معرفة علمية في سياق روائي

لاباتوت شغوف باستكشاف منطقة التماس بين العبقرية والاضطرابات الذُهانية

معرفة علمية في سياق روائي
TT

معرفة علمية في سياق روائي

معرفة علمية في سياق روائي

كلُّ روايةٍ هي وسيط معرفي. هي أداةٌ لتمرير خبرة منتجة للقارئ. هل يمكن أن نتصوّر رواية لا تنطوي على معرفة؟ يبدو الأمر تناقضاً خالصاً. حتى لو كانت الرواية سلسلةً من وقائع محدّدة (على افتراض إمكانية وجود رواية وقائعية صرفة من غير سلسلة حكائية) فستكون رواية ناقلة للمعرفة. لو كانت الوقائع مرتبطة بسلسلة سببية خطية فهذه السببية هي خبرة منتجة، وبالتالي هي معرفة؛ أمّا إذا كانت الوقائع غير مترابطة سببياً فستدفعنا للتفكّر في الأمر: سنتصوّر - مثلاً - أنّ الروائي يبتغي القول - ولو بكيفية مضمرة - أنّ الشخصية الروائية ربما تعاني اختلالاً ذهانياً. خلاصة القول إنّ الرواية وسيطٌ صانعٌ للمعرفة، والتقنيات الروائية تسعى في بعض أهدافها لجعل السرد الروائي صالحاً وقادراً لتمرير المعرفة إلى القارئ.

هل يمكن القول إنّ كلّ رواية هي رواية معرفية بالضرورة؟ نعم كمبدأ؛ لكنّ التوصيف الإجرائي الدقيق أنّ الرواية المعرفية تصفُ نمطاً خاصاً من الروايات المكتنزة بالمعرفة، وفيها لن يكون عسيراً على القارئ منذ البدايات الأولى أن يكتشف رغبة الروائي الملحّة في تمرير معرفة محدّدة إلى القارئ، وأنّ التقنيات الروائية ليست سوى غطاء مقبول لصناعة هذه الرواية. يستلزمُ هذا النمط الروائي كاتباً شغوفاً بالمعرفة (بتاريخ وفلسفة وإبستمولوجيا المعرفة لو شئنا الدقّة). الأمثلة كثيرة في ميدان الرواية المعرفية، وعلينا أن نتوقّع ميلاً مستزيداً لدى الكُتّاب لتجريب هذا النمط الروائي، ولعلّ التفجّر المعلوماتي المعاصر بات هو العنصر الدافع لشيوع هذه الرواية: المواد الأولية (المعلومات الموسوعية) صارت متاحة ومجانية، وضرورة امتلاك معرفة معقولة بالتقنيات التي تشكّلُ معالم عصرنا صارت تفرضُ سطوتها على البشر. لن نتوقّع بالطبع أن يمتلك جميع البشر معرفة تقنية بالخوارزميات أو الذكاء الاصطناعي أو ميكانيك الكم أو الشبكات الحاسوبية؛ لذا ستكون المقاربة المعقولة والمتاحة هي تمرير هذه المعرفة في قالب روائي يبعث على التشويق والمتعة وتحفيز الاستمرارية والمتابعة. المعرفة العلمية صارت عنوان عصرنا، وبالتالي ستكون معرفة الأوليات التقنية جزءاً من الاستراتيجيات الناعمة لأي دولة معاصرة تسعى ليكون لها شأن على الصعيد العالمي. ثمّة أمر آخر شديد الأهمية للرواية المعرفية - العلمية وهو أنسنة العلم: نحنُ، وبسبب التقاليد المدرسية المعلّبة والجاهزة، غالباً ما نرى العلماء وكأنّهم كائنات أسطورية مصنوعة من مادة غير بشرية، أو بعبارة أخرى: نتخيلهم عقولاً حاسوبية من غير قلوب خافقة، أجساداً بغير أرواح. أحد أهداف الرواية المعرفية-العلمية هو تعرية حياة هؤلاء العلماء والكشف عنها في مسرّاتها وإخفاقاتها، أفراحها وكآباتها، أمجادها وأباطيلها. الرسالة المضمرة واضحة للقارئ: إذا كان هؤلاء قد صنعوا ما صنعوا من أفاعيل باهرة في ميدان العلم رغم كلّ المعاناة التي هي جزء وثيق بكلّ حياة بشرية؛ فلِمَ لا تكون أنت واحداً ممّن يخلفونهم ويكملون مسيرتهم؟

لمع مؤخراً اسمُ الروائي التشيلي بنجامين لاباتوت Benjamin Labatut كأحد أهمّ صانعي الرواية المعرفية في نطاق تاريخ العلم وشخوصه. وصلت روايته (أو الأصح رواية قصيرة مع أربع قصص) المسمّاة «حين نعجزُ عن فهم العالم» (When We cease to Understand the World) إلى القائمة القصيرة لجائزة «البوكر» العالمية عام 2021. توجد ترجمة عربية لهذه النوفيلا مع القصص، وهذا من الأمور المحمودة إذ قلّما نرى دار نشر تجتهد في ترجمة نمط روائي مثل هذا. ليس سرّاً أنّ الرواية المعرفية هي رواية نخبوية وليست جائزة جماهيرية مجانية ميسّرة المنال.

يسعى لاباتوت في أعماله لاستكشاف تلك المنطقة البينية المتاخمة لحافات العبقرية مع الاضطراب الذهاني، وسيلمس القارئ براعة وحذقاً في تشبيك الوقائع مع السياق الروائي. سنقرأ في أحد الفصول الخمسة من الكتاب عن عالم الكيمياء الألماني فريتز هابر وهو من قاد الفريق البحثي الألماني الذي نجح في تصنيع الغاز السام بواسطة الكلور، ولم يتوانَ الألمان عن استخدامه بكثافة ووحشية لقتل الملايين من جنود الحلفاء في خنادقهم خلال الحرب العالمية الأولى. الغريب أنّ فريتز ذاته وبعد نهاية الحرب هو من نجح في تخليق طريقة عبقرية وتجارية سهلة لتصنيع الأمونيا بكميات وفيرة، وعند تفاعل الأمونيا مع النيتروجين حصلنا على سماد السوبر فوسفات الذي أنقذ البشرية من مجاعة مؤكّدة. فريتز هو مثال لتداخل الخير والشر في الروح البشرية؛ لكنّ ثمن هذا التداخل كان باهظاً عليه، فقد قُتِل ابنه في الحرب، ووضعت زوجته حداً لحياتها بسبب تأنيب ضميرها. كلّ هذه التفاصيل نقرأ عنها في سياق روائي أخّاذ يتفوّق لاباتوت فيه.

لا بأس أن نقرأ مقطعاً من كتابات لاباتوت حتى نتحسس كيف تتداخل الواقعة مع التفصيلة العلمية:

«كان بستاني الليل عالم رياضيات؛ لذا جعل يحدثني عن الرياضيات بمزيج من النهم والرهبة في الوقت نفسه. أخبرني أنه كان في الماضي على أعتاب بداية طريق مبهر، لكنه تخلى تماماً عنه بعد علمه بما قدّمه ألكسندر غروتينديك، العالم العبقري في حقبة الستينيات. استطاع غروتينديك أن يطوّر الهندسة الرياضية تطويراً لم يحققه أحد منذ ظهور إقليدس، عالم الرياضيات اليوناني الملقب بأبي الهندسة؛ ولكنه فيما بعد جحد تماماً علم الرياضيات وهجره بلا رجعة ومن دون أي تفسير وهو في الأربعينيات من العمر، في أوج شهرته العالمية، ليترك للعالم إرثاً علمياً فريداً يحيُّر العقول ما زالت أصداء أثره تتردد حتى الآن...».

تداخُلُ المأساة والملهاة، الخير والشر، الفجيعة مع الإنجاز المبهر: هذه بعض سمات روايات لاباتوت.

يواصل لاباتوت مساعيه الروائية المعرفية؛ فيعودُ مع أواخر عام 2023 لينشر كتاباً (أو رواية) أكثر دسامةً وتفصيلاً وتنوّعاً في الموضوعات والشخوص، اختار له عنواناً بالإنجليزية (The Maniac). العنوان بذاته إشكالية مفاهيمية وترجمية بسب تعقّد واشتباك الإحالة الدلالية لمفردة «Maniac». ربما مفردة «العبقري» هي الأقرب للترجمة العربية؛ لكنّ التأصيل الأكثر دقةً هو العبقري الذي يعاني اضطراباً ذهانياً تماشياً مع سياق الاضطراب المسمّى الذهان الهوسي الاكتئابي (Manic – Depressive Psychosis). لا أحسبُ أنّ لاباتوت اختار هذا العنوان جزافاً؛ وكأنّه يريدُ القول من وراء اختياره أنّ كلّ عبقري إنّما تتمازجُ حياته بلمسة من الهوس مع مسحة اكتئابية. ربما هذا هو بعض ثمن العبقرية الذي لا مفرّ منه.

الشخصية الرئيسية الرابطة لمعظم فصول هذا الكتاب/الرواية هو العالم الهنغاري - الأميركي جون فون نيومان (John von Neumann) الذي يوصف بأنّه كائن غير بشري من حيث قدراته العقلية والاحتسابية. تكتب زوجته كلارا في مقدّمة أحد كتبه التي نشرت عقب وفاته عام 1957 بسرطان العظام «إنّ جوني كان يحسب كلّ شيء باستثناء عدد السعرات الحرارية التي يتناولها!!». هي تشيرُ لبدانته بالطبع. كان مهووساً بالسيارات والطعام والحياة المرفّهة، ويصعبُ على المرء أن يتخيّل كيف استطاع رجل بمفرده في حياة قصيرة لم تتجاوز أربعاً وخمسين سنة أن يحقق كلّ تلك الإنجازات. سأكتفي هنا بذكر بعض أسماء الشخوص التي كتب عنها لاباتوت حكايات مثيرة في روايته الأخيرة: بول اهرنفست، يوجين فيغنر، نيكولاس أو غستوس، جورج بوليا، ثيودور فون كارمان، ريتشارد فاينمان، أوسكار مورغنشترن، جوليان بيغلو.

يأسرُني هذا النوع من الروايات التي أتمنّى أن تلقى رواجاً وترجمة عربية مكثّفة بعد تعزيز الذائقة العربية لها. المعرفة قوة في نهاية الأمر، وليس كمثل الروايات المعرفية ما يستطيعُ ترسيخ مقوّمات قوّة المعرفة وإمكاناتها الفائقة في الارتقاء ببيئتنا العربية.



هشام مطر يروي سيرة الفن والفقد والمواساة

هشام مطر يروي سيرة الفن والفقد والمواساة
TT

هشام مطر يروي سيرة الفن والفقد والمواساة

هشام مطر يروي سيرة الفن والفقد والمواساة

قبل أن يعبر هشام مطر بقارئه إلى ضفة مدينة سيينّا الإيطالية، يستهل السطور الأولى من كتابه «شهر في سيينّا» بإيماءة تحية لوطنه الليبي بما يحيلنا إلى الكتابة السيّرية التي لا تُغادر مشروع الأديب الليبي البريطاني، فترافقه أينما حل «ليبيا» التي عرفها طفلاً، قبل أن يقطع طريقه في الغربة وينتهي به المطاف للعيش في لندن، وبعد ثلاثة عقود من الغياب يعود إلى موطنه بحثاً عن والده المفقود بها، فالعودة لم تكن فقط عنوان سيرته الذاتية، لكنها ثيمة مركزية في أعماله، وليبيا هي «نقطة الانطلاق التي منها سافر أبعد وأبعد»، كما يقول في مطلع كتابه الجديد.

صدر الكتاب أخيراً عن «دار الشروق» بالقاهرة، بتوقيع المترجمة العمانية زوينة آل تويّة التي ترجمته عن الإنجليزية، وفيه يقطع هشام مطر مع قارئه أميالاً طويلةً من المسافات الجغرافية صوب مدينة سيينا الإيطالية، ويُحلّق خلال رحلته بها في متاهات يبحث في غبارها عن الفن والحب والمواساة والفقد، وهي تأملات لا تخلو من طيف الوطن الليبي الذي تنثال ذكراه في محطات الرحلة التي يقتنصها من الزمن، ويقرر القيام بها بعد سنوات من افتتانه بالفن السييني، الذي يشير مؤرخو الفن إلى انتمائه للفترة من القرن الثالث عشر حتى الخامس عشر ويمثل مرحلة فنية خاصة تفصل بين الفن البيزنطي وفنون عصر النهضة، أو كما سيُقاربها هشام مطر بصورة بلاغية فيقول إن الفن السييني: «مثل الأوركسترا التي تُدوزن أوتارها في وقت الاستراحة».

انفعالات فنية مبكرة

قبل أن يصل هشام مطر إلى قلب مدينة سيينا، تحديداً ساحتها الأشهر «إل كامبو»، يكون قد شارك مع قارئه رحلة افتتانه المُبكرة بمطالعة الفن، الذي تسلل الشغف به إلى قلبه منذ كان طالباً في لندن لم يتجاوز العشرين من العمر، فيتذكر كيف كان يزور «المعرض الوطني» بلندن يومياً خلال فترة استراحته للغذاء ليتوقف كل يوم أمام لوحة واحدة، وأن التفاته المبكر في هذا الوقت لأعمال المدرسة السيينية لم يكن مجرد إعجاب بلون فني بقدر ما كانت تتكثف حيال لوحاتها مشاعر ظلّت تعتمل بداخله، ويعبر عنها في كتابه وكأنما يصف بها توتر علاقته بحبيبة قديمة، فيقول: «في البدء لم أعرف كيف أقاربها»، يتحدث كيف أن التحديق المباشر في لوحات المدرسة السيينية كان يمثل بالنسبة له تحدياً في ذاته، ربما لغموضها، أو لغرابتها عن أعمال كان يهتم بها في تلك المرحلة من حياته كلوحات سيزان ومانيه على سبيل المثال، أما اللوحات السيينية بما كانت تحمله من شفرات ورموز مسيحية فكانت تجعله يشعر أنه «غير مستعد» لمقاربتها بعد، وهي مشاعر ربما كانت تحمل وعداً منه بالعودة لها من جديد، ولكن هذه المرة بزيارة لموطنها وبيتها الأصلي في سيينا الإيطالية.

لم يكن تطوير الذائقة الفنية هو السبب الوحيد الذي كان يدفع مطر لبناء علاقة مع الأعمال الفنية منذ كان طالباً في لندن، وإنما كانت تجمعه آصرة شديدة الذاتية في تلك العلاقة، التي بدت علاقة سلوان ومواساة بعد صدمة اختفاء والده، الذي اختُطف في عهد القذافي وزُج به في طائرة من القاهرة إلى ليبيا حتى اختفى أثره، فذاب بها كما يذوب الملح في الماء، وهي مشاعر يستدرجها هشام مطر من ذاكرته، ليرسم بها نصاً موازياً لزيارته إلى سيينا، ويترك من خلالها شهادته عن الفن كملاذ.

ظل الفن السييني الذي يطالعه هشام مطر عبر النماذج المعروضة له في المتحف الوطني بلندن، كلوحة دوتشو دي بوننسينيا الشهيرة «شفاء الولد المولود ضريراً» يثير لديه الرغبة والحلم بزيارة سيينا على مدار نحو 25 عاماً، حتى باتت تلك المدينة الإيطالية تحتل داخله «تبجيلاً مرتبكاً كالذي يشعر به المؤمن وهو يتجه نحو مكة أو روما أو القدس»، كما يقول في كتابه، وبهذا الارتباك، وبكثير من الاشتياق، يقطع الطريق لتلك المدينة التي تحتضن تلك الحقبة العتيقة من تاريخ الفن.

قلب المدينة المُتقّد

يجوب الكاتب دروب مدينة سيينّا بدهاليزها وممراتها القديمة، ساعياً لتلمس نبضها الخاص، فهي توحي له بوجه هادئ يُخفي قلباً مُتقداً، يرسم معالمها على امتداد صفحات كتابه، فلا يمكن قراءة انطباعاته عن لوحات المدرسة السيينية بمعزل عن هوامشه عن المدينة، التي يبدو كل ما فيها من معالم، وبشر متفانين في العناية بالأغراب، والتدقيق في تفاصيل الحياة، ينبع من «عادة سيينية» أصيلة، على حد وصفه.

إلى جانب اعتماد هشام مطر على الكتابة الذاتية في مقاربة رحلته إلى سيينّا، فهو يضفر سرده بالحوارات العفوية التي جمعت بينه وبين زوجته ورفيقة رحلته «ديانا» التي يُهدي إليها الكتاب، وأضفت أحاديثهما في الفن والتقاطهما تفاصيل من داخل اللوحات طابعاً حوارياً يزيد من تعميق قراءة اللوحات، ومنح النص كثيراً من الحميمية، لا سيما التقاطعات مع ذكرياتهما الخاصة التي كانت تجددها مشاهدتهما لكل لوحة عبر لمحة خاطفة، والنظرة للحياة من خلال تلك المسافة بين ما كانت عليه وما كان يمكن أن تكون، في رابط زمني لا يفقد تراوحاته وشجنه على مدار الكتاب، ففي أحد المشاهد يسرح هشام مطر في المسافة بين المكان الذي وقف فيه في سيينا مع زوجته أمام لوحة لورنزيتي «رمز الحكومة الصالحة»، وبين لحظة تسبقها بأعوام، عندما هبط هو وديانا في روما قادمين من طرابلس في أعقاب عودته إليها بعد أكثر من ثلاثة عقود في المنفى، فيقول إنها «مدة من الزمن غدوت في أثنائها رجلاً وربما رجلاً مختلفاً عن ذلك الرجل الذي كان من الممكن أن أكونه لو بقيت في ليبيا (..) هنا كنا في سيينا، وروما، وطرابلس دفعة واحدة، وهنا كنا نرنو إلى وجهي العدالة وضحيتها في لوحة لورنويتي، وكذلك وجهي داوود وجالوت في لوحة كارافاجيو».

يبدو هشام مطر في جولته بين لوحات سيينا وكأنه يؤسس آصرة سردية مع اللوحات التاريخية، فهو يتقاطع معها بخياله الأدبي، فينظر مثلاً للوحة «مادونا دي فرانشيسكاني»، بعد أن يضعها في سياقها التاريخي الذي رسمها فيه دوتشو قرابة عام 1290 قبل أن يصبح فنان سيينا الأعظم، فيتأمل هشام مطر تلك اللوحة وينظر إلى ثوب الأم العذراء الأسود الذي يُميط اللثام عن فضاء خاص، بهشاشته البائسة التي تُقارن بقوة ابنها العظيم، فيلتقط تلك الإشارات من عمق حكايا اللوحات القديمة مثيرة داخله صيحات من الإلهام والمُخيلة، ومقاربات لكيانه الوجودي كذلك، فعلى مدار سيره في ثنايا سيينا وهو يُلح عليه سؤالان: «ماذا لو وُلدت هنا، وماذا لو قُدر لي أن أموت هنا؟»، ويقول إن هذين السؤالين هما التوأمان اللذان يتعقبانه في كل مدينة.

صدرت ترجمة «شهر في سيينا» للعربية بالتزامن مع وصول هشام مطر للمنافسة على جائزة «البوكر» البريطانية لهذا العام عن روايته الجديدة «أصدقائي» ضمن القائمة الطويلة للجائزة من بين 156 رواية باللغة الإنجليزية، ومن المقرر إعلان القائمة القصيرة للأعمال المرشحة للجائزة في 16 سبتمبر (أيلول) المقبل، ويأتي هذا الترشيح بعد أيام من فوز رواية مطر بجائزة «جورج أورويل» للكتابة السياسية لعام 2024.

كما سبق وفازت مذكراته «العودة» التي تحدث فيها عن بحثه عن والده بأكثر من تتويج، أبرزها جائزة «بوليتزر» عن فئة السيرة الذاتية في عام 2017، وأُدرجت روايته الأولى «في بلد الرجال» في القائمة القصيرة لجائزة «مان بوكر» الأدبية في عام 2006.