«أساطير شخصية»... منهج جديد في قراءة دراما التاريخ

وسمَتْ طفولة طه حسين ومحفوظ وعبد الناصر والسادات

يوسف إدريس
يوسف إدريس
TT

«أساطير شخصية»... منهج جديد في قراءة دراما التاريخ

يوسف إدريس
يوسف إدريس

صدر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة كتاب «أساطير شخصية» للكاتب محسن عبد العزيز الذي يتضمن منهجاً جديداً في تحليل وفهم دراما التاريخ التي صنعتها شخصيات بارزة في السياسة والأدب والفن، وما قامت به من أعمال عظيمة تركت بصمتها في حياتنا ومستقبل أيامنا، وذلك من خلال الوصول إلى «الأسطورة» التي حكمت حياة كل منهم بحكم أن حياتهم معروضة علينا من الطفولة إلى الممات.

ويقول المؤلف إنه إذا كان لهؤلاء من أساطير لها الدور الحاسم في نجاحهم فإن لكل إنسان بالتأكيد الأسطورة التي تحكم حياته وهو لا يدري، فهناك حادث يتكرر في حياة الأفراد على فترات بعيدة يبدو مصادفةً قدرية حاسمة في مصيره، يصنع مستقبل الشخصية على نحو مغاير للآخرين، أو بمعنى أصح يشكل أسطورتها. ويستشهد هنا بقول نيتشه: «هناك حادثة متكررة تعود من آن إلى آخر في حياة كل إنسان، يبتعد الحادث ويقترب ثم ينتظم في خيط، يميل أحياناً ويرتخي ويشتد وفي كل الأحوال نمشي عليه. وأي محاولة للإفلات أو الخروج من أسره يلتف الحبل على الساقين حتى تتحقق الأسطورة كما ظهرت علاماتها منذ الطفولة».

من هنا يتضح أن لكل إنسان لحنه الخاص أو أسطورته التي تحكم مجرى حياته دون أن يدري. هذا اللحن ربما يسري في الفضاء، يستمد منه الإنسان مصيره أو أسطورته وتكون العلامات دليل الأسطورة إلى ما تريد، فمنذ أن يولد الإنسان وهو يطارد أسطورته أو تطارده، فيصبح سياسياً أو شاعراً أو فناناً أو رياضياً أو عاملاً أو فلاحاً أو حتى قاتلاً أو لصاً.

سئُل الموسيقار الفرنسي دابلييوس ميلهم: متى أدركت أنك ستصبح مؤلفاً موسيقياً؟ فقال إنه في أثناء طفولته كان يرقد في فراشه مستسلماً لنوم بطيء يصغي وينصت إلى نوع من الموسيقى ليس له علاقة بنوع الموسيقى الذي عرفه، ثم اكتشف فيما بعد أن هذه الموسيقى هي موسيقاه الشخصية، موسيقى الذات.

ويشير محسن عبد العزيز إلى أن الإنسان لا يستطيع الفكاك من أسطورته، وأحياناً يكون الهرب هو نفسه عين الأسطورة، فقد هرب الدكتور جمال حمدان من الناس إلى العزلة ليعيش «أسطورة الخريطة» التي حكمت مسار حياته، حيث جعل بينه وبين الناس حدوداً ومسافات صارمة لا يسمح لأحد بتجاوزها حتى صار أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين ومؤلف الموسوعة الاستثنائية «شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان».

وقد يكون «العقاب» هو الأسطورة الحقيقية للشخص كما حدث مع جمال عبد الناصر صغيراً حين أمره المدرس أن يضرب زملاءه في الفصل لأنهم لم يعرفوا الإجابة الصحيحة التي عرفها. ورفض ناصر أن يضرب زملاءه فأمرهم المدرس أن يضربوه فانهالوا عليه 60 مرة ضرباً بالعصا تحملها بشجاعة على يديه، لكنه بعد ذلك أصبح «الزعيم» بينهم، يلعبون إذا لعب، ويصمتون إذا صمت. وسوف تتكرر «أسطورة العقاب»، لكن من قوى معادية عالمية في حياة عبد الناصر، وفي كل مرة يخرج أقوى كما حدث معه وهو تلميذ.

طه حسين

وحين كان الطفل أنور السادات يقف على سطح منزله يمثل دور الزعيم الهندي المهاتما «غاندي» لم يكن منفصلاً عن أسطورته في الحياة، حيث سيغدو شخصية فريدة قادرة على تقمص أدوار متنوعة على مسرح السياسة والحياة، على نحو يخدع القريب والبعيد، العدو والصديق، ويحقق نصر أكتوبر (تشرين الأول) العظيم، ثم يهبط بعدها بطائرته في تل أبيب متقناً دوره كأي ممثل عالمي. ثم يموت في النهاية على المسرح كأحد الأبطال التراجيديين بكامل زيه العسكري ونياشينه، فيما العالم كله يشهد موته المأساوي بين جنوده وعلى الهواء مباشرة كما يليق بـ«أسطورة الفنان».

وكان الطفل الكفيف طه حسين يوقظ إخوته من النوم بأن يشعل النار في ملابسهم وهم في سبات عميق، فيستيقظون هلعين غاضبين لتغدو أسطورة عميد الأدب العربي «إيقاظ النائمين» في هذه الأمة بكتبه وأفكاره التي أثارت الجدل؛ لأنه هو فقط حاول إيقاظ النائمين.

أما الطفل نجيب محفوظ فقد أجبرته ظروف الاحتلال الإنجليزي وحالة الثورة على أن يجلس في نافذة منزله المطل على ميدان «بيت القاضي»، يشهد المظاهرات التي تحدث ضد الاحتلال، وعمليات الكر والفر بين الثوار والمحتلين. تمكنت النافذة من نجيب محفوظ، وأصبحت أسطورته، ثم تتعدد النوافذ التي يطل منها على الحياة، يرقب العالم دون أن ينزل إلى المظاهرات أو يدخل في أي معركة أبداً طوال حياته، ينظر ويراقب ويكتب ما رآه من نافذة أسطورته.

وفي المقابل، عاش رائد القصة القصيرة في العالم العربي يوسف إدريس طفلاً صغيراً قلقاً في بيت جده وجدته، محروماً من أبيه وأمه، يحلم بالكنز الذي سيحرره من المدرسة وتلاميذها الذين يضربونه ليكون «الكنز» هو إبداعه. أما أمير الشعراء أحمد شوقي فقد ولد بأسطورته منذ صغره، حيث كان ينظر بعيداً، قالوا إن ببصره عيباً خلقياً بينما كان يبحث عن القصائد والمعاني. عاش طوال حياته يلتقط الألحان والمعاني من منطقة بعيدة مجهولة، لا يفعل شيئاً غير قرض الشعر.


مقالات ذات صلة

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

ثقافة وفنون سانت إكزوبيري

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

لم يكف البشر منذ وجودهم على هذه الأرض عن التقاتل والتذابح، وفرض سيطرة بعضهم على البعض الآخر، عبر أكثر الوسائل دمويةً وفتكاً.

شوقي بزيع
ثقافة وفنون نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

يحتل الفن الجنائزي حيزاً واسعاً من ميراث أقاليم شبه الجزيرة العربية، وتتميّز جزيرة البحرين في هذا الميدان بنتاج نحتي تصويري يعود إلى القرون الميلادية الأولى

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون كمال داود يقلّب مواجع العشرية السوداء

كمال داود يقلّب مواجع العشرية السوداء

تتويج كمال داود بجائزة «الغونكور»، وهي أبرز تكريم أدبي فرانكفوني على الإطلاق، لم يكن مفاجأة، فمنذ أشهر توقّعت عدة تقارير فوز الكاتب الجزائري بالجائزة المرموقة

أنيسة مخالدي (باريس)
ثقافة وفنون «اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر» عنوان لافت لمختارات نقلها عن الأردية المترجم هاني السعيد للشاعر الباكستاني أفضال أحمد سيد الذي يُعد أحد رواد قصيدة النثر في باكستان.

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

سانت إكزوبيري
سانت إكزوبيري
TT

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

سانت إكزوبيري
سانت إكزوبيري

لم يكف البشر منذ وجودهم على هذه الأرض عن التقاتل والتذابح، وفرض سيطرة بعضهم على البعض الآخر، عبر أكثر الوسائل دمويةً وفتكاً. وسواء كانت الحروب عبر التاريخ تُشن بفعل الصراعات الإثنية والدينية والآيديولوجية والرغبة بالسيطرة والاستحواذ، أو اتخذت شكل الدفاع عن الحرية والمقاومة ضد الاحتلال، فإن نتائجها الوخيمة لم تقتصر على دمار المنازل والمباني والمعالم المادية للعيش، بل تعدت ذلك لتصيب الدواخل الإنسانية بالتصدع، ولتحدث انهياراً كاملاً في نظام القيم وقواعد السلوك، ولتضع علاقة الإنسان بنفسه وبالآخر في مهب الشكوك والتساؤلات.

همنغواي

على أن من المفارقات اللافتة أن تكون الحروب الضارية التي أصابت الاجتماع الإنساني بأكثر الكوارث فظاعةً وهولاً، هي نفسها التي أمدت الفلسفة والفكر والفن بالأسئلة الأكثر عمقاً عن طبيعة النفس البشرية، ودوافع الخير والشر، ونُظُم الاجتماع الأمثل، فضلاً عن دورها المهم في تغيير الحساسيات الأدبية والفنية، ودفعها باتجاه الحداثة والتجدد. وإذا كان السؤال حول الآثار التي تخلفها الحروب في مجالي الأدب والفن هو من بين الأسئلة التي لم يمل النقاد والمهتمون عن طرحها مع كل حرب جديدة، فإن الإشكالية التي يتم طرحها باستمرار تتعلق بدور الكتاب والمثقفين في زمن الحرب، وعما إذا كان هذا الدور يقتصر على إنتاج النصوص والأعمال الإبداعية، أم أن على الكتاب والفنانين أن يدافعوا بحكم انتمائهم الوطني والقومي والإنساني عن قضايا شعوبهم بشتى السبل والوسائل الممكنة.

وإذا كان هذا النوع من الأسئلة لا يجد له إجابات قاطعة، لأن كل شخص يرى من وجوه الحقيقة ما يلائم مواقفه وتوجهاته، فقد تمكّننا العودة إلى التاريخ من استجلاء بعض الحقائق المتعلقة بمواقف الشعراء والمبدعين من الحروب والنزاعات الأهلية، وبما قاموا به، خارج النصوص والأعمال الفنية، من أدوار وإسهامات. ولعل أول ما يحضرني في هذا السياق هو التجربة الرائدة للشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، خلال الحرب الدامية التي نشبت بين قبيلتي عبس وذبيان، التي عرفت عبر التاريخ بحرب داحس والغبراء. فقد حرص زهير على وصف الحرب بما يليق بها من نعوت، محذراً من نتائجها الكارثية عبر أبياته المعروفة:

وما الحرب إلا ما علمتمْ وذقتمُ

وما هو عنها بالحديث المرَجَّمِ

متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً

تضْرَ إذا ضرَّيْتموها فتضرمِ

فتعرككمْ عرْك الرحى بثفالها

وتَلْقحْ كشافاً ثم تُنتجْ فتتئمِ

إلا أن زهيراً الذي رسم في معلقته إحدى أكثر اللوحات الفنية دلالة على فظاعة الحروب وهولها الكارثي، رأى أن من واجبه كإنسان وكفرد في جماعة، أن يحرض على نبذ العنف، ويدعو إلى تحرير النفوس من الأحقاد والضغائن. وهو إذ راح يمتدح كلاً من داعيتي الصلح، الحارث بن عوف وهرم بن سنان، فلم يفعل ذلك تملقاً أو طلباً للثروة والجاه، بل فعله انتصاراً لمواقفهما الأخلاقية النبيلة، ولما قدماه من تضحيات جسام بهدف إطفاء جذوة الحرب، وإحلال السلام بين المتنازعين.

تولستوي

ومع أن الحروب بأشكالها المختلفة قد شكلت الظهير الأهم للكثير من الأعمال الملحمية والروائية، فإن قيمة العمل المتولد عنها لا تحدده بالضرورة مشاركة الكاتب الشخصية في المعارك والمواجهات، بل موهبته العالية وتفاعله مع الحدث، وكيفية الانتقال به من خانة التوصيف السطحي والتسجيلي إلى خانة الدلالات الأكثر عمقاً للعدالة والحرية والصراع بين الخير والشر، وصولاً إلى الوجود الإنساني نفسه.

وإذا كان تاريخ الأدب بشقيه القديم والحديث حافلاً بالبراهين والأدلة التي تضيق الهوة بين الخيارين المتباينين، فيكفي أن نعود إلى هوميروس، الذي لم تحل إصابته بالعمى وعجزه عن المشاركة في الحروب، دون كتابته لملحمتي «الإلياذة» و«الأوديسة»، تحفتي الأدب الخالدتين. كما يمكن الاستدلال بتولستوي الذي لم تكن رائعته الروائية «الحرب والسلم» ثمرة مشاركته المباشرة في حرب نابليون على روسيا القيصرية، وهو الذي لم يكن أثناءها قد ولد بعد، بل ثمرة تفاعله الوجداني مع معاناة شعبه، ورؤيته النافذة إلى ما يحكم العلاقات الإنسانية من شروخ وتباينات. ومع أنه لم يجد بداً من الانخراط في الجندية في وقت لاحق، فإنه ما لبث أن تحول إلى داعية للمحبة ونبذ العنف، وتحقيق السلام بين البشر.

أما الجانب الآخر من الخيارات فتمثله تجارب كثيرة مغايرة، بينها تجربة الكاتب الأميركي آرنست همنغواي الذي قدم عبر حياته الحافلة، النموذج الأكثر سطوعاً عن العلاقة بين الكتابة والحياة، وهو الذي لم يكتف بوصف الحرب عن بعد، كما فعل كتاب كثيرون، بل عمد إلى الالتحام المباشر بميادينها المحفوفة بالمخاطر، الأمر الذي وفرته له مهنته كمراسل حربي للصحف التي عمل فيها. والواقع أن فائض القوة العضلي لهمنغواي، والتزامه الوطني والإنساني، لم يكونا الدافعين الوحيدين لمشاركته في الحروب التي خاضها، بل كان دافعه الأساسي متمثلاً في البحث عن أرض ملموسة لكتابة رواياته وقصصه المختلفة. وإذا كان انخراط الكاتب الفعال في الحرب العالمية الأولى هو الذي يقف وراء تجربته الروائية المبكرة «وداعاً أيها السلاح»، فإن مشاركته في الحرب الأهلية الإسبانية دفاعاً عن الجمهوريين، وجنباً إلى جنب مع كتاب العالم الكبار، هي التي ألهمته رائعته الروائية اللاحقة «لمن تُقرع الأجراس».

وفي السياق نفسه يمكن لنا أن نضع تجربة الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، الذي دفعه شغفه البالغ بالطيران إلى الالتحاق بقوات بلاده الجوية، ولم يثنه تحطم طائرته في إحدى الطلعات، عن الإمعان في مغامرة التحليق وصولاً إلى نهايته المأساوية عام 1944. غير أن ذلك التحليق بالذات هو الذي أتاح لسانت إكزوبيري أن يرسم عبر «الأمير الصغير» صورة لكوكب الأرض، بعيدة عن العنف ومترعة بالنقاء الطفولي.

قيمة العمل المتولد عن الحروب لا تحدده بالضرورة مشاركة الكاتب الشخصية فيها

ثمة بالطبع شواهد كثيرة، لا تتسع لها هذه المقالة، على الخيارات المتباينة التي اتخذها الكتاب والفنانون في أزمنة الحروب، والتي يتجدد السجال حولها مع كل حرب تقع، أو كل مواجهة تخوضها الشعوب مع غزاتها المحتلين. وإذا كان بعض المبدعين لا يرون علة لوجودهم سوى الإبداع، ولا يجدون ما يقدمونه لأوطانهم في لحظات محنتها، سوى القصيدة أو المعزوفة أو اللوحة أو سواها من ضروب التعبير، فإن بعضهم الآخر يرسمون لأنفسهم أدواراً مختلفة، تتراوح بين الدفاع عن الأرض، لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً، وبين التظاهر وإصدار البيانات المنددة بارتكابات الاحتلال ومجازره وفظاعاته، وصولاً إلى إسهام الكاتب الشخصي في التخفيف من معاناة شعبه، ورفده بأسباب المقاومة والصمود.

على أن أي حديث عن دور الكتاب والفنانين في زمن الحرب، لن يكون له أن يستقيم، دون الإشارة إلى عشرات الإعلاميين والمصورين والمراسلين في فلسطين ولبنان، الذين أسهمت تقاريرهم الميدانية الجريئة في إظهار الطبيعة الوحشية للاحتلال، وفي فضح ادعاءاته الزائفة عن الالتزام بقواعد الحرب الأخلاقية والإنسانية. وإذا كان من المتعذر تماماً استعادة أسماء الإعلاميين والمراسلين الكثر، الذين أصروا على المواءمة بين الواجبين المهني والإنساني، حتى لو كانت حياتهم نفسها هي الثمن، فيكفي في هذا السياق أن نتذكر الكاتبة والإعلامية اللبنانية نجلاء أبو جهجه، التي قامت بالتقاط صور مختلفة لجثث الأطفال المدلاة من سيارة إسعاف بلدة «المنصوري»، أثناء الاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني عام 1996، فيما حرصت في الوقت ذاته على مد يد العون للجرحى المتبقين منهم على قيد الحياة. وفيما غادرت نجلاء هذا العالم، وقد أنهكها مرض عضال، قبل أيام معدودة، لن تكف العيون المطفأة للأطفال، عن ملازمة صوَرها المؤثرة، وتجديد عقدها مع الضوء، وتوزيع نظرات اتهامها الغاضبة بين عدالة العالم المفقودة ووجوه الجلادين.