مركز أبو ظبي للغة العربية يختتم «أيامه العربية»

ندوات وشعر وسينما ومعارض

مركز أبو ظبي للغة العربية يختتم «أيامه العربية»
TT

مركز أبو ظبي للغة العربية يختتم «أيامه العربية»

مركز أبو ظبي للغة العربية يختتم «أيامه العربية»

تختتم اليوم الاثنين 18 ديسمبر (كانون الأول) «أيام العربية» التي نظمها مركز أبو ظبي للغة العربية بندوات وغناء وسينما ومعارض تحت عنوان شعار اليونسكو «العربية لغة الشعر والفنون»، واستمرت ثلاثة أيام.

معظم الفعاليات من ندوات ومعارض وعروض موسيقية كان موضوعها الرئيس اللغة العربية ركيزةً رئيسيةً لهُويتنا الثقافية، «لغرس بذور التفاهم بين الثقافات، وبناء جسور للحوار بينها، بروح الإبداع والتبادل الثقافي»، كما قال رئيس دائرة الثقافة والسياحة محمد خليفة المبارك. كما «أولت التظاهرة دعماً كبيراً للمواهب العربية العريقة والواعدة، وتوظيفها في مختلف مجالات المعرفة والإبداع»، حسب قول رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية د. علي بن تميم.

وشاركت مجموعة كبيرة من الفنانين والموسيقيين والشعراء والكُتَّاب ضمن عروض التظاهرة التي استضافت أيضاً فرقاً أجنبية منها فرقة المولد الإسبانية، التي قدمت عرضاً غنائيّاً موسيقيّاً من أشعار تستلهم التراث الأندلسي، وفرقة مسرحية روسية من طلاب الكلية العليا للاقتصاد، مع عرضٍ مسرحيّ مستوحى من المقامات، إلى جانب مختارات من الأنغام الشرقية مع الموسيقار نصير شمَّة، إضافة إلى المعارض الفنية المتنوعة منها: معرض «عنترة... شاعر الحب والفروسية» للفنان الدكتور محمود شُوبر، ومعرض لأبرز الأعمال الفنية من جائزة «كنز الجيل» 2023، ومجلس «موقدة النار»، وهو ما درج الإماراتي على تسميته منذ القدم بـ«الحظيرة» للسمر وسرد الحكايات، وعروض لأفلام عربية، وورش عمل للخط العربي والشعر والرواية، إلى جانب عروض تجسِّد شخصيات ثقافية عربية تراثية ومعاصرة، مثل المتنبي ومي زيادة وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ.

وتخللت التظاهرة جلسات حوارية ومناقشات أدبية مع مجموعة من الشعراء والفنانين والأدباء، منهم الفنانة منى زكي، والفنان مروان خوري، والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، والشاعر المنصف الوهايبي، والدكتور علي جعفر العلاق، والفنانة التشكيلية نجاة مكي، والأديبة والمخرجة السينمائية نجوم الغانم، والإعلامية سارة دندراوي، والمطربة ريما خشيش، والموسيقار مصطفى سعيد، والفنانة سلوى الأحمد.

من أهم الندوات التي اختتمت أعمالها هي: «على رحلة شعرية في النغم والإيقاع» التي شارك فيها ثلاثة من الشعراء العرب: أحمد عبد المعطي حجازي (مصر) وعلي جعفر العلاق (العراق) والمنصف الوهايبي (تونس). وأهم ما ناقشته هي تلقي الشعر العربي في ضوء التطورات التكنولوجية الحديثة، وكيفية استقبال الشباب للشعر العربي، واتفق الشعراء الثلاثة على أن الوسائل التقليدية هي الأهم في هذا التلقي رغم اعترافهم أن لكل مرحلة حاجاتها النفسية والاجتماعية الخاصة بها، وأن الشعر يبقى ديوان العرب، مؤكدين أن الشعر هو أبو اللغة، ولا يمكن تطوير هذه اللغة إلا من خلال الشعر لأنه يحمل طاقة استعارية ومجازية ورمزية كبيرة. ثم ألقى الشاعر عبد المعطي حجازي قصيدتين هما «طردية» و«مرثية لاعب سيرك»، وعلي جعفر العلاق قصيدة «ربما»، والمنصف الوهايبي «أصرخ صرخة مونش في البرية».

وفي ندوة «الشعر والفنون في القرن الواحد والعشرين... تحولات وتحديات في مناهج اللغة العربية»، ركز كل من الدكتور الناقد والباحث خليل الشيخ، والشاعر جودت فخر الدين، والخطاط الإماراتي المعروف خالد الجلاف، على أن مناهج اللغة العربية وما تتضمنه من نصوص ومحتوى هي المسؤولة الأولى عن تطور ونمو اللغة عند الناشئة والصغار، ولا يمكن للغة العربية أن تتطور بدونها، كما دعا الخطاط خالد الجلاف إلى ضرورة تخصيص مادة فنية في مناهج المدارس بعنوان «الخط العربي» كي يطلع الطلبة الشباب على جماليات لغتهم وتعلقون بها.

ثم جاءت ندوة «رؤى في الفنون التشكيلية والخط العربي»، وشارك فيها الفنان العراقي محمود شوبر إلى جانب الفنانة الإماراتية نجاة مكي. وركز شوبر بشكل خاص على أهمية الخطاب المرجعي في المقروء والمرئي، مشيراً إلى أن «الصورة المرئية كانت وما زالت راسخة في اللغة العربية مثل البحر الذي يرمز له بالموج، والطير الذي يرمز له بالجناح وغيرها من التشبيهات والاستعارات»، فيما تناولت نجاة مكي علاقة النصوص الشعرية بالرسم.

واختتمت تظاهرة الأيام العربية بعرض بفيلم «الأميرة الأخيرة» من إخراج عديلة بن ديمراد الجزائر 2022، وحفل غنائي موسيقى للمغني اللبناني مروان خوري.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.