أربعة عقود من تجربة فنان كردي سوري

أربعة عقود من تجربة فنان كردي سوري
TT

أربعة عقود من تجربة فنان كردي سوري

أربعة عقود من تجربة فنان كردي سوري

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتالوغ فنّيّ بعنوان «هويات مهاجرة» للفنّان التشكيليّ الكرديّ السوريّ خضر عبد الكريم، وذلك ضمن «سلسلة الفنون»، التي تعمل الدار على نشرها.

يتضمّن الكتالوغ مائة وستين صورة عن أعمال ولوحات الفنّان تغطي مختلف مراحل تجربته الفنية التي تمتدّ إلى نحو أربعة عقود حتى الآن.

يتضمّن الكتالوغ قراءة نقدية للكاتب والناقد الإيطالي إنريكو ماسيلوني يقول فيها: «تظهر الوجوه والأقدام في عدد من أعمال الفنّان خضر عبد الكريم. تقف هذه الأعضاء من الجسم في مركز تصويره وعوالم لوحاته. ويتمّ تقديمها في عدد لا يحصى من تغييرات. كيف يمكن للمرء أن يفكّر في هشاشة الأقدام والوجوه، التي تتعرّض لتشويه بواسطة عواصف الألوان، من دون أن يدرك أنّه يجب أن يتمّ النظر إليها دائماً في سياق مأساة سوريا...! وهذا الارتباط يتمّ إنشاؤه من دون تكلّف أو تصنّع. وجدير بالذكر أنّ الرسم المتقن يمكن أن يتعامل مع العالم من دون أن يحوّله إلى عرض مبهج. وإذا لم يكن لوجوه خضر عبد الكريم وجوه بالصيغة التقليدية، فإنّ الأقدام التي يرسمها تتحوّل إلى هويات وتتحدّث كما تفعل الوجوه».

أما الناقد والروائيّ السوريّ هيثم حسين فكتب: «إنّ الهويّة الفنّيّة جزء من الهويات التي يحملها خضر عبد الكريم في داخله، ويمزجها بطريقته الفنّية ليرسم لوحته المأمولة، فلا يتنكّر جزء لآخر، ولا يطغى عليه، أو يقصيه، وهو الذي عانى مرارة السجن وقسوة الفقد والحرمان، ويدرك معنى الإقصاء والتهميش جيّداً. إن الفنّان خضر عبد الكريم عمل على أن تكون لوحاته محمّلة بالرسائل الإنسانية، وهو الذي التزم بقضايا شعبه، وكان جزءاً من النضال، بالريشة والفكر والممارسة معاً، ودفع ضريبة ذلك سنوات من حياته في السجن، ناهيك عن سنوات في الغربة واللجوء».

والتشكيلي خضر عبد الكريم من مواليد عامودا - كندور ـ 1967. مقيم في ألمانيا منذ عام 2014. وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، أقام عدداً من المعارض الفنية داخل سوريا وخارجها، في سنوات التسعينات، في صيدنايا، والحسكة، والقامشلي. وبعد عام 2000، أقام معارض في دمشق، وكوالالمبور، وبرلين.



«أسطورة إيلينا فيرانتي»... المؤلفة الغامضة وسحر المدينة

«أسطورة إيلينا فيرانتي»... المؤلفة الغامضة وسحر المدينة
TT

«أسطورة إيلينا فيرانتي»... المؤلفة الغامضة وسحر المدينة

«أسطورة إيلينا فيرانتي»... المؤلفة الغامضة وسحر المدينة

رغم أن كتاب «أسطورة إيلينا فيرانتي» الصادر عن دار «العربي» بالقاهرة للكاتبة آنا ماريا جواداجني، ترجمة ندى سعيد، يستهدف الكشف عن هوية أكثر أديبات العصر غموضاً وهي تلك الإيطالية التي حققت شهرة عالمية لكنها توقع باسم مستعار هو «إيلينا فيرانتي»، فإن جواداجني تخرج من الإطار الضيق لمغامرتها الصحافية، شديدة التشويق، إلى آفاق أرحب تتعلق بإعادة اكتشاف مدينة نابولي التي تُعد الوجهة المكانية المفضلة في نصوص الكاتبة المجهولة.

وتتعمق هالة الغموض حول «فيرانتي» كونها باعت أكثر من مليون نسخة من مجمل أعمالها التي تُرجمت إلى أكثر من 40 دولة حول العالم، لا سيما رباعيتها الشهيرة «نابولي»، التي تتكون من روايات: «صديقتي المذهلة»، و«حكاية الاسم الجديد»، و«الهاربون والباقون»، و«حكاية الطفلة الضائعة».

ورغم أن اللجوء إلى اسم مستعار هو تقليد قديم في ثقافات ولغات عدة لأسباب مختلفة أشهرها الخوف من مواجهة المجتمع أو الرغبة في التميز، فإن سبب لجوء كاتبة إيطالية إلى هذا الاسم المستعار ورغبتها القوية في عدم كشف هويتها إلا لوكيلها الأدبي يظل لغزاً يستعصي على الفهم.

من هنا جاءت فكرة هذا الكتاب الذي يمزج بين فنون الصحافة، وتحديداً التحقيق الاستقصائي وبين لغة السرد الأدبي؛ حيث تذهب جواداجني في رحلة إلى نابولي مقتفية أثر «فيرانتي» في مدينتها المفضلة لتقترب جداً من عالم الروائية ورباعيتها المذهلة وتعيد اكتشاف الأماكن، والأصوات والشخوص لتخرجها من الصفحات التي كتبتها «فيرانتي» وأذهلت بها العالم إلى الحياة الحقيقية وتتركها تتحدث هي عن نفسها.

لم يكن بحوزة المؤلفة عند نقطة الانطلاق سوى بعض المعلومات الشحيحة؛ منها أن «إيلينا فيرانتي» ولدت عام 1943 في مدينة نابولي، ونشرت عملها الأول عام 1992، وهو كتاب «حب غير مريح»، ثم توالت أعمالها الأدبية ومنها «رباعية نابولي»، التي تروي قصة صديقتين تعيشان في إحدى حارات نابولي الفقيرة، وتشكّلان علاقة إنسانية ثرية ومليئة بالتفاصيل الملهمة.

نجحت المؤلفة في إعادة اكتشاف الكثير من النماذج الحقيقية التي شكلت «مادة خام» لشخصيات «فيرانتي» الحقيقية، لتقدم في النهاية ما يشبه «نصاً على نص» أو سردية جديدة تستلهم نابولي بنماذجها الإنسانية الاستثنائية، وبأحيائها الشعبية العريقة ذات التفاصيل شديدة الخصوصية، التي شكلت الحاضنة الإبداعية والإنسانية لعالم تلك الكاتبة الغامضة. وكم كان دقيقاً أن تختار المؤلفة عنواناً فرعياً هو «رباعية نابولي: المدينة... الرواية»؛ حيث امتلأ الكتاب بالحكايات والقصص الفريدة والإنسانية التي جعلت منه نصاً «متعدد الطبقات». وكان لافتاً أن المؤلفة تحترم حق الأديبة الغامضة في حجب هويتها، مشددة على أنه ينبغي على الجميع احترام رغبتها وعدم التعامل معها باعتبارها مجرماً دولياً ينبغي الكشف عن أرصدته البنكية، على حد تعبيرها.

وتبقى الإشارة إلى أن آنا ماريا جواداجني هي صحافية ثقافية، عملت لفترة طويلة في مجال النشر، وتعمل في صحيفة «Il Foglio»، وقامت بتحرير مجموعات من المقالات ونشرت رواية بعنوان «الليلة الماضية» 1998.