تكريم الروائي المغربي سعيد بنسعيد العلوي في «خيمة الإبداع» بأصيلة

إصدار كتاب جماعي يضم مداخلات وشهادات المشاركين في الندوة

لقطة من الندوة
لقطة من الندوة
TT

تكريم الروائي المغربي سعيد بنسعيد العلوي في «خيمة الإبداع» بأصيلة

لقطة من الندوة
لقطة من الندوة

نجحت ندوة تكريم الباحث الروائي المغربي سعيد بنسعيد العلوي، التي نظمت، أخيراً، ضمن فعاليات منتدى أصيلة الـ44، في إبراز مختلف جوانب التميز التي يتمتع بها المحتفى به، الذي بدا في غاية التأثر وهو يتوجه بالشكر للمنظمين والباحثين المشاركين والحضور، في ختام فعاليات تكريمه، فقال إن المشاعر تتداخل في نفسه بغير ترتيب أو نظام، وأن تكريمه يمثل شهادة على مسار ومرحلة.

وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، في كلمة بالمناسبة، إن الأمر يتعلق بـ«اسم على مسمى: رجل سعيد بعلمه وانصهاره في البحث، وبتعدد مواهبه».

وشدد على أن الاحتفاء ببنسعيد العلوي يأتي تقديراً لما راكمه من أعمال رصينة ساهمت في إغناء الثقافة المغربية والعربية، على حد سواء.

وقال بن عيسى إن الأمر يتعلق بمفكر وباحث ومؤطر ودارس ومحلل ومبدع روائي، جمع بين صفات قل ما اجتمعت في شخصية بعينها.

وأَضاف أن مؤسسة منتدى أصيلة، ورغبة منها في صون ذاكرة الاحتفاء وتوثيق فعالية التكريم، عملت على إصدار كتاب جماعي يضم مداخلات وشهادات المشاركين في أشغال الندوة، الذين وجَّه لهم التحية على تناولهم لأعمال المحتفى به، سواء في انشغاله الفكري والفلسفي والتراثي والسياسي، وما أثاره من إشكالات تمس الراهن العربي، ومن قضايا ذات صلة بالحضارة والنهضة والحداثة وغيرها، أو في انجذابه الأدبي إلى عالم الرواية، وما تستدعيه من آفاق فنية وتخيلية، أو من خلال تقديم شهادات حية على مساره الوجداني والإنساني الثري بالمحبة ونشدان الأمل وكرامة الإنسان. من جهته، قدم عبد الإله التهاني، الكاتب والإعلامي المغربي، والمشرف على الندوة، ومضات من شخصية بنسعيد العلوي، الوازنة، المرموقة والمتميزة، وبعض المعالم البارزة في سيرة عالم فذ ومفكر ظل مرتبطاً بإشكالات الفكر العربي الإسلامي، وقضايا الفكر العربي المعاصر. وقال عنه إنه يستند إلى تكوين متين، واطلاع واسع على نفائس التراث العربي، وما أنتجته الثقافات الإنسانية من معارف، لذلك ظل عقله يجول في عدة حقول، وقلمه يعبر أزمنة المعرفة بأبعادها المتنوعة، إضافة إلى عطائه في المجال الفسيح للإبداع الروائي، مستلهماً عشقه للتاريخ وأحداثه وأبطاله وشخوصه باحثاً في حقل العلوم الإنسانية، حيث اهتم بالإشكاليات والقضايا التي تناولها الفكر العربي بمستوياته الفلسفية والدينية والسياسية منذ نشأته في ماضي الإسلام، وصولاً إلى امتداداته في الحاضر.

وأضاف التهاني أن بنسعيد العلوي عرف كيف يوفر لمساره البحثي مسلكاً ناظماً لكل اجتهاداته، وهو يغوص في دراسة الأطروحات البارزة في التراث، ولا سيما ما اتصل منه بالجانب الفقهي والتاريخي والسياسي. لكنه، بالتوازي، سيظل حاضراً بفكره، في تناول تحديات الحاضر وقضايا النهضة، والخوض في مشكلات التقدم والتنمية، والديمقراطية، والبناء الحضاري الجديد.

وشدد التهاني على أن الذاكرة الثقافية المغربية ستحتفظ لبنسعيد العلوي بآرائه وتوصيفاته التي تعكس فهمه للتراث العربي الإسلامي، لا يضاهيه إلا استيعابه العميق لمفاهيم الفكر الغربي، وهو ما أهله لأن يدرك وينفذ إلى طبيعة البنية التي تؤطر عقل كل منهما، من حيث المرجعيات والمحددات المعرفية.

وشهدت ندوة التكريم، ضمن فقرة «خيمة الإبداع»، برمجة أربع جلسات، قدمت خلالها مساهمات علمية رصينة، أحاطت بمنجز المحتفى به في مختلف تجلياته. كما توقفت عند بعض الجوانب الإنسانية من شخصيته، ومن ذلك مداخلة كمال عبد اللطيف، المفكر والباحث في الفلسفة والفكر المعاصر، الذي تحدث، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه الشاعر والناقد أحمد زنيبر، عن معرفته بالمحتفى به ووشائج القربي بينهما، وذلك في ورقة حملت عنوان «سعيد بنسعيد العلوي... خمسة عقود من العطاء بسخاء». وقال إن اختلافهما المعلن في كثير من القضايا عزز وشائج القربى ودوائر الوصل بينهما، حيث «يرى الواحد منا في الآخر نفسه، وهو ليس كذلك».

وأضاف أن بنسعيد العلوي يمتلك فضيلة نادرة تتجلى في «العفة وأخواتها»، قبل أن يشيد بعدد من مناقبه، كباحث، التزم بمقومات البحث العلمي، فضلاً عن شغفه بالرواية، المعبرة عن حساسيته الفنية الجمالية، كاشفة صورة عن سخائه وعطائه الثقافي المتجدد والمتنوع. ورأى أنه يحمل في كثير من صور حضوره الجميل جوانب من شخصية البطل الروائي، فهو يفاجئك أحياناً بمواقف وسلوكيات، بل خيارات لا تخطر ببال أقرب المقربين منه.

وجاءت بقية المداخلات غنية في مضامينها، رصينة في تناولها لإسهامات المحتفى به في تعددها وغزارتها. فتناول عبد السلام بنعبد العالي، المفكر والباحث في الفلسفة والفكر المعاصر، بالقراءة والتحليل كتاب «صورة الآخر في أدب الرحلة المغربية»، وتحدثت حورية الخمليشي، الناقدة ودارسة الأدب، عن «تراكم الفنون في رواية (حبس قارة)»، بينما انصرف أحمد المديني، الأديب والروائي، إلى «تأويل التاريخ ومحتمل الرواية» في أعمال بنسعيد العلوي، مركزاً على رواية «سبع ليال وثمانية أيام».

وتطرق سعيد بنكراد، الناقد والمترجم والباحث في سيمائيات الأنساق الثقافية، إلى «وهم التاريخ وحقيقة التاريخ في (حبس قارة)». وقدم عياد أبلال، الباحث في السوسيولوجيا وأنتروبولوجيا المعرفة، خطوطاً عريضة لمشروع بنسعيد العلوي.

وتحدث الروائي مبارك ربيع عن «الوعي الروائي والتخييل المجتمعي في تجربة العلوي». واستعرض الروائي والباحث شعيب حليفي ملاحظات حول مجموع الأعمال الروائية للمحتفى به، تحت عنوان «الذاكرة والمعرفة في روايات العلوي».

وقدم فؤاد بن أحمد، الباحث في علم المنطق والإلهيات والفلسفة وعلم الكلام، دراسة نظرية في جانب من أعمال بنسعيد العلوي، في سبيل وضعها في سياقها الدولي، فيما طرح الكاتب والناقد نور الدين صدوق، في معرض مداخلته، سؤال «هل الروائي يكتب رواية واحدة؟». وتناول الباحث الأدبي والناقد المسرحي عبد الرحمن بن زيدان رواية «حبس قارة»، وقال إنها من الروايات التاريخية التي عملت على إعادة النظر في التاريخ لكتابة متخيلها.

أما الناقد والدارس الأدبي عبد المالك أشهبون فتناول استراتيجية التناص من زاوية رهانات تعدد الأصوات في رواية «سبع ليال وثمانية أيام»، بينما تحدث الباحث والمترجم العربي وافي عن إعادة التفكير في الحداثة لدى العلوي، من خلال ثلاثة من أعماله، وهي «الوطنية والتحديثية - دراسات في الفكر الوطني وسيرورة التحديث في المغرب المعاصر» و«الاجتهاد والتحديث - دراسة في أصول الفكر السلفي في المغرب» و«الآيديولوجيا والحداثة - قراءات في الفكر العربي المعاصر». فيما تطرق الناقد والدارس والمترجم أحمد بوحسن إلى «عالم سعيد بنسعيد العلوي الروائي من خلال رواياته الست»، وقدم الناقد والشاعر أحمد زنيبر مداخلة تحت عنوان «عين على الفكر وأخرى على الأدب»، كما قدم الناقد والمترجم والباحث محمد آيت العميم ورقة تحت عنوان «ثورة المريدين - في البحث عن المنقذ والمخطوط المفقود». فيما تناول عبد العزيز بومسهولي، الباحث في الفكر الفلسفي وتاريخ المعرفة، سؤال «لماذا ينشغل الفيلسوف بالرواية؟»، وقدم عبد الرحيم البيدق، الباحث في فلسفة المنطق والرياضيات، قراءة في كتاب «الخطاب الأشعري - مساهمة في دراسة العقل العربي الإسلامي».


مقالات ذات صلة

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

يوميات الشرق مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

تختتم «نتفليكس» عامها بمسلسل من الطراز الرفيع يليق باسم الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز ورائعتِه «مائة عام من العزلة».

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون عبد الرحمن شلقم وأجواء الحب والفروسية في «القائد العاشق المقاتل»

عبد الرحمن شلقم وأجواء الحب والفروسية في «القائد العاشق المقاتل»

بأسلوب شيّق، وحبكات متتالية، يسرد عبد الرحمن شلقم المسار الاستثنائي للقائد العسكري الإيطالي أميديو جوليت، الذي عرف ببطولاته، وانتصاراته

سوسن الأبطح (بيروت)
ثقافة وفنون مي التلمساني وإيهاب الخراط... وفي الوسط الكاتب أحمد رمضان الفائز بالجائزة

أحمد رمضان يحصد «جائزة إدوار الخراط» الأدبية

بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيله (1926 - 2015)، وفي احتفالية رائعة تليق بعطائه المتنوع المغامر واجتراحه آفاقاً جديدة للكتابة.....

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون  أرسطو

لماذا نقرأ للقدماء؟

أثارت أستاذة الفلسفة آغنيس كالارد البروفيسورة في جامعة شيكاغو في مقالة لها نشرتها «ذا ستون/ نيويورك تايمز» قضية جدوى قراءة أرسطو اليوم

خالد الغنامي
يوميات الشرق من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من أم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب، مروراً بماجدة الرومي وكاظم الساهر، وصولاً إلى عمرو دياب. كيف أسهمَ نجوم الأغنية في إحياء اللغة العربية الفصحى؟

كريستين حبيب (بيروت)

أحمد رمضان يحصد «جائزة إدوار الخراط» الأدبية

مي التلمساني وإيهاب الخراط... وفي الوسط الكاتب أحمد رمضان الفائز بالجائزة
مي التلمساني وإيهاب الخراط... وفي الوسط الكاتب أحمد رمضان الفائز بالجائزة
TT

أحمد رمضان يحصد «جائزة إدوار الخراط» الأدبية

مي التلمساني وإيهاب الخراط... وفي الوسط الكاتب أحمد رمضان الفائز بالجائزة
مي التلمساني وإيهاب الخراط... وفي الوسط الكاتب أحمد رمضان الفائز بالجائزة

بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيله (1926 - 2015)، وفي احتفالية رائعة تليق بعطائه المتنوع المغامر واجتراحه آفاقاً جديدة للكتابة، أعلنت «جائزة إدوار الخراط للإبداع الأدبي» حصاد دورتها الأولى. فاز بالجائزة الكاتب الشاب أحمد عبد المنعم رمضان عن مجموعته القصصية «قطط تعوي وكلاب تموء» الصادرة عن «دار الشروق»، والتي تدور في عالم سريالي يتقاسم فيه البشر والحيوانات الأدوار في اللعب مع واقعهم المكاني والمتخيل، في أرجاء العاصمة المصرية التي تعاني من تخمة الزحام المستمر.

أقيمت الاحتفالية بمقر «مكتبة الخراط» التذكارية المجاورة للمتحف المصري وميدان التحرير بالقاهرة الثلاثاء الماضي، وشهدت حضوراً كبيراً من الأدباء والشعراء والمثقفين والصحافيين، وقدمها الكاتب الإعلامي خالد منصور.

في البداية تحدث الدكتور إيهاب الخراط عن المكتبة وعن نشاطها في المرحلة المقبلة، وما تطمح إليه من تقديم خدمة ثقافية متميزة حيث تقيم ندوة شهرية، وستناقش في الفترة المقبلة المجموعات القصصية الخمس التي وصلت للقائمة القصيرة.

ملصق الاحتفالية

واستعرضت الدكتورة مي التلمساني، رئيسة مجلس الأمناء، عمل المجلس ودوره في إرساء دعائم قوية للجائزة باختيار التيمة الأدبية التي تنطوي تحت مظلتها، وتمثل ملامحها الخاصة التي تميزها عن باقي خريطة الجوائز الأدبية، وفي الوقت نفسه تشكل ترجمة حقيقية لدعوة إدوار الخراط الدائمة نحو كتابة مغايرة ومغامرة، تنهل من نبع الحساسية الجديدة، أو كما سمّاها في مقولته الرائدة: «الكتابة عبر النوعية». وتم اختيار لجنة التحكيم لهذه الدورة من: الدكتور خيري دومة، أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب بجامعة القاهرة (رئيساً)، وعضوية: الكاتب كمال الرياحي (من تونس)، والكاتبين الروائيين ميرال الطحاوي، وياسر عبد اللطيف.

إدوار الخراط

وثمّن الدكتور خيري دومة عمل مجلس الأمناء، وقال إنه أحسن صنعاً بفتح أبواب الأدب جميعاً أمام المتقدمين، لافتاً إلى أن «اللجنة تلقت نحو 50 عملاً، واخترنا منها خمسة أعمال تميزت بأن لها صوتاً خاصاً، وتشكل عبر مقومات السرد المتنوعة في قصصها متواليات بينها رابط فني».

وبالإضافة إلى المجموعة القصصية الفائزة، ضمت القائمة القصيرة الأعمال الأدبية: «خدعة هيمنجواي» لأحمد مجدي همام (قصص، 2024)، ورواية «حبة بازلاء تنبت في كفي» (2024) لدعاء إبراهيم، والمجموعة القصصية الصادرة في 2023 «الليلة الأولى من دونك» لأريج جمال، و«ثقوب» (قصص، 2024) لهويدا أبو سمك.

يرعى الجائزة أسرة الكاتب الراحل إدوار الخراط ممثلة في نجليه الدكتور إيهاب الخراط أستاذ الطب النفسي والفنان أيمن الخراط... كما تحظى برعاية اتحاد كتّاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية

وفي تقليد جديد يرسخ للجائزة ويضفي جواً من الحميمية والمصداقية على عملها، أقيمت بالاحتفالية أمسية قصصية رائعة، حيث قرأ كتّاب القائمة الخمسة نماذج من أعمالهم التي وصلت للقائمة القصيرة، وتجاوب معها الجمهور بحماس بالغ ومحبة خالصة.

يرعى الجائزة أسرة الكاتب الراحل إدوار الخراط ممثلة في نجليه الدكتور إيهاب الخراط أستاذ الطب النفسي، والفنان أيمن الخراط، كما تحظى برعاية اتحاد كتّاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، تقديراً لدور إدوار الخراط في نشأته وأنشطته. وتبلغ قيمة الجائزة المالية (50) ألف جنيه مصري تُعطَى للفائز بها، إضافة لشهادات تقدير للأعمال التي وصلت للقائمة القصيرة. وتُمنح لعمل أدبي منشور تتوافر فيه شروط الابتكار الخلاق على مستوى الشكل والمضمون، ويسعى لتجاوز محددات النوع الأدبي، وينفتح على تيارات الكتابة العابرة للنوع. وقررت لجنة أمناء الجائزة أن تُمنح في الدورة الأولى لكاتب أو كاتبة من مصر، تليها في العام المقبل دورة عربية، وهكذا بالتناوب.