شاشة الناقد

«غودزيللا»: الوحش العائد (توهو ستديوز)
«غودزيللا»: الوحش العائد (توهو ستديوز)
TT

شاشة الناقد

«غودزيللا»: الوحش العائد (توهو ستديوز)
«غودزيللا»: الوحش العائد (توهو ستديوز)

3 أفلام يجمعها البحر وتفرّق بينها الأمواج: وحش لا يُقهر وبطل نتمنى أن يُقهر ومن ثّمَ دراما واقعية من النوع الكلاسيكي

‫ Godzilla Minus One ‬

★★★★

إخراج: تاكاشي يامازاكي | اليابان | 2023

في أحد معانيه، يأتي العنوان بوصفه عودة إلى ما سبق وقدّمته السينما اليابانية منذ الخمسينات (وعبر استوديوهات توهو في كثير من الأحيان)، وتمهيداً لما سيأتي أيضاً. عادةً ما يعني «ناقص واحد»، كما يَرِدُ بالعنوان، حالة تسبق الرقم الأول نفسه. شيء مثل التمهيد لما سيأتي. إذا ما كان هذا صحيحاً فإن الشركة اليابانية تفكّر في إعادة إطلاق السلسلة من جديد. وإذا ما كان ذلك صحيحاً فإن المهمّة الصعبة هي التفوّق على هذا الفيلم الذي جاء ضخماً ودامغاً وجيد التنفيذ على صعيد المعالجة الفنية والموضوع الماثل ضمنها.

إنها المناسبة السبعون لإطلاق «غودزيللا» الأول (سنة 1953)، ومثل ذلك الفيلم الأول، وعدد كبير من الأفلام اليابانية التي تلته، فإن الوحش البحري الضخم للغاية كان الرابط ما بين كارثة هذا الوحش كلّما خرج من الماء ليدمر مدناً ومجتمعات، وكارثة القنبلتين النوويّتين اللتين سقطتا فوق هيروشيما وناغازاكي التي هي أيضاً (وعلى نحو واقعي) كارثة تشابه في الدمار تلك التي يتسبب فيها الوحش كلّما خرج من الماء إلى اليابسة.

ضَمُّ الكارثتين معاً هو إشارة سياسية لمعارضة الدمار النووي من ناحية كون الوحش، كما يوحي هذا الفيلم الجديد، وكما أوحى كثير من الأفلام السابقة، نتاج البيئة الملوّثة التي تَعرّض لها بحر اليابان نتيجة الانفجارين النوويين.

«غودزيللا ناقص واحد» يستعيد هذا الموقف من الحرب ومن القنبلتين ويضيف إليهما خلفية إنسانية مشبعة بالحزن والوحدة.

يبدأ الفيلم بتقديم شخصية شيكيشما (ريونوستوكي كاميكي) أحد الذين نجوا من المواجهات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية (اشتعلت ثنائياً بين اليابان والولايات المتحدة)، والذي نراه مع مطلع الفيلم وقد تجمّد من الخوف عندما واجه الوحش لأول مرّة ولم يطلق قذيفة واحدة ضده. لذلك عدّوه مسؤولاً عن موت رفاقه الجنود، لكن من دون علم أحد بأن كل القذائف بحوزة تلك الفرقة التي كانت تحرس أحد الشواطئ لن تكون قادرة على إلحاق أي أذى بوحش لا تنفع معه الأسلحة العسكرية.

شيكيشما يحمل عبء ذلك وفوقه ذلك الدمار الذي نال من طوكيو خلال تلك الحرب. نراه يجوب الشوارع المليئة بالحطام وأشكال الدمار عندما يتعرّف على نوريكو (مينامي هامابي)، امرأة شابّة ترعى طفلاً وجدته بين الأنقاض. بعد سنوات قليلة يشبّ هذا الطفل بضع سنوات، لكنّ حياة الرجل والفتاة ما زالت تراوح مكانها. لا يريد الزواج ولا تكوين أسرة وما زال ذلك الرجل الحزين تابعاً لماضيه وحين النظر إلى الحاضر أيضاً. هذا الوضع الإنساني، مع خلفيّته السياسية والمجتمعية يمهّد لما سيق في الدقائق الخمسين الأخيرة عندما يخرج غودزيللا من أعماق البحر في زيارة جديدة لليابسة.

في تلك الدقائق يصبح الفيلم ملكاً للمؤثرات البصرية والتقنية التي روعي فيها الاختلاف عمّا وصلت إليه الأفلام السابقة على تنفيذه. هذا الاختلاف يُلاحَظ لا في الحجم فقط، بل في التفاصيل أيضاً. لكنّ الحجم مهم بالطبع لأن هذا الوحش الذي لا يمكن لـ«ديزني» أو لـ«هوليوود» تسويقه كله، ضاحك، كما تفعل عادةً مع منتجاتها من الوحوش، ما زال، وعليه أن يبقى، أضخم وحش في التاريخ.

غودزيللا هنا ينتمي روحاً إلى الفكرة الأصلية التي صاحبته في الخمسينات. المتغيّر هي تلك المؤثرات التي تجعله أخطر مما كان عليه. الأفكار التي تَرِد في مخيلة صانعي الفيلم، في نطاق تدمير غودزيللا لكل ما هو يتحرك (أو لا يتحرك أيضاً) أمامه، مما يجعل المُشاهد يتساءل: كيف سينتهي الفيلم؛ بقتل الوحش أو بلا غالب أو مغلوب؟

الفصل المذكور من الإنجاز بحيث يرفض جزء من العقل تصديق أن الميزانية لم تزد على 15 مليون دولار. في المقابل تكلّف «غودزيللا ضد كينغ كونغ» 200 مليون دولار وهو للأسف ليس أفضل من هذا الفيلم.

• عروض: عالمية

Aquaman and the Lost Kingdom

★★

إخراج: ‪جيمس وان‬ | الولايات المتحدة | 2023

من تلك الأعمال المائية أيضاً، يخرج رجل الماء («أكوامان») من حين لآخر ليطمئن على أن الدنيا ما زالت بخير. في كل مرّة يجدها مهدّدة بالدمار. ليس من غودزيللا (فهو لم يسمع به) بل -دوماً- من عدو غامض ساهر على الانقضاض على العالم الذي نعيش فيه وتدميره بما في ذلك المملكة الخفية لأكوامان «أتلانتس».

«أكوامان» (وورنر بروس)

لا ريب أنها مسؤولية كبيرة على رجل واحد، حتى ولو كان بعضلات جاسون موموا (الذي يؤدي الدور)، حماية إمبراطوريّته المخفية تحت سطح البحر والدفاع عن الكوكب، الذي نعيش فوقه في وقت واحد. لكن إذا لم يفعل ذلك فمَن سيتصدّى للأشرار؟ السوبرهيروز الآخرون مشغولون بمغامراتهم التي تقع (للغرابة) فوق هذا الكوكب نفسه ضد أولئك الراغبين في تدمير الأرض أيضاً. هذا وحده غريب لأنه على مدى عقود من النجاحات في إنقاذ الأرض من أعدائها كان لا بدّ أن يكون الوضع قد استتبّ وانتهى بانتصار الأرض (فوق الماء أو تحته) وانتهى الأمر.

لكنْ لحظة... حتى لا نحكم على «أكوامان والمملكة الأخيرة» جزافاً نجد أن عدوّه اللدود بلاك مانتا (يؤديه يحيى عبد المتين) ما زال يريد الانتقام من «أكوامان» لقتله والده في الجزء السابق (2018). ما لم ينفع في الفيلم السابق لن ينفع في الحالي. «بلاك مانتا» لا يستعجل دمار الأرض، هذه ستُدمّر تلقائياً بمجرد نجاحه في القضاء على «أكوامان» وكل من يحبهم.

إنها الملهاة نفسها والخزعبلات التي لا تنضب مزوّدةً بتلك المؤثرات التي من شدّة تكرارها في الفيلم الواحد (وفي الأفلام ذات النوع المشابه) جميعها باتت مدعاةً للسخرية.

• عروض: عالمية.

The Boys in the Boat

★★★

إخراج: ‪جورج كلوني‬ | الولايات المتحدة | 2023

علاقة جورج كلوني بالرياضة في أفلامه تعود إلى عام 2008 عندما أخرج فيلماً عن كرة الرغبي بعنوان Leatherheads. مثل الفيلم الجديد «الفتيان في القارب» دار في زمن مضى (العشرينات في مقابل الثلاثينات في الفيلم الحالي) وعن مجموعة من المخلصين الباذلين في سبيل ربح المباراة الفاصلة والحاسمة، كما الحال هنا.

«الفتيان في القارب» (تمبستا فيلمز)

في الفيلم الجديد فريق من جامعة واشنطن عليه أن يكتسب الثقة بنفسه لكي يتدرّب على رياضة التجديف ويدخل في المباريات الأولمبية العالمية التي ستقام في برلين سنة 1936. بعض الاختلاف أن جورج كلوني ليس من بين أعضاء هذا الفريق بل سلّم القيادة لجويل إجيرتون الذي سيعمل مع باقي الفريق المؤلَّف من ثمانية شبّان، على تحقيق الفوز مهما كلّف الأمر. يحيط المخرج كلوني الموضوع بشفافية مشاعره تجاه أبطاله، لكنّ ذلك لا ينفع هنا في قراءة النتائج المتوقعة. يَتّبع الفيلم التقليد المتكرر: مجموعة لا مستقبل لها. لدى بعض أفرادها مشكلات ثقة بالنفس. تلتقي على فعل المحاولة الذي ينمو صوب إيمان بضرورة النجاح وفي النهاية يحققون النجاح المنتظَر.

على ذلك، هناك ما يشغل الفيلم ومخرجه، وهو تصوير الفيلم بأسره بقدر محسوب وعادل من الجماليات والرقة. لا يريد المخرج لفيلمه أن يكون حادّاً وعنيفاً وثقيلاً في دفع التحديات. هو من نظامِ عمل سابق يؤمن بأن المعالجة الذكية لموضوع كهذا لا بد أن تمر من خلال قيم روحية وليست مادية. لذلك، الفيلم ليس من النوع الذي ينطلق صوب إرضاء أحد سوى أولئك الذين يوافقون على تلك المبادئ والقناعات الإنسانية التي كان قد أقدم عليها سابقاً.

حتى نقد الفيلم من خلال أن أحداثه متوقَّعة، توازي حسناته لجهة إدارة المخرج لممثليه، وأداءاتهم التي فهموها مباشرةً وفهموا ما هو مطلوب منهم فأنجزوه كما ينبغي. كلوني ليس في الفيلم مدرّباً أو مديراً، لكنه يمارس تلك الإدارة خارج القصّة وبنجاح.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

أفلام عن مخاطر البيئة لعالم مهدّد

لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
TT

أفلام عن مخاطر البيئة لعالم مهدّد

لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)
لقطة من «الشر ليس موجوداً» (Fictive)

وجهت السيدة هيلاري كلينتون، في 23 من الشهر الحالي، نيابة عن مؤسسة (Clinton Foundation)، رسالة إلى هوليوود بضرورة تصدّيها للمشكلات البيئية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأطفال. في مقطع من رسالتها قالت: «هناك بحث جديد في هذا الموضوع يجهله الناس على نحو عام، وأملنا هو أن نستطيع المساعدة في لفت انتباه المواطنين إلى العلاقة بين صحة الأطفال العقلية والبدنية وبين تأثير التغير المناخي».

البرنامج الذي تروّج له هيلاري كلينتون اسمه «أصغر من أن يفشل» (Too Small to Fail) وقد أقيمت له ندوات وحلقات دراسية في نيويورك من بين مدن أخرى بغية تشجيع صناعتي السينما والتلفزيون على الاهتمام بهذا الموضوع.

في الواقع هوليوود لم تكن بعيدة عن هذا الموضوع كثيراً ولو أن التوجه، حتى الآن، انحصر غالباً في الجمهور الراشد. الأفلام التي تناولت مخاطر البيئة ليست كثيرة ولا تشكّل منهجاً أو نوعاً مستقلاً، لكنها تدفع دوماً إلى التفكير في هذا الاتجاه.

على سبيل المثال، حقّق جورج كلوني قبل 3 أعوام «سماء منتصف الليل» (The Midnight Sky)، الذي نواجه فيه تغيراً مناخياً يشمل الأرض ومن بقي عليها بعدما قرّر القادرون على مغادرتها.

هذه الفكرة التي تعني احتمال هجرة الإنسان كوكب الأرض إلى كواكب أخرى، موجودة في فيلم رسوم متحركة موجّه للأطفال فعلاً هو «WALL‪-‬E» لأندرو ستانتون (2008)، وفيه يترك القادرون الأرض مهملة ومثقلة بالمشكلات البيئية ويعهدون إلى روبوت اسمه «وول إ» تنظيف ما يستطيع. لاحقاً سيلحق الروبوت بالذين سبّبوا الأذى للأرض ليجدهم يكرّرون الخطأ نفسه في كوكب آخر.

بدوره عمد «لا تنظر لفوق» (Don‪’‬t Look Up) لأدام ماكاي، لمعالجة سياسية جادة ولو بأسلوب كوميدي في مواقع مختلفة. حكاية تحذير من نيزك كبير سيصيب الأرض وسيؤثر على البيئة ويحوّل الكوكب إلى مكان غير صالح للحياة.

صحيح أن الفيلم استند إلى تحذير غير بيئي في الجوهر، لكنه وظّف الموضوع للحديث في هذا الشأن ثم استخدمه لتوجيه التهم إلى تقاعس البيت الأبيض ولهو الإعلام عن أي جهد فعلي لمواجهة هذا الخطر.

مشكلة عالمية

ذهب الدور الأول في هذا الفيلم إلى ليوناردو ديكابريو الذي له إسهامات كبيرة في توجيه دفّة الاهتمام إلى البيئة والمخاطر المناخية. وهو أكثر سينمائيّي هوليوود اهتماماً بالبيئة وإثارة للاهتمام بها كما برهن على ذلك من خلال عدد لا بأس به من الأفلام التسجيلية التي بدأت سنة 2007 بفيلم «الساعة الحادية عشرة» (The 11th Hour)، ومن ثَمّ أتبعه بأفلام تسجيلية أخرى مثل «المحيط البلاستيكي» (The Pastic Ocean) (2016)، و(And We Go Green) (2019).

الفيلم الصيني «وحش» (أودوفيزيوال)

عالمياً (وليس عربياً)، هناك أفلام متفرقة في الموضوع نفسه. في العام الماضي عرض مهرجان «ڤينيسيا» فيلماً رائعاً يتطرّق إلى المناخ ومشكلاته عبر فيلم «الشر ليس موجوداً» (Evil Does not Exist) للياباني ريوزوكي هاماغوتشي، الذي يتناول الأزمة البيئية من خلال حكاية رجل وابنته الصغيرة يعيشان في بلدة ليست بعيدة عن طوكيو. الحياة هناك هادئة. الطبيعة جميلة والناس اعتادت عليها كما هي. لكن المخاطر تبدأ في أفق هذه الحياة وتزداد عندما ينتخب رجال أعمال البلدة لتكون مجمعاً سياحياً كبيراً. إنه تهديد من رأسمال يبحث عن منفعة ضد بلدة تعيش في ضيافة بيئة طبيعية لا تتحمّل التغيير.

قبله، في عام 2016، حقّق المخرج الصيني زاو ليانغ في المخاطر التي تتعرّض لها الحياة حتى في المناطق غير المأهولة. الفيلم تسجيلي بعنوان «وحش» (Behemoth)، ويتوجه صوب نقل واقع معيش في بيئة تتحوّل أمام أعيننا من وضع لآخر.

«وول- إ»: روبوت ينظّف الأرض (ديزني)

الحياة تتبدل حتى في منغوليا والمراعي الخضراء صار عليها أن تجاور جبالاً مصطنعة من قاذورات ومخلّفات مناجم الفحم حسب هذا الفيلم المتأني الذي يأخذ وقته في تصوير المتغيّرات. تلك الحفّارات والرّافعات والشاحنات (بالمئات) التي تُغيّر شكل الأرض وفي خلال ذلك تُغير على البيئة النظيفة وتترك العاملين في تلك المناجم مرضى يدفعهم الفقر للعمل والعمل للمرض.

بعد عام واحد من هذا الفيلم قدّم المخرج سو سن فيلماً تسجيلياً آخر في الموضوع نفسه بعنوان (A Yangtze Landscape) «منظر طبيعي ليانغتزي» عن ثالث أطول نهر في العالم وكيف يعيش المهمشون على ضفافه.

لا مقابلات ولا حوارات ولا تعليقات؛ صوّر على سنوات عدّة تابع فيها المخرج حياة صينيين على ضفاف النهر العابر لمساحات ريفية بعيدة نزلوا من درجة التهميش إلى حيّز أسوأ: متشردون يبحثون في القمامة، رجالٌ يعيشون في غرف بلا سقف، وقليل من الأعمدة والجدران. متوترون ومجانين هائمون. في مجملها حياة مهدورة تحت أنواع العوز والتلوّث البيئي.

المدن التي يمرّ بها الفيلم غالبها ليست في حال أفضل من تلك البيئات التي تعيش على جانبي النهر في أكثر من إقليم. يمر الفيلم على نانجينغ، وتونغ لي، وداتانغ، وتشونبينغ وغيرها. معظمها مدن كاحلة مثل السماء الرمادية التي يصوّر المخرج فيلمه تحتها.

إذا ما استجابت هوليوود لنداء هيلاري كلينتون فإن ذلك سيعني توجهاً إيجابياً بلا ريب. الأمل هو أن رسالتها لن تكون متأخرة.