لماذا يعطّل الحظرُ الفكريُّ نشوءَ الحضارة المبدِعة؟

ذهنيّة التحريم تدلّ على عجزٍ ثقافيٍّ خطيرٍ

مارتن لوثر
مارتن لوثر
TT

لماذا يعطّل الحظرُ الفكريُّ نشوءَ الحضارة المبدِعة؟

مارتن لوثر
مارتن لوثر

حين ينظر المرءُ في مواقف المنع والحظر والتكفير والإقصاء تَقفها المجتمعاتُ الإنسانيّة في أحوال الاستضعاف والشعور بالتهديد الوجوديّ، يُدرك أنّ الأمر يتجاوز مجرّد الرغبة في ضبط الأوضاع الثقافيّة المتفلّتة. من الثابت أنّ كلّ مجتمعٍ إنسانيٍّ يرهب الاختلافَ الآتي عليه؛ إنّما يسارع إلى سنّ القوانين الناظمة والأحكام المانعة حتّى يصون هويّته الحضاريّة الخاصّة. غير أنّ صون الهويّة لا يستقيم بالتشدّد في نبذ الاختلاف الذي يناقض ما سار عليه المجتمع من تصوّراتٍ وتقاليدَ وأعراف. ثمّة نهجٌ آخر ينبغي اعتمادُه يجعل صونَ الهويّة أشبهَ بطاقةٍ إبداعيّةٍ تحثّ على التفاعل الثقافيّ الخصب.

الأمثلة كثيرةٌ على اقتران الازدهار الحضاريّ بالحرّيّة الفكريّة. في الزمن العربيّ القديم ارتضى الخلفاءُ والسلاطين والملوك والأمراء الاحتكاكَ بالحضارات الأُخَر، فشجّعوا ترجمة الكتب ونقل الأفكار التي لا توافق الحضارة العربيّة والدِّين الإسلاميّ. لم يتورّع أهل السلطان السياسيّ العربيّ عن استحضار الفلاسفة والأدباء والأطبّاء وعلوم الفلك، ولم يتهيّبوا استثارة المناقشات الفكريّة الحرّة الناشطة علناً من دون رقابةٍ أو إكراهٍ أو إغراءٍ آيديولوجيٍّ منحرفٍ. كانت البيئة الآمنة سياسيّاً والمزدهرة اقتصاديّاً والمسالمة اجتماعيّاً تعزّز التباحث الموضوعيّ والتبادل الفكريّ والتلاقح الثقافيّ. أعلم أنّ الخلفيّة الحضاريّة الإسلاميّة الناظمة كانت تُلهِم جميعَ المناقشات الفلسفيّة واللاهوتيّة، وأنّ المقصد الأساسيّ كان إعلاء شأن التصوّر الإسلاميّ الأشمل. غير أنّ ذلك لم يكن يسوّغ على الإطلاق منعَ البطريرك أو الجاثليق المسيحيّ من التعبير الحرّ عن رأيه اللاهوتيّ في بلاط الخليفة، والفيلسوف المبدع من شرح فكرته الاستثنائيّة في المنتدى العموميّ، والشاعر المنعتق من تقاليد الصوغ والإنشاء من امتداح المسلك الاجتماعيّ الثوريّ.

كذلك يمكن استحضار أجواء الحرّيّة التي أشاعها الأمراء الأُوروبّيّون المستبدّون المستنيرون، وفي مقدّمتهم ملك بروسيا فريدريش الثاني (1712 - 1786)، وإمبراطورة روسيا العظمى كاترينا الثانية (1729 - 1796)، وإمبراطور النمسا يوزف الثاني (1741 - 1790)، وأمير توسكانا ليوبولدو الثاني (1797 - 1870)... وسواهم. يعلم الجميع أنّ الأمراء الألمان الكاثوليك المنعتقين من سلطان البابا السياسيّ ضمنوا حماية الراهب الأوغُسطينيّ الكاثوليكيّ المبتدع المصلِح مارتن لوثر (1483 - 1546)، فساهموا في نشوء حركةٍ لاهوتيّةٍ إصلاحيّةٍ لها ما لها وعليها ما عليها، ولكنّها غيّرت وجه المسيحيّة التاريخيّة في أُوروبّا.

لن أستفيض في ذكر الأمثلة التاريخيّة التي يعرفها القاصي والداني. ما يَعنيني في المقام الأوّل استخراجُ عِبَر الممارسة السلطانيّة التي تجازف مجازفةً حكيمةً، فتتيح للفكر الحرّ أن يعبّر عن آرائه في جميع حقول المعرفة. من هذه العبَر أنّ جميع المجتمعات والحضارات والثقافات اختبرت ضروباً شتّى من المنع والحظر والإقصاء. بيد أنّ مقادير الهيمنة اختلفت باختلاف تصوّر الهويّة الذاتيّة. ذلك بأنّ الحضارة التي تتصوّر الهويّة في حيويّةٍ تفاعليّةٍ مطّردةٍ تميل إلى تعزيز حرّيّة الفكر، في حين أنّ الحضارة التي تُغلق على الهويّة في قالبٍ تقليديٍّ عرفيٍّ مأثورٍ جامدٍ تستكره المباحثات التي تهدّد بنيان الوعي الاجتماعيّ العامّ.

من العِبَر أيضاً أنّ المجتمعات الإنسانيّة لم تتطوّر إلّا حين رفعت الحظر الفكريّ، وأتاحت المباحثة العلميّة الموضوعيّة الرصينة الحرّة. أعتقد أنّ علماء التاريخ يوافقونني في شموليّة هذه القاعدة؛ إذ إنّ جميع حضارات الأرض، من دون استثناء، اختبرت حقباتٍ ازدهاريّةً راقيةً تعزّزت فيها الحرّيّة الفكريّة. لم تسقط الحكمة الانفتاحيّة هذه إلّا حين غرقت الممالك في أوحال التخلّف، فتقهقرت أوضاعُها الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة. فانعكس التخلّفُ تشدّداً في صون الهويّة الذاتيّة الجماعيّة المهدَّدة بالانقراض.

من العبَر أخيراً أنّ الانفتاح والانغلاق حركتان تاريخيّتان تتعاقبان على حياة الأمَم والحضارات، تارةً في هيئة المواجهة السلميّة، وتارةً في صورة الإقصاء الدمويّ. ومن ثمّ، ليس هناك من حرّيّةٍ انفتاحيّةٍ دائمةٍ أو من تشدّدٍ انغلاقيٍّ ثابتٍ. في كلّ وضعيّةٍ من هاتَين الوضعيّتَين تؤول الوقائعُ التاريخيّةُ إلى أفول الحضارة المسرفة في الدفاع عن وضعيّتها، وإلى زوالها ونشوء كيانٍ حضاريٍّ جديدٍ.

أعود إلى مسألة المنع الثقافيّ المستشري في مجتمعاتنا المعاصرة، سواءٌ في الشرق وفي الغرب، ومعظمُه مستفحلٌ في الشرق. أعرف أنّ المجتمعات الغربيّة في أُوروبّا وأمِيركا وأستراليا تسقط بين الحين والآخر في محنة الحظر الثقافيّ. لن أذكّر القارئ بتشنّج الوعي الغربيّ حين ينبري مفكّرٌ غربيٌّ جريءٌ يعارض النموذج الثقافيّ السائد. من المفيد أن يتصوّر الجميع هلعَ المجتمعات الغربيّة حين يسائل الباحثُ الرصينُ تاريخيّةَ المحرقة اليهودية في أدقّ تفاصيلها، وفي نيّته استظهارُ الحقيقة العلميّة التي لا تُنكر ولا تُضخّم؛ أو حين يقف موقفَ الارتياب من الذهنيّة الجندريّة التي تروم أن تكتسح كلّ الوجدان الفرديّ؛ أو حين يقرّع الأنظمة الغربيّة ويلومها على انحرافاتٍ جسيمةٍ في رسم السياسات الخارجيّة الهادفة إلى ترسيخ الاقتدار الجيوسياسيّ الغربيّ.

ولكنّ الموضوعيّة العلميّة تقتضي الاعتراف بأنّ الغرب يتميّز بصون الحرّيّات الأساسيّة داخل أسواره، وباستثارة النقاش الفكريّ من على منابره الأكادِيميّة ومواقعه الإعلاميّة. مَن يعارض المسلَّمات الغربيّة هذه لا يُعتقل ولا يُهان ولا يُلقى به في غياهب السجون المهلِكة. أمّا المجتمعات العربيّة فتستسهل المنعَ من غير مساءلةٍ ذاتيّةٍ، وتؤثر الإقصاء والعنف الجسديّ حتّى تَضمن سلامة البنيان الثقافيّ الذاتيّ. لذلك آن الأوان لكي نعيد النظر في خلفيّة الحظر الثقافيّ المستشري.

لمْ يتهيب أهل السلطان السياسيّ العربيّ استثارة المناقشات الفكريّة الحرّة علناً من دون رقابةٍ أو إكراهٍ

عتقد أنّ من أفضل السبُل أن يناهض المرءُ البدعة الآتية بواسطة الدحض العلميّ الموضوعيّ والمباحثة الفكريّة العلنيّة. في هذا السياق، أسارع إلى التعبير عن اقتناعي بتأييد المنع في حال صون السلامة النفسيّة التي يحتاج إليها الأطفال. ذلك بأنّ التربية الرشيدة تسوّغ المنع الذي يحمي وعي الأطفال الهشّ ويُنميه في الوقت عينه. غير أنّ المجتمع الإنسانيّ يحتضن كائناتٍ بشريّةً ناضجةً لا يجوز أن يعاملها السلطانُ معاملةَ الأطفال. لسنا أولاداً في مجتمعٍ تسيطر عليه أنظومةٌ ثقافيّةٌ اجتماعيّةٌ سياسيّةٌ قاهرةٌ، بل أشخاصٌ أحرارٌ نرغب في مناقشة كلّ أصناف الابتداع الإنسانيّ في مشارق المسكونة ومغاربها. عوضاً عن الحظر الثقافيّ المهين، فلنلتئم في منتديات نقاشيّة موضوعيّة حرّة، ولننشر الأبحاث العلميّة الرصينة التي تستجلي مخاطر الابتداع الذي نعتقد في أغلب الأحيان اعتقاداً خاطئاً أنّه يُرعبنا ويشلّنا ويعطّل فينا الأمانة السليمة على هويّتنا الحضاريّة.

وحدها المناقشة العلميّة الموضوعيّة العلنيّة المتنوّعة الأصوات قادرةٌ على فضح الالتواءات المزيّفة التي قد تنسلّ إلى هذا الكتاب أو ذاك، أو هذا الفيلم أو ذاك، أو هذه المسرحيّة أو تلك. لا ريب في أنّ ذهنيّة التحريم تدلّ على عجزٍ ثقافيٍّ خطيرٍ وإخفاقٍ حواريٍّ جسيمٍ، في حين أنّ رسالة المثقّفين المستنيرين أن يبيّنوا بالحجّة العلميّة الواضحة المواضعَ الدقيقة التي تشوّه كرامة الإنسان في العمل الثقافيّ المحظور. ومن ثمّ، حين يَظهر الخللُ، يمكن الوعي الاجتماعيّ الفرديّ والجماعيّ أن يسوّغ تسويغاً عقلانيّاً ضرورة الإعراض الطوعيّ عن الترويج والمناصرة. حين يقتنع العقلُ المستنيرُ برداءة المحتوى الإبداعيّ، لا تحتاج السلطات الأمنيّة إلى الردع الاستفزازيّ الذي يعزّز الرواج تعزيزاً منقطع النظير.



ملامح الدراما الشعرية عند عبد الرحمن الشرقاوي

ملامح الدراما الشعرية عند عبد الرحمن الشرقاوي
TT

ملامح الدراما الشعرية عند عبد الرحمن الشرقاوي

ملامح الدراما الشعرية عند عبد الرحمن الشرقاوي

صدر عن دار «إضاءات» بالقاهرة كتاب «المقاومة في مسرح عبد الرحمن الشرقاوي» للناقدة د. سامية حبيب، الأستاذ بالأكاديمية المصرية للفنون، حيث تناقش واحدة من أهم التجارب الرائدة في المسرح الشعري المصري والتي أبدع فيها الشرقاوي عبر حياته الممتدة من 1921 حتى 1987.

تشير المؤلفة في البداية إلى أن الدراما الشعرية، أي تأليف مسرحية من خلال نص شعري، طرحت منذ وجودها في المسرح العربي عبر القرن العشرين إشكاليات درامية ولغوية وفنية، بداية من محاولات أمير الشعراء أحمد شوقي وعلي أحمد باكثير، والتي يمكن اعتبارها «المرحلة الكلاسيكية»، حيث حاول مثل أولئك الرواد خلق الدراما الشعرية في إطار التقاليد الموروثة لبناء القصيدة العربية. واصطدمت تلك المحاولات بتناقض جوهري بين طبيعة الدراما من حيث هي تغير مستمر في الشخصية الدرامية وفقاً لدرجة تفاعلها مع الموقف الدرامي الذي تتحرك فيه وتعبر عن ذاتها في إطاره بما يعكس تغيرات فكرها وانفعالها ومواقفها الأخلاقية، وبين طبيعة الشعر العربي بما فيه من درجات الثبات والرتابة الإيقاعية في أسلوب البناء التقليدي للقصيدة العربية.

وتلفت الباحثة إلى أن ذلك أدى لعيب جوهري في النماذج الرائدة من الدراما الشعرية، يتمثل في الانفصال بين وسيط الأداء الفني وطابعه الجامد، وبين الموضوع المُشَكَّل داخل هذا الأداء الفني، إلا أنّ هذه المرحلة كانت ضرورية ومنطقية في إنجازاتها الإبداعية في إطار واقعها الثقافي والتاريخي.

وتأتي بعد ذلك مرحلة الثورات الفنية والسياسية في واقعنا العربي وهي فترة الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن العشرين والتي لم يكن هناك مفر من انعكاسها في أشكال التعبير الفني والأدبي، حيث طرأ تغير في بناء القصيدة العربية بما يخلصها من رتابة وحدة البيت والقافية والروي، وأصبح اختيار البحر الشعري خاضعاً لمعنى التجربة أو الانفعال الكامن فيها. كما أن البناء الشعري صار أكثر طواعية لمفهوم الدراما بخصوصيتها من حيث الترابط بين لغة الحوار وطبيعة الشخصية والموقف بما فيه من تغير وتفاعل يمكن أن يستمد من التغير في الإيقاعات الشعرية، وبالتالي يرتبط الشكل بالمضمون والشخصية بالموقف، مما يعد مقدمة فنية لحل التناقض بين الشاعر العربي والدراما.

في إطار هذه المرحلة الفنية التي امتدت حتى اليوم بامتداد الوطن العربي، كتب الشرقاوي إنجازاته الدرامية شعراً، فإلى أي مدى تقني استطاع أن يخلق ترابطاً بين اللغة الشعرية التي كتب بها مسرحه والدراما بوصفها قالباً فنياً اختاره بعد محاولات في القصيدة والرواية والتراجم؟

تجيب د. سامية حبيب عن هذا التساؤل، مشيرة إلى أن فكرة المقاومة تبرز في هذا السياق على خلفية معارك التحرر من الاستعمار الغربي التي عصفت بمصر والعالم العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي من خلال اختياره لشخصيات اقترنت في الوجدان العام للعرب ووعيهم بتاريخهم بمواقف ذات أثر كبير في مصير الأوطان والشعوب وبلورة أنماط حياتها وتجربتها الاجتماعية والاقتصادية وأحلامها الممكنة لتجاوز أوضاعها السيئة.

هكذا، يتخير الشرقاوي مادة تاريخية صريحة يعيد بناءها في عالم فني ويضيف إليها وينسج في إطارها المتواري في كتب التاريخ حركة وأحلام الشعوب في إطار تفسيرها واستقراء مكنونها، مستهدياً بالشخصيات البطولية الفاعلة للأحداث والمواقف، والمنتجة في الوقت نفسه للأفكار والمشاعر. وربما يتخير مادة «شبه تاريخية» يستنبطها في ضوء الوقائع والمعلومات التاريخية الصريحة والأكثر ارتباطاً بالقضايا والهموم الجماعية العامة والساخنة بكل ما لها أحياناً من ثقل الحداثة والمعاصرة.

من النوع الأول على سبيل المثال لا الحصر، تصدر مسرحية «النسر الأحمر» بثنائية «النسر والغربان» و«النسر وقلب الأسد» التي تدور حول بطولات صلاح الدين الأيوبي في مواجهة الحملات الصليبية في العصر الوسيط، وكذلك الزعيم الوطني المصري أحمد عرابي زعيم الفلاحين والتي تتناول المخططات الغربية التي انتهت بمحنة الاحتلال الإنجليزي لمصر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.

ومن النوع الثاني تأتي مسرحيته الأشهر «الفتى مهران»، التي تعتمد على ما تواتر من معلومات تاريخية ووقائع عن الهجمات التترية على المحيط العربي وأرضه وحضارته، وكذلك مسرحية «وطني عكا» التي تتخلق في إطار المواجهات العربية الأكثر حداثة وعصرية منذ حرب 1948 وما تلاها من هزيمة 1967 ثم نصر أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

وتبرز «الغنائية» باعتبارها أحد مفردات «مسرح المقاومة» لدى عبد الرحمن الشرقاوي والتي تتمثل على سبيل المثال في لجوء الشخصية إلى مخاطبة الجماعة غير المحددة، أي مخاطبة المطلق الإنساني في نبرة خطابية عالية وبعيدة عن الموقف الدرامي وعن قدرات الشخصية. ومن مثل ذلك قول «جميلة» في نهاية مسرحية «مأساة جميلة»:

«جميلة: أيها الأحياء في عصر الحقوق البشرية، أوقفوا تلك المآسي الهمجية

أوقفوا هذا العذاب

نحن من لحم ودم، لا جلمود من رخام

نحن لا نبحث عن مجرد البطولة

إننا نطلب أن نحيا كما يحيا سوانا»

وتخلص الكاتبة إلى أن تأثر الشرقاوي بغنائية شوقي وباكثير، كان واضحاً، لكنه استوعب ذلك بوعي، ساعده في هذا موهبته الشعرية الكبيرة، مما جعل تجربته تحمل إضافات لا سبيل إلى إنكارها، مثل تحرره من اللغة الكلاسيكية ذات البعد الواحد وطرحه لغة جديدة مستوحاة من العصر وتعكس ما فيه من حيوية وتناقضات وانفعالات وصراعات.