بدأ تحالف «الأمة»، المعارض في تركيا، تحركات مكثفة، في محاولة لإقناع مرشح تحالف «أتا» السابق للرئاسة، سنان أوغان، بتحويل كتلة أصواته لصالح كمال كليتشدار أوغلو، الذي يخوض جولة إعادة حاسمة وصعبة أمام مرشح تحالف «الشعب»، الرئيس رجب طيب إردوغان، في 28 مايو (أيار) الحالي. واتضحت معالم حملة كليتشدار أوغلو لجولة الإعادة، التي عنونها بـ«قرر من أجل تركيا»، التي بدا أنه سيتخلى فيها عن النبرة الهادئة التي اتبعها في الجولة الأولى في مواجهة الأسلوب الهجومي المعروف لإردوغان، فضلاً عن تعديل خطابه لاستمالة «التيار القومي»، الذي بدا أن «الأغلبية الصامتة» التي كان يتم التعويل عليها في حسم مقعد الرئيس الـ13 لتركيا تتركز داخل هذا التيار، الذي يوجد داخل جميع التحالفات ويمثله أوغان، بشكل خاص في معركة الرئاسة التي حصل في جولتها الأولى على نسبة 5.17 في المائة. في المقابل، بدا أن إردوغان حسم خياره بالتركيز على ناخبي مناطق زلزال 6 فبراير (شباط) المدمر، الذين شكّل تصويتهم الكثيف له مفاجأة لم يتوقعها كما لم تتوقعها المعارضة، بعد أن أشارت استطلاعات مختلفة إلى أن استياء الناخبين في تلك المناطق من أداء الحكومة خلال الكارثة، الذي اعترف إردوغان ذاته بأوجه القصور فيه، سيكون مؤثراً في التصويت.
وركز إردوغان على الناخبين في مناطق الزلزال في رسالة وجهها (الخميس) عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: «إننا نشهد انعداماً للإنسانية، وتظهر بعض الدوائر كل أنواع انعدام الضمير، من قطع المساعدات التي يرسلونها إلى منطقة الزلزال، إلى طرد ضحايا الزلزال من الفنادق، خلافاً للحملات القبيحة على منصات التواصل الاجتماعي، التي لطالما قلنا إنها (مستنقع للقاذورات) تستهدف ضحايانا الذين فقدوا أحباءهم».
وأضاف: «لا ينبغي لأحد أن يقلق، ولا ييأس أحد من مواطنينا في مواجهة هذا الجنون الشرير. لن نترك الناجين من الزلزال دون رعاية، وسنواصل الوقوف إلى جانبهم». وكان إردوغان نبّه، خلال اجتماع مع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ورؤساء البلديات المنتمين إلى الحزب في أنقرة (الأربعاء)، إلى ضرورة اليقظة والعمل بكل جهد حتى جولة الإعادة، معترفاً بتراجع شعبية حزبه في الانتخابات البرلمانية، حيث فقد 28 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، يوم الأحد الماضي، بالمقارنة مع انتخابات عام 2018.
في الوقت ذاته، كشف كليتشدار أوغلو عن وجه مختلف في مستهل حملته لجولة الإعادة، ووجه رسائل نارية خلال كلمة أمام تجمع من أنصار حزب «الشعب الجمهوري» بمقر الحزب في أنقرة (الخميس)، تضمنت هجوماً حاداً على إردوغان، كونه هو مَن جلس على طاولة المفاوضات مع حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابيةً، وهو مَن فتح الطريق لدخول حزب «هدى بار» ذراع «حزب الله» التركية (الإرهابي) إلى البرلمان الجديد، والذي تورط في قتل الأبرياء بطريقة «رباط الخنزير»، حيث كان يقيد أياديهم خلف ظهورهم ويتركهم بالأيام حتى يموتوا بالبطيء، والذين يهددون نساءنا الآن بالقتل بهذه الطريقة المروعة، وكذلك فتح المجال لحركة «فتح الله غولن» وتغذيتها حتى تسللت إلى مفاصل الدولة.
كما اتهم كليتشدار أوغلو إردوغان بإهانة الجيش التركي والوقوف جنباً إلى جنب مع مَن تآمروا عليه، في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016. ولفت إلى أنه تعامل بأخلاق خلال حملته في الجولة الأولى، بينما اعتمد إردوغان أسلوب الكذب والافتراء والقذف، وأن الثقافة السياسية لتركيا تلطخت مرة أخرى بسبب هذا الأسلوب.
ورأى أنه «نتيجة لذلك، لم تمنح أمتنا السلطة في الجولة الأولى، وأظهرت بوضوح عدم رضاها عن هذا النظام والعقلية، وأعطت رسالة عميقة ومؤثرة جداً. بعض مواطنينا لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، والبعض ذهب على مضض ليعطي صوته لإردوغان». وأضاف: «إننا تلقينا رسالة أيضاً من نحو 25 مليون مواطن تعكس إرادتهم في التغيير والعدالة والوفرة والسلام».
وتعهد كليتشدار أوغلو بإعادة أكثر من 10 ملايين لاجئ إلى بلادهم حال توليه الرئاسة، قائلاً: «إن إردوغان لم يحمِ حدود البلاد، التي هي شرف الأمة، ولو استمر فإنه سيجلب 10 ملايين آخرين، وسيواصل بيع الجنسية التركية في المزاد من أجل الحصول على أصوات مستوردة».
وقرأ عديد من المحللين رسائل كليتشدار أوغلو، في جانب كبير منها، على أنها تستهدف «التيار القومي»، والناخبين الذين صوّتوا للمرشح الثالث سنان أوغان، الذي خرج من السباق في الجولة الأولى، وتُحقق في الوقت ذاته الشروط التي وضعها أوغان من أجل تأييد أي من المرشحين في جولة الإعادة. وأعلنت حملة كليتشدار أوغلو أنه سيلتقي أوغان، الجمعة؛ لمناقشة مسألة دعمه في جولة الإعادة، وتوجيه مؤيديه الذين فاق عددهم 2.8 مليون ناخب للتصويت له.
ويأتي لقاء كليتشدار أوغلو وأوغان، بعد أن عقد رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلو برفقة نائبه فيراموز أوستون لقاء استمر لـ3 ساعات مع أوغان، ليل الأربعاء - الخميس، عقب اجتماع لقادة تحالف «الأمة» الستة بمقر حزب «الشعب الجمهوري»، استغرق 3 ساعات أيضاً، وجرى خلاله تقييم نتائج الانتخابات البرلمانية والجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، التي حصل خلالها كليتشدار أوغلو على نسبة 44.88 في المائة من الأصوات، مقابل 49.5 في المائة من الأصوات لإردوغان.