شاشة الناقد: أفلام كوميدية ورعب

غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
TT

شاشة الناقد: أفلام كوميدية ورعب

غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)

HIT MAN ★★★☆

• إخراج: ريتشارد لينكليتر

• الولايات المتحدة | كوميديا.

بعد أشهر قليلة على مشاهدة الفيلم لأول مرّة، أفادت المشاهدة الثانية ملاحظة طريفة، وهي أن بطل الفيلم غاري (غلين باول) ليس قاتلاً محترفاً كما يشي العنوان («هِت مان» هو منفذ عمليات اغتيال وقتل). هو في الواقع أستاذ في علم النفس في جامعة نيو أورليانز يُعير خبرته إلى البوليس المحلّي في المدينة. المهمّة المسندة إليه هي إيقاع الراغبين في التواصل معه لتنفيذ مهمّة قتل في يد البوليس حال توكيله بالمهمّة. مهنته الجديدة هي نصبُ فخاخ قبل أن يجد نفسه في فخ محكم بطلته امرأة وقع في حبّها (أدريا أريونا).

ليس فقط أن الفيلم لا يحتوي على قاتل فعلي، بل لا يحاول جعل بطله يتصرّف كقاتل أيضاً. هو شخص لا يشكل خطراً على أحد، لكنه يقوم بواجبه حيال القانون ولو أنه سيواجه تلك المعضلة بين الواجب والعاطفة فيما بعد. كل هذا يمر في نبرة تشبه موسيقى الجاز غير الكلاسيكية.

سلوك الفيلم مع مشاهديه هو أيضاً مغاير للمعتاد. هناك انسيابٌ رائع يختلف وربما يتجاوز فيلم ديفيد فينشر حول قاتل محترف خرج في الفترة نفسها تحت عنوان «القاتل» (The Killer). نقطة الاختلاف، سهولة التواصل مع فيلم لانكلاتر في مقابل الانعطافات الكثيرة للأحداث التي في فيلم فينشر. يلتقي الفيلمان في أنهما متساويان في السّخرية ولو أن السّخرية في «هِت مان» جادة وخفيفة معاً.

الشخصية الماثلة (وهي نسخة من شخصية حقيقية لعبت الدور نفسه في الحياة الحقيقية) لا خلفية لها. هذا جيد من ناحية أن الفيلم يبقى سهل التلقي والتعامل مع بطله، لكنه يخفّف كذلك من عمق الدّلالات ويجعله أخف مما كان يؤمل له أن يكون.

• عروض: حالياً في صالات السينما

موريكية حارّة ★☆

• إخراج: هشام العسري

• المغرب | دراما اجتماعية

حملت أفلام المخرج المغربي هشام العسري مهمّة واحدة هي نقد الأفراد والمجتمعات والنظم الرسمية التي توجّه حياة أشخاص مغلوبين على أنفسهم. شاهدنا له كل ذلك في «إنهم الكلاب»، و«البحر من ورائكم»، و«جوّع كلبك» إلخ... حملت هذه الأفلام كذلك رغبة موازية وهي توفير أسلوب عمل متحرّر من الالتزامات التقليدية ومتّصلة باختيارات المخرج من سينما حرّة الأسلوب والمعالجة.

ما قُدّر في تلك الأفلام لا ينطبق كاملاً على فيلمه الأخير «موريكية حارة». هذا فيلم فالت لا من عقال التقليد فقط، بل كذلك من مواصفات أفلام العسري السابقة التي تميّزت بعناصر كتابة وإخراج أفضل ممّا هو متوفر لهذا الفيلم.

يدور حول امرأة شابة (فدوى طالب)، تبدأ حديثها للكاميرا بشتم كل شيء: الأفراد والمجتمع والمدينة والقيم المتوارثة. تمشي في المدينة حيناً. تلتقي بأشخاص آخرين حيناً وتلتفت للكاميرا حيناً آخر في نحو متتابع يفتقد، بعد قليل، من ضرورياته. هذا لأن الضروريات باتت روتينية التداول في فيلم قُصد به تفنيد كل وضع يعدّه الفيلم بشعاً. قد يكون بشعاً لكن التعبير عن بشاعته توازيه. هذا لجانب أن أسلوب الكاميرا المحمولة التي تهتز دائماً بيد مدير التصوير كما لو كانت الأرض تميد تحت قدميه، لا يسعف الطريقة المختارة لإخراج فيلم تصبح بطلته (التي تقوم بجهد طيّب ضمن المُتاح) مفتاح البانوراما المعروضة وشخصياتها المذنبة حسب وجهة نظر المخرج.

• عروض: منصّات.

EL CONDE ★★★

• إخراج: بابلو لاران

• تشيلي | سيرة

جسّدت شخصية دراكولا الشيطان منذ أن كتبها برام ستوكر قبل 127 سنة ونقلتها السينما (مئات المرّات) على هذه الصورة. في المقابل هناك المخلّص الذي يستعين بصليب (يجسّد الخير) والرصاصة الفضيّة، وهي الرصاصة الوحيدة التي تستطيع قتل دراكولا.

بولا لوشسينجر تطير في «الكونت» (موبي)

«الكونت» (بالأبيض والأسود) ليس سرداً إضافياً لحكاية دراكولا، لكنه يستعين بها لوصف شخصية الديكتاتور التشيلي أوغوستو بينوشي (مثّله خايمي ڤادل) ومن خلاله يصف الوضع السياسي والمجتمعي منذ كان ضابطاً في الجيش الفرنسي أيام ثورة 1789. الغاية الأولى، وصف أمثاله من الديكتاتوريين الذين ينتقلون من بلد لآخر وعبر أزمنة مختلفة ممارسين الحكم بالعنف والبطش وامتصاص دماء الناس والفساد والإثراء غير المشروع. بالنسبة للمخرج لاران، بينوشي هو نموذج، وما نراه هو رمز لأمثاله مُعالج هنا عبر حكاية رجل لا يستطيع أن يموت وزوجته لوسيا (غلوريا مونماير) التي تريد أن يحوّلها إلى مصاصة دماء لتعيش أبدياً، وأولاده الساعين لوراثته منتظرين موته. الأخت كارمن (بولا لوشسينجر) راهبة ومن أجلها يعدل بينوتشي عن الموت ويعود إلى عادته في مص الدماء. لكن كارمن تقرر أن تنقلب إلى دراكولا أنثى حباً في حياة أبدية أيضاً.

الدكانة جزء أساسي من الفيلم. التصوير بالأبيض والأسود (لإدوارد لاشمان) مناسب للغاية ليعكس المعنى المواكب لبيئة شخصياته. فيلم غريب التكوين من حيث الفكرة كما من حيث اختيارات المخرج من الأحداث ومزجها بالتاريخ. يسرد حكاية بينوشي جاعلاً منه نموذجاً لآخرين في الوقت الذي يتحدّث فيه عن أسطورة دراكولا. بعض التكرار في منتصفه، لكنه يبدأ وينتهي بما يشبه ناقوس الخطر. الديكتاتورية هي دراكولا ودراكولا هو الديكتاتورية بمفهوم سياسي مباشر.

• عروض منصّات

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

سينما توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية اليوم الثلاثاء عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

فيلم «ضي» المصري - السعودي يشارك في «برلين السينمائي»

أعلنت إدارة مهرجان «برلين السينمائي الدولي» عن مشاركة الفيلم المصري - السعودي «ضي... سيرة أهل الضي» ضمن مسابقة «أجيال» خلال الدورة الـ75 للمهرجان.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم الليبي القصير «عصفور طل من الشباك» للمخرج أمجد أبو زويدة (الشرق الأوسط)

السينما الليبية تتكبد فاتورة «أخطاء الساسة»

تكبّدت السينما الليبية فاتورة «باهظة» للقرارات السياسية على مدى عقود، منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أُصيبت خلالها عناصر الصناعة بنوع من الشلل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صناع الفيلم خلال العرض الخاص بالقاهرة (حساب ياسمين رئيس على «فيسبوك»)

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

بخلطة تجمع بين الكوميديا والمشكلات الزوجية يراهن فيلم «الهنا اللي أنا فيه» على شباك التذاكر في الصالات السينمائية مع طرحه اعتباراً من الأربعاء 18 ديسمبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية.

فيفيان حداد (بيروت)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز