شاشة الناقد: أفلام متنوعة

«من عبدول إلى ليلى» (مهرجان تسالونيك)
«من عبدول إلى ليلى» (مهرجان تسالونيك)
TT

شاشة الناقد: أفلام متنوعة

«من عبدول إلى ليلى» (مهرجان تسالونيك)
«من عبدول إلى ليلى» (مهرجان تسالونيك)

من عبدول إلى ليلى ★★★☆

* إخراج: ليلى البياتي

* النوع: تسجيلي | ألمانيا/ بلجيكا (2024).

يُداهم هذا الفيلم مشاهده من حيث لا يتوقع. تصنيفاً، هو فيلم تسجيلي (ليس وثائقياً لخلوه من الوثيقة)، لكنه فيلم يدمج فنَّين آخرين في إطاره، هما «الموسيقى والغناء» و«الرسم اليدوي».

المخرجة هي ملحنة وكاتبة أغاني ومخرجة حقّقت حتى الآن 4 أفلام في وتيرة فنية واحدة فهي غير معنية، على ما يبدو في الفيلم، الذي يطرق موضوعاته تقليدياً وليس في سبيل رصفِ حدث أو موضوع وراء آخر، بل تعالجه، كما يتّضح هنا جيداً، معالجة فنية قابلة للتبلور كما تريدها هي.

هذا يجعل «من عبدول إلى ليلى» فيلماً متميّزاً عن المتوقع والدارج.

منذ الدقائق الأولى تتحدّث عن نفسها وتقول إنها حائرة. لا تعرف الصّواب من الخطأ لأن كليهما يبدوان متساويين، ولاحقاً تذكر عبر صوت تعليق لها، وأغنية تردّدها في تمازج وتوليف صوتي واحد، بعض أحداث حياتها كما نوعية علاقتها مع والدها العراقي الذي ترك العراق لأسباب سياسية. تذكر أنهما لطالما حملا رأيين مختلفين.

والدها كان سجين النظام داعياً لنظام ديمقراطي، لكنه تسلّل هرباً إلى فرنسا في السبعينات وهو إمّا لم ينسَ آلام الماضي أو أن ابنته طلبت منه أن يتذكّرها.

«من عبدول إلى ليلى» أنشودة جميلة مسكوبة على رسمٍ وتسجيلٍ مشكلاً لقاءً بين أكثر من فنٍّ.

* عروض مهرجان تسالونيك للفيلم الوثائقي (اليونان)

BLACK DOG ★★★

* إخراج: غوآن هو

* النوع: دراما | الصين (2024).

ينتقل المخرج غوآن هنا من أفلام كبيرة الإنتاج إلى عملٍ محدود لناحية المساحة المفردة لحكايته. تقع في بلدة ريفية شبه مهجورة والطرقات البعيدة التي تنطلق منها. عمل ذاتي جيد التنفيذ عن ذلك الرجل (أيدي بَنغ) الخارج من السجن بهدف العودة إلى الحياة في عام 2008. في ذلك الحين، يقول الفيلم عن حقيقة، صدر قرار حكومي بحجز كل الكلاب الفالتة والمشرّدة قبل إقامة الأولمبياد الدّولي.

«كلب أسود» (مهرجان كان)

يبدأ الفيلم بخروج بطله من السجن وركوبه حافلة تنقله إلى بلدته (بالقرب من صحراء غوبي)، تنحرف الحافلة بسبب مجموعة كبيرة من الكلاب التي ظهرت فجأة وتنقلب. بعد وصوله إلى بلدته يجد نفسه ما زال غريباً وغير قادرٍ على الانسجام. في طبيعته هو قليل الكلام، وهناك مشاعر موزّعة داخله بين الذنب من ماضيه والعودة إليه. هو عن صداقة بين ذلك الرجل والكلب الأسود الذي يصاحبه من دون كلاب كثيرة تجوب المكان. على عكس الأفلام الأميركية التي دارت حول صداقة من هذا النوع، وبمعالجات كوميدية غالباً، لا يمكن إضفاء طبيعة هذه الصداقة وما إذا كانت ستدوم أم لا. ولا يقترح المخرج أنها أكثر من صدفة جمعت بين الرجل وذلك الكلب وكلاهما أسود. الأول داخلياً بفعل آثار الماضي والثاني بلونه. هناك لمسة «نوارية» (نسبة للفيلم نوار) في كل ذلك، وأخرى نقدية صامتة (وعنيفة) لعالم لا يتّجه ببطله نحو حلٍّ لحياته ومشاكله.

* نال الجائزة الأولى في مسابقة «نظرة ما» (كان).

* عروض مهرجان تسالونيك الوثائقي (اليونان)

SUMMER CAMP ★★

* إخراج: كاستيل لاندون

* كوميديا | الولايات المتحدة (2024)

تستند الأفلام التي تدور حول عودة لقاء، أو ما يسمّى بـ«re‪-‬union»، بعض الأصدقاء القدماء بعد طول انقطاع، إلى غاية إعادة تقديم بعض ممثلي ونجوم الأمس من جديد. المطلوب هو ابتكار حكاية (حفلة عرس، مأساة، قرار بجمع الشمل كما الحال هنا)، واستقطاب ممثلين من الثمانينات والتسعينات (ومعظمهم عاطلون عن العمل فعلياً) للعب أدوار البطولة في فيلم جمهوره الوحيد، هم الذين عايشوا تلك الفترة وممثليها ولديهم الرغبة في استعادتهم وربما استعادة المرحلة نفسها.

«معسكر صيفي» (بروجكت إنفينيتي)

«مخيم صيفي» مع ألفري وودارد، وكاثي بيتس، وديان كيتون، هو تماماً من هذه التشكيلة. مشكلته وسواه أنه يحتاج إلى، إما تبريراً أفضل (حكاية جديدة فعلاً)، أو إلى استحداث معالجة مبدعة تتجاوز قصور السيناريو. في هذا الفيلم لا هذا ولا ذاك يحدث. حكاية 3 صديقات من أيام الصبا يلتقين معاً في مخيم صيفي. كلُّ واحدة تنقل معها شخصية وهمٍ مختلفٍ خصوصاً نورا (كيتون) التي لا تفارق عملها حتى في أيام العطل. تلومها صديقتها جيني (بيتس) على ذلك محاولة إقناعها بالاستمتاع بالعطلة في فيلم لا مجال للاستمتاع به. كل شيء يسير بلا مفاجآت وبإيقاع يمكن أن يسبقه المشاهد بأميال. أفضل الممثلات ألفرد وودارد التي لا يُملُّ منها. أسوأهنّ هي ديان كيتون التي - كعادتها - توفّر الحد الأدنى من البحث عن اختلاف.

* عروض تجارية ومنصّات.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية اليوم الثلاثاء عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

فيلم «ضي» المصري - السعودي يشارك في «برلين السينمائي»

أعلنت إدارة مهرجان «برلين السينمائي الدولي» عن مشاركة الفيلم المصري - السعودي «ضي... سيرة أهل الضي» ضمن مسابقة «أجيال» خلال الدورة الـ75 للمهرجان.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم الليبي القصير «عصفور طل من الشباك» للمخرج أمجد أبو زويدة (الشرق الأوسط)

السينما الليبية تتكبد فاتورة «أخطاء الساسة»

تكبّدت السينما الليبية فاتورة «باهظة» للقرارات السياسية على مدى عقود، منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أُصيبت خلالها عناصر الصناعة بنوع من الشلل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.