تشكيلية مصرية تنفي سرقتها رسومات فنان روسي

غادة والي اتهمت كوراسوف بـ«السعي لحصد الشهرة على حسابها»

غادة والي
غادة والي
TT

تشكيلية مصرية تنفي سرقتها رسومات فنان روسي

غادة والي
غادة والي

نفت الفنانة التشكيلية الشابة المصرية غادة والي، سرقتها رسومات الفنان الروسي جريجوري كوراسوف واستخدامها في تصميمات حملة دعائية لصالح شركة مياه غازية عام 2019، متهمة الفنان الروسي بـ«السعي لحصد الشهرة على حسابها».

وقالت غادة، في بيان صحافي الأربعاء، إن «ادعاءات الفنان الروسي ليس لها أي أساس من الصحة، وهي كاذبة تماماً، وأن تصاميمها الخاصة بالحملة أصلية لا تمت لرسوماته بأي صلة»، موضحة أن «ادعاءاته تعد قذفاً لاتهامه لها دون إيضاح إثبات أو الإشارة لرسوماته التي يدعي أنها مأخوذة منها».

وتعتمد فكرة تصاميم حملة شركة المياه الغازية على توثيق التسلسل الزمني للتطور الغرافيكي للثقافة المرئية المصرية، إذ تصور كل عبوة عصراً مختلفا وتقنية إيضاحية تمثل كلاً من الشخصية المصرية والعلامة التجارية»، بحسب والي التي تشير إلى أن «الحملة كانت مقسمة لـ4 تصميمات رئيسية؛ الأول للعبوة الفرعونية والحقبة الزمنية هي مصر القديمة، والثاني لعبوة الفلاحة المصرية، وتمثل الريف المصري، بجانب عبوة القط، والحقبة الزمنية هنا هي مصر الحديثة، وآخرها العبوة الفنية، وتمثل مصر في الألفية الجديدة».

وأحدثت اتهامات كوراسوف التشكيلية المصرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، بسرقة لوحاته الخاصة وعرضها بمحطة كلية البنات بالخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة، ضجة واسعة في مصر، وتمت إزالة الرسومات بسرعة احتراماً لحقوق الملكية الفكرية، وبينما التزمت والي الصمت إزاء تلك الاتهامات، قدمت الهيئة القومية للأنفاق اعتذاراً للفنان التشكيلي الروسي جورجي كوراسوف وللجمهور عن تلك الحادثة، مؤكدة الاحترام الكامل لحقوق الملكية الفكرية للجميع داخل مصر وخارجها.

واتهمت والي الفنان الروسي، في بيانها الأربعاء، بـ«السعي لحصد الشهرة على حسابها عبر اتهامها زوراً من وقت لآخر بسرقة لوحاته دون أن يوضح أي إثبات».

وأشارت إلى أنه «استغل تحفظها بالصمت وعدم الرد على اتهاماته السابقة بخصوص تصاميم جدارية مترو الأنفاق التي تصدر على أثرها ترندات السوشيال ميديا، ليقرر بعد أشهر عدة من الواقعة أن يعيد الكرة مرة أخرى، وهذه المرة لاتهامها بنسخ لوحاته في تصميماتها لعبوات أشهر شركات المياه الغازية في العالم».

وجددت اتهامات الفنان الروسي لوالي تفاصيل أزمة رسومات مترو الأنفاق العام الماضي، وأثارت اهتمامات جمهور السوشيال ميديا، الذي انقسم حول الاتهامات الجديدة، فبينما أقر البعض بإدانة والي في الأزمة الأولى، خصوصاً بعد صمتها التام، بجانب إزالة رسوماتها واعتذار هيئة الأنفاق للفنان الروسي، فإن آخرين طالبوا بعدم التسرع في الاتهام الجديد وتبني وجهة نظر كوراسوف، خوفاً من عدم قدرته على إثبات اتهامه وتدمير مستقبل المصممة المصرية الشابة.

غادة والي، مصممة غرافيك مصرية تخرجت في قسم تصميم الغرافيك بالجامعة الألمانية بالقاهرة، حصلت على الماجستير في تصميم الغرافيك من المعهد الأوروبي للتصميمات في إيطاليا، كما عملت بالتدريس كمدرس مساعد للغرافيك في الجامعة الأميركية، وتعد أول مصرية تنضم إلى قائمة فوربس للشباب تحت الثلاثين في فئة الفن 2017، لتصميمها برنامجاً يساعد على تعليم اللغة العربية لغير المتحدثين بها عن طريق بناء الأحرف العربية باستخدام مكعبات الليغو.

واعتبرت نقابة التشكيليين المصريين اقتباس رسومات الفنان الروسي بجدارية مترو أنفاق القاهرة العام الماضي، دون تصريح منه «تعدياً عليه وعلى حقوق الملكية الفكرية».

وأوضحت، في بيان لها، وقتئذ، أن «والي ليست فنانة جداريات والتصوير الجداري علم له أصول وعلاقة بالتصميم المعماري»، مطالبة «بعمل وقفة لتفعيل قانون مزاولة المهنة لتصبح النقابة جهة حاكمة لأي فنان ويحاسب أمامها ولا يجب أن تسند الأعمال الكبرى إلا لمستشاري النقابات وهذا لتنظيم العمل ولا يحدث ما نراه الآن».



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».