عبد الله حبيب: لا مكان للشاعر في هذا العالم

الشاعر العماني يرى أن «نقد الآخر» يغلب على «نقد الذَّات» في الثَّقافة العربيَّة

عبد الله حبيب
عبد الله حبيب
TT

عبد الله حبيب: لا مكان للشاعر في هذا العالم

عبد الله حبيب
عبد الله حبيب

عُرف الشاعر والسينمائي العُماني عبد الله حبيب بوصفه واحداً من أهم محركات الحداثة في الخليج، زاوج بين الشعر والسينما، وكتب عدداً من النصوص والمجموعات الشعرية، إلى جانب الدراسات السينمائية، وهو حاصل على الدكتوراه في الدراسات النقديَّة السينمائيَّة، وقبلها الماجستير في الدراسات السينمائيَّة والثقافيَّة، والبكالوريوس في الفلسفة.

وهو عضو الجمعية العمانية للكُتَّاب والأدباء، وكان عضواً في جمعية الدراسات النقدية السينمائية والميديا الأمريكية، (1997 - 2006)، وعضو جماعة الدراسات ما بعد الكولونياليَّة في جامعة أوتاجو بنيوزيلاندا، وعضو اللجنة التأسيسية للسينما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عضو مؤسس للجمعية العُمانيَّة للسينما. هنا حوار معه:

(*) ما الرابط بين الشعر والسينما؟ ماذا يعطي أحدهما الآخر؟

- تعريف «السِّينمائي» و«الفيلمي» قد يكون أقل صعوبة من تعريف «الشِّعري» و«الشَّاعري»، وهذه، بالطبع، مسألة نظريَّة، أو أكاديميَّة... إلخ. ومع ذلك فإن «الشِّعر» في سلوكه المتمرد خارج التعريف الكتابي الذي حاقَ به في كل ثقافات العالم يتجاوز التَّراكم المعرفي والتَّعريفي الذي تمكنَّا من إنجازه حتى الآن، في محاولة سبر غوره. وهذا يقودنا إلى مسألة معرفيَّة ووجوديَّة أخرى، هي حقَّاً أكثر تعقيداً، حول الرَّابط بين الشِّعر والسينما؛ فالمُشاهد قد لا يكون ضليعاً بالمحاججات السِّيميولوجيَّة المعقَّدة التي أوردها بيير باولو بازوليني، مثلاً، في سياق إصراره على أن السِّينما لغة للشِّعر وليس النَّثر، لكنه - أي المُشاهد - يستطيع أن «يرى» الشِّعر متحقِّقاً في فيلم بازوليني «الإنجيل وفقاً لمتَّى»، على سبيل المثال لا الحصر.

وسأضيف أن مُخرجي السِّينما الكبار إنما يُعتدُّ بهم لأنهم حوَّلوا الشِّعر إلى صور سمعيَّة وبصريَّة على الشَّاشة. خُذ، مثلاً، بيرغمَن، وبارادجانوف، وتاركوفسكي، وغيرهم.

• النص الإبداعي

(*) هل يحتاج إنتاج النصّ الإبداعي لوجود «حالة ثقافيَّة» تُواكب هذا النص وتوازيه؟

- مبدئياً، لا أعتقد ذلك، على الأقل ليس بالمعنى المباشر. الغرابة، واليتم، بل حتى الشيطانيَّة من صفات النص الإبداعي المتفرد، بغض النَّظر عن معطيات البيئة التي وُلِد فيها، ومع ذلك فإن النص الإبداعي (أيَّاً كان جنسه) ليس إلا نتاجاً للغة التي هي (أيَّاً كان شكلها) «حالة ثقافيَّة» بالمعنى الأنثروبولوجي والسوسيولوجي للتعبير، شئنا ذلك أم أبيناه.

لكن ما أقوله سيبدو محرجاً جداً حين نتأمل في موضوع «النَّص الإبداعي» و«الحالة الثقافيَّة»، بعد انقضاء ربع القرن الحادي والعشرين فيما يخص الثَّقافة العربيَّة. أعتقد أن هذه المشكلة صارت تخصُّنا نحن العرب فقط؛ فالثقافات الأخرى (ولا أقصد الغربيَّة فقط، بل ثقافات مناطق أخرى من آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية) تجاوزت هذا السؤال، وأعادت إنتاجه في ممارستها ومسارها، بعيداً عن التناقضات المبدئيَّة التي فرضتها الحالة السياسيَّة والتَّعقيدات التقليديَّة المرافقة لها. التاريخ يصنع الأسئلة، لكنه أيضاً يلغيها ويجددها بحيث إن بعض الأسئلة يتجرَّد من المعنى القديم بالتقادم.

وهكذا فإنه ليست لديَّ إجابة مثاليَّة عن سؤالك، لكنني سأقول بأنني بدأت التَّعالق مع أسئلة الثَّقافة والسِّياسة في بلداننا منذ أكثر من أربعين سنة، وعبر ما أتاحه التَّدرج العمري والثَّقافي. وبصراحة، أشعر، اليوم، بالسَّأم من مثل تلك الثُّنائيات الضِّدية التي لا تزال تهيمن على حواراتنا، في الوقت الذي ينهمك فيه بقية العالم في توكيد أو دحض أمور أخرى.

(*) هل يمكن أن يُنتَج نصّ حداثي في محيط لا يؤمن بالحداثة؟

- نظريَّاً، نعم. وأقول ذلك ببعض الثِّقة، خصوصاً بالنَّظر إلى الحالة العربيَّة التي تنتج نصوصاً أصيلة الحداثة في بيئة تنتمي بعض شروطها السياسيَّة والاجتماعيَّة إلى عصور ما قبل التاريخ تقريباً.

شخصيَّاً، لا أستطيع الانفكاك عن تصوُّر يكاد يكون سحريّاً وميتافيزيقيّاً عن حالة الحداثة في النَّص، لكن كلامي هذا يبقى متكئاً إلى النصوص الكلاسيكيَّة الكبرى. غير أنني، ومع إيماني بإنتاج نصٍّ حداثي في محيط لا يؤمن بالحداثة بل يحاربها، لا أستطيع أن أطمئن إلى هذا اليقين، إلى أن أموت. لماذا؟ لأن التَّاريخ والإنسان يتقدمان، ولا أستطيع أن أفرض على النَّص الحداثي أيَّ توقعات؛ هو نفسه - أي النصّ الحداثي - من سيغربلها.

وكلامي هذا متَّسق بالضَّبط مع الإصرار على الاستحقاقات المدنيَّة والحضاريَّة التي تليق بالمواطن العربي في القرن الحادي والعشرين، وبمتطلبات الحداثة فيه بشروط أبسطها الحريَّة؛ أي أن السؤال هنا يصير استفساراً عن المعطيات التي تنتج النَّص الحداثي لدينا. وغياب تلك الحريَّة سيتسبب في عُسْر كبير عند الحديث عن النَّص الحداثي في بلداننا. وفي غياب تلك الحريَّة المبدئيَّة والضروريَّة سيكون الأمر أشبه بالحديث عن الغيبيَّات.

• نقد الذات

(*) إلى أي حدّ يمكن للنَّقد أن يخلق نقاشاً يبدأ من نقد الذات؟

- قديماً قال سقراط «اعرف نفسك»، وأظن أن هذه كانت من أبكر الدعوات في الفلسفة الغربيَّة لنقد الذَّات. لكن، في الثَّقافة العربيَّة الرَّاهنة، صار يغلب علينا «نقد الآخر» أكثر من «نقد الذَّات»، وذلك من باب التَّهرب من المسؤوليات والاستحقاقات.

هذا التهرُّب المؤسف قد تكون له أسبابه الموضوعيَّة والوجيهة التي لا يمكن التخفيف من وطأتها؛ فذاتنا المعاصرة (بوصفنا «أُمَّة») إنما تكونت تحت سنابك ومؤامرات الغزاة الغربيين، وصولاً إلى ما يسمى «الدولة الوطنية»، غير أنني أعتقد أن «نقد الآخر»، خصوصاً مع صعود تيار دراسات ما بعد الكولونيالية، صار مِشجباً جاهزاً، وعذراً مجانيّاً، اتكاليّاً كسولاً، لتبرير إخفاقات الذات وإلقائها على «الآخر» في كل شاردة وواردة. من السهل أن تنقد الآخر، وليس من السهل أن تنقد نفسك.

(*) كنتَ تقول إنّ النصّ الإبداعي يصفق بيد واحدة، ما اليد الأخرى التي يحتاج إليها؟

- سأصارحك بأنني من الأشخاص الذين يستطيبون أن يصفِّق النص الإبداعي بيد واحدة، لكن، إذا كان لا بد من التصفيق مع النص الإبداعي بيد ثانية، فذلك يقع على عاتق الخطابات والمؤسسات التي لا يروقها أن يصفق النص الإبداعي، حتى في الأحلام، بل تجند كل أدواتها، ومنابرها، وسكاكينها من أجل التيقن من قطع كل أصابع تلك اليد الواحدة واليتيمة.

(*) أنت تقول: «الشعر يأتي أولاً، والقصيدة هي النسخة الثانية من الشعر أو هي أشبه بالترجمة، أو الصورة الفوتوغرافية من الشعر». أليست هناك مبالغة في تعظيم دور الشعر؟

- لا أظن أن هناك مبالغة كبيرة إذا ما كنا مقتنعين بأن الشِّعر يتعلق بما نتوق إليه أكثر مما ننجزه على أرض الواقع، أو أنه يقع في نطاق معرفتنا وما هو مألوف ومُتوقَّع لدينا. أتذكر جملة من دوستويفسكي في «الإخوة كارامازاوف»: «إن الجَمال مستحيل لأن الرب لم يمنحنا سوى الألغاز»، وأظن أن هذا يلخص ما أريد قوله من ناحية أن الشِّعر مُطالب بالذهاب إلى ما وراء «الجَمال» و«الألغاز» معاً. في السينما استخدم روبير بريسون مفهوم «السينماتوغرافيا» المتداول بمعنى العمل التقني الذي يقوم به الشخص المتمهن الذي يقف خلف الكاميرا، لنكتشف لاحقاً أن «السينماتوغرافيا»، لدى بريسون، تعني نوعاً من ضروب التَّوق الروحي المستحيل، شكل جديد من «النرفانا» لا يمكن الوصول إليه بالأدوات والأساليب السينمائية التي كانت سائدة في عصره. بهذا المعنى نحن لا نعظِّم دور الشِّعر، ولكننا نطالبه بمزيد من التحولات التي عليها أن تضيء حياتنا. والشِّعر سيبقى دوماً مشروعاً ناقصاً.

(*) أين مكان الشاعر في هذا العالم؟ سأقتبس لك: «مشكلة الشَّاعر في الحرب مُضاعَفة وكارثيَّة: عليه أن يكون في المقدِّمة، والمؤخّرة، والميمنة، والميسرة. وبعد أن تضع الحرب أوزارها يقتلُ الشَّاعرَ المنتصرون والمهزومون معاً».

- سأجيبك باختصار وإيجاز. لا مكان للشاعر في هذا العالم. في الحقيقة، وخارج الأغراض البراغماتيَّة والمنفعيَّة التي زُجَّ فيها الشاعر (العرب، مثلاً، كانوا يستخدمونه بوصفه متحدثاً باسم القبيلة) لا يليق بالشَّاعر أن يكون له أي مكان. لكن أضعف الإيمان يقتضي أن مكان الشَّاعر هو أن تكون أعماله متاحة لمن أراد، وأن يتذكره خمسة أشخاص على الأكثر بعد انقضاء مائة سنة على الأقل من وفاته.

مخرجو السِّينما الكبار نجحوا لأنهم حوَّلوا الشِّعر إلى صور سمعيَّة وبصريَّة على الشَّاشة

• السينما والإنسان

(*) كيف كانت أول علاقتك بالسِّينما؟ كيف لفتى يعيش في بلد من آخر البلدان التي دخلها التلفزيون أن يكون شغوفاً بالسِّينما إلى هذا الحدّ؟

- في إجابتي عن سؤالك أجد نفسي متكئاً، بطريقة المُكرَه لا البطل، على «التَّطرف» الذي لم يكن منه بد في حياتنا العُمانيَّة المعاصرة، والذي أظن أنه أصابني بصورةٍ ما. أنت تعلم أنه كانت لدينا في عُمان ثورة مسلَّحة تقاتل تحت النجمة الماركسيَّة بوازع الصِّراع الطَّبقي. لكن أين؟ في جبال ظفار التي، للمفارقة، لم يكن نمط الإنتاج الاقتصادي فيها رأسماليَّاً حتى، بل هو نمط إنتاج آسيوي هجين من المشاعيَّة، والتبادل السِّلعي، والملكيَّة المحدودة.

لكن في الوقت الذي كانت فيه البنادق تلعلع في ظفار، شاهدت، أنا القادم من قرية لم تكن حتى فوانيس الجاز متوافرة في كل بيوتها السعفيَّة المتهالكة، أول فيلم في حياتي الصغيرة في الكويت ذات الكهرباء، والصُّحف، والطُّرق المسفلتة، والتيَّارات السياسيَّة، وقد كان ذلك في أواخر السِّتينات. كنت هناك بمعيَّة والدي في زيارة أشخاص؛ منهم المرحوم عبد الله زكريا الأنصاري الذي كان من أقارب أو أرحام العائلة البعيدين. أحد أو بعض من أولاد المرحوم الأنصاري، أو أولاد أقاربه، أخذوني إلى السِّينما، ذات ليلة. من تلك الزيارة السِّينمائية الأولى أتذكَّر مشهداً مُحدَّداً من الفيلم (الذي من الأرجح أنه كان كوميدياً): ثمَّة لصوص أشقياء يختبئون وسط قطيع ماشية كانوا يريدون سرقة بعضها، والجمهور يضحك لبؤس وفشل محاولاتهم المفضوحة.

بهذا أنظر إلى تلك التجربة السينمائيَّة الباكرة الراسخة في ذاكرتي. لقد كنت أعيش المفارقة التاريخيَّة ذاتيّاً وموضوعيّاً من دون أن أريد أو أدري. في الحقيقة، لم أفهم ذلك إلا بعد سنوات حين انخرط الوعي في قراءة الأشياء بصورة استعاديَّة وإسقاطيَّة.


مقالات ذات صلة

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

ثقافة وفنون جانب من مؤتمر الخط العربي

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

عام مثقل بالفقد والأحزان عاشته الثقافة المصرية خلال 2025، فقد غيَّب الموت كوكبة من المبدعين والشعراء والنقاد، جميعهم لعبوا أدواراً متنوعة

جمال القصاص (القاهرة)
ثقافة وفنون فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار

العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

اختيار بغداد عاصمة للسياحة، كان يمكن أن يكون عاماً محتشداً بالأحداث الثقافية الكثيرة، التي تبرز وجه العراق السياحي الجاذب، كالمهرجانات المتنوعة

علاء المفرجي (بغداد)
ثقافة وفنون تدشين أكاديمية آفاق للفنون والثقافة بالتزامن مع تكريم الفائزين بمسابقة المهارات الثقافية

الثقافة السعودية 2025... الاستثمار والابتكار والانفتاح على العالم

حمل تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية»، الذي أصدرته وزارة الثقافة السعودية في سبتمبر (أيلول) 2025، عنوان: «الأثر الثقافي»،

ميرزا الخويلدي (الدمام)
عالم الاعمال جانب من أحد المعارض السابقة (الشرق الأوسط)

الطائف تحتضن النسخة الثالثة من مهرجان الكُتّاب والقُرّاء 2026

تطلق هيئة الأدب والنشر والترجمة النسخة الثالثة من مهرجان الكُتّاب والقُرّاء في الطائف خلال الفترة من 9 إلى 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، تحت شعار «حضورك مكسب»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
كتب تيري ايغلتون

تيري إيغلتون... ما بعد النظرية وأسئلة الثقافة

يظل سؤال الثقافة مفتوحاً، لكنه متردد، وخائف، ليس لحمولاته وإحالاته، ولعلاقته بالمخفي من الأسئلة المقموعة فحسب، بل بعلاقة هذه الثقافة بصناعة الهيمنة،

علي حسن الفواز

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي
TT

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي

عام مثقل بالفقد والأحزان عاشته الثقافة المصرية خلال 2025، فقد غيَّب الموت كوكبة من المبدعين والشعراء والنقاد، جميعهم لعبوا أدواراً متنوعة في شد هموم الثقافة والمثقفين نحو آفاق أرقى حافلة بالمغامرة والتجريب. من بينهم الروائيان، صنع الله إبراهيم، صاحب رواية «تلك الرائحة»، ورءوف مسعد، صاخب رواية: «بيضة النعامة»، والشاعر أحمد عنتر مصطفى صاحب ديوان «مأساة الوجه الثالث»، والناقد دكتور محمد السيد إسماعيل صاحب كتاب «الرواية والسلطة»، والناقد دكتور محمد عبد المطلب، والذي يعد من أبرز النقاد المؤسسين في النقد الأدب العربي، بانفتاحه على تيارات الحداثة في الشعر وقدم كتاباً مهماً عن قصيدة النثر بعنوان «النص المشكل».

كما غيَّب الموت دكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق الذي تولى حقيبة الثقافة في ثلاث حكومات متتالية عقب ثورة يناير (كانون الثاني)، وحافظ على استقلاليتها في فترة اتسمت بالاضطراب السياسي، وله مؤلفات قيمة في التاريخ الأدبي، وفوجئت الحياة الثقافية برحيل اثنين من أهم الناشرين، الناشر حسني سليمان، مؤسس دار «شرقيات» ومحمد هاشم، مؤسس دار «ميريت» وكلاهما لعب دوراً مهماً في دفع أجيال جديدة من الكتاب في شتى مناحي الإبداع، وفي غمرة الأحزان رحلت الفنانة سميحة أيوب، الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» بعد مسيرة حافلة بالفن، قدمت خلالها أكثر من 170 عملاً مسرحياً، منها «السلطان الحائر» و«سكة السلامة»، ولحقت بها الفنانة سمية الألفي عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد صراع مع المرض، ورحلة عطاء متميزة بخاصة في المسلسلات التليفزيونية.

برغم هذا الجو واصلت الحياة الثقافية أنشطتها وفعالياتها المعتادة، وتصدر نجيب محفوظ المشهد، حيث يحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة بمرور عشرين عاماً على رحيله. وبهذه المناسبة أطلقت وزارة الثقافة جائزة «نجيب محفوظ للرواية العربية» بقيمة 500 ألف جنيه مصري (نحو 10 آلاف دولار أميركي)، وأعلنت الوزارة أن الجائزة سيمنحها معرض القاهرة الدولي للكتاب سنوياً بداية من هذا العام، الذى يحتفل فيه المعرض بذكرى مرور عشرين سنة على وفاة «أديب نوبل» نجيب محفوظ.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد مجاهد المدير التنفيذي للمعرض: «إن أديباً بقامة نجيب محفوظ يليق به أن تمنح وزارة الثقافة المصرية جائزة كبرى باسمه، بوصفه الأديب العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل، حيث تبلغ قيمة الجائزة 500 ألف جنيه، وميدالية ذهبية أسوة بجائزة النيل، وهي ممولة بالكامل من البنك الأهلي المصري». وبدأ تقدم الروائيين المصرين والعرب للجائزة صباح الخميس 4 ديسمبر (كانون الثاني) 2025، ويستمر حتى الأحد 4 يناير 2026، ويكون التقديم بإرسال ثلاث نسخ من الرواية المتقدمة للمسابقة، بشرط أن تكون منشورة بتاريخ عام 2025.

أثارت الجائزة حالة من الجدل في الأوساط الثقافية، فبرغم الاحتفاء بها فإن البعض رأي أنها تشكل انعكاساً لتخبط سياسات وزارة الثقافة، فمن غير المعقول أن يكون لدينا ثلاث جوائز باسم نجيب محفوظ، منها جائزة يمنحها المجلس الأعلى للثقافة وهو تابع لوزارة الثقافة. كما رأى البعض أن أطلاق هذه الجائزة يمثل تحدياً ضمنياً لجائزة نجيب محفوظ الراسخة التي دشنتها الجامعة الأميركية بالقاهرة وتم إنشاؤها بواسطة قسم النشر بها، وانطلقت في عام 1996، ووصلت قيمتها المادية إلى خمسة آلاف دولار أميركي، ويتم ترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الإنجليزية 1996، وتمنح في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر الموافق لمولد نجيب محفوظ. ومن الأنشطة المهمة التي شهدها الواقع الثقافي خلال هذا العام، ملتقى ذاكرة القصة المصرية في دورته الرابعة والتي حملت اسم «دورة الكاتب محسن يونس». نظم الملتقى موقع صدى برئاسة الكاتب والناقد سيد الوكيل، واستضافه بيت السناري الأثري بالقاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية، جاءت فعاليات الملتقى تحت عنوان: «تجليات المكان في القصة القصيرة»، في محاولة لإحياء الذاكرة السردية المصرية، وتسليط الضوء على تطور فن القصة القصيرة، ودور المكان في تشكيل البنية السردية، بالإضافة إلى خلق مساحة للحوار وتبادل الخبرات بين الكتّاب والباحثين المهتمين بهذا الفن.

ناقش الملتقى في جلسته الأولى، السمات الفنية المميزة لفن القصة القصيرة لدى الكاتب محسن يونس، وهو يعيش في مدينة دمياط الساحلية، وذلك تحت عنوان «محسن يونس... رحلة إبداع»، أما الجلسة الثانية فناقشت «المكان في القصة القصير... رؤية منهجية»، بينما تناولت الجلستان الثالثة والرابعة محاور متعددة حول فن القصة القصيرة، من خلال قراءات ونقاشات نقدية شارك فيها عددٌ من الكتّاب والمهتمين بالأدب.

وخلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر الحالي سوف تشهد مدينة العريش بشمال سيناء انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السابعة والثلاثين، دورة الأديب الراحل محمد جبريل.

وكان وزير الثقافة قد أعلن اختيار محافظة شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية لعام 2026 وذلك عقب موافقة محافظ شمال سيناء على مقترح استضافة العريش للدورة الحالية من المؤتمر، تقديراً للمكانة الرمزية والثقافية للمحافظة.

ينظم المؤتمر الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان: «الأدب والدراما... الخصوصية الثقافية والمستقبل»، ويعقد برئاسة السيناريست مدحت العدل. ويشارك في فعالياته نخبة من الأدباء والباحثين والأكاديميين من مختلف المحافظات، بهدف رصد وتوثيق المشهد الأدبي في ربوع الوطن، وتقديم رؤى نقدية وفكرية تسهم في مناقشة قضايا الثقافة المصرية المعاصرة، ودورها في تعزيز الوعي والإبداع، وذلك من خلال ستة محاور رئيسية تشمل جلسات بحثية وحلقات نقاشية متنوعة؛ منها «النص الشعري ومفردات الخصوصية الثقافية»، من خلال قراءة تطور الشعر المصري فصيحاً وعامياً عبر مراحله المختلفة، و«الرواية وصراع الهويات في المجتمع المصري»، عبر تحليل كيفية تناول الرواية المصرية لقضايا المجتمع وتنوعاته والقيم الوافدة إليه.

وعلى مستوى الفن أطلق «صندوق التنمية الثقافية» بوزارة الثقافة الدورة العاشرة من ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، بمشاركة نخبة من كبار الخطاطين والفنانين والباحثين من مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية، وتخللتها ورش عمل لفهم جماليات الخط العربي، واختير شيخ الخطاطين المصريين خضير البور سعيدي قوميسيراً عاماً للدورة.

تحمل الدورة اسم الخطاط الراحل الحاج سيد عبد القادر «الحاج زايد» وذلك في إطار حرص وزارة الثقافة على تكريم رموز هذا الفن. وتستمر فعالياتها بقصر الفنون بدار الأوبرا من 18 إلى 28 ديسمبر الحالي، وأبدى المشاركون في الملتقى حرصهم على تعزيز مكانة الحرف العربي كأحد ركائز الهوية الثقافية في كل المجالات العلمية والفنية والزخرفية ومناقشة قضاياه المتنوعة، بخاصة ما بين الأصالة والتجديد. كما شهد الملتقى تكريم نخبة من كبار الخطاطين تقديراً لإسهاماتهم البارزة في خدمة فن الخط العربي، حيث يتم منح شهادات تقدير للمكرمين والفائزين من مصر وخارجها وضيوف الشرف، كما كرم الملتقى الفنان محمد بغدادي، تقديراً لدوره البارز في دعم الملتقى وفن الخط العربي.

الكاتبة سلوى بكر

ومن الأخبار المفرحة في هذا العام حصول الكاتبة الروائية سلوى بكر على جائزة «بريكس» الأدبية في دورتها الأولى، لتكون بذلك أول فائزة في تاريخ الجائزة.

تدعم الجائزة المؤلفين المعاصرين الذين تعكس أعمالهم القيم الثقافية والروحية لشعوب دول بريكس. وأعلنت نتائج التصويت من قبل لجنة تحكيم دولية خلال مهرجان الفنون لدول بريكس، الذي أُقيم في مدينة خاباروفسك الروسية بين 26 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحضر الحفل ممثلون من حكومة إقليم خاباروفسك، ودبلوماسيون، وكتّاب، وناشرون، وأفراد من المجتمع المدني من دول بريكس وشركائها.

وفي هذا السياق، قال السفير الرسمي لجائزة بريكس الأدبية والمدير العام للمجموعة الإعلامية الأوراسية، سيرغي ديمينسكي، إن «اختيار سلوى بكر كأول فائزة بجائزة بريكس الأدبية يعد إشارة إلى الناشرين والمؤسسات الثقافية في دولنا. وأنا واثق من أن أعمالها ستُترجم إلى اللغة الروسية، وسيصبح اسمها معروفاً في دول بريكس ليس فقط لأعضاء الدائرة الضيقة من المتخصصين في الأدب المعاصر، بل أيضاً لجمهور أوسع من القراء».

واحتفاء بفوزها استقبلها وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو بمكتبه وسلمها درع الوزارة... تنتمي سلوى بكر لجيل السبعينيات في مصر، وصدر لها سبع مجموعات قصصية وسبع روايات ومسرحية، وترجمت أعمالها إلى عدد من اللغات الأوروبية.


العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
TT

العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار

اختيار بغداد عاصمة للسياحة، كان يمكن أن يكون عاماً محتشداً بالأحداث الثقافية الكثيرة، التي تبرز وجه العراق السياحي الجاذب، كالمهرجانات المتنوعة والأحداث الثقافية. لكن ومع انتهاء هذه السنة لم تكن هذه الأحداث لتتناسب مع العنوان الكبير لبغداد، التي اختارتها المنظمة العربية للسياحة لعام 2025.

بعض النشاطات والفعاليات الثقافية في بغداد اندرجت تحت عنوان عاصمة السياحة العربية، كمهرجان بغداد للسينما الذي انعقد منتصف شهر سبتمبر (أيلول)، بالدورة الثانية له، واستقطب جمهوراً كبيراً وضيوفاً عرباً، إضافة للعروض الفيلمية التي تخللته، والأمر نفسه ينطبق على مهرجان المسرح الذي انعقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. وعدا ذلك لم يكن هناك حدث ثقافي مرتبط بالعنوان الكبير «بغداد عاصمة السياحة العربية».

ولعل ذلك يتعلق بنقص الاستعدادات اللوجيستية التي يفترض أن تقوم بها وزارة الثقافة لمثل هذا الحدث.

وعلى صعيد الجوائز التي حصل عليها مثقفون عراقيون، كان لحصول الشاعر حميد سعيد، والروائية إنعام كجه جي، على جائزة سلطان العويس، وهي الجائزة الثقافية المهمة في العالم العربي، دلالة واضحة على حضور الثقافة العراقية المتميز في المشهد الثقافي العربي.

وشهد هذا العام حدثين ثقافيين مهمين؛ الأول إقامة معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه وترعاه سنوياً مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وهو المعرض الذي أقيم أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وشهد مشاركة واسعة لدور نشر محلية وعربية وعالمية، مع حضور مئات الناشرين والمؤسسات الثقافية، بما يعزّز مكانة الفعالية بوصفها منصة بارزة للإصدارات الجديدة وفضاء يجمع الكتّاب والمبدعين والمهتمين بمجال النشر والقراءة ضمن برامج متخصصة.

وجاءت هذه الدورة تحت عنوان «مائة نون عراقية»، في احتفاء رمزي وفعلي بالمرأة العراقية المبدعة ودورها في صناعة قرن كامل من الوعي والإبداع في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والفنية.

وتميّزت هذه الدورة بحضور نسوي لافت، لم يقتصر على الشعار فقط، بل تجسد في الفعاليات والندوات وحفلات التوقيع والمشاركات الفكرية، حيث خُصصت مساحات واسعة للاحتفاء بمنجز المرأة العراقية، سواء في الأدب أو البحث الأكاديمي أو الصحافة أو الفنون. وكانت مؤسسة المدى قد أقامت خلال شهر أبريل (نيسان) معرض أربيل الدولي للكتاب، في أربيل عاصمة إقليم كردستان.

والحدث الآخر، وعلى صعيد الفن السابع، انطلاق مبادرة دعم السينما العراقية، وهو الحدث الثقافي الذي انتظره سينمائيو العراق منذ سنوات، الذين شَكَوا دائماً غياب التمويل والدعم الحكومي لهم. حيث خصّصت الحكومة العراقية مبلغاً كبيراً منحةً لدعم السينما العراقية، وشكلت لهذا الغرض لجنة متخصصة أفرزت خمسة وخمسين فيلماً، من أصل أكثر من أربعمائة فيلم دخلت المنافسة للحصول على المنحة.

وعلى صعيد السينما أيضاً استطاع فيلم «كعكة الرئيس» الوصول إلى القائمة القصيرة «15 فيلماً»، لجوائز الأوسكار، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها فيلم عراقي مثل هذا الإنجاز، والفيلم هو أحد الأفلام الفائزة بمنحة مبادرة دعم السينما، وكان الفيلم يتمحور حول قصة فتاة صغيرة تُدعى لميعة في العراق خلال عام 1990، في فترة الحصار والعقوبات، تُجبر على جمع مكونات لصنع كعكة عيد ميلاد الرئيس المخلوع (صدام حسين) في مدرستها، رغم الفقر والظروف القاسية، والعمل يمزج الكوميديا السوداء والدراما السياسية ليعكس حياة الناس تحت النظام والحصار، مع تركيز على التجربة الإنسانية أكثر من السياق السياسي المباشر.

وكان الفيلم قد شارك في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي في فرنسا ضمن أسبوع المخرجين. وفاز بجائزة «الكاميرا الذهبية» لأفضل فيلم أول، وأيضاً جائزة اختيار الجمهور في «كان»، وهو إنجاز غير مسبوق أيضاً للسينما العراقية.

وعلى صعيد فن المسرح، فمن بين عشرات العروض المسرحية العربية والأفريقية، حصدت مسرحية «الجدار»، في مهرجان أيام قرطاج المسرحية، النسخة الـ26 في تونس، جائزة أفضل سينوغرافيا، وجائزة التانيت الفضي كأفضل عرض مسرحي، ورُشّح بطلها الممثل يحيى إبراهيم لجائزة أفضل ممثل، وهي من تأليف حيدر جمعة وإخراج سنان العزاوي. والأمر نفسه مع مسرحية السيرك، إخراج جواد الأسدي، التي نالت جائزة أفضل نص لمؤلفها جواد الأسدي، وجائزة أفضل ممثلة منحت لشذى سالم، وجائزة أفضل ممثل (مناصفة) لعلاء قحطان.

واختتم هذا العام بتوزيع جوائز الإبداع العراقي لعام 2025، حيث فاز في مجال الترجمة مناصفة كل من سهيل نجم عبد عن «القارب المقلوب»، وهناء خليف غني عن «لعبة المكان»، فيما فاز باسم الفرات بالمركز الأول في أدب الرحلات عن عمله «نيوزيلندا- رحلات في بلاد الماروين»، وإسماعيل الحسيني في أدب الطفولة عن «غابة الأسود الثلاثة»، وسنان العزاوي في المسرح عن عمله «الجدار»، وخليفة محمود إخليف في الرسم عن «الزيارة»، وثائر حسين علي في النحت عن «عشتار إله الحب والحرب».


جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»
TT

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

أعلنت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية»، الأحد، القائمة الطويلة للدورة الثامنة، التي أطلقت عليها دورة الأديب الكويتي فاضل خلف، أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955.

وبلغ عدد المشاركين في الدورة الثامنة للجائزة والمستوفية أعمالهم لشروط الترشّح، (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة.

وضمت القائمة الطويلة عشرة متسابقين، من ثماني دول عربية، وهم: أماني سليمان داوود عن مجموعتها القصصية «جبل الجليد» (الأردن)، الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، شيرين فتحي «عازف التشيلّو» (مصر)، «دار العين للنشر»، شيخة حليوي «أقرأ كافكا وكلبتي تحتضر» (فلسطين)، «دار النهضة العربية»، طارق إمام «أقاصيص أقصر من عمر أبطالها» (مصر)، «دار الشروق»، غزلان تواتي «توقيت غير مناسب لشراء السمك» (الجزائر)، «دار هُنّ للنشر والتوزيع»، مقبول العلوي «تدريبات شاقة على الاستغناء» (السعودية)، «دار نوفل»، محمود الرحبي «لا بارَ في شيكاغو» (عُمان)، «أوكسجين للنشر»، ندى الشهراني «قلب مُنقَّط» (قطر)، «دار جامعة حمد بن خليفة للنشر»، هيثم حسين «حين يمشي الجبل» (سوريا - بريطانيا)، «منشورات رامينا»، وجدان أبو محمود «نَحْت» (سوريا)، «الآن ناشرون وموزّعون».

وقالت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية» في بيان، إنه انطلاقاً من احتفالات دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية والإعلام العربي لعام 2025، وبرعاية من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تُواصل جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها الثامنة (2025-2026) مسيرتها الإبداعية/الثقافية في استقطاب الأعمال القصصية لكُتّاب القصة القصيرة في أقطار الوطن العربي والعالم، كونها الجائزة الأهم للقصة القصيرة في الوطن العربي، والتي مثلّت الكويت في «منتدى الجوائز العربية»، وساحة الجوائز العربية.

وأضاف البيان، أنه تقديراً من «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» في الكويت، لدور الجيل المؤسِّس من رجالات الكويت المبدعين، فلقد تقرَّر أن تحمل هذه الدورة اسم «الأديب فاضل خلف» (1927-2023)؛ نظراً لأن الأديب خلف كان أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955، بعنوان «أحلام الشباب».

وقد فُتِح باب الترشّح للدورة الثامنة بتاريخ الأول من مايو (أيار) وحتى نهاية يونيو (حزيران) 2025. وبعد فرز الأعمال المتقدِّمة، وتحديد الأعمال المستوفية لشروط الترشّح، تبيَّن أن العدد الإجمالي للمترشِّحين لهذه الدورة هو (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة، وبما يعني اهتماماً كبيراً بالجائزة من قبل شريحة كبيرة من الكاتبات العربيات.

وكان المجلس الاستشاري للجائزة قد شكّل لجنة التحكيم للدورة الثامنة برئاسة الدكتور محمد الشحّات، وعُضويّة كل من: الدكتور: عبد الرحمن التمارة، والروائية والقاصة: سميحة خريس، والدكتورة: عائشة الدرمكي، والقاصّة: إستبرق أحمد. وبُغية قراءة وغربلة المجاميع المشاركة، بشكلٍ موضوعي، والوصول إلى المتحقق إبداعياً، وقد وضعت لجنة التحكيم جُملة من المعايير الإبداعية والنقدية الدقيقة تمثَّلت في: تحديد الثيمة، وتشمل: الجِدّة في التناول وزاوية الرؤية وحضور الخيال ودقة العناوين. وتوظيف اللغة، بما يشمل: التجريب اللغوي، وانتقاء المفردات أو بناء الجملة السردية أو الأسلوب. وجماليات البنية السردية (الحبكة)، وتشمل: بناء الشخصية، والحدث، والزمكان، ومناسبة اللغة مع تقنيات السرد أو الحوار. ومنظومة القيم العُليا (الحق والخير والجمال)، وتشمل: الأبعاد الرمزية في القصص وحُسن توظيفها لخدمة الرؤية الجمالية. وكذلك الرؤية الجمالية والثقافية، وتشمل: تمثيلات القصص لقضايا الإنسان (العربي) المعاصر، وروح العصر، ومتغيِّرات الواقع المعيش. ومدى الإضافة النوعية للقصة القصيرة العربية، سواء في انتقاء الموضوعات أو الأساليب الفنية أو طرائق السرد والحوار.

ومن المقرر إعلان القائمة القصيرة في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) 2026، حيث ستقوم المكتبة الوطنية في دولة الكويت باستضافة واحتضان كامل فعاليات الدورة، باجتماع لجنة التحكيم لإعلان الفائز، وكذلك إقامة الندوة الثقافية المصاحبة للاحتفالية بعنوان «راهن القصة القصيرة الكويتية»، ويشارك فيها نخبة من الكتّاب العرب والكويتيين، وتمتدّ على مدار يومين، كما ستصدر الاحتفالية كتاباً تذكاريّاً بعنوان «مختارات من القصّ العربي»، إضافة إلى مجموعة «أحلام الشباب» للكاتب المرحوم فاضل خلف، وكتاب تذكاري عنه.