كاثرين ستوكيت... امرأة بيضاء تتحدث بصوت امرأة سوداء

باع كتابها الأول «المساعدة» 15 مليون نسخة وكتابها الثاني يصدر عام 2026

كاثرين ستوكيت
كاثرين ستوكيت
TT
20

كاثرين ستوكيت... امرأة بيضاء تتحدث بصوت امرأة سوداء

كاثرين ستوكيت
كاثرين ستوكيت

بعد 15 عاماً من صدور روايتها الناجحة «المساعدة» التي أثارت الكثير من النقاش والنقد بسبب تصويرها حياة الخادمات السود في الجنوب، تنشر كاثرين ستوكيت رواية جديدة بعنوان «نادي الكارثة»، وتدور أحداثها في عام 1933 في أكسفورد بولاية ميسيسبي.

تركز الرواية على مجموعة من النساء اللواتي تتقاطع حياتهن أثناء كفاحهن للعيش خلال فترة الكساد. وستنشر في أبريل (نيسان) 2026 بواسطة دار النشر المستقلة «Spiegel & Grau».

عندما أصدرت ستوكيت روايتها الأولى «المساعدة» عام 2009 كان الرهان عليها ككاتبة مرتفعاً جداً. وقد أحدثت ضجة كبيرة بسبب تصويرها الصريح لعدم المساواة العرقية. لقد باعت حينها حوالي 15 مليون نسخة، واحتلت لأكثر من عامين قائمة «نيويورك تايمز» لأكثر الكتب مبيعاً، كما تم تحويلها إلى فيلم رشح لجائزة «الأوسكار».

في مقابلة فيديو من منزلها خارج ناتشيز بولاية ميسيسيبي، اعترفت ستوكيت بأن كتابة رواية ثانية في ظل ظهورها الأول كان أمراً شاقاً: «لقد كان الضغط شديداً بالتأكيد... الخوف من الفشل، يثقل كاهل الكاتب حقاً».

غلاف «المساعدة»
غلاف «المساعدة»

لكنَّ هناك عدداً من النقاد وكذلك القراء انتقدوا بشدة الرواية بسبب تصويرها الشخصيات السوداء وكلامها، الذي وجدوه غير حساس ومسيئاً. تقول فيولا ديفيس، التي رشحت لجائزة «الأوسكار» عن دورها في الفيلم، إنها تندم الآن على مشاركتها في الفيلم، لأنها تشعر أن «الفيلم فشل في التقاط أصوات وحياة النساء السود بدقة».

من بعض النواحي، دفع الجدل حول رواية «المساعدة» بحركة «الأصوات الخاصة» في العالم الأدبي إلى الدعوة لمزيد من التنوع في الأدب من الكتاب الذين يستعينون بخلفياتهم الثقافية الخاصة.

تقول ستوكيت إن «المساعدة» لم تكن لتجد ناشراً على الأرجح في بيئة اليوم، لكنها لا تندم على الطريقة التي روت بها القصة. وتضيف: «أشك في أن (المساعدة) ستُنشر اليوم، بسبب أن امرأة بيضاء كانت تكتب بصوت امرأة سوداء... لقد تلقيت الكثير من الانتقادات لكنها لم تزعجني، لأن الرواية أثارت الكثير من المجادلات والنقاشات».

استوحيت أحداث رواية «المساعدة» جزئياً من علاقة ستوكيت بامرأة تدعى ديميتري ماكلورن، التي عملت خادمة لعائلتها وتوفيت عندما كانت ستوكيت مراهقة. تدور هذه الأحداث في ولاية ميسيسبي في أوائل الستينات، ولها رواة متعددون: امرأة سوداء تدعى أيبيلين (لعبت دورها الممثلة فيولا ديفيس في الفيلم المستوحى من رواية «المساعدة»)، وهي الشخصية الرئيسية في الرواية، ووركس بيكتشرز التي تعمل مربية ومدبرة منزل للأسر البيضاء، وصديقة أيبيلين ميني، وامرأة بيضاء شابة تدعى سكيتير، التي تشعر بالفزع من العنصرية التي تشهدها.

مشهد من الفيلم المستوحى من الكتاب
مشهد من الفيلم المستوحى من الكتاب

تتناول رواية ستوكيت الجديدة «نادي الفجيعة»، التي تدور أحداثها في الجنوب الأميركي، قضية العرق أيضاً، لكن ليس بشكل مباشر، كما تقول ستوكيت: «العرق دائماً في الخلفية. ومن المحتمل أن يكون دائماً في خلفية أي كتاب أكتبه».

بدأت ستوكيت العمل على رواية تدور أحداثها في ولاية ميسيسبي في عصر الكساد عام 2013. أجرت بحثاً مكثفاً في تلك الحقبة، واطلعت على أحول المزارع، وقوانين عمل الأطفال، وكيف أدت حركة تحسين النسل إلى التعقيم القسري للنساء في السجن، وكيف تسببت سياسات فرانكلين د. روزفلت الاقتصادية في فقدان النساء المتزوجات اللائي يعملن في الحكومة لوظائفهن.

في عام 2020 بعد كتابة حوالي 800 صفحة من «نادي الفجيعة» شعرت ستوكيت بأنها عاجزة وكادت تتخلى عن الكتاب

تروي القصة شخصيتان بيضاوتان: فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً تعيش في دار للأيتام وامرأة شابة من الدلتا جاءت إلى أكسفورد على أمل مساعدة أسرتها في الأوقات الصعبة.

في عام 2020، بعد كتابة حوالي 800 صفحة من «نادي الفجيعة»، شعرت ستوكيت بأنها عالقة، وكادت تتخلى عن الكتاب. ثم ربطها أحد الأصدقاء الذي قرأ المخطوطة بجولي غراو، المؤسسة المشاركة لدار «Spiegel & Grau»، وقد عملوا معاً لسنوات بدون عقد، وأبقوا المشروع سراً. بعد بضع سنوات، وقعوا الصفقة. ومع صدور الكتاب العام المقبل، سيتم نشره في بريطانيا بواسطة دار «فيغ تري» وفي كندا بواسطة دار «دبلداي» كندا.

تقول جولي غراو: «هناك شيء ثمين حقاً في منح الكتاب الوقت والمساحة لتنفيذ هذه المتابعة. لقد كان أمراً رائعاً ومثالياً حقاً لحمايتها من الأضواء».

أما ستوكيت فتقول إنها كانت مذهولةً للغاية من نجاح أول أعمالها لدرجة أنها وضعت جانباً أي توقعات حول كيفية استقبال «نادي الكارثة». «لا أصدق أن ذلك حدث في ذلك الوقت، وليست لدي أي فكرة عما سيحدث هذه المرة أيضاً».

*خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

ثقافة وفنون «سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

«سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

في روايته الأحدث «سيرة الفيض العبثية»، الصادرة عن دار «الفرجاني» في القاهرة، يسعى الروائي الليبي صالح السنوسي لتأريخ مرحلة تاريخية ممتدة في سيرة منطقة «الفيض»

عمر شهريار
ثقافة وفنون رواية عن الزنازين السورية

رواية عن الزنازين السورية

في عمله الروائي الجديد «جدران تنزف ضوءاً»، ينقل الكاتب السوري الكردي ماهر حسن القارئ إلى قلب الزنازين السورية، حيث يتحول المكان الضيق إلى عالم متكامل

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ غلاف كتاب «كيرلس بيبول» Careless People (أناس مهمِلون) لسارة وين وليامز (أ.ب)

كتاب مثير للجدل لموظفة سابقة في «ميتا» يتصدر المبيعات في أميركا

تصدّر كتاب لموظفة سابقة في شركة «ميتا» يتناول بطريقة سلبية عدداً كبيراً من المسؤولين في المجموعة الأميركية بينهم مارك زوكربيرغ ، المبيعات في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
كتب  راي كيرزويل

آلاتٌ ذكية قد تنقذنا من غبائنا البشري

يبدو الذكاء الاصطناعي لمعظمنا لعبة فاوستية معاصرة مؤذِنة بانتهاء عصر الإنسان العاقل.

لطفية الدليمي
كتب قراءة جديدة في الثورة الجزائرية

قراءة جديدة في الثورة الجزائرية

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب «دراسات في ثورة التحرير الجزائرية» (1954 - 1962).

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أمل دنقل... «أمير شعراء الرفض» من منظور نقدي

أمل دنقل... «أمير شعراء الرفض» من منظور نقدي
TT
20

أمل دنقل... «أمير شعراء الرفض» من منظور نقدي

أمل دنقل... «أمير شعراء الرفض» من منظور نقدي

يرصد الكتاب الضخم «سِفر أمل دنقل»، الذي يقع في 680 صفحة، عدداً من أهم الدراسات النقدية والرؤى الإنسانية التي كُتبت عن الشاعر المصري البارز أمل دنقل (1940 - 1983) الذي حظي بألقاب عديدة منها «أمير شعراء الرفض»، في إشارة إلى شعره الذي تميز بنزعة سياسية ثورية تعلي من الحس القومي العربي.

صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 1999 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بينما صدرت الطبعة الجديدة عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، تحرير وتقديم الكاتبة عبلة الرويني، أرملة الشاعر، التي جمعت أبرز ما كُتب عنه في الإعلام الثقافي والدراسات النقدية وصنفت هذه المادة الغزيرة وفق أربعة محاور.

يحمل المحور الأول عنوان «عن قرب»، ويضم شهادات كتبها نقاد وكتاب مقربون من الشاعر، تابعوا مسيرته ولهم معه تجارب وخبرات ومواقف.

ويتناول المحور الثاني الدراسات التي تناولت شعر أمل في مجمله بالتحليل الفكري والفني، أما المحور الثالث فيضم الكتابات التي تحدثت عن أحد دواوين الشاعر بما فيها من دلالة على المرحلة الإبداعية التي يعبر عنها، وانعكست ملامحها في أدواته التعبيرية من الألفاظ والتراكيب والصور وطرائق الخطاب المتنوعة. وأخيراً، يتناول المحور الرابع ما كتبه الدارسون حول قصائد أمل.

ومن أبرز الأسماء التي كتبت عن أمل، ويضمها الكتاب، يوسف إدريس، رجاء النقاش، غالي شكري، سعدي يوسف، جابر عصفور، رضوى عاشور، أحمد عبد المعطي حجازي، بول شاؤول، حلمي سالم، عبد الرحمن بسيسو، عباس بيضون، محمود أمين العالم.

تشير الرويني في مقدمة الكتاب إلى أنه على جدران الشوارع المتفرعة من «ميدان التحرير» بالقاهرة رسم شباب ثورة 25 يناير 2011 أشكال «جرافيتي» لقصيدة أمل «لا تصالح»، وردد شباب آخرون قصيدته «أغنية الكعكة الحجرية»، لافتة إلى أنه بعد مرور أكثر من 40 عاماً على رحيل دنقل لا تزال قصيدته هي الأكثر حضوراً وفاعلية في الشوارع والميادين والأكثر تعبيراً عن رؤى الواقع ومشاعر الناس.

وتلفت إلى أن الاهتمام بتجربة أمل دنقل لدى الأجيال الجديدة يتجاوز مصر، حيث نوقشت في الجزائر وحدها أكثر من 20 رسالة ماجستير ودكتوراه موضوعها جميعها يتجاوز السياسي والآيديولوجي إلى البحث الجمالي في القصيدة، من حيث التشكيل والبنية والمكان والتراث والصورة والتكنيك السينمائي، وتوظيف القصيدة الواحدة وتأويلها في سياقات مختلفة، قد تكون متناقضة أحياناً، على نحو يعكس تنوع زوايا البحث ومناهجه في دراسة شعر أمل.

ضمت الطبعة الأولى من الكتاب 44 مقالاً ودراسة، أما الطبعة الحالية فتعد بمثابة تحديث وإضافة للإصدار الأول، حيث ضمت كتابات جديدة، مع الحرص على التنوع في المادة بين التخصص الأكاديمي والنقد الانطباعي مع تقديم أصوات أحدث من أجيال مختلفة، وكذلك مراعاة عدم تكرار الأسماء النقدية التي سبق أن قدمت رؤيتها النقدية في الكثير من الإصدارات الموجودة حالياً في المكتبات. وتشير الرويني إلى أن حضور القصيدة وحضور الشاعر في الواقع والدراسات والتظاهرات وقاعات الدرس هو جزء من رؤية وفهم أمل دنقل لدور الشعر ووظيفته، فللقصيدة دور اجتماعي ودور جمالي عبر عنهما ذات مرة قائلاً:

ربما ننفق كل العمر كي نثقب ثغرة

ليمر النور للأجيال مرة

ويتضمن الكتاب أيضاً مقدمة الطبعة الأولى التي يتحدث فيها الناقد والأكاديمي الراحل سيد البحراوي عن بداية علاقته بأمل، موضحاً أنه رآه للمرة الأولى في «دار الأدباء» بالقاهرة عام 1972 حيث قادته إليه قصيدة «الكعكة الحجرية» التي قرأها معلقة على حائط كلية الآداب.

كان البحراوي يسمع عن أمل دنقل ويقرأ شعره قبل ذلك، لكن تلك القصيدة تحديداً بكثافتها العالية واندماجها المطلق في جوهر حركة التمرد الاجتماعي الطلابي آنذاك قادته إلى «دار الأدباء» ليسمع القصيدة نفسها، وليكتشف فيها طاقات جديدة أضفاها عليه إلقاء أمل وحضوره الخاص أمام الجمهور.

يقول سيد البحراوي: «خلال السنوات التالية، تشكلت عبر التقارب والتنافر، كما طبيعة معظم علاقات أمل، علاقة حميمية مستقرة غير عاطفية حتى في أحلك لحظات المرض تقوم على فهم متبادل عميق للجوهر الذي تقوم عليه شخصياتنا وللبشر من حولنا وللتحولات التي يمرون بها بفعل التطورات القاسية التي شهدتها تلك الفترة والتي كان أمل يعانيها بعمق وصلابة وصمود».

ويضيف الناقد الراحل: «وحين أتأمل الآن هذه الملامح الأولية لمثل هذه العلاقة فإنها تبدو لي مفتاحاً أساسياً لفهم شخصية أمل وإبداعه في الحياة والشعر، فرغم ما كان يبدو عليه من عنف وعدوانية وتقلب، كان في العمق إنساناً شديد التواصل والحميمية، والأهم تلك القدرة النادرة على النفاذ إلى ما وراء الأشياء والظواهر وهي قدرة يصعب تحليلها إلى عناصرها الأولى، فهي وعي كلي شمولي يعتمد على ذكاء فطري صقلته خبرة طويلة وحدس يكاد يعود إلى عهود المصريين القدماء ومعارف متنوعة».