاً إلى الضفة الغربية، حيث استقرت في قرية تل قرب نابلس، قبل أن يحطّ رحاله في مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا. هناك، التحق في شبابه بإحدى الفصائل الفلسطينية، واعتُقل لاحقاً مرتين لدى إسرائيل، أمضى خلالهما أكثر من ست سنوات في السجون، كان آخرها اعتقالاً إدارياً عام 2020 في سجن «عوفر».

ويعتقد سكان المخيم أن تلك الفترة شكّلت نقطة التحوّل في حياته، فبحسب شهادات محلية، بدأ سلوكه يتغير بعد الإفراج عنه، وظهرت مؤشرات أثارت الشكوك، من بينها بيع ذخيرة بأسعار زهيدة وطرح أسئلة وُصفت بأنها «غير مألوفة». ومع اقتحام إسرائيلي واسع للمخيم مطلع عام 2023، تحوّلت الشكوك إلى اتهامات علنية.

وفي فبراير (شباط) من ذلك العام، اقتحمت القوات الإسرائيلية مخيم عقبة جبر بعد حصار استمر أياماً، وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة فلسطينيين. وبعد أيام، أوقفت السلطة الفلسطينية دواس للاشتباه بتعاونه مع إسرائيل، لكنها أفرجت عنه لاحقاً لعدم كفاية الأدلة، إلا أن الإفراج لم يُعِد له مكانته؛ إذ بات منبوذاً داخل مجتمعه، وتعرّض للاعتداء، قبل أن يُجبر على مغادرة أريحا.

سيارات «الصليب الأحمر» تنقل جثمان هدار غولدن في قطاع غزة نوفمبر الماضي (رويترز)

وبعد خروجه من المخيم، اختفى أثر دواس تماماً. ولم يُعرف عنه شيء لمدة عام كامل، إلى أن أعلنت «حماس» في مايو (أيار) 2024 أن مقاتليها قتلوا جنوداً إسرائيليين داخل نفق في جباليا. وبعد أيام، بثّت الحركة مقطع فيديو لجثة ترتدي زياً عسكرياً. كانت الجثة، بحسب من عرفوه، لخليل دواس.

ورغم وضوح هويته، بقيت الأسئلة معلّقة: كيف وصل إلى هناك؟ وبأي صفة؟ ولماذا كان يرتدي زياً عسكرياً إسرائيلياً؟ أسئلة بلا إجابات، تعكس طبيعة هذا الملف المسكوت عنه.

لاحقاً، وبعد تسليم الجثامين، عرضت إسرائيل إعادة جثمان دواس إلى عائلته، غير أن العرض قوبل بالرفض. ويقول مسؤول فلسطيني في أريحا: «كان هناك إجماع على أن قبول الجثمان سيُفهم على أنه تساهل مع الخيانة. لذلك رُفض، حيّاً وميتاً».

في المجتمع الفلسطيني، يُعد الاتهام بالتعاون وصمة لا تزول، تمتد آثارها إلى العائلة والمقبرة معاً. وفي كثير من الحالات، تُمنع الجنازات أو تُؤجَّل، وقد يُرفض دفن الجثمان خشية ردود الفعل.

ويخلص باحثون إلى أن ملف المتعاونين يبقى من أكثر الملفات حساسية: محرجاً لإسرائيل، ومثقلاً بالخزي للفلسطينيين، ومحاطاً بصمت كثيف يجعل الوصول إلى الحقيقة شبه مستحيل.

حتى اليوم، لا يُعرف أين دُفن خليل دواس، إن دُفن أصلاً. قصة انتهت كما بدأت: في الظل، بلا اعتراف، وبلا قبول.


نتنياهو رضخ لإملاءات ترمب... لكنه حصل على أكبر دعم شخصي للانتخابات المقبلة

الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
TT

نتنياهو رضخ لإملاءات ترمب... لكنه حصل على أكبر دعم شخصي للانتخابات المقبلة

الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)

على الرغم من الهوة العميقة بين مؤيدي رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبين خصومه، فإن غالبية الإسرائيليين ينظرون بقلق إلى نتائج قمة مار-إيه-لاغو في ميامي. فأنصار نتنياهو قلقون من الشعور بأنه رضخ لإملاءات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في معظم الملفات، وخصومه قلقون من الأهداف الكامنة في المدائح التي أغدقها عليه؛ لأنهم يرون فيها تدخلاً في السياسة الداخلية أكثر فظاظة من مدائحه السابقة ونذير شؤم للانتخابات المقبلة.

وقد أجمعت وسائل الإعلام العبرية على نقل تسريبات مصادر سياسية أكدت، أن ترمب حقق مراده في الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة، من دون تلبية الشروط الإسرائيلية (إعادة جثمان الجندي ونزع سلاح «حماس»). في حين حصل نتنياهو على ضوء أخضر لتصعيد في لبنان، لكن من دون حرب. ووافق على تغيير التوجه نحو سوريا والعودة إلى المفاوضات حول إبرام اتفاق تفاهمات أمنية. ووافق على الاستمرار في إبقاء إسرائيل سوط تهديد لإيران، ولكن من دون ضربها في الوقت الحاضر. عملياً، لم يستجب ترمب لأي من مطالب نتنياهو.

عشاء أميركي - إسرائيلي في منتجع مار-إيه-لاغو بولاية فلوريدا 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأما المدائح التي أغدقها ترمب بطريقة عجيبة، والتي يحتاج إليها نتنياهو كحاجة الظامئ إلى الماء في الصحراء، فقد عُدَّت فظّة وخطيرة في شكلها ومضمونها. فعندما سُئل ترمب عن كيفية وصفه للعلاقة مع نتنياهو، بعد اللقاء بينهما، أجاب: «إنه رئيس حكومة يصلح لمنصبه في وقت الحرب. قاد إسرائيل في مجابهات عملاقة. دراما ضخمة. وقام بذلك بنجاح مذهل. ربما لم تكن إسرائيل لتصمد لولا نتنياهو. ربما لم تكن موجودة لولاه».

وعندما سُئل مرة أخرى في الموضوع، عاد ترمب لتكرار موقفه عن «بيبي البطل»، ولكنه أضاف: «بتواضعه الشديد»: «هذا بفضل وقوفي معه بالطبع». وغاص الرئيس الأميركي في الموضوع أكثر، عندما قال في معرض إجابته عن سؤال آخر: «لا أعتقد أن علاقتنا يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه الآن. هو بطل حرب، وأعتقد أنه يستحق عفواً». وأضاف لاحقاً: «أعتقد أن نتنياهو سيحصل على عفو. تحدثت مع الرئيس هرتسوغ، وقال لي إن الأمر في الطريق».

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (رويترز)

ومع أن الرئيس هرتسوغ فزع من هذا التصريح، وأصدر بياناً عبر مكتبه يقول إنه لم يجرِ أي اتصال هاتفي بينهما، منذ تقديم طلب العفو، تبين، ان مكتب الرئيس الأميركي يتواصل مع مكتب هرتسوغ ويلح عليه في طلب إصدار العفو، ووقف محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد. وكان جواب مكتب هرتسوغ، إن الأمر «قيد العلاج لدى المستشارين القضائيين».

بكل الأحوال، فإن المدائح التي أغدقها ترمب على نتنياهو، خصوصاً القول، إن إسرائيل ما كانت لتبقى لو أن شخصاً آخر يقودها عدا نتنياهو، هي أقصى ما يتمناه رئيس الوزراء. فهو نفسه لم يكن يعرف، بأن بقاء إسرائيل جاء بفضله. ويعتبر تصريح ترمب أفضل فاتحة للمعركة الانتخابية الإسرائيلية، خصوصا لدى قاعدة نتنياهو الشعبية اليمينية. وحسب وسائل الإعلام، باشر مستشاروه في إعداد الخطط لكيفية استغلال هذه الكلمات على طول المعركة الانتخابية المقبلة.

لكن هذا التصريح يثير استفزاز المعارضة، التي ترى تدخل ترمب المبالغ فيه، «إهانة للدولة برمتها ولجهازها القضائي المفترض أنه مستقل». وأكثر من ذلك، يسأل الإسرائيليون: هل حقاً بقاء إسرائيل جاء بفضل نتنياهو؟ ويسأل الجيش مثلاً، هل يعقل أن يكون وجود إسرائيل بفضل نتنياهو؟ فماذا عن دور الجيش الذي حارب بجنون في غزة ووجّه ضربات موجعة لإيران و«حزب الله» و«حماس» والحوثيين ودمَّر الجيش السوري؟ وماذا عن «الموساد» الذي حقق اختراقاً مذهلاً للأمن الإيراني، ولـ«حزب الله»؟ وماذا عن الاغتيالات التي شملت قادة «حماس» و«حزب الله» والجيش الإيراني و«الحرس الثوري»؟ وماذا عن «البيجرز»؟... لقد صغّر ترمب كل هذه الإنجازات وحصرها في نتنياهو، الذي يؤكد عشرات شهود العيان، أنه كان منهاراً في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأن التفاف الجنرالات من حوله، هو الذي جعله يعود إلى الصواب.

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

وأما الإسرائيليون الواقعيون والصحافيون والخبراء، فقد نظروا إلى لقاء ترمب نتنياهو بشيء من الحزن والخجل. فقد بدا واضحاً انهما ظهرا كعملاق وقزم. حتى بلغة الجسد وفي المظهر الخارجي. ترمب يتكلم طيلة الوقت، وتوجه إليه الأسئلة وليس لنتنياهو. وفي المضمون، هناك من أجرى مقارنة بينه وبين لقاء ترمب مع رئيس أوكرانيا، فلودومير زيلينسكي، الذي سبقه ببضع ساعات.

وكما هو معروف، كان الإسرائيليون يتحسبون من معاملة مهينة لنتنياهو مثلما عومل زيلينسكي قبل شهور عدة. وصحيح أن نتنياهو لم يظهر مثل زيلينسكي. فلا ترمب يعامله بهذه الطريقة، ولا هو يسمح لنفسه بموقف كهذا. إلا أن هناك شبهاً ما، بدا بارزاً. فالمخرج لتنازلات زيلينسكي أمام روسيا، وفقاً لإملاءات ترمب، كان «الضمانات الأميركية».

وقال زيلينسكي إنه حقق 90 في المائة من التفاهمات وحصل على 100 في المائة من الضمانات الأميركية لأمن بلاده. وما فعله نتنياهو هو أنه وضع نفسه مسبقاً كمن يطلب ضمانات أميركية. وبعد أن كان يقول، إنه لن ينتقل إلى المرحلة الثانية من دون إعادة جثمان آخر رهينة إسرائيلية لدى «حماس»، وقبل أن يتم نزع سلاحها، طلب من ترمب ضمانات بإعادة الجثمان وبنزع السلاح وحصل عليها. وعدّ ذلك مخرجاً مشرفاً يعود به إلى إسرائيل، كمن يحمل إنجازاً عظيماً. وفرح به لدرجة أنه قرر منح ترمب «جائزة إسرائيل»، التي لا تعطى لأجانب. وطلب من ترمب أن يحضر بنفسه إلى إسرائيل في أبريل (نيسان) المقبل، ليتسلمها في «عيد الاستقلال».

ترمب ونتنياهو في منتجع مار-إيه-لاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

وأما الجائزة الأميركية لنتنياهو، فستكون في حجم وشكل المساعدات التقليدية. التي يتم الاتفاق عليها مسبقاً كل عشر سنوات. والاتفاق الحالي أبرمه نتنياهو مع الرئيس السابق باراك أوباما في سنة 2016 ويشمل 38 مليار دولار من 2018 وحتى 2028. وقد بدأت محادثات بين الحكومتين على الاتفاق القادم (من 2028 وحتى 2038). و ألمح نتنياهو بغبطة، إلى أن الاتفاق الجديد سيكون مختلفاً وأفضل بشكل كبير..لكن لم تُعرف تفاصيل هذا الجديد.