«موسم أصيلة الثقافي» يناقش «اختلالات» التداول النقدي في التشكيل المغربي

«موسم أصيلة الثقافي» يناقش «اختلالات» التداول النقدي في التشكيل المغربي
TT
20

«موسم أصيلة الثقافي» يناقش «اختلالات» التداول النقدي في التشكيل المغربي

«موسم أصيلة الثقافي» يناقش «اختلالات» التداول النقدي في التشكيل المغربي

أكدت ندوة «التشكيل المغربي والتداول النقدي»، التي نظمت، أخيرا، بأصيلة، ضمن فعاليات الدورة الصيفية لموسمها الثقافي الدولي الـ44، وجود «اختلالات راهنة تشوب مسألة التداول النقدي للأعمال التشكيلية بالمغرب».

وسعت الندوة، وهي الثالثة خلال دورة هذه السنة، بعد ندوة أولى تناولت «الفن المغربي المعاصر والسؤال الثقافي»، وثانية شهدت تكريم الفنان المغربي عبد الكبير ربيع، إلى تسليط الضوء على طبيعة التداول النقدي للتشكيل المغربي في الآونة الأخيرة، والوقوف عند أعطابه، وإبراز مقومات إنضاجه، بعد تواتر سنوات من «اجترار الصيغ المستنسخة». ومن ثم، كما ذهبت إلى ذلك الورقة التقديمية لهذه الندوة التي نسقها الناقد شرف الدين ماجدولين، بيان «صيغ الخروج من مفارقات التحليل إلى وظائف التقييم»، بما سعت إلى تكريسه من «مرجعية مفهومية وبيانية دقيقة وواضحة»، من شأنها «تعزيز الثقة باختراقات التشكيل المغربي بما هو أحد أهم منجزات الثقافة المغربية المعاصرة».

وشددت الورقة على أن «الخطاب النقدي المواكب للمعارض الفنية ليس مجرد خطاب شارح»، بل «يشكل متنا جوهريا في عملية العرض للأعمال الفنية»، بما يجعل منه «تكملة للخطاب البصري واختراقا بلاغيا له، يترجم الرموز والمفاهيم والكتب البصرية عبر مفردات».

وتوزع برنامج الندوة بين جلستين، صباحية ومسائية، شارك في أولاها، فضلا عن منسقها ماجدولين، كل من محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، والكاتب والفنان التشكيلي فؤاد الشردودي، والناقدة الفنية ومنظمة المعارض، دنيا بتقاسم، والناقد الفني وأستاذ التعليم العالي عبد الكريم الشيكر، والفنان التشكيلي والناقد الفني عزام مدكور. فيما شارك في الجلسة الثانية، كل من الفنان التشكيلي والشاعر وأستاذ التعليم العالي عزيز أزغاي، ومنظم المعارض وأستاذ التعليم العالي أحمد مجيدو، والناقد الفني والفنان التشكيلي بنيونس عميروش، والناقد الفني أحمد لطف الله، الناقد الفني.

وتحدث ماجدولين عن «تصريف نقدي» لفضاءات يشتغل عليها الفنان التشكيلي ولها صلة بالفن التشكيلي، تكون فيها للمشتغل قدرة على أن يضع على كل هذه الفضاءات لمسته. ورأى أننا نتحدث عن النقد من دون أن نعده خطابا؛ وأن الذي لدينا اليوم، بوصفه نقدا، هو مجرد وصف للأعمال وإعادة تدوير لمفردات تشتغل في نفس المقالات على نفس الأعمال؛ بينما الغائب في ما جرى هو لفظة ناقد، مع تشديده على أن النقد الفني شبه غائب، ولذلك بات من الضروري صياغة مساحة للتلاقي بخصوص ما ينتج داخل المشغل والمعاهد والمختبرات.

من جهته، رأى بن عيسى أن الحديث عن التداول النقدي ليس سهلا في التجربة المغربية. واستحضر، في هذا السياق، التجارب التي شهدها المغرب بداية من ستينات القرن الماضي، مع تركيزه على الأدوار التي لعبتها جماعة الدار البيضاء، مع محمد المليحي وفريد بلكاهية ومحمد شبعة، وآخرين. كما تحدث عن علاقة النخب بالفنون التشكيلية، وغياب ثقافة التصوير في الحضارة الإسلامية، مقدما ملاحظات عامة، همت علاقة السياسة بالثقافة في التاريخ المعاصر للمغرب.

وخلص بن عيسى إلى أن من شأن ندوة التداول النقدي أن تفتح العين والذاكرة على أهمية الفنون التشكيلية، معربا عن أمله في أن يستدرك الجيل الجديد النقص المسجل في هذا المجال.

وسارت مداخلات باقي المشاركين في نفس التوصيف الذي طرحته الورقة التقديمية، خصوصا في ما يتعلق بالأوضاع التي يعيشها راهن التداول النقدي للتشكيل المغربي.

وقدم الشردودي «تأملات في راهن النقد الجمالي بالمغرب»، استحضر في بدايتها، ما راكمه الخطاب النقدي على امتداد عقود من الإنجاز والمتابعة والمحاورة لسيرورة الخطابات التشكيلية وإبدالاتها، مشددا على أن «محور النقد عامل أساس في بناء أي فاعلية تشكيلية وجمالية كيفما كانت صيغها واعتمالاتها»، مع إشارته إلى «ما حفلت به الكتابات النقدية المنجزة في أواخر القرن الماضي من أسئلة جوهرية وخلاقة ساهمت في محطات عدّة في بلورة حالات ثقافية خصبة ولدت انسجاما ملحوظا بين حركيتي المنجز الإبداعي البصري والكتابات المحاورة أو المجاورة له، وناقشت قضايا فكرية وثقافية شغلت حيزا كبيرا من اهتمام الفنانين وكذا المتتبعين للحقل التشكيلي بالمغرب».

ولاحظ الشردودي أن المتأمل في الراهن التشكيلي المغربي لا يمكنه إلا أن «يقر بدينامية مهمة ومبشرة عرفتها العقود الأخيرة، تمثلت في الاهتمام المتزايد بالمنجز البصري وبما يحيط به من سياقات انتشاره وتلقيه»، قبل أن يستدرك بالحديث عن «وضع ملتبس»، مرده إلى أن المؤسسات الثقافية «لم تستطع» أن تستثمر الكثير من الإنجازات الفنية التي حققها المجال البصري في المغرب، لتظل «المعادلة مختلة». ليخلص إلى أن كل كتابة في التشكيل وعن قضاياه لا يمكن إلا أن تسهم في «مد جسور التواصل بين العمل الفني ودائرة تلقيه»، مع تشديده على أن «ما راكمه الخطاب النقدي على امتداد التجربة البصرية المغربية يعد أرضية صلبة وخصبة لمنطلقات جديدة تغتني مما تنتجه المعرفة الكونية».

ورأى أزغاي أن التداول النقدي، كما هو ممارس، على الأقل، اليوم في المغرب، يعتريه غير قليل من اللَّبس، مع إشارته إلى أن النقد ظل مرهونا بالحوار أو الجوار، بمعنى عدم قدرته على النفاذ إلى الأعمال الفنية، حيث ظل مجاورا لها فقط.

وفي ما يخص «مسألة انكماش التلقي»، قال إنها تتصل بأربع نقط أساسية، أولها ما سماه «الإهمال التاريخي» الذي تعرض له التصوير في الثقافة العربية، لأسباب رآها «غير مقنعة»، تتصل بالتحريم، بشكل ساهم في تدني الوعي البصري. وثانيها «تراجع وانكماش العلاقات الثقافية والإنسانية بين الفنانين والكتاب». فيما تتمثل الثالثة في دور «المنظومات التعليمية»، مشيرا إلى أنه لا يتصور مجتمعا لا ينتج أطرا تعنى بالصورة والموسيقى. أما الرابعة فتهم «تراجع دور الترجمة».

وقدم عميروش نقط استدلال لمنشأ النقد الفني، الذي لم يكن في معزل عن الدينامية الفنية والثقافية التي عرفتها مرحلة ما بين ستينات وتسعينات القرن الماضي، قبل أن يطرح سؤالا حول ما تبقى من هذه الدينامية الثقافية في الألفية الثالثة؛ ليتحدث، في هذا الصدد، عن «بعض الكتابات النقدية المحكومة بالطلب»، في مقابل «الانتعاش الملحوظ الذي عرفه قطاع الفنون التشكيلية في العقدين الأخيرين من خلال البنيات الجديدة من متاحف وقاعات خاصة جديدة، وتخصيص الدعم للمجال التشكيلي من قبل وزارة الثقافة، وانخراط العديد من منشآت الرعاية التابعة للمؤسسات المالية».


مقالات ذات صلة

«دهشة الأساطير الشعبية» بـ«ديوانية القلم الذهبي» في الرياض

يوميات الشرق تناولت الجلسة تحويل الشخصيات الشعبية إلى رموز أسطورية جديدة (ديوانية القلم الذهبي)

«دهشة الأساطير الشعبية» بـ«ديوانية القلم الذهبي» في الرياض

ناقشت جلسة حول «دهشة الأساطير الشعبية»، استضافتها «ديوانية القلم الذهبي» بحي السفارات في مدينة الرياض، كيفية تشكّل الأسطورة في المخيال الشعبي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أمين الريحاني (الشرق الأوسط)

الرياض تحتفي بمئوية كتاب «ملوك العرب» لأمين الريحاني

 يعود المفكر والأديب والمؤرخ والرحالة والشاعر والرسام العربي اللبناني أمين الريحاني، إلى الواجهة، بعد 85 عاماً على رحيله، من خلال احتفاء دارة الملك عبد العزيز.

بدر الخريف (الرياض)
ثقافة وفنون يسعى «مهرجان أبوظبي 2025» إلى تقديم تجربة ثقافية شاملة تشمل الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا والباليه والمعارض التشكيلية (الشرق الأوسط)

الإعلان عن «مهرجان أبوظبي الثقافي 2025» تحت شعار «أبوظبي: العالم في مدينة»

أعلنت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون عن برنامج الدورة الثانية والعشرين من «مهرجان أبوظبي 2025» الذي سيقام تحت شعار «أبوظبي: العالم في مدينة».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الحوار العالمي «كايسيد»، أن برامجهم تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
ثقافة وفنون جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم اليوم، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

ميرزا الخويلدي (الفجيرة)

كرسي عبد العزيز المانع... إضافات ثريَّة إلى اللغة العربية

عبد العزيز المانع
عبد العزيز المانع
TT
20

كرسي عبد العزيز المانع... إضافات ثريَّة إلى اللغة العربية

عبد العزيز المانع
عبد العزيز المانع

وأنا أكتب عن كرسي الدكتور عبد العزيز المانع في جامعة الملك سعود، وما أضافه هذا الكرسيُّ من إنجازات لهذه الجامعة العريقة، وبالتالي إلى لغتِنا العربية، يجدر التعرَّض إلى كتابه القيّم الذي استقصَى فيه رحلةَ الفرارِ الكبرى للمتنبي ونجاحه في التَّخفي حتى بلغَ مأمنَه.

إنَّه سِفرٌ ثمين يجعل القلبَ يزدادُ نبضاً مع كلّ موضعٍ يحطّ فيه ركبُ الدكتور المانع لتتبّع خطَى هذا الشاعرِ العملاق والفريدِ وأثره.

أقول: لو لم يكن للدكتور المانع إلا سفرُه «على خطى المتنبي» لكفاه فضلاً وشرفاً، لأنَّنا لأول مرةٍ نعرف فيها بالدقة خطة هروبِ المتنبي الكبير والأمكنة التي سار فيها، ونجاح المتنبي في التخفّي عن عيونِ كافور المتربصين به.

هذا الكتاب القيّم، وهذا التَّتبع البديعُ يأخذانك وكأنَّك كنت تسير مع المتنبي في ركبِه وتشعر بشعوره، وتبدو لك مراحلُ الرحلة وكأنَّها دفعاتٌ من الخوف والمتعةِ معاً، لكأنَّك تشاهد فيلماً كاملَ الأركان عن هروبِ هذا الشَّاعرِ العظيم.

أعادَ هذا الكتابُ القيّم ضبطَ الأسماءِ والأماكنِ وتبيان الأخطاء التي وقع فيها القدامى، وحدَّد المواقعَ والطرقات التي سارَ فيها الشاعر.

لقد صبرَ الدكتور المانع صبراً جميلاً لتحقيق هذه الغاية، وهذا بالتأكيد ينمُّ عن شيئين: الأول حبّ البحثِ والاستقصاء. والثَّاني إعجاب الباحثِ بالشاعر.

وبالنَّظر إلى كلّ هذا نرى أنَّ الدكتور عبد العزيز كانَ أهلاً لكل ذلك، والمتتبع لمسيرته سيعلم أنَّه كان يشارك في ندوات قسم اللغة العربية في الجامعة منذ 30 عاماً رغم المناصب الكثيرة التي تولَّاها، وهذا دليلٌ قاطع على أنَّ روح العطاء والاستزادة والحرص على اللغة العربية كانت هاجسَه. وما منْحُه جائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب لعام 2009، في «تحقيق المؤلفات الأدبية الشعرية والنثرية المصنّفة»، إلا دليلٌ آخرُ على ذلك.

وكان أنْ خُصّص له كرسي في جامعة الملك سعود العريقة.

ونالَ الكرسيُّ جائزةَ الكتاب العربي لعام 2025، التي شارك فيها عددٌ كبير بلغ 1261 مشاركاً تقدَّموا من 35 دولة، وهذا لعمري إنجازٌ كبيرٌ لا يتسنَّى لأحد نيلُه إلا بالمواظبة والتخطيطِ والقدرة العلمية وتنظيم الوقت.

في هذا السياق، كان لنا لقاء مع الدكتور عبد العزيز المانع ليلقي مزيداً من الضوء على هذه السنين التي واكب فيها الكرسي وساهم في إنجازاته.

> مرّت أعوامٌ على إنشاء كرسي المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها؛ أين تضعون الكرسي في قائمة المراكز العلمية ذات المجال نفسه؟

- نعم، مرّ الآن ما يزيد على 15 عاماً على تشريفي بالإشراف على كرسي دراسات اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود، ولا بد لي أن أوضح أن من يجتاز جائزة مثل جائزة الملك فيصل بمكانتها ومقامها يحتاج إلى أن يستمر في العطاء، إن لم يكن في حجمها فليكن قريباً منها. لقد هيّأ الله لي مجالاً واسعاً للاستمرار في النهج العلمي نفسه حين تفضل رئيس الجامعة آنذاك الدكتور عبد الله العثمان بإنشاء هذا الكرسي، فكان لصاحبه ما تمنّى، إذ قرَّر الكرسي بهيئته الموقّرة أن يتوسّع في مجال أنشطته لتشمل المحاضرات والندواتِ والنشـرَ العلمي، وفي مجال النشر العلمي رأى أن يفتح البابَ لكل عمل علمي جاد في العالم العربي، فكان أن نشر الكرسي لباحثين من المغرب وتونس والجزائر ومصر وسوريا والأردن وفلسطين والعراق والبوسنة، إضافة إلى باحثين من المملكة العربية السعودية، وقد تجاوزت عناوين الكتب التي نُشـرت ما يزيد على 60 كتاباً، ما بين تأليف وتحقيق وترجمة، ويعدّ هذا إنتاجاً علميّاً مرضياً لكرسيٍّ محدود الإمكانات، ودون ريب فإنَّ النفسَ تطمح إلى المزيد.

> من المعلوم أن من بين الكتب التي نشـرها الكرسي كتاب «على خطى المتنبي»، وهو كتاب له طعم خاص، إذ يهتم برحلة هروب شاعر العربية أبي الطيب المتنبي، فهل فكرتم في تحويل هذا الكتاب المميز إلى فيلم سينمائي؟

- الكرسي، وربما الجامعة، ليس لديهما التوجّه إلى القيام بعمل ضخم كهذا، وهناك جهة من خارج الجامعة بدأت التفكير الجاد بتحويل الكتاب إلى فيلم عربيّ، والدراسات قائمة الآن، ونسأل الله التوفيق.

وبالمناسبة، هذا الكتاب يُترجَم الآن إلى اللغة الصينية من قبل مكتبة الملك عبد العزيز العامة.

> كيف يجرى اختيار الكتب التي نشرها الكرسي؟ هل ثمة لجنة تطّلع على العناوين وترشّح ما يستحق النشر أم أن الاختيار يكون بشكل فردي من المشرف؟

- نظام النشر في الكرسي يعتمد نظام المجلس العلمي في الجامعة، وهو نظام المجامع والمراكز العلمية المعروفة:

1. يتقدم من لديه كتاب علمي أو تحقيق بكتابه إلى الكرسي طالباً نشره.

2. تُعرض العناوين المقدّمة على هيئة الكرسي المكوّنة من المشرف وعضوية مستشار الكرسي ورئيس قسم اللغة العربية وعضو من أساتذة القسم، على أن يكون بدرجة أستاذ.

3. يستبعد من بين المتقدمين من لا يدخل كتابه في التخصص، أو الكتب التي لا ترقى إلى المستوى العلمي المطلوب.

4. تختار الهيئة العناوين المناسبة للنشـر، وترشّح محكمين اثنين لكل كتاب يكونان من أهل التخصص ولهم مؤلفات أو أبحاث في نفس مجال الكتاب.

5. ترسل الكتب إلى المحكمين للحكم على صلاحيتها للنشر وإعداد تقرير بذلك خلال مدّة لا تتجاوز شهراً من تاريخ التسلّم.

6. بعد وصول تقارير المحكمين، تُرسل التقارير لأصحاب الكتب التي أوصى المحكمون بنشرها ليطلعوا عليها ويعدّلوا ما يلزم، ثم يوقّع معهم عقد لنشر الكتاب.

> كيف ترون دور الكرسي في هذا الوقت بعد النقلة النوعية في مستقبل التأليف، وبعد تصدّر برامج الذكاء الاصطناعي؟

- هذا البرنامج الجديد حسب تقدير العلماء له سلبياته وإيجابياته، وليست العربية هي المتخوّف الوحيد من هذا القادم الجديد فحسب، بل الثقافة العالمية لها الموقف المتخوف نفسه، لكن العربيّة محميّة بكتاب الله - عزّ وجلّ - الذي تعهّد بحفظه، ونحن تحت لوائه محفوظون، بحول الله وقوّته.

نالَ الكرسيُّ جائزةَ الكتاب العربي لعام 2025 التي شارك فيها عددٌ كبير بلغ 1261 مشاركاً تقدَّموا من 35 دولة

> هل أنتم مع فكرة تفرّغ الأساتذة الجامعيين للبحث والتأليف بعد قضائهم مدة طويلة في التدريس؟

ـ ليس هناك ما يمنع أستاذ الجامعة من الجمع بين البحث والتأليف ومهنة التدريس، بل هو مطالب - نظاماً - بذلك لكي يرقى درجات سلم الترقيات العلمية فترة بقائه في الجامعة.

> هل هناك تنافس بين الأساتذة الأكاديميين؟ وهل شعرتم شخصيّاً بذلك؟

ـ مجال البحث العلمي فسيح، ويسع جميع الباحثين، كلٌّ في مجاله وتخصصه، فمن هذا المنظور طبيعيٌّ ألّا يكون هناك تنافس، إذ المكان يتّسع للجميع، بل إنَّ مجال البحث العلمي والتأليف مفتوح على مصراعيه لكل باحث، ونظام الجامعة البحثي إيجابي ومرن وداعم للجميع، ونظام الكراسي خير دليل.

> هل من نصيحة تراها للأكاديميين الجدد؟

- عندما أنهيت برنامج الدكتوراه في بريطانيا، طلب مني الممتحن الخارجي، الدكتور جونستون رئيس قسم الدراسات العربية بجامعة لندن، أن ألقاه في مكتبه عندما أمرّ بلندن في طريقي إلى الرياض، وقد تم ذلك ورافقته إلى منزله وعرّفني على أسرته وأطلعني على مكتبته، وبعد تناول الشاي قال لي ما يلي:

«عندما تصل الرياض وتستقرّ أسريّاً، توجّه إلى مكتبة الجامعة وابدأ بكتابة بحث في الموضوع الذي تراه، وانشره بكل ثقة ودون تخوّف من كماله العلمي. إذا فعلت ذلك تكون قد وطّنت نفسك ووضعت قدمك على بداية موفّقة في طريق البحث العلمي والاستمرار فيه، وإن تأخرت فسوف يموت عندك الاهتمام بالبحث العلمي تدريجيّاً».

هذه كانت نصيحة ذهبية أخذت بها، أقدمها لكل عضو هيئة تدريس في أول مشواره العلمي.

> السؤال الأخير: ما آخر إصداراتكم العلمية؟

ـ آخر الإصدارات هو كتاب «رياض الشعراء في قصور الحمراء»، وهو كتاب مشترك بيني وبين الدكتور خوسيه ميغيل، أستاذ الدراسات العربية بجامعة غرناطة. ويهتم الكتاب بتحقيق الشعر المنقوش على جدران قصور الحمراء ونوافذها وقاعاتها ونوافيرها، وقد صدر هذا الكتاب العام الماضي خارج برنامج الكرسي، بدعم كلي من أمانة جائزة الملك فيصل، ولعلها مناسبة طيّبة أن أتقدّم لأمانة الجائزة، ولرئيسها الدكتور عبد العزيز السبيل، بالشكر الجزيل على جهوده في سبيل خروج هذا الكتاب ونشره.