مذكرات صلاح دياب... إمبراطورية الأعمال والشغف

قرر الكتابة بنفسه مؤكداً أن من يعرفونه عن قرب «سيصدقون كل ما يكتبه»

مذكرات صلاح دياب... إمبراطورية الأعمال والشغف
TT

مذكرات صلاح دياب... إمبراطورية الأعمال والشغف

مذكرات صلاح دياب... إمبراطورية الأعمال والشغف

حين يقرر أحد رجال المال والأعمال العرب أن يكتب مذكراته، عادةً ينطلق من هدف مُعلن مفاده نقل خبراته وتجاربه للأجيال الأحدث، ما يظهر جلياً في مذكرات شخصيات مصرية مثل محمود العربي أو رؤوف غبور، أو حتى في نصائح وشذرات تركها طلعت حرب رائد الاقتصاد المصري. لكن رجل الأعمال المصري المعروف صلاح دياب ينطلق في تدوينه لسيرته الذاتية من بُعدٍ إضافي إلى جانب نقل الخبرة: الشغف.

ففي مذكراته الصادرة عن «الدار المصرية اللبنانية» بالقاهرة تحت عنوان «هذا أنا»، في 2025، تبدو فكرة الشغف بالكتابة والرغبة في البوح هي المحرك الأساسي الذي دفعه لتسجيل مشوار حياته، عبر محطات متباينة بعضها يشكل قصصاً ملهمةً. أما البعض الآخر فأسماه «تجارب لم تكتمل»، وهي تجارب عدّها «دروساً مرتفعة التكلفة».

صلاح دياب هو صاحب ما يمكن اعتباره إمبراطورية من الأعمال المتشعبة، وبرغم ذلك يطرح تساؤلاً مبدئياً حول السبب الذي دفعه لكتابة مذكراته: «لست زعيماً سياسياً ملهماً، أو نجماً سياسياً يجتذب الأضواء، أو مصلحاً اجتماعياً يتأمل الناس سيرته، أو مجدداً يتتبع الجمهور مسيرته».

لكنه في الوقت ذاته يحرص على تعريف القارئ بنفسه في كلمات سريعة؛ فهو حلواني ومزارع ورجل بترول ومستثمر عقاري وناشر وكاتب. خاض الكثير من المعارك، خصوصاً حين بدأ عام 2012 في كتابة عموده اليومي بجريدة «المصري اليوم» تحت اسم مستعار «نيوتن»، وبعد 8 سنوات من كتابة المقال اليومي اضطُر للإفصاح عن شخصيته؛ إثر حملة تعرض لها بعد مقال نشره حول اللامركزية وسيلةً لإحداث طفرة اقتصادية، واجه بسببه اتهامات من أوساط صحافية بالترويج لأفكار «انفصالية».

ولد صلاح دياب في 4 فبراير (شباط) عام 1944 لعائلة من محافظة الشرقية في دلتا النيل، واختارت الأسرة له اسم خاله الذي رحل عام 1942 في حادث أليم.

وتحكي المذكرات عن الجذور البعيدة للعائلة، والدور الذي قام به جده في الثورة العرابية (1882) والحكم عليه بالإعدام، ثم تحديد إقامته في قريته بعد عفو من الخديو توفيق.

يتضح الشغف بالكتابة منذ مفتتح المذكرات برسالة يوجهها الكاتب إلى جده توفيق دياب (1886 - 1963)، صاحب جريدة «الجهاد»، التي كانت في فترة ما لسان حال حزب «الوفد»، وربما كان هذا الشغف، الذي تربى صلاح دياب في كنفه، هو ما دفعه لاستعادة تجربة جدّه (لأُمِّه) في إصدار جريدة يومية هي «المصري اليوم»، بمشاركة رجال أعمال آخرين، وحققت الجريدة صدى واسعاً في الأوساط الصحافية بمصر.

وإذا كانت بعض المذكرات، خصوصاً في الغرب تعتمد على «فلسفة الاعتراف» التي ركّزها جان جاك روسو (1712 - 1778) في مفهوم «الحب الشخصي»، بمعنى حب الذات والارتقاء بها عبر البوح بأدرانها سعياً للتخلص من عبئها، فإن هذه الفلسفة تكاد تكون محدودةً في العالم العربي، نظراً لخصوصية القيم التي تحكمه.

ورغم أن فلسفة الاعتراف حضرت في بعض الأعمال النادرة مثل مذكرات سعد زغلول، الذي لم تمنعه مكانته السياسية المرموقة، كرمز لثورة 1919 في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي، عن الاعتراف بإدمانه القمار، ومحاولته التخلص من هذه العادة السيئة، فقليلاً ما يظهر أنموذج مشابه.

وفي حين يجعل صلاح دياب في مذكراته «الاعتراف والصراحة من مبادئ البوح»، فقد قرر الكتابة بنفسه، مؤكداً أن من يعرفونه عن قرب «سيصدقون كل ما يكتبه»، لأنهم يدركون أنه يمتلك من العفوية أو «التهور» ما يجعله يقول كل شيء وأي شيء، حسب تعبيره.

مدفوعاً بالرغبة في الاعتراف، تحدث دياب عن فترة الشباب، ومخالفاته التي ارتكبها خلال التحاقه بالكلية الفنية العسكرية، حتى تعرضه للحبس والفصل منها، ومحاولة التوسط لدى المشير عبد الحكيم عامر لإعادته للكلية دون جدوى، ثم توجهه للدراسة في كلية الهندسة، ولا ينكر بعض الانفلات في سلوكه بمرحلة الشباب، وفي الوقت نفسه شهدت هذه الفترة أول عمل حقيقي يتولاه وهو طالب، ويحكي كيف نجح في هذا العمل، الذي كان دافعاً لنجاحات أخرى لاحقة.

لا ينفي صلاح دياب الأزمات التي تعرض لها منذ الصغر، بداية من تربيته في بيت جده بعيداً عن الأب والأم اللذين انفصلا، وصولاً إلى فترات شبابه الأولى من خلال ما يعرّفه بأنه مجموعة من الأرستقراطيات. لم يخلُ بعضها من أزمات وخسارات فادحة.

يبدأ بالأرستقراطية الاجتماعية التي انتمى إليها بحكم تعليمه الأساسي في المدرسة الإنجليزية، ثم الأرستقراطية الريفية في مزرعة جده، ثم الأرستقراطية العسكرية الأكاديمية، ثم أرستقراطية السجن.

وبجملٍ لا تخلو من المرارة، يحكي صاحب المذكرات عن تعرضه للسجن، ويشرح بالتفصيل طريقة القبض عليه ووضع الأصفاد في يديه وتصويره بهذه الهيئة، ويشير إلى أن «التهمة الباطلة التي كانت بانتظاره ظاهرياً» هي ضبط سلاح بدون ترخيص في منزله، في حين أن الرسائل التي وصلته قبلها ولم ينتبه لها كانت مرتبطة باتهامات للجريدة التي أسسها.

كما يحكي صاحب المذكرات عن ظروف الإفراج عنه، وعن لقاءين جمعاه بالرئيس المصري استمر أحدهما لثلاث ساعات، والجهود التي بذلها مع رجال أعمال آخرين في صندوق «تحيا مصر» الذي أنشأته الدولة لدعم الاقتصاد.

مغرم صاحب المذكرات بالمفارقات، فهو يرى في الصدفة فرصة تبحث عمن يحسن توظيفها، ويرى في المحنة منحة لمن يتمكن من الاستفادة منها في التعلم والتأمل، ومن هذا المنطق يحكي عن الكثير من المشروعات الكثيرة، التي خاض غمارها و«معظمها لم ينجح». وفي أكثر من موضع يبدو كأنه يرفع شعار مؤسس «علي بابا» جاك ما، في الكتاب الذي يضم خلاصة خبرته؛ وعنوانه «لا تستسلم أبداً» يشرح مقصده.

يعتقد دياب أن فكرة الكتابة لم تنبت لديه من الفراغ أو لمجرد التأثر بجدّه، بل تتصل بعلاقاته الوثيقة بكبار الكتاب مثل أنيس منصور ومصطفى أمين ويوسف إدريس وعلي سالم وغيرهم. وحكى كيف بدأت فكرة عمود «نيوتن» بالتعاون بينه وبين عبد الله كمال، فكان دياب يقدم الفكرة وكمال يصوغها بأسلوبه الرشيق.

وصاغ صلاح دياب أكثر من فكرة حول فلسفة الحياة وقوة الإرادة، والتعامل مع الدين بأريحية ونظرة فلسفية عميقة، من خلال شخصية «نيوتن»، وهي أفكار أعادها في مذكراته أيضاً بوصفها قناعات آيديولوجية تدفعه للبوح كتابة.


مقالات ذات صلة

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

كتب «النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

ينتمي كتاب «النقد الثقافي: نحو منهجية التحليل الثقافي للأدب»، للناقد والأكاديمي المصري الدكتور محمد إبراهيم عبد العال، منذ عنوانه، إلى حقل النقد الثقافي.

عمر شهريار
كتب سلمان زين الدين يقرأ «أسئلة الرواية السعودية»

سلمان زين الدين يقرأ «أسئلة الرواية السعودية»

يرصد الشاعر والناقد اللبناني سلمان زين الدين في كتابه «أسئلة الرواية السعودية» تحولات المشهد الروائي السعودي

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون مصطفى الضبع

مصطفى الضبع: كثير من النقاد يفتقر إلى الذائقة والعمق

يصف الناقد الأكاديمي د.مصطفي الضبع في هذا الحوار المشهد الأدبي بأنه «كارثي» وبتعبير أخف «ليس بخير» ويعزو ذلك إلى غياب المشروع النقدي المنتظم والمتابع لحركة الإبداع و يرى أن كثيراً من النقاد يفتقرون إلى الذائقة السليمة والعمق

عمر شهريار (القاهرة)
ثقافة وفنون جِرار من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

أفاعي ساروق الحديد

تحضر صورة الأفعى وتتعدّد تقاسيمها التشكيلية في مجموعات مختلفة من القطع الأثرية مصدرها مواقع متفرقة من شمال شرقي الجزيرة العربية

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون أحمد الرحبي: الترجمة عرس فني بين لغتين

أحمد الرحبي: الترجمة عرس فني بين لغتين

«عندما بدأت أتذوق اللغة الروسية كان عليّ أن أعمل لتأمين معيشتي. بدأت من الأصعب وقمت بترجمة الشعر وكانت قصيدة صعبة للشاعر يسينين لكنني فرحت بها»

رشا أحمد (القاهرة)

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص
TT

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

«النقد الثقافي»... البحث عن سلطة النص

ينتمي كتاب «النقد الثقافي: نحو منهجية التحليل الثقافي للأدب»، للناقد والأكاديمي المصري الدكتور محمد إبراهيم عبد العال، منذ عنوانه، إلى حقل النقد الثقافي. هذا ما يعلنه بشكل واضح، ويؤكد عليه مرة أخرى في التذييل، أو العنوان الشارح، وإن كان هذا التذييل يشير إلى اقتراح الباحث «منهجية» للتحليل الثقافي للأدب، مما يعني أن ثمة اقتراحاً منهجياً بديلاً عن «المنهجية» أو المنهجيات السائدة والمستقرة، أو على الأقل أن ثمة تحويراً وتعديلاً، بالحذف والإضافة، في هذه المنهجيات السائدة، وأن ثمة طرحاً جديداً ومغايراً بين دفتي الكتاب. والمعروف أن النقد الثقافي يعد من أهم المناهج والنظريات النقدية التي أفرزتها دراسات ما بعد الحداثة، وقد جاء كرد فعل على المناهج السابقة التي ظلت تعنى بالأدب؛ إمّا في صورته الفنّية والجمالية كما في «النقد الأدبي» أو باعتباره بنية لسانية شكلية بحسب «النقد البنيوي».

يتكون الكتاب - الصادر أخيراً عن دار بيت الحكمة للنشر في القاهرة - من مقدمة وخمسة فصول، وخاتمة. يعلن الباحث في المقدمة - التي جاءت تحت عنوان «نحو مسار مختلف» - بشكل واضح سعيه لتقديم المنهجية التي يوحي بها العنوان، ويقول: «في هذا الكتاب نحاول أن نقدم منهجية نقدية ثقافية تتناول النص الأدبي في مظلة خصوصيته الجمالية». وفي موضع آخر من المقدمة، وهو الموضع الذي يعلن فيه اختلافه مع أطروحات الناقد السعودي عبد الله الغذامي، يوضح بشكل أكبر طبيعة هذه المنهجية التي يقترحها ويسعى لتدشينها في كتابه، إذ يقول: «أما رؤيتنا المنهجية فتتلخص في أن النص الأدبي نص جمالي في الأساس، ووظيفة النقد الأدبي التحليلية تتمثل في الكشف عن البنى الجمالية التي تميز هذا النص عن سواه، دون أن تتورط في إطلاق حكم بالقيمة (الاجتماعية) على النص الأدبي، وإلا هبط النص الأدبي إلى مستوى الوثيقة الاجتماعية، وهو إهدار ولا شك لخصوصية نوعية تميزه عما سواه من نصوص».

ينطلق الباحث من فرضية أن النقد الثقافي يعادي جمالية النص ولا يقيم لها اعتباراً إطلاقاً، وأن النقد الجمالي يعادي الأبعاد والحمولات الثقافية ويسقطها تماماً. هذه الفرضية التي بدت مهيمنة على وعي الباحث، بكل ما تشتمل عليه من تصورات حدية، ترى الخطاب النقدي كقطبين متباعدين ومتصارعين، بصيغة «إما/ أو»، على طريقة عبد الله الغذامي وعبد النبي أصطيف في كتابهما «نقد أدبي أم نقد ثقافي»، هذه الفرضية هي التي دفعته إلى تصور محاولة التوفيق بين الطريقين المتباعدين، نظراً لأنه يراهما كقضيبي قطار لا يلتقيان.

ثمة ملمح آخر يبرز في العنوان، ويحاول الباحث توضيحه في المقدمة، وهو اختيار مصطلح «منهجية»، وليس «منهجاً»، فيقول: «فللمنهج النقدي غاياته الفكرية المتعالية التي تمثل في أحد أشكالها سلطة على الممارسة التحليلية المباشرة للنص الأدبي، أما مصطلح منهجية يعني أن القراءة النقدية للنص الأدبي تظل حرة في اختياراتها الإجرائية، ولا تتقيد بالغايات الفكرية والفلسفية لمنهج نقدي بعينه، بقدر ما تحاول الالتزام بالآليات والضوابط العامة لمناهج التحليل النقدي المختلفة، كآليات القراءة، والفهم، وإقامة العلاقات البينية، والاستنباط».

لم يكتفِ الباحث بالبعد التنظيري، وسعى إلى جعل الكتاب يجمع بين الاثنين، أو يضم النظرية والممارسة، كعادة النقاد والمنظرين الغربيين، الذين يقدمون رؤى تنظيرية متبوعة بتطبيق عملي، يوضح طرائق تطبيق الشق التنظيري، حتى لا يكون الكلام في الفضاء التنظيري بمعزل عن إمكانية تطبيقه، ومن ثم اهتم بأن يكون الفصل الخامس والأخير تطبيقاً لتصوره النظري في الفصول الأربعة الأولى، ومارس هذا التطبيق على قصيدة «احتفالية المومياء المتوحشة» للشاعر الكبير محمد عفيفي مطر.

الفصول الأربعة الأولى «النظرية» بدأها الباحث بفصل عنوانه «الدراسات الثقافية: الأصول والامتدادات»، وينقسم إلى ثلاثة مباحث رئيسية، هي: «أولاً النظرية النقدية في فرانكفورت (الأصول المفاهيمية)، وثانياً الدراسات الثقافية البريطانية (الامتدادات)، وثالثاً الدراسات الثقافية بين مدرسة فرانكفورت ومركز برمنغهام»، وخلال الفصل كله نرى استعراضاً تاريخياً لمسارات هذه المدارس، ومساهماتها في النقد الثقافي، فبدا التأريخ للنقد الثقافي غالباً على هذا الفصل، وهو ما تكرر في الفصول الثلاثة التالية تقريباً. وعلى سبيل المثال، الفصل الثاني المعنون بـ«التحليل الثقافي: التحولات الإجرائية»، ينقسم إلى مبحثين اثنين، هما «ما بعد البنيوية» و«النقد اليساري الأميركي»، وفي كلا المبحثين استعراض للنشأة والتحولات.

«في هذا الكتاب نحاول أن نقدم منهجية نقدية ثقافية تتناول النص الأدبي في مظلة خصوصيته الجمالية»

الفصل الثالث، الخاص بالتلقي العربي للنقد الثقافي، خصصه الباحث لدراسة نموذج الباحث السعودي عبد الله الغذامي، والذي يختلف معه، ويعد الغذامي أول من أرسى معالم النقد الثقافي عند العرب؛ من خلال منجزه النقدي «النقد الثقافي - قراءة في الأنساق الثقافية العربية »، داعياً فيه إلى ضرورة الاشتغال على النقد الثقافي كونه بديلاً معرفياً ومنهجياً للنقد الأدبي؛ حتى يمكن الحفر في النصوص عميقاً، وكشف الأنساق المضمرة في أغوارها؛ فالنقد الأدبي، وإن أفلح في قراءة النصوص جمالياً وفنّياً؛ فإنه تعامى عن العيوب النسقية المختبئة تحت عباءة الجمالي. والتي ساهمت في التّستر على عيوب الثقافة العربية. لكن هذا الاختلاف لم نر مثيلاً له مع النقاد الغربيين (الأجانب)، بل اكتفى الباحث بدور العرض والمؤرخ، والمعتمد على كتب النظرية، وليس الكتب الخاصة بالنقد الثقافي ذاته. وحتى اختلافه مع الغذامي لم يصل إلى نقد مفهوم «النسق» ذاته، ولا تفنيده كمصطلح، بل اكتفى بالاعتراض على تصورات الغذامي عن تقديم النقد الثقافي بوصفه بديلاً للنقد الأدبي، وكذا على إهدار جمالية النص الأدبي والاكتفاء بمعاينة نسقيته، دون أن يقارب الباحث بين تصورات الغذامي هذه ووجود أصل أو مرجع لها في التصورات والاقتراحات الغربية للنقد الثقافي.

في الفصل الرابع «الأسس المعرفية لإجراءات التحليل الثقافي»، والذي ينقسم إلى مبحثين: «أولاً: اللغة والفكر والثقافة»، و«ثانياً: البعد الثقافي في مفهوم العلامة»، يستعرض المؤلف الجهود السيميائية في النقد الأدبي والعلاقة بين العلامة وحمولاتها الثقافية، فبدا مسكوناً بالسيميائية بشكل خاص، ويستعرض علاقة اللغة بالفكر عند السيميائيين، ثم عند غيرهم، ويتوقف قليلاً عند كل مفكر غربي عارضاً تصوراته، منذ أفلاطون.

الفصل الأخير، التطبيقي، المعنون بـ«التحليل الثقافي للأدب: الإجراء والتطبيق»، ينقسم إلى ثلاثة مباحث، تقدم تحليلاً نقدياً جمالياً، وإن كان يضع في اعتباره بعض الظلال الثقافية والمرجعية لمفردات النص الشعري.

في ختام هذه الإطلالة يبقى أن أؤكد أننا إزاء كتاب مهم في حقل النقد الأدبي العربي، يبحث عن المغاير والمختلف في الرؤية والتطبيق.