جديد «نتفليكس»... حقائق الملكة السمراء وأمراض زوجها النفسية

«شارلوت» يتفوّق على «بريدجرتون» في طرح المسائل الشائكة

«الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون» مسلسل جديد من إنتاج شوندا رايمز (نتفليكس)
«الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون» مسلسل جديد من إنتاج شوندا رايمز (نتفليكس)
TT

جديد «نتفليكس»... حقائق الملكة السمراء وأمراض زوجها النفسية

«الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون» مسلسل جديد من إنتاج شوندا رايمز (نتفليكس)
«الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون» مسلسل جديد من إنتاج شوندا رايمز (نتفليكس)

في مسلسل «بريدجرتون» الذي عرضت منصة «نتفليكس» جزأيه الأوّل والثاني بين عامَي 2020 و2022، تفرّدت من بين الشخصيات شخصية «الملكة شارلوت». صحيح أنها لم تطلّ بالكثافة ذاتها التي أُتيحت لسِواها من أبطال العمل، إلا أنها لفتت الأنظار وشكّلت حالة متميّزة بتسريحتها الغريبة، وبسلوكياتها غير التقليدية، وببشرتها السمراء.

تساءل المشاهدون كيف أن امرأةً تجسّد دور ملكة إنجلترا في القرن الثامن عشر، تكون من أصحاب البشرة الداكنة. تساءلوا كذلك عن ملكٍ غائب، لم يطلّ في المسلسل سوى مرة واحدة في حالةٍ هستيرية استدعت إخفاءه عن الأنظار.

الملكة شارلوت والملك جورج الثالث... الشخصيتان الأساسيتان في المسلسل (نتفليكس)

بين كاريزما الملكة شارلوت وغموض الملك جورج الثالث، كان لا بدّ من تتمّةٍ تجيب عن تلك التساؤلات وتغوص عميقاً في الشخصية الآسرة التي عُرفت بتسريحتها الغريبة وبتدبيرها أهمّ زيجات المجتمع الإنجليزي.

جاءت تلك التتمّة من خلال مسلسل جديد منبثق عن «بريدجرتون»، ويحمل عنوان «الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون». تقول منتجتُه وكاتبته الأميركية شوندا رايمز، إنها لو كان باستطاعتها أن تمضي حياتها مع شارلوت وجورج لفعلت.

ليس مستغرباً إذن أن تخصص رايمز مسلسلاً من 6 حلقات لقصة الملكة والملك. ومن غير المستبعَد أن تكون منتجة «Bridgerton»، و«Inventing Anna»، و«Grey’s Anatomy» و«Scandal» وغيرها من أنجح مسلسلات الشاشة الصغيرة، في طور كتابة موسم ثانٍ من «Queen Charlotte: A Bridgerton Story».

ما الحقيقي وما المتخيّل؟

تسير أحداث «الملكة شارلوت» على خطّين متوازيَين: الحاضر حيث الملكة القوية التي تَعرّف إليها الجمهور في «بريدجرتون»، والماضي حيث الأميرة شارلوت القادمة من ألمانيا في الـ17 من عمرها للزواج من ملك إنجلترا الشاب جورج الثالث.

من الطبيعي أن تحتلّ الرجعات الزمنية مساحةً أكبر في المسلسل، غير أن القفزات بين الماضي والحاضر تزيد على حدّها في بعض الأحيان، ما قد يُتعب المُشاهد. ينقذ الموقف سردُ أجزاء من الحكاية بصوت الفنانة جولي أندروز (شخصية «لايدي ويسلداون» التي رافقت المشاهدين في «بريدجرتون»). كما تزيّن المَشاهد الموسيقى التصويرية الكلاسيكية المقتبسة من أغاني بوب معاصرة، بدءاً بأعمال لويتني هيوستن، وصولاً إلى بيونسيه وأليشيا كيز.

شارلوت هي محور الاهتمام، فالفتاة الآتية من بلادها البعيدة للارتباط بملك بناءً على صفقة مصالح أتمّها شقيقها، سرعان ما تكتشف أن زوجها مصابٌ باختلالٍ عصبيّ يؤثّر بشدّة على سلوكياته وعلى علاقتهما الزوجية. لتعويضها عمّا هي فيه ولفرضِ واقع أن الملكة سمراء البشرة، تتدخّل الملكة الأم المتحكّمة بتفاصيل العرش فتستحدث ما يُعرف بـ«التجربة الكبرى» (The Great Experiment)، والتي يُمنَح بموجبها أبناء العرق الأسود في المجتمع الإنجليزي ألقاباً وامتيازات.

لكن هل حدث كل ذلك فعلاً أم أن شوندا رايمز أضافت كثيراً من العناصر المتخيّلة؟ وفق الوقائع التاريخية، فإنّ شارلوت وجورج شخصيتان حقيقيتان تولّيا عرش إنجلترا بين 1760 و1820. لكن ما ليس مؤكداً هو ما إذا كانت الملكة سمراء البشرة فعلاً، أم لا، إذ إن علامات الاستفهام ما زالت تُطرح حتى الآن حول الموضوع، خصوصاً أن اللوحات تجسّدها على أنها بيضاء.

الملكة شارلوت... بين شخصية المسلسل والوقائع التاريخية

وفيما يتعلق بحالة الملك الصحية، فهو فعلاً كان مصاباً بأمراض عصبية ونفسية منها الفصام والهوَس. كما أنه كان شديد الاهتمام بالعلوم والفلك والزراعة. أما «التجربة الكبرى» فهي من بنات أفكار رايمز ولم تحدث إطلاقاً في تاريخ بريطانيا. فخلال فترة حكم جورج الثالث وما بعدها، لم تكن المستعمرات البريطانية قد تخلصت من نظام العبوديّة، وكانت العنصرية سيدة الموقف في مجتمعٍ لم يدمج إطلاقاً أصحاب البشرة السمراء.

كان الملك جورج الثالث مولعاً في العلوم والفلك والزراعة (نتفليكس)

ورود وأشواك

إلى جانب مسائل الأعراق والعنصرية والطبقية، يقارب مسلسل «الملكة شارلوت» قضايا حساسة أخرى كالصحة النفسية. ففي حقبةٍ كانت العوارض العصبية تُصنّف على أنها مَسّ وجنون يستدعيان تدخّل أطبّاء هم أقرب إلى الجلّادين، وقفت شارلوت إلى جانب زوجها الملك لتحتضن مُصابَه وتدافع عنه. تعاملت معه بعطفٍ كبير وقَوّته على ضعفه، من دون أن يُغرق هذا الأمر المسلسل في فائضٍ من الدراما، بل يحافظ العمل على خفّته وأجوائه المرحة.

مقابل الأشواك التي أدمَت علاقتهما، كان الحب بين جورج وشارلوت عميقاً، فقد استمر زواجهما 57 عاماً وأزهر 15 ولداً. بقي منهم 13 على قيد الحياة، ولم يستطع واحد من بينهم أن يُنجب وريثاً للعرش، وهذا ما تنشغل والدتهم بإرغامهم على فعله، خصوصاً أن والدهم الملك الذي تفاقم وضعه العصبي مع تقدّم السن، شارف على الموت.

الممثلة البريطانية غولدا روشفيل في دور الملكة شارلوت (نتفليكس)

من المواضيع الحساسة التي يتطرق إليها المسلسل كذلك العلاقات الإنسانية بين الأسياد والخدَم، والحب بعد سن الخمسين في حياة النساء، خصوصاً الأرامل من بينهنّ. وتبرز في هذا السياق شخصيتا «فيوليت بريدجرتون» و«أغاثا دانبوري»، اللتان تعرّف إليهما المشاهدون في جزأي «بريدجرتون». تجمع بينهما حوارات عميقة حول هذا الموضوع، لتتظهّر حقائق عالقة من المسلسل السابق.

لا يمكن اعتبار «الملكة شارلوت» موسماً ثالثاً من «بريدجرتون»، رغم التشابه الكبير بين العملين شكلاً ومضموناً وضخامةً إنتاجية. لكن المسلسل الجديد هو أكثر تحرّراً وجرأةً، ليس لناحية الفائض المُبالَغ فيه من المشاهد الجنسية فحسب، بل لطرحه مواضيع شائكة طالعة من القرن الثامن عشر، وما زال النقاش حولها دائراً حتى اليوم.

ومن عناصر القوة في المسلسل، اختيار الممثلين الذين جسدوا الشخصيات الرئيسية في مراحل صِباها. لا يكمن التميّز في التَشابه الجسدي فحسب، بل في الأداء الذي كاد يتفوّق على الممثلين القدامى. ومن الأسماء التي لمعت في «الملكة شارلوت» إنديا أمارتيفو في دور «شارلوت»، وأرسيما توماس في شخصية «أغاثا دانبوري».


مقالات ذات صلة

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

الاقتصاد تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

قالت شركة «بوني إيه آي»، الأربعاء، إنها تستهدف تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي الموسع في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة سعودية البطولة اختتمت بمشاركة 93 من أفضل المتسلقين من 31 دولة (الشرق الأوسط)

93 لاعباً يشعلون منافسات «نيوم ماسترز» لرياضة التسلق

اختتمت الأربعاء فعاليات بطولة «نيوم ماسترز لرياضة التسلق»، بمشاركة 93 لاعباً من أفضل المتسلقين من 31 دولة، في أجواء استثنائية شهدتها قرية نيوم الجبلية في جدة.

«الشرق الأوسط» (نيوم)
الاقتصاد المهندس أيمن المديفر

تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً لـ«نيوم»

أعلن مجلس إدارة شركة «نيوم» تعيين المهندس أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً للشركة، وذلك بعد مغادرة نظمي النصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصميم يُظهر جانباً من مشروع «ذا لاين» في مدينة «نيوم» السعودية (الشرق الأوسط)

«نيوم» السعودية تعيّن 3 شركاء عالميين لإنجاز المرحلة الأولى من «ذا لاين»

أعلنت «نيوم»، الاثنين، تعيين 3 شركاء عالميين رائدين لتسليم المخطط الأساسي والتصاميم والأعمال الهندسية الخاصة بالمرحلة الأولى من مدينة «ذا لاين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية جانب من تتويج «الزلاق» البحريني للسيدات (نيوم)

«ألعاب نيوم الشاطئية»: الجماهير تشعل منافسات «الجولة العالمية - 3×3 لكرة السلة»

شهدت «بطولة نيوم للألعاب الشاطئية» ختام فعاليات «الجولة العالمية 3x3 لكرة السلة - نيوم 2024»، بتتويج فريق ميامي بلقب الرجال، وفريق الزلاق البحريني بلقب السيدات.

عبد الله المعيوف (نيوم (غرب السعودية))

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).