محرم إينجه... الغائب الحاضر في سباق الرئاسة التركية  

انسحابه بسبب مزاعم فضيحة أخلاقية قد لا يفيد أياً من المرشحين  

TT

محرم إينجه... الغائب الحاضر في سباق الرئاسة التركية  

رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ب)
رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ب)

 

رغم انسحابه من سباق الرئاسة التركية.. بقي رئيس حزب «البلد» محرم إينجه حاضرا في الانتخابات والأكثر أن انسحابه قد لا يكون مفيدا على الإطلاق لأي من المرشحين الثلاثة الآخرين المتنافسين على حكم تركيا في السنوات الخمس المقبلة.

عقب إعلانه الانسحاب، يوم الخميس الماضي، بعدما تفجرت مزاعم عن تورطه في فضيحة أخلاقية ونشر أحد الحسابات على «تويتر» صورا فاضحة له، أعلن المجلس الأعلى للانتخابات أن اسم وصورة إينجه سيبقيان على بطاقات الاقتراع.

وعشية الانتخابات، عقد المجلس الأعلى للانتخابات اجتماعا، السبت، خلص فيه إلى أن الأصوات التي ستعطى لإينجه في صناديق الاقتراع ستظل سارية، لأنه طلب انسحابه وصل إلى المجلس، الجمعة، وبالتالي اتفق المجلس على تطبيق انسحابه في جولة الإعادة إذا اتجهت إليها الانتخابات الرئاسية.

يرجع ذلك إلى أن انسحاب أي مرشح لا يصبح ساريا بعد إعلان أسماء المرشحين ونشرها في الجريدة الرسمية.

ورد رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينار، عقب إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انطلقت الأحد، على سؤال حول مزاعم بشأن خدش بعض بطاقات الاقتراع وتعتيم صورة إينجه بخطوط سوداء، بأن المجلس لم يتمكن من تأكيد صحة هذه الادعاءات.

وأضاف ينار : «ومع ذلك، تم توجيه التحذيرات اللازمة لجميع رؤساء لجان الاقتراع عبر الرسائل القصيرة لتوخي الدقة بشأن هذه الادعاءات».

تحقيقات الفضيحة

أوقفت السلطات التركية 13 شخصا في إطار تحقيق أطلقه مكتب المدعي العام في أنقرة في المزاعم المتعلقة بتورط إينجه في فضيحة جنسية.

وقال بيان لمكتب المدعي العام إنه تم توقيف المشتبهين بتهم الابتزاز والتهديد وتزوير الوثائق ونشر بيانات شخصية وانتهاك الحياة الخاصة، كما صدرت مذكرة توقيف بحق 4 مشتبه بهم موجودين خارج البلاد.

شخص يحمل ورقة اقتراع تُظهر كل مرشحي الرئاسة التركية (أ.ف.ب)

وأعلنت المديرية العامة للأمن في تركيا عن رصد 13 حسابا على منصات التواصل الاجتماعي نشرت منشورات استفزازية تتعلق بـ«إينجه» ومارست أنشطة تضليل إعلامية.

وقال البيان : «تعرض أحد المرشحين للرئاسة التركية السيد محرم إينجه لحملة غرضها النيل من سمعته من خلال مشاركة مستندات وصور مزيفة».

وأضاف: «نتيجة للدراسات التي أجريت على الصور المنشورة تبين أنها مأخوذة من مواقع أجنبية مختلفة، وأن المستندات والإيصالات حول تلقيه أموالا (من رئاسة الجمهورية التركية بحسب الادعاءات) هي محتوى مزيف تم التلاعب به بواسطة تطبيقات مختلفة على الإنترنت، وتم العثور على وثائق استفزازية لا أساس لها من الصحة».

وذكر البيان أنه تم الإبلاغ عن تحديد 13 مستخدما لحسابات شاركوا ونشروا هذه الملفات، وتم إرسالها إلى الوحدات ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

إشاعة التوتر

أشاعت الفضيحة المزعومة مناخا شديدا من التوتر خيم على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الأيام الثلاثة الأخيرة قبل إجرائها، وجرى تبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة.

واتهم الرئيس رجب طيب إردوغان منافسه مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، بشكل مباشر، بالتورط في الفضيحة من أجل الإطاحة بإينجه من طريقه، ملمحا إلى تعاون بين منافسه وحركة فتح الله غولن، التي نسبت إليها السلطات تنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة على إردوغان في منتصف يوليو (تموز) 2016.

وأبدى إردوغان دعما كبيرا لإينجه وأجرى اتصالا معه أكد فيه استعداد حكومته لدعمه بمختلف الوسائل القانونية.

من جانبه، رد كليتشدار أوغلو على الاتهامات الموجهة إليه بالكشف عن تورط روسيا، التي تربط إردوغان علاقات قوية برئيسها فلاديمير بوتين في أعمال تزوير عميقة تهدف للتأثير على الانتخابات.

وكتب عبر «تويتر» : «أصدقائي الروس الأعزاء، أنتم وراء الفيديوهات والتسجيلات الصوتية المفبركة التي شغلت الرأي العام في بلدنا... إذا كنتم تريدون استمرار صداقتنا بعد الانتخابات، عليكم إبعاد أيديكم عن الدولة التركية... إلى الآن ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة بين البلدين».

ورد إردوغان على اتهامات كليتشدار أوغلو لروسيا، الذي أكد أنها موثقة بالأدلة، متوعدا بفضح تفاصيل إبعاده لإينجه عن سباق الرئاسة، قائلا : «ستظهر تفاصيل إبعادك لمحرم إينجه الجمعة أو السبت». وهاجمه بشدة بسبب تصريحاته ضد رسيا وأكد أنه لا يمكنه أن يقبلها وأن مصالح تركيا التجارية تفوق مصالحها مع أميركا.

اتهامات لأميركا

وإذا كان كليتشدار أوغلو اتهم روسيا، التي نفت أي تدخل لها في الانتخابات في تركيا، فإن الحكومة التركية اتهمت أميركا بالوقوف وراء تسريب الفضيحة المزعومة لإينجه.

وحمل وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو أميركا و«تنظيم غولن» المسؤولية عن انسحاب إينجه من الانتخابات الرئاسية.

صويلو اعتبر أن «التهديدات والابتزاز والأشرطة والتسجيلات التي رأيناها، ليست وليدة اليوم، فبعض الوكالات الدولية أعدت مثلها واستخدمتها في الماضي. وبفضلها أصبح أحدهم (كليتشدار أوغلو) رئيس حزب سياسي (الشعب الجمهوري). وتزعم الحزب بعد أن أطاح برئيسه السابق دنيز بايكال. رغم إعلانه مسبقاً أنه لن يترشح لزعامة الحزب»، وهو ما كرره إردوغان أيضا.

وأضاف صويلو: «أميركا تدخلت في هذه الانتخابات منذ البداية، وقال الرئيس جو بايدن إنهم فشلوا في التدخل بتركيا عن طريق انقلاب عام 2016، وهذه المرة سينفذون مساعيهم من خلال الانتخابات».

رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ف.ب)

ورغم أن إينجه لم يتهم أحدا، فإنه لمح إلى المعارضة قائلا إنه انسحب حتى لا يعلقوا خسارتهم للانتخابات على رفضه الانسحاب منها. كما أكد تقصير الدولة في حمايته.

لكن محاميه ذهب إلى اتهام المعارضة صراحة، قائلا : «لن نصوت لصالح أعداء الوطن وللذين تحالفوا مع جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني (يقصد بذلك تحالف المعارضة التركية كليتشدار أوغلو)».

 

ما تأثير إينجه؟

ولا يبدو أن تأثير إينجه على نتيجة انتخابات الرئاسة سيكون كبيرا أو ملموسا، على أية حال، فبحسب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت حتى قبل تفجر مزاعم الفضيحة الجنسية، حدث تراجع كبير في شعبيته إلى مستوى أقل من 2 في المائة.

وقال مراقبون إن هذا هو الدافع الحقيقي لإينجه، المعروف بعناده وتصلبه، إلى اتخاذ قرار الانسحاب من السباق الرئاسي، لأن استطلاعات الرأي الأخيرة أشارت إلى أن أصواته بدأت تتجه إلى مرشح الرئاسة عن تحالف «أتا» القومي، سنان أوغان، وليس إلى كليتشدار رأوغلو أو إردوغان.

بناء على ذلك فإن أصوات إينجه لن تؤثر في تحديد الفائز بالانتخابات، بحسب المراقبين، لا سيما أن أصوات سنان أوغان لا تتجاوز 3 في المائة بكثير، كما أن هناك حقيقة واضحة وهي أن أي مرشح للرئاسة لا يملك كتلته بالكامل من الأصوات وهناك تداخل شديد في توزيع الأصوات.

واتفقت غالبية المحللين والمراقبين على أن تأثير أصوات إينجه الوحيد ربما يكون في حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى لصالح كليتشدار أوغلو أو إردوغان.

 

 


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصادر تركية: السيسي يزور أنقرة في 4 سبتمبر

جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
TT

مصادر تركية: السيسي يزور أنقرة في 4 سبتمبر

جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيزور أنقرة في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل تلبية لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان.

ونقل موقع «خبرتورك» عن تلك المصادر، الخميس، أن السيسي سيزور تركيا للمرة الأولى منذ توليه منصبه كرئيس لمصر في عام 2014، مضيفة أن إردوغان سيستقبله بمراسم رسمية في القصر الرئاسي في أنقرة.

وبحسب المصادر التركية، سيترأس السيسي وإردوغان اجتماع «مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى» بين تركيا ومصر في نسخته الجديدة، التي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس التركي للقاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي، والتي كانت الأولى التي يقوم بها إردوغان لمصر منذ 12 عاماً.

وزار إردوغان مصر كرئيس لوزراء تركيا في عام 2012، لكن العلاقات بين البلدين شهدت توتراً على خلفية سقوط حكم الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي.

أول لقاء بين السيسي وإردوغان كان بالدوحة في 2022 (أرشيفية)

وكانت زيارة إردوغان للقاهرة، والتي جاءت بعد 3 سنوات من المحادثات واللقاءات على مستويات مختلفة، تخللها لقاء بين الرئيسين في افتتاح بطولة كأس العالم في العاصمة القطرية الدوحة عام 2022؛ كانت بمثابة إيذان بفتح صفحة جديدة للعلاقات بتوجيهات من قيادتَي البلدين.

وسيبحث الرئيسان المصري والتركي، في أنقرة، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى التطورات في قطاع غزة، التي قالت المصادر التركية إنها ستحظى باهتمام كبير في المباحثات؛ إذ سيتم مناقشة «الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها لوقف الهجمات الإسرائيلية، وضمان وقف إطلاق النار».

كما سيناقش إردوغان والسيسي العديد من القضايا الإقليمية الأخرى، منها الوضع في ليبيا والسودان والصومال وسوريا.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة في وقت سابق من الشهر الحالي (الخارجية التركية)

وذكرت المصادر أنه سيتم خلال زيارة السيسي توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في العديد من المجالات، كما ستتم مناقشة الخطوات اللازم اتخاذها لتحقيق الهدف الجديد في حجم التجارة البينية بين البلدين، ليرتفع إلى 15 مليار دولار، بدلاً من الرقم الحالي، وهو نحو 10 مليارات دولار.

وسيتم التركيز خلال الحديث عن العلاقات الثنائية، على تطوير التعاون في مجالات الطاقة، وبخاصة الغاز الطبيعي المسال، والطاقة المتجددة والتعدين، والتعاون في مجالات الصحة والسياحة والدفاع.

وزار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، القاهرة في 5 أغسطس (آب) الحالي، وبحث خلال الزيارة مع نظيره المصري، بدر عبد العاطي، التحضير لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى.

السيسي استقبل وزير الخارجية التركي في العلمين الجديدة خلال زيارته لمصر في 5 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)

واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوزير التركي، خلال الزيارة، في مدينة العلمين الجديدة.

وفي وقت سابق، قال السفير التركي في القاهرة، صالح موطلو شن، إنه سيتم خلال زيارة الرئيس السيسي توقيع اتفاقيات بين مصر وتركيا تشمل الجوانب التجارية والاقتصادية والثقافية والصحية.

وأضاف السفير التركي، في بيان صحافي، أن العلاقات بين البلدين مستمرة في التطور، تحت قيادة الرئيسين السيسي وإردوغان، شاملة كل مجالات التعاون من الاقتصاد إلى الثقافة، ومن السياحة إلى الصناعة، ومن التعليم إلى الصحة.