الرواية وأسلوب «ما بعد اليفاعة»

يتطلع الكتاب المعمّر إلى الطمأنينة أكثر من أي شيء آخر

حنا مينه
حنا مينه
TT

الرواية وأسلوب «ما بعد اليفاعة»

حنا مينه
حنا مينه

يمكن تفسير أسلوب ما بعد اليفاعة بوصفه صيغة تواؤم مع الحياة والكتابة بعد انقشاع أوهام البدايات، وإيناع الشكوك حول اختيارات «وهج الإنجاز السريع»، واستيعاب الأخطاء والتعلُّم من إيقاع الزمن، بل يمكن اعتبار الأسلوب في هذا المقام قرين المسافة؛ إذ يستقر الإيمان والاختيار والانتماء للأفكار والتعابير والمرجعيات والموضوعات خارج نطاق الاكتشاف والحماس والعاطفة. معنى مختلف، إلى حد ما، عمّا قصده إدوارد سعيد بـ«الأسلوب المتأخر»، ذلك الذي يحدث ويكتسب ملامحه بعد فوات الأوان، مقترناً بإحساس مأساوي بالزمن، فيبدو في غير محله.

قد تكون الرواية أبلغ الفنون تعبيراً عن أسلوب «ما بعد اليفاعة» في سعيها لتمثيل مكابدة المسافة، بما أنها تتعلق بقياس مفارقات البدايات والمصائر، خبرة لا تتأتى في اليفاعة ظاهرياً، وإنما عبر ما سمّاه ديريدا بـ«الإرجاء في العلاقة بالمعنى»، بترك الصور تكتمل عبر الاختمار في الذاكرة، إذ تكتب الرواية برغبة لاعجة لفهم ما مضى، وما تحصل في جراب العمر من خطوب وتحولات، فتتجلى بما هي تأمل في النوازع الإنسانية العصية على الفهم، المحتاجة دوماً إلى امتحان صلتها بالمعنى والعدم، على حد سواء، ومساءلة للمعتقدات والأفكار المتراسلة عبر التاريخ، عن الكون والإنسان. وعادة ما نعثر في الأعمال الروائية التي تُنعث بالطليعية على مقومات تبديل القناعات، بحيث يمكن أن تخرج بعد قراءتها من سكينة اليقين، إلى جحيم الشك، ذلك ما تحققه نصوص من قبيل «الإنجيل يرويه يسوع المسيح» لجوزيه ساراماغو، ورواية «الأحمر والأسود» لستاندال، و«الغريب» لألبير كامو، وغيرها من الروايات الخالدة، إنها الخاصية الذي تجعل الرواية تمثل بما هي مراجعة لجوهر الإيمان، وسعياً إلى سرديات نقيضة.

غسان كنفاني

والمفترض أن تكتب هذه الروايات المنطوية على مراجعات جذرية بخصوص العقيدة والوجود في سن متقدمة، سيما أن روائيين كثيرين اختاروا الانحياز لأسلوب ما بعد اليفاعة، أي التعبير الروائي، في سن ما بعد الأربعين. بيد أن تفاصيل شديدة الدلالة تجعل قارئ الرواية وناقدها والمتأمل لعوالمها يراجعون مبدأ اقتران أسلوب ما بعد اليفاعة بخريف العمر؛ إذ لم تكن رواية «الغريب» الصادرة سنة 1942 لألبير كامو، وهو في سن التاسعة والعشرين من عمره، إلا مثالاً على ارتباك هذه القاعدة، التي قد يكون رسخها صدور أعمال من قبيل «الإنجيل يرويه يسوع المسيح» في التاسعة والستين من عمر صاحبها، أي في غمار الخريف الذاهب بعنفوان الجسد والذهن.

وجدير بالذكر في هذا السياق، أن الروائي الفرنسي أندري مالرو لم يكن يتجاوز سن الثالثة والثلاثين حين حصل على جائزة الغونكور عن عمله «الشرط الإنساني»، وهي الرواية المتحفية عن جوهر الإرادة المجافية للشر، التي تغدو مكبلة للواجب، وفي تناقض مع مبدأ مكابدة العيش. لقد كان مالرو مقاتلاً في حروب عدة، من الحربين العالميتين الأولى والثانية، إلى الحرب الأهلية الإسبانية، إذ تطوّع فيها ضمن صفوف الجمهوريين، وكانت التجربة أكبر من السنوات التي تحوّل فيها إلى مقاتل وشاهد، ثم مناضل مناهض للاستعمار ومقاوم للغزاة والفاشيين. أستحضر رواية «الشرط الإنساني» جنباً إلى جنب مع «رجال في الشمس» لغسان كنفاني، التي لم تجاوز عتبات الشرط الإنساني، إذ ارتكزت مدارات التخييل فيها على قاعدة استسلام الإنسان إلى قدره بتفاهة ودون مقاومة، لقد كتبها كنفاني وهو في السابعة والعشرين من عمره، وهو المناضل الفلسطيني الذي عاش معترك الثورة وتغريباتها المتراسلة، قبل أن يقضي في يفاعته البهية شهيداً، كانت الرؤية مرة أخرى بعيدة عن خريف العمر، إنما ناضجة، وآتية من قعر الزمن والذاكرة، لفحتها قسوة المنابذ والمنافي والحروب.

فولكنر

هل قدر الرواية أن يعوض فيها قدر الوجود على شفير الموت، ومجاورة الخطر، حكمة خريف العمر؟ لا تستقيم هذه القاعدة في سياق محفوف بالالتباسات والأقدار المتضاربة والمتنائية، فحين نشر فوكنر روايته «المحراب»، وهي من أكثر النصوص الروائية عمقاً وفتنة على امتداد تاريخ الرواية الحديث، كان في الرابعة والثلاثين من العمر، دون أمجاد تذكر، ولا أحداث أو مغامرات فارقة، بعد مسيرة خاملة في إحدى مدن ولاية المسيسيبي الأميركية، كانت حياة هادئة لا تليق بكاتب روايات الرعب والصخب التي أصدرها تباعاً. لقد كتب «المحراب» بنهم إلى الحياة ظاهر؛ حيث كان القصد تدبيج نص مثير وصاعق يفتن القراء، وخلال ثلاثة أسابيع كان قد أكمل أحد أكثر أعماله عمقاً ونضجاً إنسانياً، ولم يكن هذا النص الرؤيوي، الذي بات من أشهر الكلاسيكيات الروائية، إلا حكاية فظاعة النفس البشرية واجترائها على المحرمات، كانت الرواية تنضح بإشراقات أسلوب ما بعد اليفاعة، تلك التي وسمها أندري مالرو حين قدمها للجمهور الفرنسي سنة 1933 بقوله: «إنها إقحام للرواية البوليسية في التراجيديا الإغريقية».

لكن لنعد إلى تجربة ساراماغو نفسها؛ حيث يتجلّى العمل بما هو صيغة دنيوية للإنجيل المقدس، فيشخص يسوع في بشريته. لقد كتبت الرواية بثقل السنوات النافذة من شبكة العين العتيقة المطلة من شرفة السبعين على الماضي الذي عبّر فيه الكاتب العقائد الدينية والسياسية والنضالية قبل أن يستقر على العقيدة الروائية التي جعلته ينهي سرديته على إيقاع فجائعي، يرافق لحظة انقشاع الوهم.

وفي لقطة مماثلة تدل على قنوط بالزمن، سُرّبت وصيتا غارسيا ماركيز، وحنا مينة قبل وفاتيهما بمدة، كما ترددت شائعات كثيرة حول موتهما، لعل المشترك في الوصيتين معاً هو استرسال الصوتين في السرد المتأمل والتركيز على قيم حياتية أثيلة في الروايات. رسالتان للقارئ ليستا عن الموت وإنما عما ينبغي أن يكون وعي القارئ الحي به وبالحياة بالأحرى، دونما شعور كارثي أو حسرة أو شهوة للخلاص، وإنما بنفس أسلوبي ضاج بنبض ما بعد اليفاعة. إذ الطهرانية نقيض الرواية المعجونة بالتوق للاسترسال، لهذا يتطلع الروائي المعمّر، في سطوره الأخيرة، إلى الطمأنينة، أكثر من أي شيء آخر، بعد شبع صادق من فتن خصيبة عيشت لتُروى.

تلفت الانتباه عبارة لا تخلو من سخرية في وصية حنا مينة، تقول: «عمرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت»، تختزل جوهر الروائي المتزن العميق والشجاع على حد سواء، فبخلاف القادمين إلى الكتابة الروائية من مسارات مهنية وأكاديمية مختلفة، وتجارب حياتية مرفهة بمعنى ما، ينتمي حنا إلى زمرة الروائيين القادمين إلى الكتابة من معترك العمل اليدوي وفن مكابدة الدروب والوجوه والشهوة والظمأ، التعلُّم نفسه تجلّى بما هو وسيلة نورانية لا تمت بصلة لتحصيل القوت، تُشبه حياته حياة فنانين انطباعيين ممن تحول في اعتقادهم التعبير إلى هوية وانتماء، يمكن أن يأخذ صاحبه إلى تخوم قصوى، دون عجلة في التطلُّع إلى ما بعد ذلك من إنجاز وتحقق.

ليس من شك، أن أحد الأسباب الرئيسية لذيوع الرواية ورواج أنواعها وانتشارها، أنها تحقق مآرب انقلابية عظيمة على الأمد البعيد، وتحسن معارفنا بالمجتمع والتاريخ، وبالمدن والحضارات، وبالنفس البشرية؛ وتسهم بشكل ما في تحويل استعمالاتنا للغة ومفرداتها ومجازاتها، وتملأ ما لا يُملأ من لحظات الوجود، خارج مطحنة التواصل مع الآخرين. بيد أن الأهم والأكثر تأثيراً فوق كل ذلك هو تمكينها القارئ من إدراك معنى الأسلوب، الذي هو قرين النضج، ووعي الاستمرارية.


مقالات ذات صلة

ما الذي تبقى من الاستشراق؟

ثقافة وفنون أرنست رينان

ما الذي تبقى من الاستشراق؟

أثار المفكر المرموق أنور عبد الملك في حينه (1962) موضوعاً مهماً، وهو يعرض لأزمة الاستشراق.

د. محسن جاسم الموسوي
ثقافة وفنون جوهر التاريخ وروح الأسطورة في منعطفات النص

جوهر التاريخ وروح الأسطورة في منعطفات النص

منذ رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، وحتى أعمال إلياس خوري، وقبلهما التوحيدي والجاحظ، هناك أنواع متعدّدة من السرد.

قاسم حداد
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون تمثالان من متحف البحرين الوطني بالمنامة (مقبرة الحجر الأثرية)

سيّدتا الحجر تحافظان على سرّ هويتهما الفنية

كشف أثري بمقبرة في بلدة بالبحرين، تم العثور فيها على تمثالين أنثويين في مدفن فارغ من أي عظام بشرية، ويتميّزان بأسلوب فني فريد من نوعه.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون «أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة

«أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة

ديوان جديد للشاعر المصري سامح محجوب يستعيد من خلال أجوائه جماليات قصيدة التفعيلة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سيّدتا الحجر تحافظان على سرّ هويتهما الفنية

تمثالان من متحف البحرين الوطني بالمنامة (مقبرة الحجر الأثرية)
تمثالان من متحف البحرين الوطني بالمنامة (مقبرة الحجر الأثرية)
TT

سيّدتا الحجر تحافظان على سرّ هويتهما الفنية

تمثالان من متحف البحرين الوطني بالمنامة (مقبرة الحجر الأثرية)
تمثالان من متحف البحرين الوطني بالمنامة (مقبرة الحجر الأثرية)

تحوي جزيرة البحرين سلسلة كبيرة من المقابر الأثرية، منها مقبرة تُعرف باسم الحجر، تضم مجموعة كبيرة من المدافن الفردية والجماعية، تختزل تاريخاً طويلاً من التقاليد الجنائزية يمتد من الألفية الثانية قبل الميلاد إلى القرون الأولى من عصرنا. في هذه المقبرة التي لم تكشف بعد عن كل مكوّناتها، تم العثور على تمثالين أنثويين في مدفن فارغ من أي عظام بشرية، ويتميّزان بأسلوب فني لا نجد ما يشابهه في مدافن البحرين الغنية بشواهد القبور التصويرية الآدمية، ويشكّلان معاً حالة فريدة في هذا الميدان الأثري الذي ظهرت معالمه تدريجياً خلال أعمال المسح المتواصلة في العقود الأخيرة.

تحمل مقبرة الحجر اسم القرية التي تجاورها، وتحدّها جنوباً قرية أخرى تُعرف باسم القدم. تتوسط المقبرة هاتين القريتين المشرفتين على شارع البديع في المحافظة الشمالية، وتشكل موقعاً أثرياً واسعاً استكشفته إدارة الآثار البحرينية في مطلع السبعينات. تبيّن سريعاً أن هذا الموقع يحوي مقبرة تعود إلى مرحلة استيطانية موغلة في القدم، برزت فيها البحرين حاضرةً من إقليم وسيط امتدّ على ساحل الخليج، عُرف باسم دلمون. أنشئت هذه المقبرة خلال فترة دلمون المبكرة، بين عامي 2000 و1880 قبل الميلاد، وتطوّرت خلال فترة دلمون الوسطى، بين 1400 و1300 يوم خضعت البلاد لسلطة سلالة الكاشيين التي حكمت بلاد الرافدين بعد انهيار دولة بابل الأولى، كما جرى استخدامها في حقبة دلمون الأخيرة، بين 900 و800 قبل الميلاد.

تواصل هذا الاستخدام في الحقبة التالية التي شهدت غياب اسم دلمون، حيث برزت البحرين في ظل العالم الهلنستي المتعدد الأقاليم، وعُرفت باسم تايلوس، كما برزت في ظل الإمبراطورية الفرثية التي شكلت قوة سياسية وثقافية كبرى في إيران القديمة. هكذا تعاقبت الأزمنة في مدافن الحجر الأثرية، وبات من الصعب تحديد مراحل تعاقبها بدقة. تتمثل هذه المدافن بمجمعها الشمالي من القبور المحفورة في الصخور المطلة على شارع البديع في زمننا، وتقابل هذا المجمع سلسلة من المدافن تقع في الجزء الجنوبي من الموقع، تعود إلى حقبة تايلوس. من هذه المدافن مجموعة شواهد القبور من الحجر الجيري المحلي، تتميّز بطابعها التصويري الآدمي، وتشكّل تقليداً تتعدّد شواهده في مقابر البحرين الأثرية.

يتجلّى هذا التقليد الفني في البحرين تحديداً، كما تدل هذه الشواهد التي تتبع أساليب فنية متعدّدة تجمع بين التقاليد الفرثية والهلنستية في قوالب محلية خاصة، كما في نواحٍ متعددة من الشرق الأدنى وبلاد ما بين النهرين. من هذه الشواهد، يبرز تمثالان من مدافن الحجر، عثرت عليهما بعثة بحرينية خلال أعمال المسح التي قامت بها في مطلع تسعينات الماضي، وكشفت عنهما للمرة الأولى حين تمّ عرضهما عام 1999 ضمن معرض خاص بالبحرين، أقيم في معهد العالم العربي بباريس. خرج هذان التمثالان من قبر يقع في تل يحمل رقم 2 في الكشف الخاص بأعمال هذه البعثة، والغريب أن هذا القبر خلا من أي عظام بشرية، كما خلا من أي أوانٍ جنائزية، على عكس ما نراه عادة في القبور المعاصرة له. في هذا القبر الخالي، عُثر على هذين التمثالين منصوبين جنباً إلى جنب، وهما تمثالان متشابهان من النوع النصفي الذي يقتصر على الجزء الأعلى من الجسم، يجسدان سيدتين تتماثل ملامحهما إلى حد التطابق.

يتشابه التمثالان في الملامح والحجم، حيث يبلغ طول الأول 74.5 سنتمتر، ويبلغ طول الثاني 72 سنتمتراً، وعرض كل منهما 37.5 سنتمتر، وسمكه 15 سنتمتراً. تتبع شواهد القبور البحرينية عادة طراز النقش الناتئ على المسافة المسطحة، وتجسّد قامات آدمية تحضر بين أعمدة تعلوها أقواس في أغلب الأحيان. تخرج سيدتا الحجر عن هذا التقليد، وتتبعان تقليداً آخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنحت الثلاثي الأبعاد. تغيب الحركة عن هذين التمثالين بشكل كامل، وتحضر حالة من السكون والثبات تميّزت بها التقاليد الشرقية في الدرجة الأولى. الوجه كتلة دائرية ثابتة فوق عنق مستطيلة، وملامحه محدّدة بشكل يمزج بين النحت والنقش. العينان لوزتان واسعتان مجرّدان من البؤبؤ، تحدّ كل منهما أهداب عريضة ناتئة، يعلوها حاجب على شكل قوس. قوسا الحاجبان منفصلان، ومن وسطهما ينسل طرف الأنف المستطيل. الثغر مطبق، مع شق في الوسط يفصل بين شفتيه. الأذنان ظاهرتان، وهما منمنمتان، وتتمثل كل منهما بحِتار مقوّس يحيط بالصيوان، ويضم الشحمة السفلى. الجبين أملس وعريض، ويعلوه شعر يتكون من خصلات منقوشة متجانسة، يفصل بينها فرق في الوسط. تلتف هذه الخصلات إلى الوراء، وتحيط بشبكة أخرى من الخصلات تنسكب عمودياً على الكتفين.

البدن كتلة واحدة، والذراعان ملتصقان به، ويحدّهما شقّان عموديان ناتئان. الصدر الأنثوي ناتئ بخفر شديد، ويعلوه كما يبدو لباس بسيط مجرّد، كما يوحي الشق الناتئ الملتف حول العنق كعقد. تنتصب هاتان السيدتان فوق منصّتين تختلفان في الحجم، وتمثلان حالة فريدة لا نجد ما يماثلها في ميدان النحت الجنائزي البحريني الذي لم يكشف بعد عن سائر مكوناته، وهما على الأرجح من نتاج نهاية القرن الثاني الميلادي، أي من نتاج تايلوس الأخير.

في محاولة لتحديد خصوصية هذين التمثالين، عمد البعض إلى مقارنتهما بقطع من فلسطين تعود إلى تلك الحقبة، وكشفت هذه المقارنة عن شبه لا يبلغ التماثل والتطابق. في الختام، تحافظ سيّدتا الحجر على سرّهما، في انتظار اكتشافات أخرى تسمح بالكشف عن هويتهما الفنية بشكل جليّ.