وجّه الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، بتحويل مرسم الفنان التشكيلي الراحل هشام بنجابي في منطقة جدة التاريخية إلى مركز ثقافي للاحتفاء بإرثه؛ وذلك تكريماً لمسيرته، وتقديراً لإسهاماته في إثراء المشهدين الفني والثقافي على مدى مسيرته التي تمتدّ لعقود.
تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الوزارة للمحافظة على الإرث الفني، وتعزيز الفن التشكيلي، والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي للبلاد، بينما تشهد جدة التاريخية حراكاً فنياً وثقافياً كبيراً، برعاية الوزارة، حيث تُنظّم مبادرات ومعارض تعكس تنوع التراث الغنيّ في المنطقة، وتحافظ عليه، وتوفر منصة للفنانين الشباب لعرض أعمالهم.
وسيعكس المركز إرث وإبداعات بنجابي، حيث ستنظم معارض ومبادرات تُسلّط الضوء على إسهاماته الفنية وتأثيره في المشهد التشكيلي خصوصاً، والثقافي السعودي عموماً، كما سيوفر مساحة فنية تُمكّن المبدعين وتُدعمهم لعرض أعمالهم، وإقامة معارض خاصة بهم، وندوات وورش عمل، وفعاليات معزِّزة لقطاع الفنون البصرية في جدة التاريخية.
بنجابي، الذي ولد سنة 1956، أُطلق عليه لقب «رسام الملوك»، حيث بدأت قصته وهو في الـ19 من العمر، مع أولى محاولاته لرسم لوحة للملك فيصل بن عبد العزيز، ليهديها لوالدته. وأثناء ذهابه لتأطيرها، صادف أن رآه وزير المعارف حينها، حسن آل الشيخ، فعرض عليه مقابلة الملك فيصل في قصر الحمراء بجدة، وإهداءه اللوحة؛ ومن هنا كانت البداية.
ورسم أكثر من 200 لوحة فنية لعدد من الملوك ورؤساء العالم، ومناطق سعودية كثيرة، كان لمدينة جدة الحظ الأوفر منها، ويوجد في معرضه ما يزيد عن 80 لوحة منها، من بينها أكبر وأهم لوحة تحمل صورة للملك عبد العزيز رحمه الله. ومن بين لوحاته المميزة «بئر يسر» في المدينة المنورة، و«زقاق الشراشف» أحد أزقة جدة التاريخية في حارة المظلوم.
واستخدم بنجابي في أعماله التي أنتجها خلال مسيرته، الحصان رمزاً، واهتم في فنه بموضوعات ترتبط بالتراث السعودي، وهو يفضل أسلوب الرسم الواقعي، بَيْد أن تأثره بمدارس مختلفة يبدو واضحاً.
كان الراحل قد درس الأدب الإنجليزي في جامعتيْ الملك عبد العزيز بجدة عام 1976، و«أدنبرة» الأسكوتلندية 1979، كذلك الفن والديكور بكندا، ومثّل المملكة في عدد من المحافل الفنية الدولية، وأشرف على جميع المعالم الجمالية التي نفّذها فنانون عالميون بجدة عندما عمل في أمانة بلديتها، كما صمم المَعلمين الشهيرين بالمدينة الساحلية «دوار الهندسة»، ومجسّم بحيرة السمكة.
وتولّى عدة مناصب، منها مدير متاحف جدة التاريخية بين عاميْ 1407هـ و1409هـ، ورئيس بيت الفنانين التشكيليين بجدة، ومدير فرع «الجمعية السعودية للفنون التشكيلية» بجدة منذ عام 1438هـ حتى وفاته مساء الاثنين 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، عن عمر يناهز 69 عاماً، بعد معاناة مع المرض.
اقرأ أيضاً:
فنان سعودي يقدم نموذجاً في منزله يقرب أوجه خلاف التشكيليين والمعماريين
«الفيتون» يأخذ زوار جدة التاريخية برحلة إلى الجزيرة العربية