شاشة الناقد: في فيلم لبناني جديد بوابات الأمل مفتوحة لكن الواقع صعب

 «ثالث» (سكرين برودكشن).
«ثالث» (سكرين برودكشن).
TT

شاشة الناقد: في فيلم لبناني جديد بوابات الأمل مفتوحة لكن الواقع صعب

 «ثالث» (سكرين برودكشن).
«ثالث» (سكرين برودكشن).

فيلمان عن الوضع الصعب واحد لبناني والآخر ألماني عن أحداث فرنسية. ثم فيلم ثالث لمخرج أميركي مستقل لا يوفّر كل ما كان مأمولاً منه.

ثالث ★★★★

إخراج: كريم قاسم | لبنان | 2023‫ ‬

العنوان الذي اختاره المخرج بالإنجليزية هو Thiiird مع ثلاثة أحرف I. كل حرف يمثّل باباً من ثلاثة أبواب يريد بطله فؤاد (فؤاد ماهولي) تركها في ثلاثة أماكن متفرقة. ما هو الرمز المقصود تحديداً؟ هو متروك لاستنتاج كل مشاهد لهذا الفيلم البديع لمخرج يهيم حبّاً باللقطة غير المستعجلة والإيقاع الطبيعي للحياة التي يعرضها.

وصف البعض الفيلم بـ«التسجيلي»، وهذا خطأ كبير وإلا لكان من الممكن وصف أفلام ثيو إنجيلوبولوس وأندريه تاركوڤسكي بالتسجيلية كونها أيضاً تتبع إيقاعاً تأملياً طبيعياً ينحاز للصورة على حساب الحركة. «ثالث» هو فيلم درامي كامل ذو منهج يقوم بمراقبة الشخصيات إثر توجيهها لما هو مطلوب منها. هذا وحده يجعله عملاً روائياً ولو مع تقليل النسبة الدرامية للحد الأدنى.

الفيلم يدور حول مصلح سيارات اسمه فؤاد يعيش ويعمل خارج قرية لبنانية. نتعرّف عليه وهو يعالج سيارة متوقفة. حين لا يفلح في معرفة العطب يقوم وعامله السوري محمد (محمد العليان) بدفعها إلى الخلف تارة وإلى الأمام تارة أخرى. لا شيء يفيد. لا شيء يعمل وهذا هو الإحساس السائد في مطرح العمل ثم على رقعة الحياة أيضاً.

حتى لا يبقى الفيلم (الذي لا يتودد صوب سرد قصصي معتاد) كناية عن رجلين يعيشان في كنف حياة مهملة يوفر المخرج شخصيات أخرى لن تتدخل في الحكاية الدائرة، بل هي أشبه بهامش ملاحظات على جانبها: المرأة التي تبكي وهي تتحدّث على الهاتف وقد خسرت زوجها وأموالها المحجوزة في أحد المصارف وعليها أن تعيل أولادها. الشبّان الأربعة الذين يتداولون الوضع المعيشي المتدهور، وشابان في سيارة أحدهما كاتب ومخرج والثاني ممثل يريد تغيير كلمة «عائدون» في حوار مسرحية مزمعة إلى كلمة «راجعون»، لأنه يجدها أكثر شعبية. الكاتب يعارض والممثل يصر.

هؤلاء ينتشرون في أرجاء ذلك المحل. سيارة تأتي وسيارة تذهب لكن الوضع سيء بالنسبة لفؤاد الذي عليه أن يغلق المحل. مساعده محمد يحفر قبراً ربما لنفسه أو ربما لمستقبله. فؤاد بدوره، وقد قرر إغلاق هذا المحل الكائن على كتف طريق في القرية (لا نراها سوى مرّة واحدة) يريد أن يستعير شاحنة صغيرة ليحمل الأبواب الثلاثة فوقها. أبواب ترمز لآمال مفتوحة على الهواء.

الفيلم ساحر بتصوير طلال خوري بالأبيض والأسود (باستثناء 5 دقائق ختامية). الكادرات تنتمي دائماً إلى شروط التعبير عن الوضع. التفاصيل الصغيرة لا تعد صغيرة لأنها تتحوّل أمام العين إلى أجزاء من الحياة. وهناك الكثير من الماء. نهر نراه أحياناً ونسمع خريره أحياناً أخرى. هناك دجاجات تخرج من القن عندما يفتح فؤاد الباب. تلحقه لإطعامها. في مشهد يوزع نتفاً من رغيف بين يديه لكن إحدى الدجاجات تنقر الرغيف ثم تطبق بمنقادها عليه وتسحبه من بين أصابعه. هذا لا يتطلب، كما يفعل مخرجون آخرون، لقطات إضافية، بل كل ما في الأمر أن على المشهد أن يتكون من لقطة واحدة تستوعب كل شيء. عينا المشاهد عليهما محاولة فهم الأسلوب وهضم الدلالات الموحى بها وفي كل لقطة دلالة.

لا يوجد تمثيل بالمعنى المتعارف عليه. ربما هذا سبب التباس بعض النقاد (وإحدى المؤسسات العربية) حين وصفوا الفيلم بالتسجيلي. الأداء طبيعي وما لا بد أن المخرج (لبناني يعيش في الولايات المتحدة) قام به هو تدريب الممثلين غير المحترفين على الحياة أمام الكاميرا من دون التفكير بها. يلتقط صدق تلك الآمال المنهارة والأحلام البائدة. لبنان ما عاد كما عرفناه، بل أصبح كله أشبه بمحل السيارات التي لا تعمل.

* عروض: مهرجان روتردام

‪DIRECT ACTION‬ ★★

إخراج: غواليرمو كايلو وبن راسل | تسجيلي | ألمانيا | 2024‫ ‬

يحمل العنوان معنى يبتعد عن فحوى الفيلم وطريقة تعامله. هو ليس «فعلاً مباشراً»، بل سبر غور وضع هو أوسع مجالاً من مجرد الحديث عن احتجاج هيئات اجتماعية وسياسية في منطقة في غربي فرنسا ضد إنشاء مطار جديد. الإطار الأكبر هو التركيبة الاجتماعية ذاتها وما يجمع وما يفرّق بين الناس الذين لا يواجهون المشروع وحده، بل العولمة ذاتها.

«فعل مباشر» (مهرجان برلين).

القضية ليست جديدة، بل تعود إلى مشروع تم التحضير له لإنشاء هذا المطار سنة 2009. جوانب هذا المشروع، من وجهة نظر سكان المنطقة، مضرة أكثر مما هي مفيدة. إنهم المزارعون الذين سيخسرون نحو 1650 هكتاراً من الأرض الخصبة وهيئات الدفاع عن البيئة والمعادون للعولمة الذين ألّفوا جبهة باسم ZAD (الأحرف الأولى من «منطقة الدفاع»، Zone À Défendre) وبعد سنوات من النضال الصعب ضد الحكومة تخللتها مواجهات مع الشرطة (تحوّلت إلى عنف وبطش أحياناً) أقلعت الحكومة الفرنسية عن مشروعها وقررت شطبه.

يأخذ المخرجان، الأميركي راسل والفرنسي كايلو، الطريق الطويل والمتعرّج عوض اختصار الموضوع في إطار محدد. هناك نحو أربع ساعات تمضي بطيئة تريد أن تسجّل كل شيء يمكن تسجيله حول وضع كان يمكن اختصاره من دون فقدان دلالاته. لكن كما أن العنوان خادع فيما يوحي به، كذلك المنهج الذي يعمد إليه المخرجان الذي يقود في بعض الأحيان إلى متابعة شؤون تأخذ وقتاً أطول مما يجب لكي تحفر في البال دلالاتها على نحو متكرر.

ليس أن الفيلم يفقد وجهته ومعناه السياسي المناوئ للحملات الرسمية لتغيير معالم الطبيعة والبيئة باختلاق المزيد من المشاريع الاقتصادية لها، بل يترك الكاميرا لدقائق طويلة تلاحق ما لم يعد ضرورياً. المشاهد المصوّرة بجمالية وإتقان تطول وهي تتابع الشيء ذاته طوال الوقت. في مواجهتها جمهور عليه أن يتحلّى بصبر قد لا يتجاوز طوله الساعات الأربع التي يتكوّن الفيلم منها.

على ذلك، رسالته تصل مترادفة طوال الوقت وهي حق الناس في حماية ما توارثوه من أرض وبيئة ومواجهة الاندفاع صوب المشاريع الاقتصادية التي عادة لا تأخذ في حسبانها الآثار السلبية للآخرين.

* عروض: مهرجان برلين.

‪MAY DECEMBER‬ ★★

إخراج: تود هاينز | دراما | ألولايات المتحدة | 2023‫ ‬

«ماي ديسمبر» فيلم محسوب جيداً ومصنوع بمهارة لكن محتواه يبقى دون القدرة على استحواذ الإعجاب. بعض ذلك مردّه التكرار في اعتماد رسم وتجسيد الشخصيات الثلاث الثلاث.

لدينا غرايس (جوليان مور) ربة بيت رحب في موقع جميل محاط بالأشجار والمياه وليس بعيداً عن ساحل البحر. زوجها جو (تشازلز ملتون) رجل طيّع، أليف، ودود ومحب لزوجته، ثم إليزابيث (ناتالي بورتمن) الممثلة التي تصل في زيارة تم ترتيبها بغاية التعرّف من كثب على شخصية وحياة غرايس تمهيداً لقيامها ببطولة فيلم عنها.

بورتمن ومور في «ماي ديسمبر» (نتفلكس).

تستند الحبكة هنا إلى أحداث حقيقية بطلتها امرأة أغوت تلميذاً في الثانية عشرة من عمره. المحكمة وجدت أنها قامت - عملياً - باغتصابه فأودعت السجن وحين خروجها بعد عدة سنوات تواصلت مع الطالب ذاته، وقد أصبح الآن في مطلع العشرينات من عمره وتزوّجته.

نقطة الاهتمام بالنسبة للمخرج هاينز ذات وجهين. الأول هو طرح الحدث المذكور من دون الالتزام بتفاصيله بذلك هو ليس سيرة حياة، بل دراما مبنية على واقعة فعلية تتخلص من الأحداث الفعلية بكاملها بابتداع مرحلة ما بعدها. الثاني هو الوقوف على ما أنتجته هذه العلاقة الزوجية حالياً. كيف ينصهر الماضي مع الحاضر على نحو لا يخلو من التوتر رغم ما يبدو، في الظاهر، وئام مستديم.

يتطرّق الفيلم إلى الماضي من خلال بعض الحوار وعبر مشهد لمقالات منشورة في مجلات ترفيه. الممثلة هي محققة تمارس عملاً صحافياً في جوهره وذلك عبر طرحها الأسئلة، لكنها في الوقت نفسه تعايش الأجواء الأسرية للزوجين وأولادهما. الفارق في العمر بين غرايس (في الأربعينات) وجو (في العشرينات) لا يبدو ذي قضية، لكن سريعاً ما نلاحظ أن جو شخصية منصاعة أكثر منها قيادية في هذا الزواج. غرايس تحبّه، كما تؤكد وهو يحبّها، كما يقول للممثلة حين تسأله، لكن الصورة الماثلة تكشف عن فتور رمادي يوحي بعكس ما يتردد.

غرايس ذات يد عليا وتتحدث بصرامة مع الجميع. هي ليست سهلة المنال حتى بالنسبة للممثلة التي تحل ضيفاً، لكن المخرج يُتيح لها وجهاً آخر أكثر جاذبية وألفة. إنها مثل الدجاجة التي تحمي صيصانها طوال الوقت وبطريقتها الخاصّة مع ابتسامة ودودة في الكثير من الأحيان.

رغم كل هذا التداول في حياتها والسيناريو المتفهم لشخصيتيه النسائيتين (كتبه المخرج بنفسه) وذلك السرد الهادئ والواضح، فإن الفيلم لا يحتوي على شيء مثير فعلياً. الدلالات واضحة والمنهج سردي ومباشر ولا يوجد غموض أو طرح لأسئلة.

ما نراه سهل القراءة ويمر جلياً وبقدر ملحوظ من الرتابة في بعض الأحيان. الجهد المبذول على صعيد التمثيل يُزين العمل بلا ريب، لكنه لا يكفي لمنحه مزايا خاصة. المفادات تتكرر معظم الوقت، مما يجعل المفاجآت القليلة (صوب النهاية) أقل تأثيراً مما يجب.

* عروض: «نتفلكس» 2024

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
TT

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)

بعد أن أحدث ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية الأربعاء الوثائقي «لا أرض أخرى» No Other Land الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا في منطقة نائية بالضفة الغربية.

وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية بعدما قالا عند تسلّم جائزتهما إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام «فصل عنصري».

أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرض لهجمات متكررة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّس حياته للعمل في الصحافة.

ويستعرض المخرجان الثلاثينيان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرران المطالبة بإنهاء الاستيطان.

سيارات لفلسطينيين أحرقها مستوطنون في ضواحي رام الله (د.ب.أ)

يقول يوفال أبراهام عن الفصل العنصري: «من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان (أبراهام وعدرا) من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين، تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أي مكان في العالم في عام 2024 (. .. ) لا يجوز أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (...) اليوم، من الصعب جدا تصور ذلك».

وعن اتهامه بمعاداة السامية قال: «هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ عبارة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (...). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجل تزايدا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه العبارة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود».

وعن اكتفاء الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم، أوضح أبراهام: «لكي يكون الفيلم حقيقيا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهما بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.

عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون موجودون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة بينما لا يحظى الفلسطينيون بهذه الفرصة. قد يتعرضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرا مضللا وغير مقبول سياسيا».

مشهد من فيلم «لا أرض أخرى» (أ.ب)

* باسل عدرا

من جهته، قال باسل عدرا عن تزايد هجمات المستوطنين بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (...) في منطقة جنوب الخليل. هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصا في الليل، لكن قرى أخرى مثل قريتي بقيت تحت ضغط هائل، وقُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (...) وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)».