السعودية وقطر توقعان مذكرة للتعاون الثقافي

الأمير بدر بن فرحان يلتقي الشيخ تميم ويشارك في افتتاح معرض الدوحة للكتاب

الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي في افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب الاثنين.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي في افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب الاثنين.
TT

السعودية وقطر توقعان مذكرة للتعاون الثقافي

الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي في افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب الاثنين.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي في افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب الاثنين.

وقعت السعودية وقطر الاثنين، مذكرة تفاهم لتعزيز للتعاون الثقافي، بالتزامن مع افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الـ32، في وقت شهدت فيه قطر عقد الاجتماع الأول للجنة الثقافة والسياحة والترفيه بمجلس التنسيق السعودي - القطري.

وتحل المملكة العربية السعودية ضيف شرف في معرض الدوحة الدولي للكتاب، حيث ستقدم خلال مشاركتها تجربة ثقافية يتجلى فيها التراث الغني والثقافة الأصيلة للمملكة، وتَعرض جهودها البارزة في دعم الحراك الثقافي بمختلف مكوناته على المستويين المحلي والدولي.

وأعرب الأمير بدر بن فرحان آل سعود وزير الثقافة السعودي، عن اعتزازه بتوقيع مذكرة التفاهم المعنيّة بالشأن الثقافي بين وزارتَي الثقافة في البلدين، «متطلعاً لاستمرار الحراك الثقافي بينهما، والعمل على المبادرات والمسارات لِلَجنة الثقافة والسياحة والترفيه التي انطلقت تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي - القطري الذي يُعد إطاراً شاملاً لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، والدفع بالشراكة بين البلدين إلى آفاق أرحب وفق رؤية السعودية 2030، ورؤية قطر الوطنية 2030 بما يُلبّي تطلعات القيادة ويحقق مصالح الشعبَين الشقيقَين».

والتقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مكتبه بالديوان الأميري، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، والوفد المرافق له، بمناسبة زيارته قطر لحضور افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب.

وقال الديوان الأميري القطري في بيان، إن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، نقل تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى أمير دولة قطر، وتمنياتهما له بدوام الصحة والسعادة وللشعب القطري المزيد من التقدم والرخاء.

كما حمل أمير قطر وزير الثقافة السعودي، تحياته لأخيه خادم الحرمين الشريفين وإلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وتمنياته لهما بموفور الصحة والعافية وللشعب السعودي الشقيق دوام الرفعة والنماء.

وبحضور الأمير بدر بن فرحان، افتتح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الاثنين، معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الـ32 تحت شعار «بالقراءة نرتقي»، وذلك في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات.

ويحتوي المعرض الذي يستمر حتى 21 يونيو (حزيران) الحالي، على كثير من دور النشر، وعلى أحدث الإصدارات، والكتب والمخطوطات.

وبمناسبة اختيار المملكة العربية السعودية ضيف شرف في المعرض؛ سيتم تقديم برنامج ثقافي منوّع، يتضمن حزمة من الندوات والمحاضرات التفاعلية والجلسات الحوارية، والأمسيات الشعرية، وورش العمل التي تغطي عدة جوانب في مجالات الثقافة، والفن والأدب والمعرفة.

كما تستعرض أبرز الإصدارات والإضافات المعرفية والثقافية الحديثة، ومجموعة من القِطع والمجسمات الأثرية المكتشَفة في أرض المملكة، فضلاً عن تقديم عروض حيّة للحِرف اليدوية، وأفلام تثقيفية للتعريف بالتسلسل الحضاري العميق للمملكة، إضافة إلى أبرز الاكتشافات الأثرية، ومدى ارتباطها بالحضارات المجاوِرة، ومتحف لعرض القطع الأثرية.


مقالات ذات صلة

الأرميني كارين أخيكيان لـ«الشرق الأوسط»: منحوتاتي صوت معارك النساء

يوميات الشرق منحوتاته تعكس صمود نساء يثابرن رغم ما يُعرقل (كارين أخيكيان)

الأرميني كارين أخيكيان لـ«الشرق الأوسط»: منحوتاتي صوت معارك النساء

كارين أخيكيان نحّات من أرمينيا، تستكشف أعماله موضوعات الصمود والعواطف المركَّبة. باستخدامه أسلاك الحديد والنحاس، يبتكر منحوتات تعكس تخبُّط الروح وإنجازاتها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
ثقافة وفنون غازي القصيبي

غازي القصيبي... صيغة مركبة

مبادرة غازي القصيبي امتازت بما أسميه «الإبداع المركب»، فهل بسبب كونه شاعراً، اصطبغت محاضراته في التدريس الجامعي أستاذاً في العلاقات الدولية والعلوم السياسية.

محمد رضا نصر الله
يوميات الشرق بدء فعاليات ماراثون «أقرأ» بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

«ماراثون القراءة» يجذب الشباب في السعودية ومصر والمغرب

يسعى «ماراثون أقرأ» الذي أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في ثلاث مدن عربية إلى توسيع دائرة القراءة لتكون مصدراً للإلهام لدى الشباب العربي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
ثقافة وفنون خلال افتتاح «المهرجان اللبناني للكتاب» سنة 2020 بحضور وزير التربية اللبناني آنذاك طارق مجذوب (في الوسط إلى اليمين)... في بلدة أنطلياس بلبنان (الحركة الثقافية - أنطلياس)

«المهرجان اللبناني للكتاب» ينطلق الخميس متحدياً الأزمة المالية ومخاطر تمدّد الحرب

ينطلق «المهرجان اللبناني للكتاب»، في دورته اﻟ41، الخميس المقبل، 29 فبراير (شباط) 2024، في بلدة أنطلياس اللبنانية، متحدياً الأزمة المالية ومخاطر تمدّد الحرب.

شادي عبد الساتر (بيروت)

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

سانت إكزوبيري
سانت إكزوبيري
TT

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

سانت إكزوبيري
سانت إكزوبيري

لم يكف البشر منذ وجودهم على هذه الأرض عن التقاتل والتذابح، وفرض سيطرة بعضهم على البعض الآخر، عبر أكثر الوسائل دمويةً وفتكاً. وسواء كانت الحروب عبر التاريخ تُشن بفعل الصراعات الإثنية والدينية والآيديولوجية والرغبة بالسيطرة والاستحواذ، أو اتخذت شكل الدفاع عن الحرية والمقاومة ضد الاحتلال، فإن نتائجها الوخيمة لم تقتصر على دمار المنازل والمباني والمعالم المادية للعيش، بل تعدت ذلك لتصيب الدواخل الإنسانية بالتصدع، ولتحدث انهياراً كاملاً في نظام القيم وقواعد السلوك، ولتضع علاقة الإنسان بنفسه وبالآخر في مهب الشكوك والتساؤلات.

همنغواي

على أن من المفارقات اللافتة أن تكون الحروب الضارية التي أصابت الاجتماع الإنساني بأكثر الكوارث فظاعةً وهولاً، هي نفسها التي أمدت الفلسفة والفكر والفن بالأسئلة الأكثر عمقاً عن طبيعة النفس البشرية، ودوافع الخير والشر، ونُظُم الاجتماع الأمثل، فضلاً عن دورها المهم في تغيير الحساسيات الأدبية والفنية، ودفعها باتجاه الحداثة والتجدد. وإذا كان السؤال حول الآثار التي تخلفها الحروب في مجالي الأدب والفن هو من بين الأسئلة التي لم يمل النقاد والمهتمون عن طرحها مع كل حرب جديدة، فإن الإشكالية التي يتم طرحها باستمرار تتعلق بدور الكتاب والمثقفين في زمن الحرب، وعما إذا كان هذا الدور يقتصر على إنتاج النصوص والأعمال الإبداعية، أم أن على الكتاب والفنانين أن يدافعوا بحكم انتمائهم الوطني والقومي والإنساني عن قضايا شعوبهم بشتى السبل والوسائل الممكنة.

وإذا كان هذا النوع من الأسئلة لا يجد له إجابات قاطعة، لأن كل شخص يرى من وجوه الحقيقة ما يلائم مواقفه وتوجهاته، فقد تمكّننا العودة إلى التاريخ من استجلاء بعض الحقائق المتعلقة بمواقف الشعراء والمبدعين من الحروب والنزاعات الأهلية، وبما قاموا به، خارج النصوص والأعمال الفنية، من أدوار وإسهامات. ولعل أول ما يحضرني في هذا السياق هو التجربة الرائدة للشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، خلال الحرب الدامية التي نشبت بين قبيلتي عبس وذبيان، التي عرفت عبر التاريخ بحرب داحس والغبراء. فقد حرص زهير على وصف الحرب بما يليق بها من نعوت، محذراً من نتائجها الكارثية عبر أبياته المعروفة:

وما الحرب إلا ما علمتمْ وذقتمُ

وما هو عنها بالحديث المرَجَّمِ

متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً

تضْرَ إذا ضرَّيْتموها فتضرمِ

فتعرككمْ عرْك الرحى بثفالها

وتَلْقحْ كشافاً ثم تُنتجْ فتتئمِ

إلا أن زهيراً الذي رسم في معلقته إحدى أكثر اللوحات الفنية دلالة على فظاعة الحروب وهولها الكارثي، رأى أن من واجبه كإنسان وكفرد في جماعة، أن يحرض على نبذ العنف، ويدعو إلى تحرير النفوس من الأحقاد والضغائن. وهو إذ راح يمتدح كلاً من داعيتي الصلح، الحارث بن عوف وهرم بن سنان، فلم يفعل ذلك تملقاً أو طلباً للثروة والجاه، بل فعله انتصاراً لمواقفهما الأخلاقية النبيلة، ولما قدماه من تضحيات جسام بهدف إطفاء جذوة الحرب، وإحلال السلام بين المتنازعين.

تولستوي

ومع أن الحروب بأشكالها المختلفة قد شكلت الظهير الأهم للكثير من الأعمال الملحمية والروائية، فإن قيمة العمل المتولد عنها لا تحدده بالضرورة مشاركة الكاتب الشخصية في المعارك والمواجهات، بل موهبته العالية وتفاعله مع الحدث، وكيفية الانتقال به من خانة التوصيف السطحي والتسجيلي إلى خانة الدلالات الأكثر عمقاً للعدالة والحرية والصراع بين الخير والشر، وصولاً إلى الوجود الإنساني نفسه.

وإذا كان تاريخ الأدب بشقيه القديم والحديث حافلاً بالبراهين والأدلة التي تضيق الهوة بين الخيارين المتباينين، فيكفي أن نعود إلى هوميروس، الذي لم تحل إصابته بالعمى وعجزه عن المشاركة في الحروب، دون كتابته لملحمتي «الإلياذة» و«الأوديسة»، تحفتي الأدب الخالدتين. كما يمكن الاستدلال بتولستوي الذي لم تكن رائعته الروائية «الحرب والسلم» ثمرة مشاركته المباشرة في حرب نابليون على روسيا القيصرية، وهو الذي لم يكن أثناءها قد ولد بعد، بل ثمرة تفاعله الوجداني مع معاناة شعبه، ورؤيته النافذة إلى ما يحكم العلاقات الإنسانية من شروخ وتباينات. ومع أنه لم يجد بداً من الانخراط في الجندية في وقت لاحق، فإنه ما لبث أن تحول إلى داعية للمحبة ونبذ العنف، وتحقيق السلام بين البشر.

أما الجانب الآخر من الخيارات فتمثله تجارب كثيرة مغايرة، بينها تجربة الكاتب الأميركي آرنست همنغواي الذي قدم عبر حياته الحافلة، النموذج الأكثر سطوعاً عن العلاقة بين الكتابة والحياة، وهو الذي لم يكتف بوصف الحرب عن بعد، كما فعل كتاب كثيرون، بل عمد إلى الالتحام المباشر بميادينها المحفوفة بالمخاطر، الأمر الذي وفرته له مهنته كمراسل حربي للصحف التي عمل فيها. والواقع أن فائض القوة العضلي لهمنغواي، والتزامه الوطني والإنساني، لم يكونا الدافعين الوحيدين لمشاركته في الحروب التي خاضها، بل كان دافعه الأساسي متمثلاً في البحث عن أرض ملموسة لكتابة رواياته وقصصه المختلفة. وإذا كان انخراط الكاتب الفعال في الحرب العالمية الأولى هو الذي يقف وراء تجربته الروائية المبكرة «وداعاً أيها السلاح»، فإن مشاركته في الحرب الأهلية الإسبانية دفاعاً عن الجمهوريين، وجنباً إلى جنب مع كتاب العالم الكبار، هي التي ألهمته رائعته الروائية اللاحقة «لمن تُقرع الأجراس».

وفي السياق نفسه يمكن لنا أن نضع تجربة الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، الذي دفعه شغفه البالغ بالطيران إلى الالتحاق بقوات بلاده الجوية، ولم يثنه تحطم طائرته في إحدى الطلعات، عن الإمعان في مغامرة التحليق وصولاً إلى نهايته المأساوية عام 1944. غير أن ذلك التحليق بالذات هو الذي أتاح لسانت إكزوبيري أن يرسم عبر «الأمير الصغير» صورة لكوكب الأرض، بعيدة عن العنف ومترعة بالنقاء الطفولي.

قيمة العمل المتولد عن الحروب لا تحدده بالضرورة مشاركة الكاتب الشخصية فيها

ثمة بالطبع شواهد كثيرة، لا تتسع لها هذه المقالة، على الخيارات المتباينة التي اتخذها الكتاب والفنانون في أزمنة الحروب، والتي يتجدد السجال حولها مع كل حرب تقع، أو كل مواجهة تخوضها الشعوب مع غزاتها المحتلين. وإذا كان بعض المبدعين لا يرون علة لوجودهم سوى الإبداع، ولا يجدون ما يقدمونه لأوطانهم في لحظات محنتها، سوى القصيدة أو المعزوفة أو اللوحة أو سواها من ضروب التعبير، فإن بعضهم الآخر يرسمون لأنفسهم أدواراً مختلفة، تتراوح بين الدفاع عن الأرض، لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً، وبين التظاهر وإصدار البيانات المنددة بارتكابات الاحتلال ومجازره وفظاعاته، وصولاً إلى إسهام الكاتب الشخصي في التخفيف من معاناة شعبه، ورفده بأسباب المقاومة والصمود.

على أن أي حديث عن دور الكتاب والفنانين في زمن الحرب، لن يكون له أن يستقيم، دون الإشارة إلى عشرات الإعلاميين والمصورين والمراسلين في فلسطين ولبنان، الذين أسهمت تقاريرهم الميدانية الجريئة في إظهار الطبيعة الوحشية للاحتلال، وفي فضح ادعاءاته الزائفة عن الالتزام بقواعد الحرب الأخلاقية والإنسانية. وإذا كان من المتعذر تماماً استعادة أسماء الإعلاميين والمراسلين الكثر، الذين أصروا على المواءمة بين الواجبين المهني والإنساني، حتى لو كانت حياتهم نفسها هي الثمن، فيكفي في هذا السياق أن نتذكر الكاتبة والإعلامية اللبنانية نجلاء أبو جهجه، التي قامت بالتقاط صور مختلفة لجثث الأطفال المدلاة من سيارة إسعاف بلدة «المنصوري»، أثناء الاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني عام 1996، فيما حرصت في الوقت ذاته على مد يد العون للجرحى المتبقين منهم على قيد الحياة. وفيما غادرت نجلاء هذا العالم، وقد أنهكها مرض عضال، قبل أيام معدودة، لن تكف العيون المطفأة للأطفال، عن ملازمة صوَرها المؤثرة، وتجديد عقدها مع الضوء، وتوزيع نظرات اتهامها الغاضبة بين عدالة العالم المفقودة ووجوه الجلادين.