موقع «ليترري هب» يختار 5 كتب لـ"معرفة الشرق الأوسط"

بينها 3 أعمال عربية

"احلام جريئة" لسولا محفوظ ومالاينا كابور
"احلام جريئة" لسولا محفوظ ومالاينا كابور
TT

موقع «ليترري هب» يختار 5 كتب لـ"معرفة الشرق الأوسط"

"احلام جريئة" لسولا محفوظ ومالاينا كابور
"احلام جريئة" لسولا محفوظ ومالاينا كابور

اختار الموقع الأدبي المعروف «ليترري هب» 5 أعمال، ضمنها روايتان عربيتان، هما «الثلاثية» لنجيب محفوظ و«ساعة بغداد» للعراقية شهد الراوي، وسيرة بعنوان «العودة» لليبي هشام مطر، لأن «هذه الأعمال، وهي من 3 بلدان عربية مختلفة، يمكن أن تقدم لنا صورة حية عن (التفرُّد) الذي تمتاز به منطقة الشرق الأوسط، وتطلعنا على التفاصيل اليومية لحياة السكان فيها وتسلط الضوء على ثقافتهم».

وكتبت سولا محفوظ ومالاينا كابور في الموقع عن مبررات الاختيار أن «قصص الشرق الأوسط تظهر في صورة مجموعة من التوصيفات العامة الشاملة. وتحت مظلة التعميم، يجري استيعاب تجارب المدن والضواحي والعائلات. وباعتبارنا قراءً، نفقد في خضمّ ذلك شيئاً يستحيل تعويضه، عندما يجري حرماننا من فرصة معايشة التفرد الذي تتميز به هذه المنطقة».

كما تضيفان: «الجمال في دول الشرق الأوسط يعيش في التفاصيل الصغيرة. إنه يكمن في صرخات مشوهة لبائع متجول ينادي على وجبات خفيفة مقلية، وهو يعيش في لمعان مجوهرات العروس، وأصداء آذان الإفطار كل ليلة خلال شهر رمضان. وعبر مثل هذه التفاصيل الصغيرة، تتجلى صورة بلاد بأكملها على صفحات الكتب».

وعن كتابهما المشترك «أحلام جريئة» تقولان: «يأتي كتاب (أحلام جريئة) بمثابة سرد تأريخي لرحلة هروب سولا عبر التعليم من قندهار بأفغانستان إلى بوسطن في ماساتشوستس.

يبدأ السرد بالطفولة على خلفية عربات متساقطة وتفجيرات على جانب الطريق وبحار من البرقع نيلي اللون، وينتهي في أميركا، بين حرم جامعي يتميز ببنايات من الطوب الأحمر ومختبرات فيزياء الكم».

وعن الكتب الخمسة وسبب اختيارها تذكران أنها «تسلط الضوء على العلاقات الحميمية البسيطة، والأماكن الرائعة والمحادثات التي تدور في الحياة اليومية، وترسم أمام القارئ صورة حية لما عليه الحياة في الشرق الأوسط، في أيامنا الحاضرة، وكذلك فيما مضى. وقد لعبت هذه الكتب دوراً في تشكيل وجداننا على الصعيد الشخصي، وأسهمت في تثقيفنا بمجال الكتابة، وقرَّبت المسافات بيننا».

"العودة" لهشام مطر

والكتب الخمسة، حسب ترتيب سولا محفوظ ومالاينا كابور، هي «العودة» لهشام مطر، الذي تقولان عنه: «بمجرد أن شرعنا في قراءته، سقطنا في أسر كتاب هشام مطر والشعور العميق بالحزن المهيمن عليه. يكتب مطر بأسلوب رشيق وبليغ عن الخسائر التي تكبَّدها والجراح التي يحملها داخله والحنين الذي يعتصر قلبه. يكتب عن والده المعارض الليبي جاب الله مطر (اختُطف في القاهرة أيام معمر القذافي، ولم يُعرَف مصيره لحد الآن): (والدي حي وميت معاً. ليس لدي قواعد نحوية تلائمه، فهو الماضي والحاضر والمستقبل)».

​"الثلاثية" لنجيب محفوظ​

وكتبتا عن «الثلاثية» لنجيب محفوظ: «برع نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب، في غزل التجارب السياسية والشخصية معاً على نحو متداخل. وتبحر شخصيات رواياته المنتمية إلى أجيال ممتدة عبر حياة العائلة في خضم تحولات سياسية تجري خارج أبوابها. ويدفع أسلوب الكتابة الذي ينتهجه محفوظ القارئ نحو الدخول في مواجهة مع حياته، وهو يحمل انعكاسات للكيفية التي يصيغ فيها التاريخ قصصنا الشخصية».

​"ساعة بغداد" لشهد الراوي

أما عن رواية «ساعة بغداد» لشهد الراوي، فكتبت سولا محفوظ ومالاينا كابور: «تكشف الرواية معاناة وشجاعة شعب محاصَر داخل تاريخ لم يصنعه. وشعرنا بانجذاب خاص نحو الصداقة بين الراوية وصديقتها نادية. في الصفحات الافتتاحية للكتاب، تختبئ الفتاتان من الغارات الجوية معاً داخل قبو المنزل. اللافت أن المشهد يحمل تشابهات مذهلة مع العديد من القصص الواردة بكتابنا (أحلام جريئة)، عندما أُجبرت أسرة سولا على الاحتماء في القبو، بينما كانت الصواريخ تمطر منزلهم».

​"مكان لنا" لفاطمة فرحين ميزرا

وذكرتا عن «مكان لنا» لفاطمة فرحين ميزرا: «شكلت قراءة (مكان لنا) تجربة شخصية مميزة لكل من سولا ومالاينا. نشأت مالاينا بهوية مختلطة؛ فهي أميركية - هندية. وعايشت بحياتها قوي الدفع والجذب التي تختبرها الكثير من شخصيات ميرزا أثناء تنقلهم. كما شعرت سولا أن أجزاء من حياتها تنعكس في أوصاف ميرزا للجمال والكرامة المتأصلة في العديد من التقاليد الإسلامية اليومية. باختصار، (مكان لنا) يوفر قراءة ممتعة».

وتتناول الرواية قصة عائلة أميركية في منطقة في سان فرانسيسكو، وتكشف عبر التحضير لزفاف البنت الكبرى عن حيوات الأطفال والاضطرابات التي تواجهها العائلة المهاجرة والتوزع وما يريده الأطفال من الحياة الأميركية وتوقعات آبائهم منهم

غلاف ثلج لأوهان باموك

والكتاب الخامس الذي اختارته سولا محفوظ ومالاينا كابور هو «ثلج» لأورهان باموق، وكتبتا عنه: «عبر الكتاب، يجري استكشاف التوترات بين الشرق والغرب، وبين الديني والعلماني، وذكريات الماضي وحقائق الحاضر. عند قراءة (الجليد)، شعرت سولا أن للكتاب صلة ببلدها، أفغانستان، حيث صاغت توترات وتناقضات مشابهة تاريخ البلاد ومصيرها. وحمل الكتاب في طياته مشاهد يمكن أن تحدث هناك: اغتيال مدير جامعة في مقهى، وانقطاع التيار الكهربائي الذي يغرق المدينة في الظلام، والتعايش الذي يشوبه التوتر بين الليبراليين والأصوليين».


مقالات ذات صلة

«نوبل الآداب» للكورية الجنوبية هان كانغ

يوميات الشرق الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)

«نوبل الآداب» للكورية الجنوبية هان كانغ

فازت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (53 عاماً)، بجائزة نوبل للآداب لعام 2024، نظير «نثرها الشعري المكثّف الذي يواجه الصدمات التاريخية»، وكشفها في كل عمل من

محمد السيد علي (القاهرة)
كتب أريك ماريا ريمارك

لا صوت يعلو على صوت القلب

إحدى الروايات التي سحرتني منذ قراءاتي الأولى، والتي بالتأكيد شجعتني - ومن ضمن أعمال خالدة ألمانية أدبية أخرى - على دراسة الأدب الألماني في جامعة بغداد

نجم والي
كتب جبران خليل جبران

لماذا وكيف ينبغي أن نقرأ جبران اليوم؟

من قوة إلى قوة تسيرُ سلسلة «دراسات إدنبرة في الأدب العربي الحديث»، التي تصدر باللغة الإنجليزية عن مطبعة جامعة إدنبرة في أسكوتلندا

د. ماهر شفيق فريد
ثقافة وفنون النقش التصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بن صلت، مع رسم توثيقي له

حصاة بن صلت... أهي قبلة بيت الصلاة؟

وصل العالم الجيولوجي الأميركي روبرت كولمان إلى عُمان في خريف 1973 لإنجاز دراسة علمية معمّقة تتناول تكوين طبقات أرض هذه البلاد، وعاد إلى موطنه في شتاء 1974

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون «نداء القرنفل» لمصطفى موسى

«نداء القرنفل» لمصطفى موسى

صدر حديثاً عن دار «نوفل- هاشيت أنطوان» رواية «نداء القرنفل» للكاتب المصري مصطفى موسى، التي يطعّمها الكاتب بالأحداث السياسية من دون أن تحضر التواريخ بشكل مباشر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

محمد المكي إبراهيم... شاعر قصيدته الوطن

محمد المكي إبراهيم
محمد المكي إبراهيم
TT

محمد المكي إبراهيم... شاعر قصيدته الوطن

محمد المكي إبراهيم
محمد المكي إبراهيم

فجع السودان في سبتمبر (أيلول) الماضي، برحيل شاعر «أمّتي» محمد المكي إبراهيم. وبرحيله تصدق مرارةُ الفقد، كما وصفها الفقيد في رثائه لأستاذه الشاعر الكبير محمد المهدي المجذوب: «برحيلك ينفصل الجمر عن صندل الشعر»!

تزامن ميلاد إبراهيم الفني مع انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 1964، بإسقاط السودانيين أول نظام عسكري حكم البلاد... هنا برز الشاعر محمد المكي إبراهيم بقصائد جديدة امتازت بتفرّدها عما سبقها من قصائد شعراء كانوا أسرى لديباجة الشعر العربي في شكله العمودي. نعطي مثالاً للحداثيين داخل إطار عمود الشعر؛ التجاني يوسف بشير، وأحمد محمد صالح، ويوسف مصطفى التني، ومحمد أحمد محجوب، ومحمد عبد القادر كرف، وآخرين.

في تلك الفترة، أصدر محمد المكي إبراهيم ديوان «أمّتي» - باكورة دواوينه الشعرية، وضمّ قصائد مثل «قطار الغرب» - تلك البانوراما التي حملت النفس الملحمي، بمزجها بين أطياف الماضي والحاضر، وحوار التراث مع الحداثة داخل غرف قطارٍ شائخ يتلوى كالثعبان بين عاصمة إقليم كردفان في الغرب، والخرطوم عاصمة البلاد:

ها نحن تركنا عاصمةَ الإقليمِ

دخلْنا وادي الصّبرْ

كلُّ الأشياءِ هنا لا لمعةَ تعلوها

كلُّ الأشياءِ لها ألوانُ القبرْ

الصبرُ... الصبرُ... الصبرْ!

وكتب المكّي «قطار الغرب» وهو طالب بمدرسة خورطقت الثانوية. وعلى الرغم من جودة هذه القصيدة لشاب في ذاك العمر الباكر، فإنّ «الأكتوبريات» وما تلتها من قصائد كانت خطواتٍ متقدّمة في بناء الصورة وتركيب الجملة الشعرية. ويبدو ذلك جلياً في خاتمة قصيدته «إصبع في الشمس»:

لأنّ بنا مداراتِ الشموسِ

بوعينا تحيا خلايا الدهر والأشياءْ

لأنّ تنصُّلاً خلف وجودِنا الواعي

يفجّر عبر وجداناتنا نبْعَ الحياةِ ومجدَها الأبدي

بهذا الوعي أقبلُ ما بأيديكم

وأنذرُ أن أعيشَ مع وضدّ وداخلَ الآخر!

في ديوانه «أمتي» نرى توق الشاعر للوعي والحرية. فقد اكتظّ قاموسه الشعري بمفردات تفصح عن خروجه من النمطي والمألوف، مثل أن يشتقَّ من الاسم فعلاً: «تيَنْبع الجفاف»، و«تشيّأتُ دهراً»، أو أن يقدم اعتذاره عن سنوات النزق والتمرّد التي هجر فيها دراسة القانون لعام كامل أو أكثر، متسكعاً وعاملاً في ألمانيا ومعه صديق عمره الشاعر النور عثمان ابكر. كتب في هذه الفترة أكثر قصائده توجعاً على أمته التي تلهث في ذيل قطار التمديُن. نرى ذلك في رسائله الشعرية لشقيقته آمنة إبراهيم «أمان»، وفي قصيدته «الشرف الجديدة»، التي يقدّم فيها اعتذاره عن رحلة البحث والاستكشاف في العالم الجديد بعيداً عنهم:

سأعود لا إبلاً وسقْتُ ولا بكفيّ الحصيد روائعا

مدّوا بساط الحبِّ واغتفروا الذنوبَ

وباركوا هذي الشهور الضائعهْ

ما زال سقفُ أبي يظِلُّ ولم تزلْ أحضانُ أمّي

رحبةَ المثوَى مطيّبةَ الجنابْ!

إن القارئ لأشعار المكي في مرحلة النضج يلمس الفارق في المفردة والصور الشعرية... بل والتحوّل الكبير في تناول موضوعاته، واعتداده بهويته التي برز باكراً في طرح تيار «الغابة والصحراء» الذي تصدّره صديقه الشاعر النور عثمان ابكر، والذي يرى أنّ هوية الأمة السودانية هي المزيج بين العروبة والأفريقانية - بين صحراء العرب وغابات أفريقيا:

اسمك الظافرُ ينمو في ضمير الشعبِ

إيماناً وبُشْرى

وعلى الغابةِ والصحراءِ يمتد وشاحا

وبأيدينا توّهجْتَ ضياءً وسلاحا

إن قصائد المكي في مرحلة النضج هذه، خصوصاً في مجموعاته: «بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت»، و«يختبئ البستان في الوردة»، و«لا خِباء للعامريّة» تمزجُ الفكرةُ بالحلم، في غنائية عذبة وبعيدة عن هتافية الشباب:

يا وردةً باللّونِ مسقيّهْ

يا مجدولةً من شعر أغنيّهْ

يا مملوءة الساقيْنِ أطفالاً خلاسيين

يا بعضَ عربيهْ

وبعضَ زنجيّهْ

وبعضَ أقوالي أمام اللهْ!

أو أن يستخدم مفردة مصدرها ثقافته الصوفية، فهو سليل أسرة عريقة في التصوف من ناحية أمه - أسرة الشيخ إسماعيل الولي - منشئ الطريقة الوحيدة المستمدّة من تراث السودان الصوفي:

هُزّي إليكِ بجذعِ النخلِ

واغتسلي من حزنِ ماضيكِ...

في الرؤيا وفي الإصْرارْ

هزّي إليك بأبراجِ القلاعِ تفيق!

ويبدو أثر التصوّف كأروع ما يكون في قصيدته «مدينتك الهدى والنور»، إذ حفلت القصيدة بروحانيةٍ ربما لم نرَ مثلها إلا في أشعار سلطان العاشقين ابن الفارض، وقلة من أئمة شعر التصوف... إذ يناجي سيد المرسلين وقد حلّ زائراً بمدينته المنوّرة، متوسلاً إليه طالباً الشفاعة. البون شاسع بين الفتى المتمرد الأول في «الشرف الجديدة»، وعمر النضج الذي عبّ من تجارب الحياة ما أشبع وجدانه بنور الحكمة:

مدينتُك الحديقةُ يا رسولَ الله

كلُّ حدائقِ الدُّنيا أقلّ وسامةً وحضورْ

هنالك للهواءِ أريجُه النبويّ

موصولاً بأنفاسِ السماءِ وكأسِها الكافورْ

نود في خاتمة هذه القراءة أن نصوّب خطأً شائعاً. فقد درج بعض محبي الشاعر أن ينادوه بلقب «ود المكي». إنّ اسم «محمد المكي» اسم مركّب، كما جرت العادة عند أتباع ومريدي الشيخ إسماعيل الولي. يقرنون الاسم الأول بأحد أسماء أبناء أو حفدة منشئ الطريقة - إسماعيل بن عبد الله الكردفاني، كما كان يوقّع اسمه في مؤلفاته. وفي حي القبة بالأبيّض حيث ضريح الشيخ إسماعيل، قلما يخلو بيت من اسم مركب مثل: محمد الباهي، ومحمد المكي، ومصطفى البكري، والحنفي، والأزهري!

وأخيراً... برحيل محمد المكي إبراهيم تفقد قصيدة الحداثة بيت شعر ضخماً. ويفقد شعب السودان صوتاً طالما صدح بأجمل وأنبل القصائد في الاعتداد بأمته وأمجادها وتراثها.