شاشة الناقد: دراما نسوية

من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
TT

شاشة الناقد: دراما نسوية

من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

الفستان الأبيض ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيلان عوف

‫* دراما مجتمعية | مصر (2024)‬

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية. حتى الفيلم الذي ما زال النقاد حولنا يُعدّونه «أبو الواقعية» وهو «سارقو الدراجة» لڤيتوريو دي سيكا ليس واقعياً بالتجسيد الكامل. لديه حسّ واقعي وممثلون غير محترفين ومشاهد مصوّرة في الشوارع، لكن فيه قصٌ وتركيب وإطلاق عنان لحكاية.

لذا، فإن اتهام «الفستان الأبيض» بأنه فيلم غير واقعي ليس صحيحاً لأن مخرجته جيلان عوف لم تقصد تقديم هذا النوع من الأفلام. لو قصدت لفشلت تبعاً لما نراه. «الفستان الأبيض» أول وقبل كل شيء حكاية تقصد أن تنتقد حالات ناتجة عن حكاية خيالية. فتاة اسمها وردة (ياسمين رئيس) ستتزوّج في اليوم التالي لكن فستان الزفاف احترق صباحاً. هي وابنة خالتها بسمة (أسماء جلال) تنطلقان لشراء أو - على الأقل - استئجار فستان بديل. الرحلة تستمر طوال النهار ولساعة متأخرة من الليل من دون نتيجة. العراقيل متعددة، إما الأسعار عالية لا يمكن لفتاة من الطبقة الفقيرة تحمّلها أو هناك خلاف على الفستان يؤدي لمغادرة المكان بلا نتيجة، أو عندما تنجح وردة بمعاونة ابنة خالتها بسمة وصديقتها (إنجي أبو السعود) بالحصول على فستان مناسب تتعرض الفتيات لهيجان شوارعي بشع من شباب لا يحملون أي أخلاق. يتحرشون بهن ويخطفون الفستان ويدوسونه. الأمر يصل بوردة إلى التفكير بسرقة فستان، لكن شكراً لوالدتها (الجيدة سلوى محمد علي) استطاعت أن تنقذ الموقف في النهاية.

للفيلم حسنات عديدة. الحكاية نفسها جيدة الحبكة والتعرّض لواقع مجتمعي هو ليس الواقع الوحيد لكنه من لحمته. في مشاهد كثيرة تصوّر المخرجة شباباً بلا روادع أخلاقية يعيشون حياتهم بلهو مصطنع ويستمعون ويرقصون على أغاني لا فن أو معنى لها. للأسف تلجأ المخرجة في نهاية الفيلم إلى واحدة من تلك الأغنيات الشعبية التي كانت تنتقدها. ربما مضطرة لأن الأغنية هنا تعبيرٌ عن حفل الزفاف المقبل.

هناك ملامح إنسانية عديدة تبرز من ثنايا العلاقات النُّسوية كما من النقاشات بين وردة وخطيبها عصام (أحمد خالد صالح)، وتصوير متطوّر وسهل السياق من عمر أبو دومة، وتمثيل جيد من الجميع كبرت أدوارهم أم صغرت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

Moon ‫★★‬

* كوردوين أيوب

‫* دراما مجتمعية | النمسا (2024)‬

دراما نسوية أخرى في شكل فيلم مختلف حققته المخرجة النمساوية (ذات الأصل الكردي) كوردوين أيوب في فيلمها الثاني. الأول أنجزته قبل عامين تحت عنوان «شمس»، والمشترك بينهما أنهما عن امرأة شابة ترفض الواقع وتُحارب ما قد يوقفها عن تحقيق استقلاليّتها. لكن الاستقلالية في فيلمها الجديد مسألة غارقة في تضارب ثقافات تقع ضحية فيها ولو لحين.

«قمر» (أولريخ سيدل فيلمز)

بطلتها مدرّبة ملاكمة للنساء. نتعرّف عليها سريعاً في الحلبة وفي البيت والمحيط النمساوي حيث عاشت وحيث تأمّنت حريّتها الشخصية. لا علاقة لمفهومها هذا بحقيقة ملازمة وهي أنها تحاول عبثاً التغلّب عن أحوالها المعيشية. لكن البحث عن مصدر عمل جيد يدفعها لقبول عرض من رجل أردني لديه ثلاث فتيات يريد من المدرّبة سارا (فلورنتين هولزنجر) تدريبهن على الملاكمة وفن الدفاع عن النفس. للغاية تسافر إلى الأردن وتبدأ العمل لتكتشف أن ما ينتظرها غير ما توقّعته. تصبح، رغماً عنها، جزءاً من وضعين واحد ثقافي والآخر يشوبه الغموض كونها تدرك الآن أن تدريباتها (التي ستتوقف بعد حين) ليست سوى أداة لأوضاع سياسية وعائلية غير مستتبة.

هذا فيلم عن الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا، ويمكن القبول بوجهة نظره كون الفوارق الثقافية بين تلك العربية وتلك الأجنبية أكبر من أن تُهضم، من وجهة نظر المخرجة التي ليس من السهل أو المعيب نقضها.

مشكلة هذا الناقد مع الفيلم هي أن الكاميرا المحمولة تقفز إلى الواجهة قبل الحدث وخلالها. ليس هناك سرد متواصل يشبه الاستماع إلى أسطوانة مشروخة. هو فيلم غاضب لأن بطلته غاضبة والمخرجة كذلك. الأسلوب يستعير من أفلام سابقة تعتقد أن عليها فرض طريقة العمل على المُشاهد لكي تنجح في إيصال رسالتها.

* عروض مهرجان ڤيينا

في الصالات

* من المسافة صفر ‫★★★‬ - فيلم تسجيلي مؤلف من 22 فيلماً قصيراً أشرف المخرج رشيد مشهراوي على إنتاجه يدور حول الحياة في غزة المستهدفة.

* The Damned ‫★★★‬ - فيلم رعب يختلف عن سينما هذا النوع يدور حول قرية تعيش لعنة اختياراتها عندما تفيق حائرة على سفينة جانحة.

* Wallace & Gromit: Vengeance Most Fowl ‫★★★★‬ - ينتمي إلى سلسلة «والاس وغروميت» الكرتونية الممتعة. فن التنفيذ بالدمى المتحركة مع فن الحكاية يتكاملان.

* 2073 ‫★★★‬ - نظرة داكنة أخرى على مستقبل الحياة على الأرض حيث السماء ترصد كل نفسٍ، والرافضون للتحوّلات مختبئون تحت الأرض.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
TT

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

TO KILL A MONGOLIAN HORSE ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيانغ شياو شوان | Jiang Xiaoxuan

‫* هونغ كونغ / ماليزيا

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر. في المشهد الثاني قبيل النهاية يتقدم ساينا صوب الحصان نفسه يربت على وجهه، لكن الحصان ينظر إليه سريعاً ومن ثَمّ يشيح بوجهه بعيداً عنه. تمر بين المشهدين أحداث تنعكس على تلك العلاقة، فساينا مُخيّر بين أن يبيع حصانه ويعتزل المهنة التي توارثها بصفته مدربَ خيول وفارساً، أو البقاء في ذلك العمل. الحصان لا بد بات يشعر بأن صاحبه لم يعد ذلك الرجل الواثق من نفسه وقد يضحي بالفرس متى شاء.

«لقتل حصان منغولي» يطرح طوال الوقت (85 دقيقة) مسألة بين الأمس واليوم. إنها صحاري منغوليا الجافة التي لم تعُد تشهد مطراً كافياً لإنبات الأرض. السبب في الأزمة التحوّلات البيئية، وهذه واحدة من المسائل المطروحة بوضوح. تشكل عصباً مهماً كون صلب الموضوع يتعلق بحياة تتغير لا يستطيع ساينا فعل شيء حيالها. إنه مرتبط عاطفياً بتقاليد فروسية ومعيشية متوارثة في حين أن المتغيرات طرقت باب تلك التقاليد ولا مجال للحفاظ على الوضعين معاً. على ساينا ترك الماضي أو الانضمام إلى الحاضر. قدمٌ هنا وقدمُ هناك، والفيلم ينتهي بقرار يرتاح المُشاهد إليه.

كانت المخرجة الصينية الشابة جيانغ شياو شوان صوّرت فيلماً قصيراً في تلك الأنحاء وتعرّفت على مدرّب الخيول ساينا وراقبته في عمله. هذا ما أوحى إليها بإخراج هذا الفيلم عنه وعن البيئة وأزمة الوجود بين عالمين على المرء أن يختار بينهما. ساينا ممثلاً لديه القدرة على استخدام عدم حرفيّته في تناسب مع الشخصية التي يؤديها. رجل لديه من المتاعب مع والده السّكير والمديون ومطلّقته. في مشهد آخر يذكّره والده بأنه هو من وضعه فوق الفرس لأول مرّة عندما كان طفلاً صغيراً. يحاول ساينا فعل ذلك مع طفله، لكن طفله يخاف. هي فعلاً حياة أخرى تندثر سريعاً.

الفيلم معزّز بالألوان والإضاءات المناسبة داخلياً وخارجياً. الإيقاع متمهّل، لكنه ليس مُملاً وفيه ملامح من بعض أفلام الوسترن الأميركية التي تحدّثت بدورها عن غروب حياةٍ وبدء أخرى.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

★★★⭐︎‬SIMA‪’‬S SONG

* رويا سادات | ‪Roya Sadat‬

‫* هولندا، فرنسا، أسبانيا ‬

لعلها صدفة لم تستطع المخرجة رويا سادات تحاشيها، وهي أن بداية فيلمها هذا شبيهة ببداية فيلم أفغاني القضية أيضاً، حققته ساهرا ماني في فيلمها التسجيلي «Bread ‪&‬ Roses» الذي شوهد في 2023. كلاهما يبدأ بمظاهرة نسائية في كابل تنادي بحقوقها. بعد 3 دقائق ينفصل الفيلمان بالضرورة ويعود «أغنية سيما» من زمن «طالبان» الحالي إلى عام 1973 عندما كانت أفغانستان على وعد مع التقدم المجتمعي. سورايا (مزهدة جمالزاده) هي إحدى المتظاهرات ومع عودة الفيلم إلى فترة سابقة نجدها حين كانت لا تزال شابة تؤمن بمبادئ التحرر عموماً وتحرر المرأة خصوصاً. في الواقع الحكاية التي نشاهدها هي حكايتها وليس حكاية سيما (نيلوفار كوقحاني) صاحبة الصوت الجميل التي حين تغني، في أحد المشاهد، تثير إعجاب الحضور.

«أغنية سيما» (بلوتو فيلم)

حينها، يقول الفيلم، كان بالإمكان للفتاة الظهور بتنانير والرجال بربطات عنق. صداقة سورايا وسيما قوية لدرجة رفضها الإفصاح عن مكان صديقتها سيما وزوجها عندما انضما إلى حركة «طالبان» وبدأت الحكومة الأفغانية سلسلة الاعتقالات والتحقيقات. مع اعتقال سورايا والإفراج عنها واحتلال الفيلا حيث كانت تعيش مع أهلها يدخل الفيلم جوّاً داكناً في أجوائه كما في تأطير مشاهده. يزداد التوتر وتبدأ رسالته بالتبلور صوب مراميها على نحو أفضل. إنه فيلم عن آخر فترة من حياة ثقافية ومجتمعية واعدة قبل دخول الاتحاد السوفياتي للدفاع عن الحكومة والولايات المتحدة لتأييد «طالبان».

يذكر الفيلم أن الأحداث مأخوذة عن قصّة واقعية، لكن هذا ليس ضرورياً، خصوصاً أن الشخصيات معروفة. ما يمكن التنويه إليه حقيقة أن التصوير وظّف أطراف مدينة أثينا بنجاح لافت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر

في الصالات

* Juror‪#‬2 ‫★★★★‬

- دراما محاكِم نوعها غير معهود، للمخرج كلينت إيستوود، عن عضو لجنة محلّفين يحاول إخفاء جريمته.

* Nosferatu ‫★★★⭐︎‬

- يُعيد المخرج روبرت إيغرز سرد حكاية «نوسفيراتو» (1922) بزخم وطاقة جديدتين. يتضمن لحظات مرعبة.

* Carry‪-‬on ‫★★★‬

- تشويق جيد من جومى كوليت سيرا، حول رجل أمن في مطار مهدد باغتيال حبيبته إذا لم يهرّب متفجرة إلى طائرة.

* The Substance ‫★★⭐︎‬

- المخرجة الفرنسية كورالي فارجيت، تضع ديمي مور في بطولة فيلم عن امرأة تنشد شباباً وأنثوية دائمين.