SIRĀT ★★★★* إخراج: أوليڤر لاكس
* إسبانيا | دراما في صحراء المغرب
* عروض 2025: موسم الجوائز
يبدأ «صِراط» بموسيقى ضاجّة وصاخبة ناتجة عن مكبّرات صوت تم توزيعها عالياً عند صخور منطقة جبلية في عمق الصحراء المغربية. تجول الكاميرا بين مئات الهيبيين الذين يرقصون حسبما اتفق على أنغام أغاني الهارد روك. بعد قليل نجد أمامنا رجلاً وطفلاً لا ينتميان إلى هذا المحيط. إنهما الأب لويس (سيرغي لوبيز) وابنه استفان (برونو أريونا). لا يندمجان في الرقص ولا يراقبان الراقصين بل يبحثان عن ابنة الأول (وشقيقة الثاني) التي اختفت بعد أشهر من وصولها إلى المغرب لتشارك في هذه الحفلات المفتوحة من دون رقيب. يحمل الأب صورة لابنته يعرضها على البعض، لكن كيف يمكن لأحد من هؤلاء تذكّر فتاة حتى ولو شاهدها من قبل؟
فجأة تغير قوّات الأمن على المكان لكن لويس وابنه ومجموعة صغيرة من الهيبيين يهربون من الاعتقال ويتوجّهون صوب المزيد من تلك التضاريس الوعرة التي لا حياة تُذكر فيها وتقع في عمق الصحراء. انضمام لويس وابنه للمجموعة ليس عن قصد، بل عن حاجة والبحث عن ابنته يصبح شاغل الجميع الذين يودّون المساعدة. علاقات فهم وتفاهم بين أكثر من جيل واحد ومع مجموعة متباينة من الشخصيات حيث المخرج أذكي من أن يضع أحداً في خانة أو صندوق.
في خلال نحو ساعتين من العرض ستقع أحداث تغيّر العديد من المسارات. وفي وسط ذلك كله عبارة ترد عن صراط روحاني مستقيم بين الإنسان وربّه وهو المقصود بالعنوان.
ليس إنه فيلم ديني ولا هو خطابي في أي جزء منه. في الحقيقة ليس هناك ما يمكن توقعه في هذا الفيلم. لديك السماء والأرض وحفنة من البشر تمضي تائهة (ثم تدخل أرضاً خطرة). الأحداث مفاجئة تُغير قواعد اللعبة التي مارستها أفلام عن البشر والصحراء. هنا الرسالة أكبر حجماً وأهم. إنها بحجم الصحراء ذاتها حيث توفر المَشاهد ملحمة بصرية نافذة تستدعي التأمل في كل لحظة.
يوفّر الفيلم حوافز إمعان. في بعض مشاهده يوحي بأن نهاية الحياة على الأرض بالنسبة لمن يبقى منا على قيد الحياة فيما لو نشبت حرب كونية قد لا تختلف عن المكان الذي نراه ماثلاً. اللاشيء في ذلك المكان الذي لا ينتهي يطرح كما الحكاية أسئلة في الوجود وفي ضآلة الإنسان في محيطه. الحافلات تمضي وبعضها يسقط أو يتوقف والبحث عن الفتاة المختفية يصبح جزءاً من متاهات أخرى مثيرة. الحياة تنتهي عند البعض ولا تبدأ مع من بقي حيّاً يبحث عن أفق للنجاة.
KING IVORY ★★★★
* إخراج: جون سواب
* الولايات المتحدة | بوليسي
* عروض 2025: منصّات
هناك العديد من الأفلام الأميركية التي تتحدث عن الشرطة وتجار المخدّرات. عمن يدافع عما بقي من كيان اجتماعي صالح ومن يسعى لهدمه. عن الناجين من الآفة والواقعين تحت بشاعتها. لكن من بين كل ما شاهده هذا الناقد، ليس هناك فيلم يشابه «كينغ آيڤوري» (عبارة تُطلق بين التجار والمدمنين على نوع معيّن من المخدّرات).

سبب التميّز أن كل مشهد من هذا الفيلم يبدو حقيقياً. فعل وقع وحصدته الكاميرا من دون تغيير. نعم هناك تمثيل طوال الوقت ومشاهد متوالية ومشدودة من بداية العمل حتى نهايته، هناك كاميرا ذكية للجمع بين الحركة والتأطير لكن هذا من إيجابيات الفيلم وأسباب اختلافه، نظراً لأن المخرج احتاط لعمله ودرس كل جزء فيه.
بطل الفيلم جورج (بن فوستر) من شرطة مكافحة المخدّرات، ينتقل من عملية إلى أخرى لأنه يؤمن بالدفاع عن أولئك المهددين من قِبل «الكورتيلات» المتعددة التي توزّع أنواع المخدرات على كل من لديه مال يدفعه. في البداية - يُشير الفيلم - كانت هناك عصابتان كبيرتان تديران هذه التجارة. اليوم هناك أكثر من مائة توزّع أعمالها في كل ولاية أميركية وفي البلدات الصغيرة كما الكبيرة. إنها تجارة تعتمد على الجيل الجديد من الشبّان والشابات، أو كما يقول زعيم لا تمنعه قضبان السجن من إدارة هذا «البزنس» (غراهام غرين) «المطر يهطل على الجميع، العادلين وغير العادلين».
للفيلم معالجة تنتقل بين شخصيات عديدة. هناك جورج وصديقه (كما رفيقه في المهام) والمداهمات والتحقيقات التي يقومان بها. هناك خريج السجن الذي يستعيد مهامه في تنفيذ عمليات القتل، والمهرّب المكسيكي الذي يستخدم اللاجئين غير الشرعيين لبيع المخدّرات وحكايات أخرى كثيرة تلخّص عالماً كاملاً (أهمها سقوط ابن الشرطي ضحية الإدمان أيضاً). لكن كل هذه الشخصيات وما يحدث لها أو بسببها لا تشتبك على نحو عبثي أو مرتبك. الخطوط المتعددة تنتمي حتى من قبل نهاية الفيلم إلى خط عريض واحد.
إلى ذلك، ثمّة دراية كاملة بالعالم الذي يتحدّث الفيلم عنه. في سياقه ليس هناك من بطولة بالمعنى الذي تبرزه عشرات الأفلام الأخرى. ليس من إنقاذ منفرد يقوم به البطل، بل سبر في أميركا المهددة من الداخل أكثر مما هي مهددة من الخارج.
THE CROWD ★★
* إخراج: سهاند كبيري
* إيران | دراما شبابية
* عروض 2025: مهرجان روتردام
يتمحور هذا الفيلم حول تحدي الجيل الشبابي الإيراني الجديد للظروف المناوئة لحريّته الشخصية. لا يبتعد أكثر من ذلك، بل يكتفي برسم رمز ممثّلٌ بشقيق أكبر يستخدمه بديلاً للقوى السُلطوية التي ربما في بال المخرج.

يدور حول حكاية شاب على بعد أيام من الهجرة من إيران وأصدقائه الذين يريدون تنظيف الجراج الذي يملكه لإقامة حفلة راقصة يدعون إليها شباناً وشابات آخرين. حين يلمّ شقيق الشاب الأكبر بالموضوع يتدخل لوضع حد لهذا الخروج عن التقاليد.
ليس أن الموضوع ليس مهمّاً، بل تنفيذه على النحو المعالج ينضح بالتكلّف والاعتيادية في تشكيل المشاهد وسردها على طريقة «دعونا نصنع فيلماً على أي حال».
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز






