حصاة بن صلت... أهي قبلة بيت الصلاة؟

تشهد لفن تصويري يعكس أثر ميراث بلاد السند

النقش التصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بن صلت، مع رسم توثيقي له
النقش التصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بن صلت، مع رسم توثيقي له
TT

حصاة بن صلت... أهي قبلة بيت الصلاة؟

النقش التصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بن صلت، مع رسم توثيقي له
النقش التصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بن صلت، مع رسم توثيقي له

وصل العالم الجيولوجي الأميركي روبرت كولمان إلى عُمان في خريف 1973 لإنجاز دراسة علمية معمّقة تتناول تكوين طبقات أرض هذه البلاد، وعاد إلى موطنه في شتاء 1974 بعدما أنهى مهمته الاستكشافية. توقّف الباحث خلال تجواله أمام شواهد الفنون الصخرية التي تشكّل أقدم أنواع التدوين الإنساني، وأشار إلى صخرة كبيرة تتميز بنقوش تصويرية آدمية ناتئة. أثارت هذه الصخرة فضول العلماء منذ ذلك التاريخ، وعُرفت باسم «صخرة كولمان»، نسبة إلى الجيولوجي الذي سلّط الضوء عليها، وهي في الواقع صخرة معروفة محلياً، وتسمّى في موطنها حصاة بن صلت، نسبة إلى فارس أسطوري يُدعى صلت، تناقل الرواة قصته على مدى أجيال.

تقع هذه الصخرة في ولاية الحمراء، في محافظة الداخلية، وتبعد نحو كيلومتر من مركز هذه الولاية، حيث تنتصب وسط وادي الخوض، ملتقى أودية المنطقة، عند سفح موقع قرن كدم الذي يحوي العديد من المعالم الأثرية. ترتفع حصاة بن صلت نحو 3 أمتار عن قاع الوادي، وسط أشجار مورقة تحيط بها من 3 جهات، ويذكّر اسمها باسم «معبد تي صلت» الأثري الذي يقع غرب جبل كدم، ما بين موقع قرن كدم وقرية غمر. يعود هذا المعبد إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويحمل اسماً باللغة السلوتية يشير إلى «بيت الصلاة»، ويرى البعض أن الصخرة التي تُسمّى حصاة بن صلت تشكّل قبلة له، غير أن هذه القراءة تفتقر إلى أي سند، وتبقى افتراضية.

في المقابل، يتناقل الرواة جيلاً بعد آخر قصة تدخل في خانة الأدب الشعبي، بطلها فارس مغوار يُدعى صلت، تربّص به أعداؤه، فغمروا الطريق التي يسلكها بالمياه حتى صارت وحلاً. وقع الفارس في هذه المصيدة حين انغرست قوائم حصانه في الوحل، فترجّل عنه، وأخرجه من هذا الوحل، وحين وجد نفسه أمام الصخرة التي تحدّ طريقه، عاد إلى الخلف، وانطلق بسرعة، ونجح في اجتيازها بعد أن ضرب حصانه بقوائمه قمة هذه الحصاة، فأحدثت حفرة لا تزال باقية، كما تركت أثراً للدماء التي سالت منها، تشهد له البقع الحمراء التي لا تزال ظاهرة في الجانب الغربي من الحصاة. تدخل هذه القصة في خانة الحكايات الشعبية التي تأسّست على نقوش صخرية تصويرية، ولا تشكّل بالتالي أي أساس علمي لقراءة المشهد التصويري الذي يمثّله هذا النقش، وهو نقش ناتئ، بخلاف ما نراه في نقوش سلطنة عمان الأثرية الصخرية، ولا نجد ما يماثله في ميراث جنوب شرقي الجزيرة العربي الخاص بهذا الميدان.

يعود هذا المشهد التصويري إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد كما يرجّح كبار المختصين، ويتألف من صورتين. تحضر الصورة الأولى على الوجه الجنوبي، وتجمع بين 4 أشخاص بقيت معالم 3 منهم ظاهرة، وتآكلت ملامح رابعهم. في المقابل، تحضر الصورة الثانية على الوجه الشمالي، وتجمع بين 3 أشخاص، طمس الزمن ملامح اثنين منهم بشكل شبه كامل. يحضر هذا النقش على مساحة صخرية مليئة بالنتوءات، ولا يمكن قراءة عناصره بشكل جليّ إلا من خلال الرسوم التوثيقية العلمية.

على الوجه الجنوبي، يحضر في الوسط رجل يرتدي مئزراً، يقف منتصباً، رافعاً ذراعيه نحو الأعلى، حاملاً بيده اليمنى أداة تمثّل على الأرجح سلاحاً ذا طرف حاد. يظهر هذا المحارب في وضعية المواجهة، على ارتفاع مترين ونصف المتر، وتظهر قدماه في وضعية جانبية. يحد مئزره حزام تزينه سلسلة من الحبات الكروية، وتظهر على قدمه اليسرى حبات مشابهة مرصوفة عمودياً، مما يوحي بأنه ينتعل حذاء طويلاً من النوع الذي يُعرف بالجزمة. ملامح الوجه ظاهرة، وتتكوّن من عينين دائريتين فارغتين، وأنف مستطيل أفطح، وفم مطبق صغير، يتوسّطه شقّ أفقي يحدّ شفتيه. الكتفان عريضتان ومقوّستان، والصدر أملس وعارٍ من أي تفاصيل تشريحية. اليدان ظاهرتان، وتتمثّل ملامح اليمنى بـ5 أصابع تقبض على السلاح المنسلّ في الأفق، كما تتمثّل ملامح اليسرى بـ5 أصابع متراصفة كأسنان المشط.

عن يمين هذا المحارب، يحضر شخص يقف كذلك في وضعية المواجهة، وتشير ملامح وجهه وشعره الطويل إلى هوية أنثوية، وتتأكد هذه الهوية بحضور دائرتين مجردتين تستقران أفقياً عند أعلى الصدر. تبدو هذه المرأة زوجة لهذا المحارب، وتماثل ملامح وجهها ملامح رفيقها من حيث التكوين. يبلغ طول هذه المرأة 1.25 متر، وتحضر منتصبة في وقفة جامدة تخلو من أي حركة، مرتديةً ثوباً بسيطاً يعلوه حزام يلتفّ حول الخصر، وتبدو ذراعاها متصلتين ببدنها. عن يسار المحارب، عند أقصى طرف وجه الصخرة الجنوبي، يظهر شخص ثالث صوّر بقياس أصغر حجماً، ممّا يوحي بأنه ابن هذين الزوجين. يبلغ طول هذا الفتى 80 سنتيمتراً، ويماثل في وقفته وقفة أمه، ويظهر وجهه بشكل جلي، وهو وجه دائري، وملامحه مماثلة لملامح والديه.

تقدّم الصورتان الجامعتان المنشورتان مشهداً يصعب فك رموزه ودلالته والأرجح أنه يعكس وجهاً من وجوه الروابط الاجتماعية في الحقبة التي عُرفت فيها شبه جزيرة عُمان باسم ماجان

في الطرف المقابل، يظهر الشخص الرابع الذي امّحت ملامحه، وهو رجل يبلغ طوله 1.55 متر، يقف في وضعية مماثلة، مرتدياً مئزراً مماثلاً لمئزر جاره المحارب. يرفع هذا الرجل ذراعه اليمنى نحو الأعلى، حاملاً بيده أداة امّحت صورتها، ويرخي ذراعه اليسرى نحو الأسفل. يتكرّر حضور هذا الرجل على الوجه الشمالي للصخرة، وتبدو ذراعاه منسدلتين نحو الأسفل. إلى جانب هذا الرجل، يحضر من جهة اليسار شخصان امّحت معالمهما، وهما يمثلان رجلاً وامرأة، كما توحي الصور الفوتوغرافية التي التُقطت منذ نصف قرن.

تقدّم هاتان الصورتان الجامعتان مشهداً يصعب فك رموزه ودلالته، والأرجح أنه يعكس وجهاً من وجوه الروابط الاجتماعية التي نشأت في تلك الحقبة التي عُرفت فيها شبه جزيرة عُمان باسم ماجان. على الصعيد الفني، تشابه قامات هذا المشهد في تكوينها قامات تحضر في شواهد أثرية أخرى معاصرة لها، وتشهد لفن تصويري يعكس أثر ميراث بلاد السند الفني، كما تؤكّد الدراسات الخاصة بهذا الميدان.


مقالات ذات صلة

«نداء القرنفل» لمصطفى موسى

ثقافة وفنون «نداء القرنفل» لمصطفى موسى

«نداء القرنفل» لمصطفى موسى

صدر حديثاً عن دار «نوفل- هاشيت أنطوان» رواية «نداء القرنفل» للكاتب المصري مصطفى موسى، التي يطعّمها الكاتب بالأحداث السياسية من دون أن تحضر التواريخ بشكل مباشر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة

الجهل... أخطر وأكثر من مجرّد نقص في المعرفة

سرد الفيلسوف اليوناني أفلاطون في كتابه «الجمهوريّة» حكاية الكهف الرمزيّة، التي ما لبثت أن أصبحت الصورة الأكثر شهرة عن «الجهل» في مجمل تاريخ الفلسفة.

ندى حطيط
ثقافة وفنون سركون بولص (يمين) ووديع سعادة في «مهرجان لوديف» عام 2007

«رسائل وقصائد بين سركون بولص ووديع سعادة» تبصر النور

تعرّف الشاعر اللبناني وديع سعادة إلى سركون بولص في السنة التي وصل فيها الشاعر العراقي إلى لبنان سنة 1968، بحسب ما يروي، قاطعاً الصحراء سيراً على الأقدام.

سوسن الأبطح (بيروت)
ثقافة وفنون المفكّر والأكاديمي السعودي د. مرزوق بن صنيتان بن تنباك

مرزوق بن تنباك... «البدوي» الخارج عن النسق

كرّم وزراء الثقافة في مجلس التعاون الخليجي، مساء اليوم في الدوحة، المفكّر والأكاديمي السعودي الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
كتب ميشيل فوكو

من «إيخمان في القدس» إلى «من أجل السماء»

حين تكون الضحية نتاجاً لثنائية متضامنة: غياب العقل وعبثية الشر.

شرف الدين ماجدولين

هل تؤدي الأمراض العقلية إلى إنتاج شعر عظيم؟

ألن غينسبرغ
ألن غينسبرغ
TT

هل تؤدي الأمراض العقلية إلى إنتاج شعر عظيم؟

ألن غينسبرغ
ألن غينسبرغ

أعاد نشر كتاب ستيفن م. واين، الذي جاء بعنوان «أفضل العقول: كيف صنع آلن غينسبرغ شعراً ثورياً من الجنون»، في العام الماضي، طرح التساؤلات الدائمة حول العلاقة بين الصحة العقلية والقدرة على الإبداع، وكما يوحي العنوان فإن هذه الأسئلة تبدو أدبية واجتماعية وسياسية في آن واحد.

فهل تؤدي الأمراض العقلية إلى إنتاج شعر عظيم؟ لقد واجه العديد من الشعراء، المشهورين وغير المشهورين، من العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر مشاكل الصحة العقلية بدرجات متفاوتة، لكن هل يؤدي هذا إلى جعلهم متميزين أدبياً؟ كيف نتعامل مع مثل هذه الأسئلة التي لا تخلو من التعقيد في حد ذاتها؟

بغض النظر عن أي تقييم لـ«العظمة» و«التميز» التي يمكن أن يتجادل بشأنهما حراس القوائم الأدبية الثابتة، فإننا في حاجة إلى توخي الحذر من الالتفاف حول ما يُسمى بـ«الشاعر الملعون»، أو المحكوم عليه بالهلاك، خصوصاً الميل إلى إضفاء طابع رومانسي، بل وحتى تقديس، على مثل هؤلاء الشعراء وأعمالهم.

ولا شك أن هناك تقاليد قديمة منتشرة عبر العديد من الثقافات في التعامل مع «الجنون» باعتباره وسيلة للحصول على رؤية والتنوير والنبوءة، وكثيراً ما تم اعتبار أولئك الذين عُدُّوا «مجانين» باعتبارهم ذوي رؤية، وحاملي الحقيقة التي تتعارض مع تفاصيل الحياة اليومية العادية، ومخربين لأنظمة المجتمع «المتحضر».

وقد تعقدت مثل هذه التقاليد المتمثلة في تمجيد «الغرباء» باعتبارهم شعراء في مجتمع ما بعد الصناعي (في علم الاجتماع، يعدُّ المجتمع ما بعد الصناعي مرحلة تطور المجتمع الذي يوّلد في اقتصاده قطاع الخدمات ثروةً أكبر من قطاع الصناعة)، إذ يضع واين «الجنون» في إطار ثقافي، بينما يضع «المرض العقلي» في إطار سريري، حيث يتم تصنيف الأخير على أنه مرضي وفقاً لما سماه ميشيل فوكو بـ«النظرة السريرية» لمؤسسات المجتمع، وتخضع تعريفات هذه النظرة للتغيرات الآيديولوجية والتقنية في تلك المجتمعات.

ومن الأمثلة على ذلك الولايات المتحدة في ذروة جنون الحرب الباردة و«قوانين جيم كرو» (مصطلح أصبح شائع الاستخدام في الغرب في ثمانينات القرن التاسع عشر الميلادي، عندما صار الفصل الاجتماعي مشروعاً في كثير من الأجزاء الجنوبية للولايات المتحدة)، وحركات الحقوق المدنية والقومية السوداء والحركات المناهضة للحرب التي كانت بمثابة رد مباشر على السياسة اللاإنسانية في ذلك الوقت، فقد كان هذا المجتمع يصنف «الآخر» على أنه حالة مرضية، وكانت الصورة المثالية للمواطنين الوطنيين من البيض من الطبقة المتوسطة، والمستقيمين والمستهلكين الموجهين نحو العائلة، هم القاعدة، فيما كان يُنظَر إلى الانحرافات بعين الريبة، إذ مثلت تهديداً يجب تحييده أو احتواؤه في حالة الفشل من أجل «سلامة» الأمة وأمنها.

ووصف ألن غينسبرغ هذا الأمر بـ«متلازمة الإغلاق»، إذ اعتبر أن المجتمع «الصحي» هو ذلك الذي يطلب الامتثال المطلق لقواعده، وإنكار الجسد أو الوعي الفردي أو الخبرة أو اللغة، من خلال تقديم الوفرة المادية (لقلة مختارة من المواطنين).

لكن الشعراء الأميركيين مثل ألن غينسبرغ، وبوب كوفمان، وإليز كوين، وواندا كولمان، الذين عانى كل منهم من مشكلات الصحة العقلية وواجهوا تلك التجارب في فنهم، خرقوا هذه الهياكل الثابتة، إذ ألقوا الضوء على الأثر البشري الفردي للكفاح ضد مثل هذا المناخ من الخوف والخدر.

ومن خلال ذلك، كشف هؤلاء الشعراء عن مرض المجتمع الذي سعى إلى إضفاء طابع مرضي عليهم واحتوائهم، إذ عبر كل من هؤلاء الشعراء الأربعة، من خلال أسلوبهم الشعري الفريد، عن حساسية أوجزها الروائي جاك كيرواك في كتابه «الإيمان والتقنيات في النثر الحديث» (1959): «لا خوف أو خجل من كرامة تجربتك أو لغتك أو معرفتك».

وبصفته طبيباً نفسياً، يقدم وين منظوراً مميزاً لسيرة غينسبرغ المعروفة جيداً، فهو تناول جميع المراحل الرئيسية فيها، خصوصاً تلك المتعلقة بالعلاقة بين الشعر وفهم غينسبرغ المتغير لـ«الجنون».

منذ صغره، شهد غينسبرغ الصراعات المروعة التي خاضتها والدته نعومي مع الفصام البارانويدي، إذ أمضت عقدين من الزمان تعاني منه في المستشفيات النفسية وخارجها.

وكانت تجربة غينسبرغ الشخصية في معهد الطب النفسي التابع لمستشفى كولومبيا بريسبتيريان، حيث كان مريضاً لمدة ثمانية أشهر في عام 1949، بمثابة حافز، فهناك التقى كارل سولومون، الذي أهدى إليه قصيدة «Howl» (عواء)، التي تعد من أشهر قصائده، كما زرعت هذه التجربة أيضاً بذوراً شعرية داخله قائمة على التعاطف والاستشفاء، قام غينسبرغ بتطويرها على مدار مسيرته المهنية.

وتعدُّ «Howl» قصيدة رثاء صريح، وتتضمن نداءً للشفقة الإنسانية والخلاص، فالسطر الافتتاحي للقصيدة، ليس واضحاً كما يبدو للبعض، وذلك على الرغم من كونه من أحد أكثر الأسطر التي يتم اقتباسها في الشعر الأميركي في القرن العشرين، إذ يقول فيه:

«لقد رأيت أفضل عقول جيلي يدمرها الجنون، والجوع، والهستيريا، والعري»

فهل هذا «الجنون» مرتبط بـ«أفضل العقول»؟ أم هل هو الجنون المدمر للمجتمع نفسه؟ هناك غموض مُتعمَد هنا، يوضحه غينسبرغ جزئياً من خلال السؤال والإجابة في بداية الجزء الثاني من القصيدة.

إن العقل المقصود في قصيدة غينسبرغ هو عقل غير مرتبط بأي قيمة إنسانية، إنه عقل مجرد، منفصل عن القلب والجسد، ولذا فإن الخروج من هذا العقل قد يعني الحفاظ على إنسانيتك، لكن هذا يجعلك مشكلة للمجتمع.

وكما يشير وين، فإن غينسبرغ فهم هذا من خلال الطبيعة الثنائية للجنون باعتباره «إما محرراً أو ضاراً»، وقاده استكشافه للتوترات بين هذين المنظورين إلى تناول هذه المفاهيم بشكل كبير في شعره.

وليس من قبيل المصادفة أن قصيدة «Howl» استُوحيت، جزئياً، من قصيدة كريستوفر سمارت «Jubilate Agno»، التي كتبها الأخير أثناء احتجازه في مصحة لعلاج ما يُعتقد الآن أنه كان اكتئاباً، كما استلهم غينسبرغ أيضاً من قصيدة «Ode to Walt Whitman» لفديريكو غارسيا لوركا، الذي عانى أيضاً من الاكتئاب والقلق بعد اكتشاف ميوله الجنسية، والمقدمة الأولى لقصيدة «At the Top of My Voice» لفلاديمير ماياكوفسكي، الذي انتحر عام 1930.

وعندما أصر غينسبرغ، في الجزء الثالث من قصيدة «Howl»، على أن الروح بريئة وخالدة ولا ينبغي لها أبداً أن تموت في مستشفى مجانين محروسة بالأسلحة، فإنه يشير إلى حياة تتجاوز الهياكل التي تشخص ما هو في جوهره مقدس وغير قابل للاحتواء على أنه مريض.

وقد طوّر غينسبرغ شعره في أعماله اللاحقة، مثل قصيدة «Kaddish» في عام 1962، وهي قصيدة رثاء مؤلمة من محب لأمه التي توفيت في مستشفى «Pilgrim State» قبل فترة وجيزة من نشر قصيدة «Howl» (عواء).