شاشة الناقد: نبوءة الحرب الأهلية

«حرب أهلية» (A24)
«حرب أهلية» (A24)
TT

شاشة الناقد: نبوءة الحرب الأهلية

«حرب أهلية» (A24)
«حرب أهلية» (A24)

نبوءة الحرب الأهلية أصبحت فيلماً جيداً لا يُضيف، لكنه يلتقي على نحوٍ غير مباشـر مع نبوءة أخرى لفيلم كوبولا «المحادثة».

CIVIL WAR ★★★

إخراج: أليكس غارلاند|حرب | الولايات المتحدة | 2024

من يدخل «حرب أهلية» معتقداً أنه مليء بمشاهد المعارك سيجد نفسه أمام موضوع رئيسي مختلف. ومن سيدخل الفيلم باحثاً عن تعليق سياسي عن أميركا اليوم أو المستقبل القريب سيصاب بخيبة أمل. «حرب أهلية» هو ليس فيلماً حربياً - على غرار «فجر أحمر» (Red Dawn) لجون ميليوس (1984) - حين يحارب الأميركيون غزواً روسياً للبلاد، و«سقوط البيت الأبيض» (Olympus Has Fallen) لأنطوان فوكوا (2013)، حيث ينجح الكوريون الشماليون في تدمير البيت الأبيض. لكن هذا لا يعني أن «حرب أهلية» خالٍ من المعارك (واحدة محدودة في البداية وأخرى كبيرة في النهاية) أو من خيوطٍ سياسية في الخلفية.

الفيلم في صلبه يدور حول الإعلاميين وحياتهم الخطرة خلال تأديتهم واجباتهم الصحافية. الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث تقع في مستقبل غير بعيدٍ على الإطلاق. إنه كناية عن وقوع حرب أهلية بين بعض الولايات ومحاولة المنشقين الوصول إلى البيت الأبيض وقتل الرئيس. جيرارد بتلر ليس هنا لإنقاذ الرئيس كما فعل في «سقوط البيت الأبيض» في 2013 وباقي السلسلة، ولا الفيلم يحتوي على أيّ بطولات قتالية.

هو فيلم عن الصحافة في زمن صعبٍ يستلّ بعض إيحاءاته مما تردد مؤخراً في احتمال نشوب حرب أهلية جديدة (الأولى ما بين 1861 و1865) إذا ما خسر دونالد ترمب جولته الرئاسية؛ مَعنيٌّ بحكاية 4 صحافيين هم سامي (ستيفن ماكينلي هندرسن)، ولي (كيرستن دنست)، وجووَل (واغنر مورا)، وجيسي (كايلي سبايني)، هذه الأخيرة التحقت بالصحافة مؤخراً، ولا تزال خضراء بلا خبرة وستحذّرها لي بخطورة ما ستتلقفه لكنها تصرّ. في النهاية صار لديها خبرة وجرأة والعنف الذي كان جديداً عليها يصبح جزءاً من حياتها العملية.

لا بدّ من القول هنا إن الفيلم لا يحاول الدخول في تفاصيل الوضع سياسياً. من ضد من، ولماذا أمران يأتي ذكرهما عابراً، لكن محور الفيلم ليس عن الأسباب بل عن النتائج. هناك مشهدٌ حابس للأنفاس عندما يُوقف مجنّدان لا نعرف انتماءهما 6 صحافيين (بينهم الأربعة المذكورين) ويقتل اثنين منهم بدم بارد. في فيلم آخر كان يمكن لصانعيه منح هذين المجنّدين مرجعية ما، لكن المخرج وكاتب السيناريو أليكس غارلاند يريد اصطياد الموقف وليس من يقف وراءه.

هذا يختلف حتى عن أفلام جيّدة حول الصحافي في الحرب. لدينا «حروب صغيرة» لمارون بغدادي (1982)، و«دائرة الخداع» لڤولكر شلندروف عن الحرب الأهلية اللبنانية (1983)، و«تحت النار» للجيد والمنسي روجر سبوتيسوود، لكن لكل واحد من هؤلاء هدفٌ لتقديم رؤية سياسية من خلال بطله أو (بالنسبة لفيلم سبوتيسوود) أبطاله. «حرب أهلية» يملك الجرأة في تقديم فريقه من الصحافيين الذين يسعون للحفاظ على مسافة بينهم وبين الدّوافع، لكنهم يفقدون المسافة الكافية بينهم وبين المخاطر والأحداث نفسها.

يمرّ الفيلم ببعض فترات من مشاهد تبدو كما لو أنها لا تريد دفع الأحداث صوب ذروتها، لكن ما إن تتبدّى للمشاهد غاية الفيلم من موضوعه وحكايته، تتضح حقيقة ما يرغب هذا المخرج في إنجازه. يعمد المخرج للاستعانة بأغاني قليلة عوض استخدام الموسيقى التأثيرية، ويجيد تصوير ما يجري على الأرض وانعكاسه على أولئك الصحافيين الذين لا ينتمون إلّا لعملهم ويدفع بعضهم حياته في سبيله.

* عروض عالمية

THE BOY AND THE HERON ★★★★

إخراج: هاياو ميازاكي | رسوم | اليابان | 2023

بعد 10 سنوات من الانقطاع عن العمل، عاد الفنان هاياو ميازاكي لتقديم فيلم قد يكون الأخير بالنسبة إليه، حسب وصفه. النسخة اليابانية التي شُوهدت (هناك نسخة إنجليزية للتوزيع الخارجي)، أكثر تجذراً مع الثقافة التي ينتمي إليها كلٌ من الفيلم ومخرجه.

عنوان النسخة اليابانية هو «كيف تود أن تعيش؟» (How Do You Want to Live‪?‬)، وهو عنوان أعمق بكثير من العنوان التجاري للنسخة الإنجليزية («الصبي ومالك الحزين»). كذلك فإن اسم الصّبي في النسخة الأصلية يُنطق ماشيتو (عوضاً عن ماهيتو بالنسخة الإنجليزية)، والحوار باليابانية ملتصق بتلك الثقافة، بينما تفتقد تلك الإنجليزية بعض ميزاتها طمعاً في الوصول إلى مشاهديها.

«الصبي ومالك الحزين» (ستديو غيبلي).

تبقى الحكاية نفسها مع تمهيدٍ جيد عن الصبي الذي فقد والدته خلال غارة أميركية على المدينة خلال الحرب العالمية الثانية، وبات عليه الآن العيش مع عمّته. والده، وقد انتهت الحرب، بات من الأثرياء ولديه منزل كبير في الريف. لكن كوابيس الفتى الناجمة عن فقدانه والدته لا تتوقف، خصوصاً أن طائر مالك الحزين يُصرّ على زيارته لينقله إلى مواقع أخرى.

إنها نقلة واضحة من خلفية واقعية إلى شغل على المتخيّل من أحداث وكائنات. هذه النقلة تبدأ بتلك الخيالات والحكايات التي تتداولها خادمات المنزل العجوزات، ومن ثَمّ تنجلي عن دخول عالم من الفانتازيا المزدحم بالأساطير كما بالأشرار وبعض الأخيار. تفعيل مكثّف للحكايات الأسطورية تشبه (إلى حد) حكايات «ألف ليلة وليلة» في تراثنا.

لا يفقد المخرج رسالاته المعتادة التي تصرّ على الأمل، كل هذا ليس في عداد فيلمٍ من تلك التي توفرها هوليوود. المغامرات هنا تختلف في كونها منصبّة على إبراز العامل الإنساني. الفيلم مع بطله الصغير ضد الجن والجنيّات، لكنه ليس بالبطل التقليدي في هذا المجال. ميازاكي هنا هو ميازاكي في أفلامه السابقة من حيث إصراره على المضمون الإنساني من ناحية ولو أن انتقالاته من مشهد لآخر قد تكون مفاجئة سلباً، لكن ما يحشده من فنون العمل وآلية إنتاجه هو ما يجعل أفلامه تعيش أكثر من سواها. لا أتحدث عن الألوان الثرية التي يوظفها في مشاهده فقط، بل عن حقيقة أن ما نراه مرسوماً باليد وليس على الكومبيوتر ما يفصله بباع شاسع عن أساليب بلهاء، في الغالب، تعمد إليها أفلام الرسوم الأكثر انتشاراً.

* عروض صالات وقريباً منصّات.

THE CONVESATION ★★★★

إخراج: فرنسيس فورد كوبولا | تشويق | الولايات المتحدة | 1974

إذ يعود المخرج كوبولا إلى حاضرة «مهرجان كان» وإلى الشاشات العالمية عبر فيلمه الجديد «Megalopolis» بعد ثماني سنوات من الغياب، يحتفل كذلك بمرور 50 سنة على فيلمه الرصين والممتاز «المحادثة».

على عكس «حرب أهلية» تأتي رسالة «المحادثة» سياسية بامتياز رغم أنها، بدورها، تكمن في الخلفية كما الحال مع الفيلم الجديد. هي في إطار عمليات التّجسس التي تقوم بها قوى خفية على أفرادٍ معيّنين لأسباب مختلفة. يصدمنا الفيلم اليوم بأنه نبوءة أخرى، لكنها واقعة اليوم، إذ إن هناك 18 جهة فيدرالية رسمية أميركية حالياً تجمع معلومات عمّن تريد من الأميركيين.

«المحادثة» (ذ دايروكتورز كومباني)

كان فيلم كوبولا السابق «العرّاب» بدأ بمشهد عامٍ قبل أن ينتقل إلى مشهد خاص. في «المحادثة» يكرّر البداية نفسها. لقطة عامة من موقع مرتفع فوق ميدان في سان فرانسيسكو ومن بعده «زوم» على شخص واحد. الرجل هو هاري (جين هاكمن في أفضل أدواره). خبيرُ تنصّت من الدرجة الأولى. شخص انطوائي وكتوم. خصوصياته ملكه وحده، لكن عمله يتيح له التّجسس على خصوصيات الناس. يعمل لصالح مؤسسة ومطلوبٌ منه الإنصات إلى شاب وصديقته لأسباب لا يعرفها (لكنها ستتضح لاحقاً). حين استماعه للتسجيل يكتشف أن هناك عبارة توحي بأن جريمة قتل ستقع لهما. يتوجه بمعلوماته إلى رئيس المنظّمة لكنه يفشل في مقابلته. تتعقّد الأمور سريعاً في خط هيتشكوكي المعالجة فتقع جريمة قتل بالفعل، ويُسرق شريط التسجيل منه، ويتلقى تهديداً. المشهد الأخير لهاري يحصره في مأزقه: ها هو يقلب شقّته رأساً على عقب باحثاً عن أجهزة تنصت. ما كان يقوم به من غزو لخصوصيات الناس بات يُمارس عليه. في النهاية وبعدما ينهكه البحث بلا نتيجة، يعمد إلى آلة الساكسفون (رأيناه يعزف عليها من قبل) ويعزف لنفسه. يتبع المُشاهد هنا الخطوات التي رصفها له المخرج. غير مسموح له أن يعرف أكثر أو أقل ممّا يعرفه هاري. هذا يعني أن الفيلم لا يحاول تغطية مواضيع مشتقة من أي نوع.

ليست هناك امتدادات صوب حكايات أخرى. هذا لا يترك أي تأثير على الفيلم، كون خصوصية هاري لا تسمح له بدخول جوانب أخرى غير ضرورية ولن تكون واقعية. على ذلك، هناك إيحاء بقضية ووترغيت (من خلال فضيحة التنصّت) ولو أن الفيلم كُتب قبل عدّة سنوات من تلك الفضيحة.

* عروض: خاصة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
TT

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

‫ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989 ★ ★ ☆‬

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE ★ ★ ★‬

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز