احتفلت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، الأحد، على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في الكويت، بتوزيع جوائز مسابقتها «ديوان شهداء العزة» للفائزين، بحضور شخصيات دبلوماسية وفكرية وثقافية وضيوف الجائزة.
وفاز بالجائزة، التي بلغ عدد المشاركات فيها 1410 قصائد، تقدم بها 1246 شاعراً وشاعرة، يمثلون 36 دولة عربية وأجنبية، كل من: الشاعر مُحَمَّد عِبُّو (من الجزائر) محققاً الجائزة الأولى، وقدرها 15 ألف دولار، عن قصيدتِهِ «حُدَاءُ شَارِبِ الرِّيح»، والشاعر وضَّاح عليّ حاسِر (من اليمن) بالجائزة الثانية، وقدرها 10 آلاف دولار، عن قصيدتِهِ «وَطَنٌ يُصَلِّي في الجَحيم»، والشاعر أحمد سيّد هاشِم (من مملكة البحرين) بالجائزة الثالثة، وقدرها 5 آلاف دولار، عن قصيدتِهِ «شَهِيدٌ مُخضّبٌ بالوَرْدِ».
وقد أشادت لجنة التحكيم بجمال النصوص المقدمة من قبل المشاركين، الذين اختاروا «تجسيد روح شهداء العزة وتضحياتهم في قصائدهم المعبرة».
وألقى رئيس مجلس أمناء «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية» المنظمة للمسابقة، سعود عبد العزيز البابطين، كلمة أكد فيها أن «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية» «شقّت طريقها بقوة في المجتمع الثقافي العربي والعالمي، وابتكرت لها هوية لا غبار حولها منذ تأسيسها عام 1989، وسنظل أمناء في التعبير عن الهدف الأسمى الذي أعلنه وتبناه والدي عبد العزيز سعود البابطين منذ البداية، وهو تشجيع الأدباء، والكتّاب، والمفكرين والباحثين، والعلماء العرب، وتكريمهم، اعتزازاً بدورهم في النهوض الفكري والعلمي في مجالات الثقافة والأدب والعلم في الوطن العربي».
وأشار البابطين إلى أن «المؤسسة تلقت مشاركة واسعة من مختلف أنحاء العالم، إذ بلغ عدد المشاركات 1410 قصائد، تقدم بها 1246 شاعراً وشاعرة، يمثلون 36 دولة عربية وأجنبية، وهذه المشاركة الواسعة والإقبال السريع من مشاركة الشعراء إن دلّت فتدل على ثقتنا وثقة والدنا (الراحل عبد العزيز البابطين) التي عهدناها في ضمائر شعراء الأمة العربية اليقظة والمتعايشة مع قضايا أمتها العربية، من خلال شعرهم، وهو الأسلوب المعبر ليكون دفاعاً عن عرينهم الوطني الذي يحتضنهم». وأضاف: «الشعر أحد أهم الفنون الأدبية التي يتم من خلالها الدفاع عن الوطن، ولقد لبى الشعراء النداء، وكانت استجابتهم للدعوة على قدر الحدث، بل إنها فاقت جميع التوقعات، فتحولت المسابقة بفضل مشاركاتهم المذهلة في عددها وفي نوعيتها إلى تظاهرة ثقافية عربية وإنسانية شاملة».
وأضاف البابطين: «شاءت إرادة الله عزَّ وجلَّ أن يكون أول كتاب أقدّمه إلى المكتبة العربية بعد أن حُمِّلتُ أمانة رئاسة مجلس أمناء (مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية) هو ثمرة النداء الذي وجّهه والدي عبد العزيز سعود البابطين - رحمه الله - في 23 أكتوبر إلى شعراء العربية في كل بقاع الأرض، ألا وهو (ديوان شُهداء العزة) الذي يتضمن قصائد مختارة لـ712 شاعراً وشاعرة من مختلف أقطار الوطن العربي وبعض دول العالم الأخرى».
وشهد الحفل قراءات شعرية للشعراء الفائزين والمشاركين، قدّمت لمحات من معاناة وكفاح الشعب الفلسطيني.
كما شارك إلى جانب الشعراء الفائزين عدد من الشعراء العرب في أمسية شعرية حملت عنوان «شهداء ديوان العزة». وهم: الشاعر مُحَمَّد عِبُّو (الجزائر)، الشاعر أحمد سيّد هاشِم (مملكة البحرين)، الشاعر وليد الصراف (العراق)، الشاعر وليد القلاف (الكويت)، الشاعر عبد الله الفيلكاوي (الكويت)، الشاعرة بشرى أبو صبرة (الأردن)، الشاعرة حنان فرفور (لبنان)، الشاعرة سميا حسين صالح (سوريا)، الشاعر عبد الرحمن الطويل (مصر)، الشاعر محمد تركي حجازي (الأردن)، الشاعر نادي حافظ (مصر) مقيم بدولة الكويت.
وفي نهاية الحفل، كرّم سعود عبد العزيز البابطين، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الفائزين بالجوائز...
«حُدَاءُ شَارِبِ الرِّيح»
مقتطفات من قصيدة «حُدَاءُ شَارِبِ الرِّيح»، للشاعر محمد عبو، الفائز بالمركز الأول:
مَرَّتْ بِخَاطِرَتِي أَطْيَافُ مَنْ عَبَرُوا
كَانُوا هُنَا شَجَرًا يَشْتَاقُهُ الْمَطَرُ
فِي الْأَرْضِ هَا دَمُهُمْ مَا زَالَ يَدْفَعُنَا
نَحْوَ الْمَجِيءِ وَدَمْعُ الرِّيحِ يَنْتَصِرُ
كَانُوا هُنَا كُتُبُ التَّارِيخِ تَعْرِفُهُمْ
حَتَّى لَتَنْطِقُ فِي أَوْرَاقِهَا الصُّوَرُ
كَانُوا هُنَا رِيحُهُمْ فِي الْقُدْسِ قَائِمَةٌ
تَتْلُو التَّسَابِيحَ، وَالْأَطْيَافُ تَنْتَشِرُ
مَا زَالَ مِنْ عَرْفِهِمْ شَيْءٌ يُلَازِمُنَا
يَا قَوْمُ جُدُّوا الْحُدَاء الْقَوْمُ قَدْ حَضَرُوا
شُدُّوا سُرُوجَ السَّمَا وَالْأَرْضِ وَانْتَبِهُوا
فَالْمُنْتَهَى وَاقِفٌ وَالْكُلُّ يَنْتَظِرُ
إِسْرَاءُ أوَّلِكُمْ مِعْرَاجُ آخِرِكُمْ
شُدُّوا الْوَثَاقَ، وَهَيَّا الْآنَ لَا وَزَرُ
إِنَّ الرُّؤَى غَزَّةٌ، وَالْأَرْضُ تَعْرِفُهَا
والأُفقُ يرْفَعُهَا وَالنَّجْمُ وَالْقَمَرُ
والْقَلْبُ يَكْتُمُهَا حُبًّا، وَيَكْتُبُهَا
بِالنَّارِ يَا طِفْلَةً نَادَتْ بِهَا السُّوَرُ
ستُّونَ كَوْنًا، شُمُوعُ الْأَرْضِ تَقْرَأُهَا
تَأْتِي لِتُخْبِرَ مَا نَأْتِي وَمَا نَذَرُ
فِي الْمَاءِ جَرَّ الْمَدَى أَذْيَالَ عِفَّتِهَا
وَاخْتَالَ حَتَّى رَآهُ الْجِنُّ وَالْبَشَرُ
مَا زِلْتُ أَحْمِلُهَا فِي الرِّيحِ مَلْحَمَةً
تَنْأَى بِمَلْمَحِهَا، وَالشَّمْسُ تَعْتَجرُ
«وطن يُصلِّي في الجحيم»
مقتطفات من قصيدة «وطن يُصلِّي في الجحيم» للشاعر وضاح علي حاسر، الفائز بالمركز الثاني:
كالنَّهرِ في خدَّيهِ رقْرَقَ عبرَتَهْ
طفلٌ أمامَ الكُوخِ يَمْضَغُ حسْرَتَهْ
طفلٌ على الأنقاضِ يسألُ كلَّما
طيفٌ بَدَا: من أينَ يدخلُ حُجْرَتَهْ؟
ويصيحُ طفلٌ تحتَ أنقاضِ الأسَى
أنفاسُهُ الحَرَّى تُعرِّي لهفَتَهْ
أبَتَاهُ واشْتَعَلَتْ جراحَاتُ اللَّظَى
في جوفِهِ الخاوِي تُرَمِّدُ بَهْجَتَهْ
أبَتَاهُ وانتفضَتْ بقايا صرخَةٍ
في صوتِهِ المخنوقِ تَنْفُخُ جمْرَتَهْ
أبَتَاهُ وانْكسرَتْ على شَفَةِ الرَّدَى
لغةُ الأبوَّةِ؛ كي تُيَتِّمَ صرخَتَهْ
أبَتَا وغابَ الصَّوتُ، ما ردَّ الصَّدَى
صوتًا، ولم يحْفَظْ ركامٌ نبْرَتَهْ
لا شَيْءَ أبْشَعُ في الوجودِ كمثلِما
أنْ يفقِدَ الإنسانُ إنسانيَّتَهْ
منذُ امتزاجِ الطِّينِ والإنسانُ مِنْ
زيتِ الفلسطينيِّ يُشْعلُ فكْرَتَهْ
مُذْ جاءَ «هابيلُ» انْبجاسةَ فطْرةٍ
كانت براءتُهُ تُشَكِّلُ رحلَتَهْ
كانَ النَّقاءُ يقودُهُ من قلبِهِ
وصفاؤهُ جسرٌ يُعدِّدُ خطْوَتَهْ
حتَّى أتَى «قابيلُ» لا قَلْبًا لَهُ
ودَنَا الغرابُ لكي يُوارِي سَوْءَتَهْ
ما كانَ للدَّمِ أيُّ لونٍ قبْلَ أنْ
يأتي ظلامٌ ما؛ ليجرَحَ جَذْوَتَهْ
واليومَ لا لغةٌ سوى لغةِ الوغَى
لغةِ المجازرِ، والضحايَا مُنْصِتَةْ
يتحدَّثُ البارودُ فينا – وَحْدَهُ
لغةً مُفَسْفَرَةَ الحروفِ، مُكَبْرَتَةْ
وتذودُ «غَزَّةُ» - وَحْدَها - عن قُدْسِها
و«القُدْسُ» منذُ القصفِ يبْكي غَزَّتَهْ
من أوَّلِ الغاراتِ والدَّمُ رحلةٌ
نهرٌ تَشَرَّبَت المَنايا ضفَّتَهْ
وطَنٌ تُوَضِّئُهُ القذائفُ كي يُؤَدْ
دِي في الجحيمِ صَلاتَهُ وفريضَتَهْ
تَكْسُوْ مَلامِحَهُ الجراحُ كأنَّها
شَفَقٌ كَسَا بِيضَ السَّحائبِ حُلَّتَهْ
«شَهِيدٌ مُخضّبٌ بالوَردِ»
مقتطفات من قصيدة «شَهِيدٌ مُخضّبٌ بالوَردِ» للشاعر أحمد سيد هاشم (البحرين) الفائز بالمركز الثالث:
أسْرَجُوا الحُلمَ في عُيونِ الصَّباحِ
ثُمَّ سَارُوا على جناحِ الرِّيَاحِ
حَيثُ مَرُّوا تورَّدَتْ أغْنِياتٌ
ونَمَتْ إِثرَ كُلِّ خَطْوٍ أقَاحِي
هَكَذا كانَ لِلْبنادِقِ لَونٌ
وصَدًى أحْمرٌ لِصَوتِ الجِرَاحِ
كَسَرُوا الصَّمتَ في فَمِ المَوتِ حتَّى
شَهَقَ الموتُ بالكلامِ المُباحِ
طلْقةً طلْقةً يَدُ اللَّهِ ترمي
ينزِفُ العِزُّ من ثُقُوبِ السِّلاحِ
فِتيةٌ كالسَّماءِ تُمطِرُ في الجَدْ
بِ فتخْضَرُّ سُمْرَةُ الفَلَّاحِ
فتيةٌ زيَّتُوا الظَّلامَ وجاؤُوا
مِن أقاصِي الغُيوبِ بالإِصْبَاحِ
لمْ تكُنْ قبلَهم مَسَافةُ ضوءٍ،
دمْعةٌ شمْعةٌ، بقايَا اقتِدَاحِ
نقشُوا في رقابِهم خُطَّةَ النَّصـ
ـرِ وَذادُوا بِرَوعةِ الأرواحِ
أغلَقُوا بابَ حُزنِهم، أيُّ مَجْدٍ
يفتحُ الخُلدَ دونَما مِفتَاحِ