شاشة الناقد: فيلم عن التاريخ الموجز لحروب ليبيا

«دونغا» (خيال بردوكشنز)
«دونغا» (خيال بردوكشنز)
TT

شاشة الناقد: فيلم عن التاريخ الموجز لحروب ليبيا

«دونغا» (خيال بردوكشنز)
«دونغا» (خيال بردوكشنز)

فيلم ليبيٌّ نادر عن الحرب الأهلية في البلاد، وفيلم مكسيكيّ عن حرب المخدرات، وثالث اخترته رومانسياً من باب التنويع.

دونغا ★★★★

إخراج: محمد الأمين | تسجيلي | ليبيا | 2023‫ ‬

يقع «دونغا» على مسافة بعيدة من موجة الأفلام العربية التي تعاملت مع ثورة الربيع العربي (في مصر وتونس)، أو مع تلك التي صوّرت الحروب الأهلية التي تبعت تلك الثورات (في سوريا تحديداً). وهي مسافة زمنية بعدما توقف إنتاج تلك الأفلام بعد فورة امتدت من مطلع العشرية الثانية من هذا القرن حتى منتصفه وشهدت أفلاماً من بينها «آخر رجال في حلب»، و«لأجل سما»، و«الخوذات البيضاء».

لكن هذه المسافة تُقاس أيضاً بالنوعية. تلك الأفلام المذكورة كانت، كيفما كان الموقف السياسي منها، من نوع البروباغندا. «دونغا» لا ينتمي إلى أحد سياسياً رغم أنه يغطي فترات الأحداث الليبية من تلك اللحظات التي انفجرت فيها الثورة ضد معمّر القذافي إلى حرب الفرقاء بين المؤيدين والمعارضين، ومن ثَم الحرب ضد «داعش»، وصولاً إلى الحرب على السلطة بين فرقاء سياسيين وعسكريين.

الانتماء الوحيد للفيلم لا علاقة له بفريق ضد آخر بل بالتجربة الذاتية التي عاشها المخرج محمد الأمين منذ أن ولع بالكاميرا وأخذ يلتقط عبرها صوراً وأفلاماً قصيرة. وجد نفسه يعايش تلك الأحداث المتتالية مراقباً ثم مصوّراً صحافياً. يؤكد في الشريط الصوتي الذي يستخدمه المخرج كتعليق متواصل، أنه صاحبَ بعض الفرقاء مصوّراً، لكنه لم يشترك في موقف أو قتال. ونراه يركض بكاميرته من بين ثغرات خلقتها الشوارع المهدومة والأزقة. هذا قبل أن يترك التصوير الحربي ويقرر أنه شَبِع من وجوده في رحى معارك لا يُراد لها أن تتوقف.

في هذا الفيلم جهد كبير وتوليفة ناجحة بين التجربة الذاتية وبين الوقائع العسكرية. وعلى عكس معظم ما صُوّر عن الوضع السوري، لا يكترث المخرج لتمرير رسالة سياسية من أي نوع سوى ما تعرضه الكاميرا من دمار وقتال وسقوط مصابين.

التوليف صادق في تأمين هذه الرسالة المحايدة ذات البعد الإنساني. ينتقل الفيلم بين ما هو خاص وعام عاكساً ذلك الشعور بالأسى على ما تُفرزه الحروب وتُثمر عنه من مأساة.

لا يفوّت المخرج تصوير حمامة مكسورة الجناحين لا تستطيع أن تطير، أو كلباً يبحث عن مأوى بعدما تركته عائلة وراءها (أو ربما ماتت في مكانها). وفي الوقت نفسه، ما ينجزه محمد الأمين هو مهارة حِرفية جيدة مادةً وإخراجاً وأيضاً اختيار المشاهد التي تشكِّل ثراءً بصرياً للمضمون.

• عروض خاصة

‪SUJO‬ ★★★

إخراج: أستريد رونديرو، وفيرناندا فالاديز | دراما | المكسيك | 2024‫ ‬

«سوخو» (حسب اللفط الإسباني) هو صبي تريد عصابة الكارتيل قتله بعد أن تخلّصت من والده. ويخشى القاتل الذي نفّذ العملية أن يكبر الصبي وينتقم لأبيه. والد سوخو كان قد قتل والد القاتل، ولو أن هذه المسألة تبقى في البال بوصفها معلومةً وليست أحداثاً فعلية في هذا الفيلم، الذي خرج بجائزة مهرجان «صندانس» بصفته أفضل فيلم في القسم الدّولي (غير الأميركي) الشهر الماضي.

«سوخو» (إنغوايز سيني)

الفيلم مقسّم إلى أجزاء، لكن دواعي ذلك التقسيم ليست واضحة أو هي ليست واضحة وليست ضرورية. وهناك بداية مضطربة للفيلم. والد سوخو في سيارة تشق طريقها في ريف البلدة الصغيرة حيث يقع معظم الأحداث. يتسلم الأب أمراً من العصابة وعليه تنفيذه. يترك الصبي نائماً في السيارة ويقفل عليه الأبواب. عندما يستيقظ سوخو يجد نفسه حبيساً. راعي غنم يمر ويصرخ به أن يفتح الباب. إذا كان فتح الباب ممكناً من الداخل لمَ لم يفعل سوخو ذلك؟ وإذا لم يكن ممكناً كيف أُنقذ الصبي الصغير من وضعه؟

طوال سرد الفيلم (المؤلّف من أربعة أجزاءٍ، كل جزء باسم إحدى شخصياته) هناك أكثر من اضطراب سردي. أحياناً يقفز الفيلم من مشهد لآخر في حين أن ما بين المشهدين يكمن حدث محذوف كان سيساعد على سردٍ أفضل وهو يتابع كيف كبر سيخو واثنان من أقاربه لينضموا إلى «البزنس» الوحيد المتاح، وهو تجارة المخدرات لحساب العصابة نفسها. هذا قبل أن يَعدل سوخو عن هذا الاتجاه بتشجيع من عمّته التي تودعه في النهاية في حافلة تتجه به إلى العاصمة لتجنّب مزيد من السير في طريق الجريمة.

يحقق المخرجان فيلمهما بتصنّع وليس تبعاً لموهبة طبيعية أو تلقائية. تلك المشاهد التي تفصل بين واقعة وأخرى لتصوير منظر طبيعي أو غسق أو عنكبوت أو ديك، تلعب دورها زينةً. الفيلم ليس رديئاً، على العكس هو إضافة جيدة لأفلام تتعامل مع عصابات الحدود المكسيكية، لكنه يروي حكاية كان يمكن سردها أفضل لو أُلغيت تلك الإضافات أو استُخدمت على نحو أفضل.

• عروض: مهرجان «صندانس»

‪PAST LIVES‬ ★★★

إخراج: سيلين سونغ | رومانس | الولايات المتحدة | 2024‫ ‬

يضع «حياة ماضية» المُشاهد في صرح عمل عاطفي متوازن، بحيث لا يسقط في الميلودراما والتكلّف حين يسرد حكاية تحتاج إلى بعض ما يجعلها قابلة للتصديق. معالجة المخرجة الكورية التي تعيش وتعمل في الولايات المتحدة سيلين سونغ، تمنح الفيلم رقة ونعومة وحبكة يمكن متابعتها من دون إرهاق. الشيء الوحيد الذي لا تنجح في توفيره هو السبب في أن حباً بريئاً بين لطفل وطفلة دون الثانية عشرة لم تغيّبه العقود اللاحقة بل بقي في بال كل منهما وقد كبرا ودخلا أبواب الحياة المختلفة.

«حياة ماضية» (A24)

المرأة نورا (غريتا لي) والشاب هاي (تو يو)، يتواصلان عبر «سكايب» بعد سنوات طويلة من البعد. هي كانت قد هاجرت إلى كندا، ومن ثَم إلى أميركا، حيث تعرّفت على شاب (أبيض) اسمه آرثر (جون ماغارو) وتزوجته، وهو ما زال في سيول (ثم يزورها في كندا وفي نيويورك)، وكلاهما لا يزال يشعر بلهفة وشوق للآخر. لو تجاوزنا ضعف الحبكة، سنقبل أن الشاب سيجدد اهتمامه بها ويأتي لزيارتها في نيويورك، وستجد نفسها بين حبّها له وحبها لزوجها الذي، بدوره، سيحتار إذا ما كان زواجهما سيستمر أو سيتوقف.

النعومة المُشار إليها مناسبة وذات تجديد في صرح ما، نراه أحياناً في أفلام أميركية وفرنسية تعد حكايات الحب فرصة لاستخدام موسيقى حانية ولقطات «كلوز أب» للتعبير، وكثيرٌ مَن دفع الأحداث عنوة وبقدر من التعسّف. لكنها نعومة محسوبة في «حياة ماضية» ومجسّدة عبر نوعية المشاهد بصرياً. تلك اللقطات بنظام عريض وبمعايشة تتيح المجال أمام تصوير فضاءات الداخل والخارج معاً.

النبض العاطفي الذي تتمتع به القصّة عائد إلى أن الفيلم قائم على تجربة فعلية مرّت بها المخرجة نفسها وتضعها هنا في فيلم أول. لكنها كانت قد استخدمت التوليفة نفسها (حب ثلاثي الأبعاد) في مسرحية قدّمتها سنة 2020 بعنوان «نهايات» (Endings). هذا ما يمنح الفيلم الشعور بأن المخرجة تعرف ما تتحدّث فيه، لكنّ المشكلة هي في كيفية نقل ما حدث معها ولها على نحوٍ يجعل الأحداث مقبولة وقابلة للتصديق. هناك كتمان حول كيف عاش الشاب حياته العاطفية قبل عودة اللقاء، مما يجعل دوره مقتصراً على توقه لمواصلة علاقة بدأت قبل 25 سنة.

ربما هي فكرة جميلة لفيلم جميل المشاعر، لكنها لا تزال بعد نحو 110 دقائق من العرض، غير مقنعة.

• عروض موسم الجوائز.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

يوميات الشرق لقطة جماعية للفائزين بمسابقة أفلام البحر المتوسط رفقة المخرج يسري نصر الله (إدارة المهرجان)

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

اختتم مهرجان الإسكندرية السينمائي دورته الـ40، وهي الدورة التي عدّها نقاد وصناع أفلام «ناجحة» في ظل ظروف صعبة تتعلق بالميزانية الضعيفة والاضطرابات الإقليمية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق ‎⁨تضم النسخة الثانية معرضاً يجمع «سلسلة القيمة» في أكثر من 16 مجالاً مختلفاً ومؤتمراً مختصاً يتضمن 30 جلسة حوارية⁩

«منتدى الأفلام السعودي» يجمع خبراء العالم تحت سقف واحد

بعد النجاح الكبير الذي شهده «منتدى الأفلام السعودي» في نسخته الأولى العام الماضي 2023، تستعد العاصمة السعودية الرياض لانطلاقة النسخة الثانية من «المنتدى».

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)

المخرج تاكيشي كيتانو لـ«الشرق الأوسط»: عليّ أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالطريقة وبالأسلوب الذي أراه

تاكيشي كيتانو (ذ هوليوود ريبورتر).
تاكيشي كيتانو (ذ هوليوود ريبورتر).
TT

المخرج تاكيشي كيتانو لـ«الشرق الأوسط»: عليّ أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالطريقة وبالأسلوب الذي أراه

تاكيشي كيتانو (ذ هوليوود ريبورتر).
تاكيشي كيتانو (ذ هوليوود ريبورتر).

ذات مرّة لبّى المخرج الأميركي سام بكنباه نداءات النقاد وقام بتحقيق فيلم يخلو من العنف (باستثناء مشهد واحد لا يندرج تحت الوصف تماماً). الفيلم كان «حكاية كابل هوغ الشعرية» (The Ballad of Cable Hogue)... وفشل الفيلم تجارياً.

تعليق بكنباه على ذلك كان ساخراً: «يطلبون مني التخلي عن مشاهد العنف، وعندما أفعل، يفشل الفيلم».

المخرج الياباني تاكيشي كيتانو لديه المشكلة ذاتها: إذا ما أنجز فيلماً لا يقوم على العنف كعادة أعماله فإن القلّة تحتفي به. حدث هذا عندما قام في عام 1999 بتحقيق Kikujiro، دراما خفيفة حول رجل (كيتانو نفسه) ينطلق مع صبي صغير يبحث عن أمّه. الإقبال كان أقل على نحو ملحوظ من أفلام كيتانو الأخرى.

«السيّاف الأعمى زاتويشي (أشاي ناشنال كومباني).

سؤال في العنف

أذكر له ذلك في لقائي معه خلال حضوره مهرجان ڤينيسيا (أحد رواد هذا المهرجان منذ سنوات بعيدة) فيبتسم ويجيب: «ربما لم يكن فيلماً جيداً. لا أدري. لكن الدرس الذي تعلّمته في مهنتي أن المخرج عليه أن يلبي حاجته الشخصية وإذا ما اضطر إلى القيام بشيء مختلف فإن عليه أن يتوقع عدم استجابة الآخرين له. هذا يحدث كل يوم مع كتّاب روايات ورسّامين وموسيقيين وممثلين ومخرجين».

مهنته كمخرج بدأت سنة 1989 عندما حقق «شرطي عنيف» (Violent Cop). أحداثه، مثل عنوانه. كيتانو يلعب فيه دور الشرطي الذي لا يؤمن بأن يمضي الجناة من دون عقاب ويكتشف أن زميلاً له يتاجر بالمخدرات. سوف لن يرحمه ولن يرحم شركاءه. يعلّق على هذا الفيلم الأول بقوله: «أردت أن أمنح المشاهدين عملاً يقتص من المجرمين الخارجين عن القانون والذين يعتقدون أنهم فوقه. لا يهمني أن أكتب وأخرج فيلماً يتناول مثل هذه القصص درامياً أو كنوع إرشادي. أنا مثل بطل الفيلم أريد للقانون أن يحكم ويكون قوياً في الحكم».

كيتانو في «غضب محطّم» (مهرجان ڤنيسيا).

‫* هذا المنوال يتكرر في كل أفلامك اللاحقة تقريباً. هل هو الحل أو أنك تصنع هذه الأفلام تلبية لرغبة الجمهور؟‬

- في البداية لا يعرف المخرج ما يريده الجمهور بالتحديد، لكن ذلك يتغيّر سريعاً. حين تسأل إذا ما كان العنف هو الحل، فإن الجواب البديهي أنه ليس كذلك لكني أتمنى لو كان هناك من يرى غير ذلك. لا أمارس العنف في حياتي على الإطلاق لكن أفلامي تعبّر عن نظرتي ومعرفتي. أيضاً أنا لا أصنع أفلامي لكي تطرح حلاً، بل لتقديم وضع يتضمن بالطبع رغبة الفيلم بالوصول إلى جمهور يقدّر ما أقوله.

عبر أفلامه، يعمد كيتانو لتداول صورة عن يابان لم تعد موجودة. صورة مستمدة من زمن الفروسية في قرون ماضية. يابان الساموراي والياكوزا والإمبراطورية التي تتنازع فيما بينها. حين أسأله إذا ما كان هذا صحيح، يقول:

«ليس كله صحيحاً. العصابات موجودة في أفلامي وموجودة في تاريخ اليابان وحاضره. لا أدّعى أنني أنقل صورة واقعية، لكن أوافق على أني أقدم أفلاماً تعبّر عن فروسية وبطولة مضت، وعليّ أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالطريقة وبالأسلوب الذي أراه».

ياكوزا من جديد

فيلمه الجديد «غضب محطّم» (Broken Rage) هو ثالث ثلاثية عن عصابات الياكوزا التي يعود تاريخها حسب بعض المراجع إلى القرن السابع عشر. فيلم كيتانو لا يتحدث عن عصابات الأمس، بل تقع أحداثه في الزمن الحاضر. الموضوع، بحد ذاته، يتيح لكيتانو الاشتغال على النوعية التي يحبّها أكثر من سواها وهي مزيج من الحركة (الأكشن) والجريمة والمشاهد العنيفة.

كان مقدّم «توك شو» كوميدي على الشاشة الصغيرة قبل أن يؤدي دور القائد الياباني القاسي سنة 1983 في فيلم ناغيزا أوشيما «ميلاد سعيد، مستر لورنس» (Merry Christmas Mr. Lawrence).

* ذكرت في أحاديث مختلفة لك أن هذا الفيلم جعلك تفكّر بالتحوّل إلى الإخراج. كيف ذلك؟

- قبل ذلك لم أكن فكّرت في السينما كمخرج. حين راقبت أوشيما وهو يدير كل شيء ويصنع من كل مشهد الصورة التي يريد وينتج عن ذلك الفيلم الذي يتحدّث فيه عن كل ما في باله وغايته، أدركت أن هذا ما أود القيام به. كنت أجلس وأراقبه من دون تطفّل.

‫*‬ لكن أسلوبك غير أسلوبه.

- هذا طبيعي ولو لم يكن أوشيما بل مخرج آخر لكان هذا أيضاً أمر طبيعي. عندما أدركت ما أريد القيام به فعلاً وأن إخراج الأفلام هو الخطوة الصحيحة لي وجدت أن عليّ أن أنجز ما ينتمي إليّ فقط.

أفلام كيتانو لا تعرف المهادنة. أسلوبه يتبع نهجاً فنياً واضحاً. المهم لديه هو أن تكون الصورة نقية. الكاميرا تعيش الحدث والفكرة سهلة الوصول.

هذا مؤكد في أفلامه البوليسية مثل «سوناتين» (Sonatine) و«ما بعد الغضب» (Beyound Outrage) و«أخ» (Brother) من بين أخرى. حتى عندما يختار الانتقال إلى حكاية ليست معاصرة فإنه يبقى في أفضل حالاته. مثال ذلك «السيّاف الأعمى زاتويشي» (The Blind Swordsman‪:‬ Zatoichi) الفيلم الذي حققه سنة 2003 والذي يأتي بعد سلسلة من تلك الأسطورة حول محارب أعمى ينتصر للحق. كالعادة لعب كيتانو بطولة هذا الفيلم أيضاً.

في «غضب محطّم» يؤدي دور قاتل محترف نراه ينفّذ عمليّتين بنجاح كبير. بعد ذلك هو في قبضة رجلي بوليس يريدان منه تنفيذ عملية خطرة وصعبة لحسابهما مقابل إطلاق سراحه ومنحه هوية جديدة. المهمّة هي الانضمام إلى المافيا اليابانية (الياكوزا) كجاسوس. الفيلم ممتع بصرياً كمعظم أفلامه بالإضافة إلى ذلك هناك اشتغال على أسلوب السرد وتقسيم الحبكة لمنهجين من تفعيل الحكاية:

«لا أدري إذا كنت لاحظت أنه وراء قناع الدراما ومشاهد العنف هناك دائماً خيط ساخر. ما يقع في الفيلم لا يقع في الحياة. السينما ليست لنقل الحياة كما هي وإلا لما كانت هناك حاجة لها».