عروض الأفلام تتنوّع في أميركا وتختلف

بينها علم فلسطيني وتاريخ فرنسي

عروض الأفلام تتنوّع في أميركا وتختلف
TT

عروض الأفلام تتنوّع في أميركا وتختلف

عروض الأفلام تتنوّع في أميركا وتختلف

اختارت الشركة الفرنسية «MPM» الأسبوع الحالي، الفيلم الفلسطيني «علَم» لطرحه في الأسواق الأميركية. خطوة لامعة إلى حد يكفي لمنح الفيلم نسبة أعلى من الإيرادات أكثر ممّا كان يستطيع إنجازه فيما لو لم تكن الحرب في غزة مشتعلة.

يتمحور «عَلم» للمخرج فراس خوري حول العلم الفلسطيني وما يرمز إليه. هناك، فوق سطح مدرسة تقع في القدس المحتلّة (نرى المسجد الأقصى في الخلفية في مشهد واحد) علم إسرائيلي يرفرف فوق السطح. تامر (محمود بكري) ورفاقه يخطّطون لاستبدال علم فلسطيني بالعلم الإسرائيلي. المهمّة عليها أن تبقى سريّة خوفاً من العواقب.

العَلَم بالطبع هو رمز، لكن الحكاية لا تعدو في نهايتها أكثر من جمع بين الموضوع السياسي (القضية والهوية) ومتابعة بيئة شبابية مراهقة موزّعة بين عواطف مختلفة مع علاقة عاطفية تنمو (بتمهّل جيد) بين تامر وميساء (سيرين خاص). يلقي المخرج نظرة عارفة على تلك البيئة والعالم المحدود بين المدرسة والبيت، بين الأستاذ هُنا والأب هناك.

يمرّ معظم الفيلم في حوارات بين تامر وأصحابه كاشفة لشخصيات كلّ منهم، لكن ليس هناك لا من إدارة ولا من معالجة فنيّتين. مشاهد المظاهرات تهدف لرفع مستوى الحماس، مما يحيل الفيلم إلى عمل عاطفي آخر مع نهاية هامدة، تلك التي نرى فيها تامر وهو لا يزال بلا قرار والبحث عن هوية حقيقية لنفسه بوصفه فلسطينياً يمضي بشعور من العبث.

رغم بساطة تكوينه فإنّ النقاد الأميركيين في الولايات المتحدة منحوه، عبر مجلات ومواقع مهمّة، تقديرات عالية من شأنها مساعدة الفيلم، في الظروف الحالية، على تحقيق بعض الرّواج. «فيلم تريت» ومجلة «فرايتي» و«سكرين دايلي» منحت هذا الفيلم من الاستحسان أكثر ممّا منحت فيلم «إنساني» (Humane) لكايتن كروننبيرغ، ابنة المخرج الكندي الشهير ديڤيد كروننبيرغ الذي باشر العرض في الأسبوع نفسه.

لقطة من «إنساني» (IFC Films)

هذا الفيلم يحمل قضيّة لبعض الوقت ثم يطليها بلون التشويق بعد حين. يدور حول فكرة أنّ هناك في هذا العالم من قرّر التخلص من 20 في المائة من الأحياء منعاً لاكتظاظ البشر. مثل «حرب أهلية» لأليكس غارلاند الذي ترأس قائمة أكثر الأفلام رواجاً لثلاثة أسابيع متوالية، يقبض «إنساني» على موضوع يشغل بال الناس. على عكسه، لا يواصل القبض على جدّية الموضوع، بل يحيله إلى فيلم رعب كحال أفلام والد المخرجة نفسه.

آهات القلب

الإقبال ضعيف، كذلك مستوى النقد، لفيلم «جين دو باري»، الذي كان افتتح الدورة السابقة لمهرجان «كان» ثم أخذ وقته ليصل إلى العروض الأميركية وسواها. بطلة الفيلم ومخرجه مايوَن تسرد حكاية المرأة الفاتنة جين فوبرنييه، التي شقّت طريقها سريعاً من عشيقة لعدد من النبلاء وصولاً إلى فراش الملك لويس الـ15، كما يقوم بدوره جوني دِب.

في المصادر التاريخية كانت ذات جمال آسر، لكن مايوَن، ومن دون زعل، لا تبدو جميلة كفاية لتثير من حولها كل هذا الاهتمام. جوني دِب حاضر للكاميرا تلتقطه بثياب الملك وسلوكياته، لكن أفضل تمثيله ما زال يقبع في تلك الأفلام التي خاضها قبل 20 سنة وأكثر.

بالتزامن، نلاحظ هجمة للأفلام العاطفية.

في السابق، نبعت هذه الأفلام من الحاجة لاستخراج آهات العاطفة من قلوب المشاهدات. هذا لم يكن يتم عبر الحكايات فقط، بل عبر جهد الممثلات لتشخيص حالاتهن على نحو عميق. فيفيان لي («ذهب مع الريح»)، وجولي كريستي («دكتور جيفاغو»)، أودري هيبورن («عطلة رومانية»)، وكلوديت كولبرت («حدث ذات ليلة»)، وإنغريد برغمن («كازابلانكا») وسواهن كثيرات دعمن حكايات الحب بشخصيات قوية مقنعة، وهذا اختفى منذ سنوات.

البديل، غالباً، حكايات حول بلوغ سن المراهقة والوقوع في الحب من النظرة الأولى وسرد حيثيات تنافس على قلب الشاب من قِبل صديقات (أو عدوّات) البطلة.

هذا متوفر في عروض هذه الفترة عبر فيلمين أساسيين هما «السلاحف نزولاً» (Turtles All the Way Down)، و«أنت كفكرة» (The Idea of You).

هذا الثاني أفضل نوعاً بين هذين الفيلمين لكنه يرمي، أساساً، لطرح ممثل جديد، نيكولاس غالتزين، الذي تلقبه الإعلانات بأنه «أحسن مغنٍ على الكوكب». المقدّمة الترويجية (تريلر) تقدّمه على هذا النحو وتختار لنفسها مقاطع من أغانيه التي ليس من بينها ما يثبت هذا الكلام فنياً.

الموضوع أفضل قليلاً من سواه من النوع نفسه، وهو عن أم (آن هاذاواي) تصطحب ابنتيها الصغيرتين في رحلة استجمام. هناك تتعرّف على ذلك الشاب وتقع في غرامه رغم الفارق الكبير في السن (هي 40 وهو في الـ24).

بانتظار القردة

أفلام الأكشن لا تترك أسابيع السنة تمضي. هي دوماً في الجوار تتحدّث عن رجل ضد عصابة، رجلان ضد عصابة، رجل وامرأة ضد عصابة أو امرأة ضد عصابة. لكن أحياناً ما تبتكر هوليوود حبكة مختلفة. في «كاش آوت» (Cash Out) بطل الفيلم هو العصابة وهو ليس سوى جون ترافولتا الذي خسر، لجانب شعر رأسه، الكثير من النجومية السابقة.

هنا يؤدي شخصية لص مصارف محترف، لكن احترافه لا يخدمه؛ إذ يجد نفسه مُطارداً من رجال البوليس. من حسن حظه أن المرأة الخبيرة بفن التواصل والتفاوض كانت صديقته القديمة التي ستفكّر في استعادة العلاقة معه. ليس أنّ كل الفيلم محصور داخل المصرف؛ إذ سيُتاح لبطل الفيلم ركوب سيارة رياضية فارهة، واستخدام طائرة شخصية، وتسلية المشاهدين ببعض التشويق أيضاً.

وكانت شركة ليونزغايت دفعت بفيلم جديد للمخرج البريطاني غاي ريتشي إلى الأسواق في الأسبوع الماضي تحت عنوان «وزارة الحرب غير الجنتلمانية» (The Ministry of Ungentlemanly Warfare)، التي كان أنشأها ونستون تشرشل بهذا الاسم على أساس أن الألمان، خلال الحرب العالمية الثانية، ابتدعوا طرقاً غير «جنتلمانية» ضد بريطانيا، مما يبرّر إنشاء وزارة من المعيار نفسه.

ما أنجزه ريتشي هنا هو فيلم خفيف الوزن. ساخرٌ ويعمل لصالح عناصر الإبهار. لم يكن في الفيلم أيّ جديد، مما تسبّب في انزلاقه سريعاً من المركز الرابع إلى ورائه.

«مملكة كوكب القردة» (فوكس)

كل ما سبق لن يزعج خطة سطو القردة على كوكب الأرض التي ستتم في العاشر من هذا الشهر. هذا هو الموعد الذي ستنطلق فيه عروض أولى الأفلام الكبيرة المخصصة لما يُسمى بموسم الصيف.

الفيلم هو «مملكة كوكب القردة» (Kingdom of the Planet of the Apes)، وفيه نرى البشر وقد أصبحوا تحت استعمار الغوريلات والقردة بعد عقود من الصراع بينهما. ليست المرّة الأولى التي يقع فيها الآدميون ضحايا ذلك لأن سلسلة «كوكب القردة» شملت حتى الآن ثلاثة مواقف: البشر يحكمون القردة. البشر والقردة يعيشون في سلام لولا أن أحدهما ينقلب على الآخر. أو القردة يحكمون البشر كما الحال في هذا الفيلم الجديد.


مقالات ذات صلة

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

يوميات الشرق الملصق الدعائي للفيلم  (حساب المخرج على فيسبوك)

«رفعت عيني للسما» يبدأ رحلته التجارية بدور العرض المصرية

بعد تتويجه بجوائز دولية مرموقة يبدأ الفيلم الوثائقي المصري رحلته التجارية بالعرض في دور السينما المصرية.

انتصار دردير (القاهرة )
سينما 
مدير المهرجان عصام زكريا (مهرجان القاهرة).

مهرجان القاهرة المقبل بين أيدٍ خبيرة

لى مدار 44 دورة سابقة، جسّد مهرجان القاهرة السينمائي شخصيات مدرائه وقدراتهم على إنجاز دورات متفاوتة النجاح ومختلفة في أسباب ذلك.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق المخرج السعودي عبد الله المحيسن (هيئة الأفلام السعودية)

عبد الله المحيسن: الصدق مفتاح وصول الأعمال السعودية للعالمية

شهدت الجلسة الافتتاحية بالنسخة الثانية من «مؤتمر النقد السينمائي» بالرياض، مساء الأربعاء، احتفاءً بالمخرج السعودي عبد الله المحيسن.

أحمد عدلي (الرياض)
يوميات الشرق رانيا محمود ياسين ووالدها في لقطة من فيلم «قشر البندق» (حساب المخرج خيري بشارة بـ«فيسبوك»)

رانيا محمود ياسين: «قشر البندق» كان نقطة انطلاق السينما الشبابية في مصر

رغم مرور 30 عاماً على إنتاج فيلم «قشر البندق» فإن إحدى بطلاته رانيا محمود ياسين، تعرب عن اعتزازها الشديد به، عادّةً إياه «نقطة انطلاق السينما الشبابية في مصر».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)

مؤتمر النقد السينمائي يطلق رحلة استكشافية بالرياض لفن «الصوت في السينما»

انطلقت في الرياض جلسات مؤتمر النقد السينمائي الذي تنظمه هيئة الأفلام في نسخته الثانية، لينقل حضوره إلى الجانب الآخر من الشاشة الكبيرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
TT

شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).

هناك صنف من الأفلام العربية والغربية على حد سواء تتبنى الرغبة في تقديم موضوع بهدف أخلاقي وتعليمي أو إرشادي يتداول موضوع القيم المجتمعية والإنسانية والدينية على نحو إيجابي.

الرغبة تغلب القدرة على توفير فيلم بمعايير وعناصر فنية جيدة في أغلب الأحيان. يحدث هذا عندما لا يتوخى المخرج أكثر من تبني تلك الرغبة في حكاية توفر له تلك الأهداف المذكورة. لعله غير قادر على إيجاد عناصر فنية تدعم فكرته، أو لا يريد تفعيل أي وسيلة تعبير تتجاوز الحكاية التي يسردها.

هذا ما يحدث مع فيلم حسن بنجلون «جلال الدين»، فهو، في غمرة حديثه، يستند إلى الظاهر والتقليدي في سرد حكاية رجل ماتت زوجته بعد معاناة، فانقلب حاله من رجل يشرب ويعاشر النساء ويلعب القمار، إلى مُصلِح ورجل تقوى ودين.

يبدأ الفيلم برجل يدخل مسجداً وينهار مريضاً. لن يتجه الفيلم لشرح حالته البدنية، لكننا سنعلم أن الرجل فقد زوجته، وهو في حالة رثاء شديدة أثّرت عليه. ننتقل من هذا الوضع إلى بعض ذلك التاريخ وعلاقته مع زوجته الطيّبة وابنه الشاب الذي يبدو على مفترق طرق سيختار، تبعاً للقصّة، بعض التيه قبل أن يلتقي والده الذي بات الآن شيخاً.

في مقابلاته، ذكر المخرج بنجلون أن الفيلم دعوة للتسامح وإبراز القيم الأخلاقية والإنسانية. هذا موجود بالفعل في الفيلم، لكن ليس هناك جودة في أي عمل لمجرد نيّته ورسالته. هاتان عليهما أن تتمتعا بما يتجاوز مجرد السرد وإبداء النصيحة وإيجابيات التطوّر من الخطأ إلى الصواب. في «جلال الدين» معرفة بكيفية سرد الحكاية، مع مشاهد استرجاعية تبدو قلقة لكنها تؤدي الغرض منها. لكن ليس هناك أي جهد إضافي لشحن ما نراه بمزايا فنية بارزة. حتى التمثيل الجيد توظيفياً من ياسين أحجام في دور جلال الدين له حدود في رفع درجة الاهتمام بالعمل ككل.

«الغراب» (ليونزغايت)

فيلم حسن بنجلون السابق لهذه المحاولة: «من أجل القضية»، حوى أفكاراً أفضل في سبيل سرد وضع إنساني أعلى ببعض الدرجات من هذا الفيلم الجديد. حكاية الشاب الفلسطيني الذي لا يجد وطناً، والصحافية اليهودية التي تتعاطف معه، لم تُرضِ كثيراً من النقاد (على عكس هذا الفيلم الجديد الذي تناقل ناقدوه أفكاره أكثر مما بحثوا في معطياته الأخرى) لكنه كان أكثر تماسكاً كحكاية وأكثر إلحاحاً. بدوره لم يحمل تطوّراً كبيراً في مهنة المخرج التي تعود إلى سنوات عديدة، لكنها كانت محاولة محترمة لمخرج أراد المزج ما بين القضية الماثلة (بطل الفيلم عالق على الحدود بين الجزائر والمغرب) وتلك الدعوى للتسامح التي يطلقها الفيلم الجديد أيضاً.

• فاز بالجائزة الأولى في مهرجان مينا - هولاندا.

‫ THE CROW

ضعيف

أكشن عنيف لغراب يحمل قضية بلا هدف

بعد ساعة وربع الساعة من بداية الفيلم يتحوّل إريك (بل سكارغارد) إلى غراب... ليس غراباً بالشكل، بل - ربما، فقط ربما - روحياً. أو ربما تحوّل إلى واحدة من تلك الشخصيات العديدة التي مرّت في سماء السينما حيث على الرجل قتل مَن استطاع من الرجال (وبعض النساء) لمجرد أنه يريد الانتقام لمقتل شيلي (ف. ك. أ. تويغز)، الفتاة التي أحب، والتي قتلوها. لم يقتلوها وحدها، بل قتلوه هو أيضاً، لكنه استيقظ حياً في أرض الغربان وأصبح... آسف للتكرار... غراباً.

يستوحي الفيلم الذي أخرجه روبرت ساندرز حكايته من تلك التي وضعها جيمس أو بار الذي وُلد، كبطل شخصيّته، يتيماً وماتت صديقته في حادثة سيارة. لكن لا الحكاية الأولى (من سلسلة «الكوميكس» بالعنوان ذاته) مُعبّر عنه في هذا الفيلم ولا يستوحي المخرج ساندرز من أفلام سابقة (أهمها فيلم بالعنوان ذاته حققه سنة 1994 أليكس بروياس بفاعلية أفضل). كذلك هناك إيحاء شديد بأن شخصية كرو مرسومة، بصرياً، لتشابه شخصية جوكر في فيلم تود فيلبس الشهير، كما قام به يواكيم فينكس.

في الـ75 دقيقة الأولى تأسيس للشخصيات. إريك صغيراً شهد مقتل حصانه المفضل. بعد 3 دقائق هو شاب في مصحة ما تريد تهيئة مَن فيها لحياة أفضل، لكنه يفضل الهرب مع شيلي التي كانت هربت من الموت على يدي أحد رجال الشرير ڤنسنت (الممثل داني هيوستن الوحيد الذي يعرف ما يقوم به). كانت شيلي تسلمت على هاتفها مشاهد لعصبة ڤنسنت، لذلك لوحقت وقُتلت. لكن عصبة كهذه يقودها رجل لا يموت (حسب الفيلم) لِمَ عليها أن تخشى صوراً على الهاتف؟ ليس أن الفيلم يحتاج إلى مبرر واقعي، بل يفتقر إلى تبرير حتى على هذا المستوى.

مشاهد الأوبرا التي تقع في خلفية الفصل الذي سيقوم فيه إريك بقتل أكثر من 30 شريراً من أزلام الرئيس، ويتلقى أكثر من ضعف ذلك العدد من الرصاصات التي لا تقتله (لأنه ميت - حي ومن نوع نادر من الغربان التي لا تموت) قُصد بها التزاوج بين مقطوعة فنية ومقطوعة من العنف المبرح. لكن كلا الجانبين يتداخل مع الآخر من دون أثر يُذكر.