مجلة «القافلة» السعودية: عام الحرف اليدويةhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/5100273-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%A9
في العدد الجديد من مجلة «القافلة» لشهري يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط) 2025، التي تصدر عن شركة «أرامكو السعودية»، تناولت الافتتاحية موضوع الأمثال الدارجة والميل للاستشهاد بها في الأحاديث اليومية، «باعتبارها وعاءً للحكمة ورابطة لامتدادنا الثقافي، ولقدرتها على اختزال الحدث أو المشهد في بضع كلمات».
وفي زاوية «قول في مقال» عقّب الدكتور عماد الصيّاد على موضوع الكاتبة فاطمة البغدادي، الذي تناول عنوان «كيف غـيَّرت الخيول مجرى التاريخ؟»، متناولاً ما يثار حول التحديد المكاني لبداية استئناس الخيول في العالم القديم.
وناقشت «قضية العدد» موضوع التربية الأبوية، والتشدّد في القسوة، جسدية أم لفظية، التي يمكن أن تكون مسيئة أكثر مما هي ضابطة ومحسنة، كما أن التراخي الذي يترك الطفل والمراهق من دون حسيب أو رقيب، يمكن أن يعطي نتائج سلبية. وشارك في تناول هذه القضية ثلاثة من الكتاب المتخصصين في هذا المجال.
أما باب «أدب وفنون»، فتناولت خلاله الكاتبة يارا المصري موضوع الترجمة المتبادلة بين الثقافتين العربية والصينية، تزامناً مع انطلاق الدورة الأولى لجائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين، والتي تأتي في صميم العلاقات الثقافية الصينية العربية، وترسيخاً للتعاونُ الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، ورافعة للتعاون في مجالات ثقافية متعددة تشمل التعليم والفنون واللغة والترجمة.
كما تضمن الباب إضاءة على سيرة الدكتور عبد الرحمن الطيّب الأنصاري، وآثاره وإنجازاته في التاريخ وعلم الآثار، والتأسيس الأكاديمي وتدريس علم الآثار، والذي امتد إلى ميادين التنقيب والكشف عن مواقع أثرية مهمة مثل موقع «الفاو» في نجد، كتبها الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد.
وفي زاوية «فرشاة وإزميل»، سلّطت روان طلال الضوء على أعمال وإبداعات الفنانة منال الضويّان، ومسيرتها الفنيّة، والتي سنحت لها الفرصة بتمثيل بلدها في «بينالي البندقية 2024»، بعد اثني عشر عاماً من العطاء، وتتويجاً لرحلتها الطويلة في عالم الإبداع والفن.
أما الكاتب والمفكّر العراقي د. عبد الجبار الرفاعي، فكتب مقالاً في زاوية «رأي ثقافي» تحت عنوان: «الهويّة المغلقة».
وفي باب «علوم وتكنولوجيا»، تناول الكاتب حسن الخاطر، موضوع استغلال النفايات البلاستيكية في البناء القابل للنفخ، كآخر ما تفتَق عنه خيال تصميم الأبنية، وكواحد من الحلول المستميتة في محاولة معالجة النفايات وإنقاذ الأنظمة البيئية. كما كتب أمين نجيب عن آخر ما توصّل إليه العلم في استغلال التفاعل الإيجابي بين البشر والكائنات الدقيقة، وهو ميكروبيوم البيئة المبنية، وآثاره على الصحة العامة، ودوره في تشكيل الحيّز الحضري.
وحيث أعلنت وزارة الثقافة في المملكة تسمية العام الحالي 2025 «عام الحِرف اليدوية»، تعزيزاً لهذا القطاع؛ لما له من أهمية على المستويين الثقافي والاقتصادي، تناول فريق تحرير القافلة والكاتبة شروق المرزوق، في باب «آفاق»، موضوع «الأسر المنتجة... الغراس والحصاد والآفاق الواعدة».
كما ناقشت شيرين أبو النجا مصطلحاً غير مألوف في الأدبيات العربية، بخلاف الأدبيات الغربية التي جاء منها عبر «الميديا» الحديثة، وهو مصطلح «الأكل الأخلاقي»، فكتبت عن «مراوغة المصطلح وصعوبة التنفيذ»، متسائلة: كيف يمكن لهذا الأكل الذي نعرفه أن يكون أخلاقياً؟ أما الدكتور أشرف فقيه فيأخذنا في جولة سياحية مصورة ماتعة على معالم مدينة شانغريلا، التي يقترن اسمها بمعاني الرفاهية وسحر الشرق الأقصى.
وفي «ملف العدد»، يتناول الكاتب عزّّت القمحاوي كل ما يتصل بـ«اليد»، بدءاً من اعتمادنا على مهاراتها واستخداماتها المتعددة في حياتنا اليومية، إلى حضورها بدلالات لا حصر لها في الثقافة الإنسانية.
جديرٌ بالذكر أن القافلة مجلة ثقافية متنوعة، تصدر عن «أرامكو السعودية» منذ عام 1953. تصدر حالياً كل شهرين.
عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «فلسفة هيوم: بين الشك والاعتقاد» الذي ألفه الباحث والأكاديمي المصري د. محمد فتحي الشنيطي عام 1956
لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.
كشفت أعمال التنقيب في الإمارات العربية المتحدة عن سلسلة كبيرة من المدافن الأثرية حوت كثيراً من الحلي والمجوهرات المصوغة من الذهب والفضة والنحاس والبرونز والرصاص
شهدت مرحلة ما بعد الحداثة صعودَ الكثير من المفاهيم والمصطلحات النقدية والثقافية والسوسيولوجية، ومنها مفهوم «نقد النقد» الذي أصبح إحدى أدوات التحليل والتفكيك والتشريح للعملية النقدية ذاتها.
وهناك حالياً، في المشهد النقدي والأكاديمي الحديث الكثير من المقاربات والمداخل والمناهج التي تناولت مفهوم «نقد النقد»، ونحن سنعمد في هذه القراءة إلى النظر لهذا المفهوم بوصفه خطاباً فلسفياً.
بدءاً، لا بد لنا ونحن نتحدث عن مفهوم «نقد النقد» (Metacriticism) من الوقوف قليلاً أمام مفهوم النقد ذاته قبل أن تستدرجنا البادئة «Meta» إلى معاينة مرآوية للذات أو الماهيات، أي الوصول إلى فضاء «نقد النقد» أو «ما وراء النقد».
من المعروف أن وظيفة النقد الأساسية هي محاولة وصف وتحليل وتقييم الأعمال والنصوص الإبداعية. وإذا ما كان النص الإبداعي يمثل لغة أولى، فإن النقد يمثل «لغة ثانية».
وكما يرى الناقد رينيه ويلبك في كتابه «مفاهيم نقدية»، فإن النقد الأدبي فنٌّ قائمٌ بذاته أو نوعٌ من الأنواع الأدبية، لكنه يشكك في كون النقد الأدبي فناً، ذلك أن هدف النقد هو المعرفة الفكرية وصولاً إلى معرفة منظمة تخص الأدب، أي إلى نظرية أدبية.
أما رولان بارت، من جهة أخرى، فيرى أن النقد خطابٌ حول خطاب، وهو قول ثانٍ أو لغة واصفة يمارس على قول أول.
ويخلص بارت إلى القول إنه إذا لم يكن النقد سوى قول واصف، فذاك معناه أن مهمة النقد ليست مطلقاً اكتشاف الحقائق، وإنما الصلاحيات فقط. ويحاول بارت من جهة أخرى الإعلاء من شأن العملية النقدية، ويضعها في مصاف العملية الإبداعية، فهو يذهب إلى اعتبار النقد إبداعاً، مؤكداً أن إمكانات النقد الراهنة تتمثل في أن الناقد قد أصبح كاتباً بمعنى الكلمة، وأن النقد غدا من الضروري أن يُقرأ ككتابة. ومن جهة أخرى يرى تودوروف أن النقد ليس ملحقاً سطحياً للأدب، وإنما هو قرينه الضروري.
أما وظيفة نقد النقد، التي حددتها إلى حد كبير البادئة «ميتا»، فهي تشير إلى حالة انعكاسية نحو الذات، أي نحو النقد نفسه، مما يجعل نقد النقد محاولةً لفهم آليات ومناهج وماهيات ومفاهيم العملية النقدية. فنقد النقد إذ يساعدنا على فهم مبادئ النقد الأدبي، فإنه في الوقت ذاته ينطوي على مساءلة لفرضيات ومناهج النظريات النقدية التي تتمحور حول مفهوم النقد. وإذا افترضنا أن النص الأدبي يمثل لغة أولى والنقد لغة ثانية، فيمكن أن نقول، قياساً على ذلك، إن نقد النقد هو لغة ثالثة.
ويذهب العالم اللساني سوريش رافال (Raval Suresh) في كتابه الموسوم «نقد النقد» (Metacricism) إلى أن مصطلح نقد النقد مرادف للفلسفة، لأنه عندما ينهمك النقاد بمشكلات النقد والنظرية النقدية، فإنهم يعكفون على تحليل النظريات الأدبية للآخرين وبيان نقاط القوة والمحدودية فيها.
ويعود رافال إلى الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانت، لأنه يعتقد أن كانت والكانتيين الجدد يوفرون خلفية ضرورية لدراسة قضايا النقد الحديث.
وعلى صعيد النقد العربي الحديث، يرى الناقد الجزائري حمزة بو ساجية أن نقد النقد جاء للنظر في تراكمات المنظومة النقدية، لتجعل من النقد موضوعاً لها وتسائله وتفحصه من أجل تجديد وتحديث مرتكزاتها النظرية وآلياتها الإجرائية، ويرى أن أي دراسة تجعل من نقد النقد موضوعاً للدراسة فإنها يلزمها العمل على تفكيك ذلك الفكر أو النقد الأدبي، واعتماد طريقة لمساءلته من خلال مقاربة الخطابات النقدية، وتفكيكها، والكشف عن خلفياتها، والحفر في مضامينها، وطريقة عمل آلياتها.
ويشير الباحث إلى أن النقد يجد نفسه في مواجهة ذاته. فالنقد هو خطاب على خطاب. فعلى المشتغل بخطاب نقد النقد أن يكون ملاحقاً لآثار الأول في الثاني، وسيرورة الثاني من خلال الأول. فالخطاب النقدي يشتغل على الخطاب الأدبي، أما خطاب نقد النقد فمدار اشتغاله الخطاب النقدي نفسه.
ويذهب الناقد العراقي الراحل باقر جاسم محمد، في دراسته الأكاديمية، التي نشرتها مجلة «عالم الفكر» الكويتية، إلى أن مفهوم نقد النقد يفتقد إلى الدقة والوضوح، وأنه يظل في الغالب أسير مفهوم النقد ذاته. ولذا يقترح مجموعة من المقترحات البديلة، للنظر إليه في ضوء خصوصيته. كما يدعو إلى توظيف مصطلح «ميتا نقد» بدل مصطلح «نقد النقد».
فمصطلح «Metahistory» مثلاً الذي يبتدئ بــ«Meta» مع كلمة تاريخ هي، على وفق ما ذهب إليه الناقد نورثروب فراي، المرادف لمصطلح فلسفة التاريخ، الذي يشير إلى المبادئ التي تتحكم في معرفة أي وضع تاريخي، ويرى أن مثالاً واضحاً لذلك يتمثل في منظور ماركس لـ«ميتا التاريخ»، أو فلسفة التاريخ، وهو أن التاريخ بكليته هو تاريخ للصراع الطبقي.
فالبحث في «الميتا» أو «الما وراء» هو أساساً بحث في الماهيات أو في جوهر الأشياء، كما أن البحث في الماهيات هو جزء أساسي من التفكير الفلسفي منذ أفلاطون وأرسطو وحتى اليوم. إذ تحدد الماهية معالم الجوهر في المثالية الأفلاطونية، إذ تتسم الماهية بديمومتها وعدم قدرتها على التعبير وأبديتها، ووجودها في كل عالم ممكن.
هذا ويعدُّ أرسطو أول من استخدم مصطلحي «هيولي» و«صورة»، إذْ حسب أرسطو تمتلك جميع الكينونات جانبي المادة والصورة، وتمنح الصورة المعنية المفروضة، المادة هويتها، أي ماهيتها أو لبها، أو ما يجعل المادة مادة.
ويعدّ أفلاطون أحد أول «الماهويين» الذين افترضوا مفهوم الصور المثلى أو الكينونة المجردة التي تكون فيها المواضيع المنفردة مجرد نسخ طبق الأصل عن بعضها البعض.
هذا وتشمل «الماهوية»، أي فلسفة مسلّمة بأسبقية «الماهية»، أي عكس «الوجودية» التي تفترض الوجود، ولذا تتعارض «الماهوية الميتافيزقية» مع «الواقعية الوجودية».
ومن هنا ينبغي تناول الأنطولوجيا «الماهوية» من منظور ميتافيزيقي، ومن الضروري التوافق عند دلالة الهيولي. فالهيولي في ذاته لا صورة له ولا صفة، لذلك يحتاج إلى الصورة لكي تجعله يوصف ويظهر وتتحدد معالمه أو ماهيته.
ويشير الناقد سوريش رافال في كتابه «نقد النقد» إلى أن البادئة «Meta» من البادئات الشائعة الآن، في مرحلة ما بعد الحداثة. إذْ يرى رافال أن مصطلح «نقد النقد» هو إلى حدٍ كبير مرادف لمصطلح الفلسفة، وعندما ينهمك النقاد بالتحليل الفلسفي للنقد والنظرية النقدية فإنهم يقومون بعملية «نقد النقد».
ولذا فإن «نقد النقد» باختصار هو استقصاء حول فرضيات ومناهج النظريات النقدية وبالقضايا المتعلقة بالمواقف النقدية، ومنها فحص منطق البحث النقدي، بشكل خاص.
وفي مساجلة أخرى. يرى الناقد باري.أ. ويلسون في الموسوعة النظرية الأدبية أن «نقد النقد» في الاستعمال الراهن يقوم بفحص النظريات أو المداخل النقدية المؤدية إلى المعنى النصي، وعلاقات «المؤلف - النص - القارئ»، والمعايير التي ينبغي الحكم بها على النصوص والمنتجات الثقافية الأخرى، وأحياناً يُشار إلى «نقد النقد» بوصفه هرمنيوطيقا، أو بوصفه «ما وراء التفسير»، حيث تلعب قضايا التفسير دوراً رئيساً في «نقد النقد». ويرى الناقد أن من القضايا التي يقوم بها «نقد النقد» مسألة التركيز على المنهجية.
وظيفة النقد الأساسية هي محاولة وصف وتحليل وتقييم الأعمال والنصوص الإبداعية
ويذهب الناقد إلى أن أصول نقد النقد ترجع إلى الفكر اليوناني القديم، وابتدأ في زمن كان يتم فيه التشكيك في العقيدة الأولمبية التقليدية، أو نصوصها الداعمة مثل أشعار هوميروس وهسيود. وكان أفلاطون قد رفض في كتابه «الجمهورية» الكثير من الأدب اليوناني من زاوية نظر شبه أخلاقية وقيمية.
ويرى الناقد بري.ا. ويلسون أن المدخل الهرمنيوطيقي لنقد النقد، يؤكد تعدد التفسيرات بالنسبة للمفسرين، وعلى وفق المرحلة التاريخية التي يعيشون فيها.
وتذهب موسوعة النظرية الأدبية المعاصرة إلى أن «نقد النقد» هو خطاب نظري عن طبيعة وغايات النقد الأدبي، وأن مهمته هي الفحص النقدي للنقد، ومصطلحاته التقنية، وبنيته المنطقية، ومبادئه وافتراضاته الأساسية، وما يستتبع ذلك بنطاق أوسع، لخلق نظرية ثقافية.
وكما أشرنا تواً فإن أصول «نقد النقد» ترجع إلى الفكر اليوناني، عندما رفض أفلاطون في كتابه «الجمهورية» كثيراً من الأدب اليوناني الكلاسيكي.
وإذا ما كانت اتجاهات ما بعد الحداثة قد أبدت اهتماماً خاصاً بمفهوم نقد النقد، فإنها حاولت أن تضفي عليه مسحة فلسفية بسبب تركيزه على تفكيك الماهيات، وهو ما دفعنا في قراءتنا الحالية إلى تبني المقاربات التي تتعامل مع نقد النقد بوصفه خطاباً فلسفياً.