لا تظلموا هابرماس أكثر مما يجب!

ليس كل مثقفي الغرب كتلة واحدة صماء بكماء عمياء

هابرماس
هابرماس
TT

لا تظلموا هابرماس أكثر مما يجب!

هابرماس
هابرماس

بداية دعونا نسجل الملحوظة الأساسية التالية: معظم مثقفي الغرب إن لم يكن كلهم أدانوا بشدة عملية «حماس» الترويعية التي فاجأت العالم ليلة 7 أكتوبر (تشرين الأول). ومعظم مثقفي العرب (مع بعض الاستثناءات القليلة) أشادوا بها وصفقوا لها وعدّوها نصراً مظفراً. وهنا يكمن انقسام حاد بين المثقفين العرب والمثقفين الغربيين من أميركان وأوروبيين. ولا أعرف كيف يمكن ردم الهوة بيننا وبينهم هذا إذا كان يمكن ردمها يوماً ما... بلى أعرف. أطمئنكم يمكن ردمها. والدليل على هذا ذلك البيان الرائع الذي أصدره أكثر من 100 مثقف أميركي وأوروبي رد فعل على بيان هابرماس وجماعته. فقد عدّوا بيانه متحيزاً أكثر من اللزوم لصالح إسرائيل. وهذا يعني أنه ليس كل مثقفي الغرب كتلة واحدة صماء، بكماء، عمياء. هناك تيارات ونقاشات خلافية ديمقراطية عديدة بينهم. هناك توجهات مختلفة ومشارب شتى. وبما أن حرية التعبير والتفكير متوافرة في بلدانهم فإنهم يستطيعون التعبير عن آرائهم دون أي خوف من التخوين أو التكفير أو حتى الاعتداءات الجسدية. وهذه نعمة كبيرة يتمتعون بها وتحسدهم عليها جميع شعوب الأرض. من المعلوم أن بيان هابرماس وجماعته صدر بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأما البيان الذي رد عليه فقد صدر بعد عشرة أيام تقريباً، بالتحديد يوم 22 نوفمبر 2023. ماذا قال هؤلاء المثقفون في بيان الرد المهم والمحرج لفيلسوف الألمان الأكبر؟ قالوا ما معناه: إننا متفقون مع هابرماس على إدانة عملية القتل والخطف التي أصابت المدنيين الإسرائيليين من طرف «حماس» يوم 7 أكتوبر. ومتفقون معه كذلك على ضرورة حماية الحياة اليهودية في ألمانيا من موجة معاداة السامية التي أخذت تتصاعد مؤخراً. ونحن متفقون أيضاً على ضرورة حماية الكرامة الإنسانية أو البشرية للجميع باعتبار ذلك أحد المبادئ المركزية والأساسية الأخلاقية الديمقراطية التي تأسست عليها الجمهورية الاتحادية الألمانية. كل هذا نحن متفقون معه عليه.

ولكن ما يقلقنا في «إعلان مبادئ التضامن» الذي أصدره هابرماس وجماعته هو أنه حصر هذا التضامن (ظاهرياً على الأقل) بالإسرائيليين فقط. فالحرص على الكرامة الإنسانية التي عبر عنها البيان وبحق لا يمتد بالشكل الملائم لكي يشمل المدنيين الفلسطينيين في غزة بشكل متساوٍ مع المدنيين الإسرائيليين الذين أصابتهم واختطفتهم «حماس» في غزوتها «الإرهابية» المعروفة. لا ريب في أن بيان هابرماس مهتم بمصير الفلسطينيين، ولكن ليس بالشكل الكافي. فهو فيلسوف تنويري ولا يستطيع أن يخرج على مبادئ التنوير أكثر مما يجب. ينبغي على جميع المثقفين الاعتراف بأن فلسطينيي غزة معرضون الآن للموت والدمار.

ثم يردف البيان المضاد لبيان هابرماس قائلاً:

التضامن في نظرنا يعني أن مبدأ الكرامة البشرية واحد وينبغي أن يشمل الجميع أي سواء كانوا يهوداً أو عرباً، إسرائيليين أو فلسطينيين، لا فرق. كلهم بشر وبالتالي فكلهم متساوون في الحقوق والكرامة الإنسانية. وهذا مبدأ أساسي نصت عليه فلسفة الأنوار التي ترفض بشكل قاطع التمييزات الطائفية والعنصرية بين البشر. وهي الفلسفة التي يعتنقها هابرماس ذاته ويدافع عنها باستمرار. وهذا المبدأ الإنساني يجبرنا على التضامن مع جميع السكان المدنيين الذين تسقط على رأسهم غصباً عنهم كارثة الحروب وويلاتها عندما تندلع فجأة.

ثم يردف البيان قائلاً:

بيان هابرماس وجماعته ينص على ثلاثة مبادئ ينبغي أن تتحكم بالحروب: الأول هو مبدأ الرد بالمثل. وهذا يعني ألا يكون الرد فاحشاً جداً يتجاوز العدوان الأصلي بما لا يقاس. ولكننا نلاحظ أن رد إسرائيل الهمجي تجاوز فعلة «حماس» الهمجية أيضاً بأضعاف مضاعفة. والثاني هو تجنب الخسائر المدنية بقدر الإمكان. لكننا نلاحظ أن الكوارث المدنية التي نزلت على رأس أهل غزة كانت مرعبة بل وأكثر من مرعبة. والثالث هو أن يكون شن الحرب بغية تحقيق السلام في نهاية المطاف، وليس الحرب من أجل الحرب، أو القتل من أجل القتل، أو الانتقام من أجل الانتقام. ونحن متفقون معه على ذلك. ولكن ما يقلقنا هو أنه لا يلح بما فيه الكفاية على ضرورة احترام القانون الدولي الذي يمنع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كالعقوبات الجماعية وتدمير البنى التحتية المدنية: كالمدارس، والمشافي، وأماكن العبادة. غزة كلها تحولت إلى أشلاء. من يستطيع أن يشاهد التلفزيون الآن؟ من يستطيع أن يشاهد تلك الأكفان والنعوش الصغيرة والأمهات؟

أكثر من 100 مثقف أميركي وأوروبي: التضامن في نظرنا يعني أن مبدأ الكرامة البشرية واحد وينبغي أن يشمل الجميع أي سواء كانوا يهوداً أو عرباً، إسرائيليين أو فلسطينيين، لا فرق. كلهم بشر

هذه هي المناقشة التي دارت بين هابرماس ومعارضيه من المثقفين الغربيين الآخرين. وأعتقد أن ردودهم عليه كانت أقوى من ردود معظم المثقفين العرب الذين فقدوا أعصابهم وراحوا يعدمونه بجرة قلم أو يكيلون له الشتائم. على هذا النحو نرجو أن نكون قد وضحنا إشكالية هابرماس بما فيه الكفاية. لم يخن الرجل مبادئ التنوير إلى الحد الذي نتصوره. فقد حجم الحملة الإسرائيلية على غزة وفرض عليها الشروط. ولكن ليس بالشكل الكافي. لا ريب في أنه بدا ميالاً أكثر من اللزوم لصالح إسرائيل التي يخشى عليها وحدها من الإبادة. ويعتقد البعض في أوروبا أن فيلسوف الألمان يفكر على النحو التالي: المسلمون كثيرون جداً ولا أحد يستطيع إزالتهم من الوجود على عكس اليهود. من يستطيع أن يبيد ملياراً ونصف المليار شخص؟ والعرب أنفسهم كثيرون: 500 مليون شخص. وبالتالي فهم راسخون رسوخ الجبال والمنطقة كلها لهم من المحيط إلى الخليج ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. ولكن اليهود قليلون جداً لا يتجاوز عددهم في العالم كله 15 مليون شخص. يضاف إلى ذلك أن هابرماس ملاحق بعقدة النازية. وبالتالي فلا يستطيع أن يكون موضوعياً ولا حيادياً تماماً، كما فعل جيل ديلوز أو مكسيم رودنسون في فرنسا مثلاً. وهذا ما يهمله المثقفون المحترمون الموقعون على البيان المذكور المعنون على النحو التالي: «الرد على بيان مبادئ التضامن لهابرماس وجماعته. نطالب بالكرامة الإنسانية للجميع». وعددهم يبلغ 107 بالضبط. ومعظمهم فلاسفة وأساتذة جامعات كبرى في أميركا وأوروبا كجامعة كولومبيا بنيويورك، وجامعة أكسفورد، وجامعة ييل... إلخ. الشيء الذي يذكر لهابرماس، الذي ينبغي أن نعترف له به هو أنه أدان العنصرية بشكل واضح وصريح في بيانه. لقد أدانها بشكل مطلق. وهذا يعني أنه لم يدن العنصرية الممارسة ضد اليهود فقط والمدعوة بمعاداة السامية. وإنما يعني كلامه ضمناً إدانة العنصرية الممارسة ضد جميع البشر الآخرين المقيمين في ألمانيا، ومن بينهم العرب والأتراك بطبيعة الحال. هابرماس لم يشرع العنصرية ضد العرب! ولا التمييز ضد المسلمين! هذا شيء لا يمكن أن يصدر عن فيلسوف تنويري كبير مثله. إنه ضد التشهير أو التشنيع بأي شخص لأسباب عنصرية أو طائفية. وكيف يمكنه ألا يكون كذلك؟ أليس هو فيلسوف التنوير الأول في هذا العصر؟ ومعلوم أن معركة التنوير الكبرى كانت ضد التمييز العنصري والطائفي بين البشر. قبل انتصار التنوير في أوروبا كانت الطائفية مشتعلة حتى داخل المسيحيين أنفسهم وليس فقط ضد الآخرين. كانت الأمور على النحو التالي: ويلٌ للبروتستانتي في البلدان الكاثوليكية، وويلٌ للكاثوليكي في البلدان البروتستانتية. أصلاً التنوير ظهر رد فعل على المجازر الطائفية التي كانت تحظى برضا ومباركة وتشجيع الأصوليين والإخوان المسيحيين. كان التكفير والتكفير المضاد في أوجه آنذاك بين المذهبين الأساسيين للمسيحية الأوروبية. وكان يشعل النفوس بالحساسيات المذهبية ويهيجهم على بعضهم البعض. هذه نقطة أساسية لا ينبغي أن تغيب عن بالنا. التنوير حسم مشكلة الطائفية في أوروبا وقضى عليها. وهذا الإنجاز العظيم هو الذي أتاح تشكيل الوحدة الوطنية المتراصة في فرنسا وإنجلترا وألمانيا إلخ. التنوير قدم أكبر خدمة للشعوب الأوروبية. التنوير أنقذها من براثن الحروب الأهلية والطائفية. وهو الذي أدى إلى تفوق أوروبا على جميع شعوب الأرض. التنوير ليس كلمة مجانية تلقى هكذا في الفراغ... التنوير ليس تسلية أو مزحة. التنوير حل مشكلة حقيقية وفتح الآفاق المسدودة المستعصية. التنوير أنقذ أوروبا من براثن المفهوم الظلامي والطائفي للدين. هل هذا قليل؟ وبالتالي فلا ينبغي أن نقسو على هابرماس أكثر من اللزوم. ويرى البعض أن هابرماس يفكر على النحو التالي:

هناك طبيعة خاصة جداً لتاريخ الشعب اليهودي تميزه عن جميع شعوب الأرض. وذلك لأنه كان دائماً مهدداً بالإبادة والمجازر على مدار التاريخ. كان دائماً أقلية محتقرة ومهانة تعيش في الغيتوهات المغلقة على ذاتها سواء في البلدان الأوروبية المسيحية أو في البلدان العربية الإسلامية. لهذا السبب يتوجس هابرماس ومعظم مثقفي الغرب خيفة من «حماس»، لأنها ليست فقط حركة مقاومة وإنما هي أيضاً وبالدرجة الأولى جماعة دينية تابعة للإخوان المسلمين. وهابرماس كمعظم مثقفي الغرب يعتقدون أن هذه الحركات تريد إبادة اليهود لأسباب دينية. هناك فتاوى لاهوتية عديدة تكفر اليهود وتبيح دمهم. لهذا السبب أيضاً لم يستطع هابرماس التضامن مع الشعب الفلسطيني بالشكل الذي كان مرجواً ومطلوباً من فيلسوف كبير مثله. وينبغي الاعتراف بأن قضية فلسطين التي هي قضية حق وعدل، وظلم وقهر، دفعت ثمناً باهظاً لكل التفجيرات التي ارتكبها الأصوليون منذ ضربة 11 سبتمبر (أيلول) الإجرامية الكبرى حتى اليوم.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية
TT

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

فضاءات ومحاور بحث معمق، متخصصة في عوالم التعايش والتناغم المتأصلة والمؤتلِقة ضمن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، يناقشها ويقاربها كتاب «التسامح في الإمارات... سيرة جديدة وضّاءة للأخوة الإنسانية (شهادات وقصص بطلها الآخر)»، للصحافي والباحث السوري رفعت إسماعيل بوعساف، الصادر، أخيراً، عن دار «ميتافيرس برس» للنشر. ويعرض المؤلِّف أبرز شواهد تآلف وتقارب حضارات وأديان وثقافات، موضحاً أهم المقومات التي امتازت بها وعلى رأسها: تجذّر التواصل والانفتاح في المجتمع، وتمسك قادة الإمارات بالقيم الإنسانية، وسماحة أهلها واتسامهم بالوسطية والاعتدال، والمشروعات والمبادرات النوعية الكفيلة بترسيخ التسامح محلياً وعالمياً (مثل: وثيقة الأخوة الإنسانية، وبيت العائلة الإبراهيمية، ووزارة التسامح، والمعهد الدولي للتسامح، والأعمال والمبادرات الخيرية المتنوعة).

يتضمن الكتاب، الواقع في 411 صفحة، على أربعة أبواب رئيسية، وخاتمة تضم مقترحات وتوصيات. وتناقش فصوله جوانب كثيرة شاملة يُجمل فيها بوعساف، وعبر سير مشاهداته ومعايشاته في الإمارات طوال أكثر من 20 عاماً، وكذا في ضوء خلاصات أبحاثه الخاصة بالدراسة، مصادر وينابيع جدارة وتميز مجتمع الإمارات في مدارات التّسامح، مبيناً في مستهلّ إضاءاته الأبعاد والجذور التاريخية لحكاية التسامح في هذه الأرض، في المحطات والأزمان كافّة، طبقاً لأسانيد وتدوينات تاريخية جليّة، فأهلها لطالما تميزوا بكونهم يحتفون بالآخر المختلف عنهم ويرحبون به ولا يرفضونه أو يعزلون أنفسهم عنه، وهكذا ضمّوا وحضنوا بين ظهرانيهم أفراداً من أعراق ومذاهب شتّى بقوا يبادلونهم الحب ويتأثرون ويؤثّرون بهم، ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. ويستعرض المؤلف عقبها، حقائق فاعلية وإثمار مساعي وبرامج دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامية إلى تعزيز التقارب بين الأديان وأطياف الإنسانية... وكذا إطفاء ألهبة أزمات الهُويات، واستئصال أسباب الصراعات المذهبية وقطع دابر التعصب. ثم يدرس ويحلل ماهيات أعمدة وتجليات التسامح والتعايش في ميادين الحياة بالإمارات: المجتمعية والصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقانونية والإعلامية. ويقدم، أيضاً، جملة شهادات وإشادات لأبرز السياسيين ورجالات الدين والبحاثة والكتّاب الأجانب حول ثراء الإمارات بقيم الانفتاح والتعايش والتواصل، ومنهم: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤولون أمريكيون، ونجم الكرة الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا، والروائي البرازيلي باولو كويلو، ونجم بوليوود شاروخان، وعالم النفس والباحث الكندي البروفسور إدوارد دينر. كما يُفرد الكتاب محطات موسَّعة لشرح طبيعة وقيمة حصاد جهود الدولة ومبادراتها ورؤى قادتها، الضامنة تمكين وتقوية هياكل ومرتكزات التسامح والتآخي الإنساني في مجتمع الإمارات والعالم أجمع، التي تكللها أعمال ومشروعات عمل خيري وإنساني ترصد لها الإمارات ميزانيات ضخمة، تطول أصقاع الأرض قاطبةً ولا تميز فيها بين دين أو إثنية أو طائفة.

ويحفل الباب الرابع في الكتاب، الموسوم «حوارات وسيمفونية»، بحوارات وأحاديث مع رجال دين ومسؤولين ومثقفين وأطباء وإعلاميين ومهندسين ومبدعين، بعضهم يقيم في الدولة منذ أكثر من 60 عاماً، يروون فيها حقائق ومواقف كثيرة، بشأن التسامح وواقع انفتاح المجتمع وقبوله الآخر المختلف ورسوخ التعايش والمحبة فيه. وتضم قائمة هؤلاء المحاورين: أحمد الحَدَّاد، مفتي دبي وعضو «مجلس الإمارات للإفتاء»، وبول هيندر، أسقف الكنيسة الكاثوليكية في جنوب شبه الجزيرة العربية (2004-2022م)، وراجو شروف، رئيس معبد «سندي غورو دربار» الهندوسي، وحمّود الحناوي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، وسوريندر سينغ كاندهاري، رئيس معبد «غورو ناناك دربار السيخي»، وعشيش بروا، مسؤول «المركز الاجتماعي البوذي» في الشارقة، وإيان فيرسرفيس، الشريك المؤسس ورئيس تحرير «موتيڤيت ميديا غروب»، وزليخة داود، أول طبيبة نسائية في الإمارات (1964م)، وبيتر هارادين، الرئيس السابق لـ«مجلس العمل السويسري»، وراميش شوكلا، أحد أقدم المصورين في الإمارات.